ما آداب الحياة الزوجيّة وحقوق الزوجين في الإسلام من منظور العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى؟
في الإسلام، للزوجين حقوق وتكاليف سواء، إلّا أنّ إدارة الأسرة هي شأن الزوج؛ كما قال تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾[١].
بشكل عامّ، الحقوق والتكاليف المشتركة للزوجين تجاه بعضهما البعض هي كما يلي:
١ . العلاقة الجنسيّة الكافية والمناسبة
في الإسلام، يجب على الزوج المضاجعة والعلاقة الجنسيّة الكافية والمناسبة مع الزوجة، ويجب على الزوجة أيضًا تمكينه من ذلك وإزالة ما يزهّده فيه من نفسها إلّا إذا كان لها مانع شرعيّ مثل الحيض أو الصوم الواجب؛ لأنّ ذلك يوفّر الإحتياجات الطبيعيّة، ويمنع الأضرار والانحرافات، ويخلق الشعور بالهدوء والرّضا، ويقوّي الحياة المشتركة لكليهما؛ لا سيّما بالنظر إلى أنّ العديد من الطلاقات والخلافات الأسريّة، ترجع سرًّا أو علنًا، وبشكل مباشر أو غير مباشر، إلى عدم وجود علاقة جنسيّة كافية ومناسبة بين الزوجين.
٢ . حسن المعاشرة
في الإسلام، يجب على الزوجين حسن المعاشرة مع بعضهما البعض؛ كما قال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾[٢]، وذلك بأن يكون تعاملهما مع بعضهما البعض عن «مودّة» و«رحمة»، وبحيث يؤدّي إلى الإرتياح والأمن في البيت؛ كما قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾[٣]، ولا يمكن ذلك إلّا بالإحترام والتسامح المتبادلين، وذلك لأنّ الزوجين «لباس» لبعضهما البعض؛ كما قال تعالى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾[٤]، واللباس ما يستر عيوب الجسد، ويجملّه، ويقيه البرد والحرّ والضرر؛ كما قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا﴾[٥]، وقال: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ ۚ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ﴾[٦]. لذلك يجب على الزوجين أن يسترا عيوب بعضهما البعض، ويستدركا نقائصهما، ويدافعا عنهما مخاطر الحياة ومكارهها، مثل اللباس، وبهذه الطريقة يكون كلّ منهما «مكمّلًا» للآخر، ولا شكّ أنّ الزوج هو أحقّ بالصبر والعفو وكظم الغيظ بالنسبة إلى الزوجة؛ لأنّ الغالب عليه العقل، والغالب عليها العاطفة، وكلّ إناء يترشّح بما فيه؛ كما قال عليّ عليه السلام في وصيّته لابنه محمّد بن الحنفيّة: «إِنَّ الْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ، وَلَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ، فَدَارِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَأَحْسِنِ الصُّحْبَةَ لَهَا لِيَصْفُوَ عَيْشُكَ»[٧].
٣ . الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
في الإسلام، ليس الزوجان مسؤولين عن حياتهما الدّنيا فقطّ، بل هما مكلّفان أيضًا بحفظ بعضهما البعض عن عذاب الآخرة؛ كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾[٨]، وذلك يمكن ببذل جهود كافية ومناسبة لإصلاح عقائد وأعمال بعضهما البعض في ضوء تعاليم الإسلام وأحكامه؛ كما قال تعالى على سبيل المثال: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ﴾[٩]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾[١٠]. من هنا يعلم أنّه ليس للزوجين أن يمنعا بعضهما البعض من أداء واجب شرعيّ، أو يحملاهما على اعتقاد باطل أو عمل حرام، باستغلال العلاقة الزوجيّة؛ كما حذّر اللّه من ذلك أشدّ تحذير فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾[١١]، وقال: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾[١٢]، وقال: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾[١٣].
بالإضافة إلى هذه الحقوق المشتركة، للزوجة على الزوج حقّ «النفقة»، وهي توفير ما تحتاج إليه في الحياة الدّنيا من الطعام والكسوة والدواء والمسكن وأثاثه بقدر المعروف والمستطاع، وللزوج على الزوجة حقّ «الطاعة»، وهي الخضوع لإدارته الحياة المشتركة، بالإمتثال لأمره والإنتهاء إلى رأيه، فيما لا يخالف الشرع؛ كما قال تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾[١٤].