الأحد ٢٨ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ الموافق لـ ٢١ سبتمبر/ ايلول ٢٠٢٥ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. جديد الأسئلة والأجوبة: ما هو رأيكم في الخبر الذي رواه الطوسيّ في كتاب «الغيبة» (ص٤٤٧) بإسناده عن الإمام جعفر الصادق أنّه قال: «من يضمن لي موت عبد اللّه أضمن له القائم»، يعني المهديّ، ثم قال: «إذا مات عبد اللّه لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء اللّه». هل هذا الخبر صحيح أم غير صحيح؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «عن حال العراق اليوم» بقلم «منتظر». اضغط هنا لقراءتها. جديد الشبهات والردود: لا شكّ أنّ رايتكم راية الحقّ؛ لأنّها تدعو إلى المهديّ بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولكن قد تأخّر ظهورها إلى زمان سوء. فلما لم تظهر قبل ذلك، ولما تأخّرت حتّى الآن؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢. اضغط هنا لقراءته. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الأقوال: ثلاثة أقوال من جنابه في حكم التأمين. اضغط هنا لقراءتها. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
سؤال وجواب
 

كيف نفهم قول اللّه تعالى: «وَمَنْ لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ» [المائدة/ ٤٤]، في ضوء قول ابن عباس رضي اللّه عنه: «كانوا على كفر دون كفر»؟ وما الحكمة من تقديم الكفر الأصغر على الكفر الأكبر في هذه المسألة؟ وجزاكم اللّه عنّا خير الجزاء.

كبرت على الناس هذه الآية، فتكلّفوا تأويلها، وما كبرت عليهم إلّا لاستصغارهم الحكم بغير ما أنزل اللّه، وما هو بصغير عند اللّه؛ كمثل ما قال فيه: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ[١]، ومن المسلّم به أنّ الآية لا تُصرف عن ظاهرها إلّا عند ضرورة عقليّة أو شرعيّة، وليست هناك ضرورة إلّا ما أجمع عليه المسلمون دون الخوارج من أنّ المسلم لا يكفّر بذنب، وهو صحيح، لكنّ الذنب قد يكون كاشفًا عن الكفر؛ كالسجود للصنم، وتنجيس المصحف، وغير ذلك ممّا لا يجتمع مع الإسلام، وليس بغريب أن يكون الحكم بغير ما أنزل اللّه من هذا القبيل، بل المتسالم عليه عند المسلمين أنّ من استحلّ حرامًا معلومًا من الدّين بالضرورة فهو كافر، وإن زعم أنّه مسلم، كمستحلّ الخمر؛ لأنّ الظاهر من حاله أنّه يجحد بآية من القرآن، وقد قال اللّه تعالى: ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ[٢]، وليس مستحلّ الذنب كفاعله بغير استحلال؛ لأنّه معتقد، والمعتقد كافر، والظاهر أنّ من لا يحكم بما أنزل اللّه وهو عالم بما أنزل اللّه، إنّما يستنكف عن ذلك لاعتقاده بأنّ ما أنزل اللّه غير صالح، وهذا كفر بواح، ومن يحكم بغير ما أنزل اللّه وهو عالم بما أنزل اللّه، إنّما يفعل ذلك لاعتقاده بأنّ حكم غير اللّه أحسن من حكم اللّه، وهذا كفر بواح أيضًا؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:

قُلْتُ لِلْمَنْصُورِ: الْحَاكِمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ كَافِرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا بَلَغَهُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، قُلْتُ: لِمَاذَا؟ قَالَ: لِأَنَّهُ يَقُولُ: ﴿سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ[٣].

وأخبرنا بعض أصحابنا، قال:

سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: مَنْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مُتَعَمِّدًا فَهُوَ كَافِرٌ، قُلْتُ: كَافِرٌ دُونَ كَافِرٍ؟ قَالَ: وَهَلْ تَرَكَ مِنَ الْكُفْرِ شَيْئًا؟! قُلْتُ: هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا يَحْكُمُونَ فِي أَشْيَاءٍ كَثِيرَةٍ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، فَتَرَاهُمْ كَافِرِينَ؟! قَالَ: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِغَيْرِ مَا يَحْكُمُونَ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَمَا يَحْمِلُهُمْ عَلَى ذَلِكَ؟! قُلْتُ: مُجَارَاةُ الْكَافِرِينَ، قَالَ: فَهُمْ مِنْهُمْ، قُلْتُ: إِنَّهُمْ يُصَلُّونَ! قَالَ: ذَلِكَ شَرٌّ لَهُمْ، يَجْعَلُهُمْ مُنَافِقِينَ! فَمَكَثَ هُنَيَّةً، ثُمَّ قَالَ: كُلُّ حُكْمٍ غَيْرَ حُكْمِ اللَّهِ فَهُوَ حُكْمُ الْجَاهِلِيَّةِ، ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ[٤]؟!

نعم، من حكم بغير ما أنزل اللّه جهلًا بما أنزل اللّه فليس بكافر، ولكنّه ظالم؛ لأنّه أقدم على الحكم وليس من أهله، وذلك قول اللّه تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[٥]، ومن تحاكم إلى الظالم فهو فاسق؛ لأنّه لم يحكم بغير ما أنزل اللّه مباشرةً، ولكنّه فعل ذلك تسبيبًا بتحكيمه الظالم، وذلك قول اللّه تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[٦]، وبهذا يظهر الفرق بين العناوين الثلاثة حسب تفسير السيّد العلامة حفظه اللّه تعالى؛ كما أخبرنا بعض أصحابه، قال:

قُلْتُ لِلْمَنْصُورِ: كُلُّ مَنْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَهُوَ كَافِرٌ؟ قَالَ: إِنْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَالِمًا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَهُوَ كَافِرٌ، وَإِنْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ جَاهِلًا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَلَيْسَ بِكَافِرٍ، لَكِنَّهُ ظَالِمٌ أَوْ فَاسِقٌ، أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ ثَلَاثَةً، فَقَالَ: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ، وَقَالَ: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ، وَقَالَ: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ؟ قُلْتُ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الظَّالِمِ وَالْفَاسِقِ، وَهُمَا جَاهِلَانِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ؟ قَالَ: الظَّالِمُ الْحَاكِمُ، وَالْفَاسِقُ الْمُتَحَاكِمُ، قُلْتُ: وَهَلْ يَحْكُمُ الْمُتَحَاكِمُ؟! قَالَ: نَعَمْ، يَحْكُمُ بِالْحُكْمِ.

وقد يُستشكل في هذا التفسير بما رواه الناس من أنّ الحاكم إذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد[٧]، ولكنّه غير صحيح لمخالفته كتاب اللّه والحديث الصحيح المشهور: «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: قَاضِيَانِ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ، فَأَمَّا اللَّذَانِ فِي النَّارِ فَرَجُلٌ جَارَ مُتَعَمِّدًا فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَهُوَ فِي النَّارِ، أَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ اجْتَهَدَ فَأَصَابَ الْحَقَّ، فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ»[٨]؛ قال أبو داود: «هَذَا أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْبَابِ»[٩]، وقال أبو هاشم: «لَوْلَا هَذَا الْحَدِيثُ لَقُلْنَا: إِنَّ الْقَاضِيَ إِذَا اجْتَهَدَ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ»[١٠]، وقد يمكن تصحيح الرواية الأولى بحملها على الحاكم الذي حكّمه خليفة اللّه في الأرض؛ لأنّه مطيع في كلّ حال إذا لم يأل، والمؤيّد لذلك حديث معاذ إذ بعثه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حاكمًا، فقال له: «كَيْفَ تَقْضِي إِنْ عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟ قَالَ: أَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: أَقْضِي بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي لَا آلُو»، فضرب بيده في صدره وقال: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ»[١١]، وأمّا الحاكم الذي لم يحكّمه خليفة اللّه في الأرض فليس له إلّا النار وإن اجتهد؛ لأنّه متكلّف، وهذا وجه اختاره السيّد العلامة حفظه اللّه تعالى؛ كما أخبرنا بعض أصحابه، قال:

سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَمَّا يَرْوِي النَّاسُ أَنَّ الْحَاكِمَ إِذَا اجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ، فَقَالَ: ذَاكَ الَّذِي حَكَّمَهُ خَلِيفَةُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، وَأَمَّا الْحَاكِمُ الْمُتَكَلِّفُ إِذَا اجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَعَلَيْهِ ذَنْبٌ وَاحِدٌ، وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَعَلَيْهِ ذَنْبَانِ! أَلَمْ يَبْلُغْكَ قَوْلُ عَلِيٍّ لِشُرَيْحٍ: «قَدْ جَلَسْتَ مَجْلِسًا لَا يَجْلِسُهُ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ، أَوْ شَقِيٌّ»؟!

↑[١] . النّور/ ١٥
↑[٢] . العنكبوت/ ٤٧
↑[٣] . الأنعام/ ٩٣
↑[٤] . المائدة/ ٥٠
↑[٥] . المائدة/ ٤٥
↑[٦] . المائدة/ ٤٧
↑[٧] . انظر: الجامع لمعمر بن راشد، ج١١، ص٣٢٨؛ فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل، ج١، ص١٨٠؛ سنن الترمذي، ج٣، ص٦٠٧؛ السنن الكبرى للنسائي، ج٥، ص٣٩٦.
↑[٨] . انظر: مسند أبي حنيفة (رواية الحصكفي)، الحديث ٣؛ الجامع لمعمر بن راشد، ج١١، ص٣٢٨؛ مسند ابن الجعد، ص١٥٥؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج٤، ص٥٤٠؛ فتوح مصر والمغرب لابن عبد الحكم، ص٢٥٤؛ سنن ابن ماجه، ج٢، ص٧٧٦؛ سنن أبي داود، ج٣، ص٢٩٩؛ سنن الترمذي، ج٣، ص٦؛ مسند البزار، ج١٠، ص٣٣٧؛ السنن الكبرى للنسائي، ج٥، ص٣٩٧.
↑[٩] . سنن أبي داود، ج٣، ص٢٩٩
↑[١٠] . سنن ابن ماجه، ج٢، ص٧٧٦؛ السنن الكبرى للنسائي، ج٥، ص٣٩٧
↑[١١] . مسند أبي داود الطيالسي، ج١، ص٤٥٤؛ الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٢، ص٣٠٠؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج٤، ص٥٤٣؛ مسند أحمد، ج٣٦، ص٣٣٣؛ المنتخب من مسند عبد بن حميد، ص٧٢؛ مسند الدارمي، ج١، ص٢٦٧؛ سنن أبي داود، ج٣، ص٣٠٣؛ سنن الترمذي، ج٣، ص٦٠٨؛ شرح مشكل الآثار للطحاوي، ج٩، ص٢١٢
الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني قسم الإجابة على الأسئلة
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساهم في نشر العلم؛ فإنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
إذا كنت تجيد لغة أخرى، قم بترجمة هذا إليها، وأرسل لنا ترجمتك لنشرها على الموقع. [استمارة الترجمة]
كتابة السؤال
عزيزنا المستخدم! يمكنك كتابة سؤالك حول آراء السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى في النموذج أدناه وإرساله إلينا لتتمّ الإجابة عليه في هذا القسم.
ملاحظة: قد يتمّ نشر اسمك على الموقع كمؤلف للسؤال.
ملاحظة: نظرًا لأنّه سيتمّ إرسال ردّنا إلى بريدك الإلكترونيّ ولن يتمّ نشره بالضرورة على الموقع، فستحتاج إلى إدخال عنوانك بشكل صحيح.
يرجى ملاحظة ما يلي:
١ . ربما تمّت الإجابة على سؤالك على الموقع. لذلك، من الأفضل قراءة الأسئلة والأجوبة ذات الصلة أو استخدام ميزة البحث على الموقع قبل كتابة سؤالك.
٢ . تجنّب تسجيل وإرسال سؤال جديد قبل تلقّي الجواب على سؤالك السابق.
٣ . تجنّب تسجيل وإرسال أكثر من سؤال واحد في كلّ مرّة.
٤ . أولويّتنا هي الإجابة على الأسئلة ذات الصلة بالإمام المهديّ عليه السلام والتمهيد لظهوره؛ لأنّه الآن أكثر أهمّيّة من أيّ شيء.