الثلاثاء ٨ رمضان ١٤٤٥ هـ الموافق لـ ١٩ مارس/ آذار ٢٠٢٤ م

المنصور الهاشمي الخراساني

 جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢٠. اضغط هنا لقراءته. جديد الشبهات والردود: إنّي قرأت كتاب «العودة إلى الإسلام» للمنصور الهاشمي الخراساني، فوجدته أقرب إلى الحقّ بالنسبة لما يذهب إليه الشيعة، ولكنّ المنصور أيضًا مشرك وكافر مثلهم؛ لأنّه قد فسّر آيات القرآن برأيه؛ لأنّك إذا قرأت ما قبل كثير من الآيات التي استدلّ بها على رأيه أو ما بعدها علمت أنّها لا علاقة لها بموضوع البحث؛ منها آية التطهير، فإنّ اللّه قد خاطب فيها نساء النبيّ، ولكنّ المنصور جعلها مقصورة على عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وأثبت بها إمامتهم من عند اللّه! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الأسئلة والأجوبة: ما حكم صيام شهر رمضان بالنسبة للحامل؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد الكتب: تمّ نشر الطبعة الخامسة من الكتاب القيّم «الكلم الطّيّب؛ مجموعة رسائل السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر مقالة جديدة بعنوان «عمليّة طوفان الأقصى؛ ملحمة فاخرة أم إقدام غير معقول؟!» بقلم «حسن ميرزايي». اضغط هنا لقراءتها. جديد الأقوال: قولان من جنابه في بيان وجوب العقيقة عن المولود. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
عدم ضرورة اتّباع السّلف

لا شكّ أنّ المسلمين الأوّلين الذين رأوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأطاعوه كانت لهم فضيلة؛ كما قال اللّه تعالى فيهم: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، لكنّ الإنصاف أنّ إثبات الفضيلة لهم، لا يستلزم نفي الفضيلة عن الخلف، بل لا يثبت أفضليّتهم على الخلف؛ لأنّه من الممكن أن يكون المسلمون اللاحقون الذين أطاعوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ولم يروه أفضل منهم؛ بالنّظر إلى أنّ طاعة النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم دون رؤيته أكثر صعوبة. مع ذلك كلّه، فإنّ أفضليّة المسلمين الأوّلين على المسلمين اللاحقين، حتّى لو كانت ثابتة، إنّما تعني أنّ أجرهم في الآخرة أكبر، وهذا وحده لا يثبت ضرورة اتّباع المسلمين اللاحقين لهم؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ۚ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا. [العودة إلى الإسلام، ص٥٣]

عدم إمكان اتّباع السّلف

إنّ اتّباع الأجيال الثلاثة الأولى من المسلمين، ليس له أساس في الإسلام ولا يمكن تبريره بأيّ تفسير، وهذا بغضّ النّظر عن عدم إمكانه في الواقع؛ لأنّ الأجيال الثلاثة الأولى من المسلمين، كانوا أفرادًا وجماعات مختلفة ذات أقوال وأفعال متعارضة، بحيث أنّهم كانوا يخطّئون بعضهم أقوال وأفعال بعض ويتقاتلون عليها. من الواضح أنّه في هذه الحالة لا يمكن اتّباعهم؛ لأنّ اتّباع أقوال وأفعال بعضهم يعني عدم اتّباع أقوال وأفعال بعضهم الآخر، وهذا عمل متناقض لا معنى له؛ بغضّ النّظر عن أنّ هذا الإتّباع الإنتقائيّ لهم، لا يجوز بغير مرجّح عقليّ وشرعيّ، ويؤدّي إلى الخلاف بين الخلف، وإذا كان بمرجّح عقليّ وشرعيّ فلا يعتبر اتّباعهم، بل هو في الواقع اتّباع العقل والشّرع. [العودة إلى الإسلام، ص٥٣ و٥٤]

تقليد العلماء

نوع آخر من أنواع التقليد الشائعة، هو اتّباع قول العلماء وفعلهم؛ لأنّ أكثر المسلمين يُنزلون قول العلماء وفعلهم منزلة الشّرع ولا يفرّقون بينهما، مع أنّ الشّرع ليس ما يقوله ويفعله العلماء، بل هو ما يقوله ويفعله اللّه سبحانه وتعالى، ولا تلازم بينهما وليس تطابقهما أمرًا حتميًّا؛ كما أنّ عدم تطابق الكثير من أقوال العلماء وأفعالهم مع الشّرع أمر معلوم... بالإضافة إلى ذلك، فإنّ اختلافات بعضهم مع بعض في أقوالهم وأفعالهم عميقة وكثيرة، في حين أنّ الحقّ هو قول وفعل واحد بالتأكيد، وليست له قابليّة التعدّد والتكثّر. لذلك، فإنّ اتّباعهم، من ناحية، متناقض لا معنى له، ومن ناحية أخرى، يؤدّي إلى الإختلاف بين المسلمين؛ كما أنّه قد أدّى إلى ذلك؛ لأنّ الإختلاف بين المسلمين في عقائدهم وأعمالهم، يعود أكثر من أيّ شيء آخر إلى اتّباعهم لعلماء مختلفين... في حين أنّ اتّباع هؤلاء العلماء يعتمد على ظنّ أتباعهم بتطابق أقوالهم وأفعالهم مع الشّرع، وهو بالتأكيد ليس كافيًا لاتّباعهم؛ لأنّ العلم بتطابق شيء مع الشّرع أمر ضروريّ للإعتقاد أو العمل به، والظنّ لا يصلح لأن يكون أساسًا لاعتقاد المسلم أو عمله؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا. [العودة إلى الإسلام، ص٥٤ و٥٥]

عدم إمكان تقليد العلماء استنادًا إلى تقليدهم

إنّ الكثير من المسلمين، يعتقدون أنّه من الواجب على كلّ مسلم أن يختار مرجعًا منهم للتقليد، في حين أنّ حجّة أكثرهم على هذا الإعتقاد هي فتوى علمائهم به، وهذا يعني تقليدهم استنادًا إلى التقليد، وهو دور باطل لا معنى له؛ لأنّ التقليد مخالف للأصل الطبيعيّ، وبالتّالي ليس غنيًّا عن الدّليل، ودليله لا يمكن أن يكون قائمًا على نفسه، ولذلك لا بدّ من الإجتهاد في التقليد، في حين أنّهم مقلّدون في تقليدهم؛ لأنّهم لا يعرفون لذلك دليلًا من الشّرع أو العقل، إلّا وهمًا عرض لبعضهم، وهو أنّ تقليد العلماء يتمّ من باب رجوع العقلاء إلى الخبير، في حين أنّه وهم بعيد عن الواقع؛ لأنّ الخبير عند العقلاء يختلف باختلاف الموضوع الذي يرجعون فيه إليه، والخبير في الدّين عندهم هو الذي يفيد الرّجوع إليه اليقين، كرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وليس الذي يفيد الرّجوع إليه مجرّد الظنّ، كالمجتهد؛ بالنّظر إلى أنّ اليقين في الأمور الدّينيّة، بخلاف الأمور العرفيّة والدّنيويّة، له موضوعيّة وضرورة، في حين أنّ الرّجوع إلى غير اللّه وغير الذي ينطق عنه، لا يفيد اليقين طبعًا، وبالتّالي ليس عقلائيًّا. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ بناء العقلاء في الأمور التي ترجع إلى اللّه مستند على أمره، وإن كان في الأمور التي ترجع إلى أنفسهم غير مستند على أمره، ولذلك فإنّ بناءهم في الأمور الراجعة إلى أنفسهم كالبناء والطبّ، ليس أساس بنائهم في الأمور الراجعة إلى اللّه كالدّيانة، ومن الواضح أنّ أمر اللّه في الأمور الراجعة إليه اليقين، وهو لا يتحصّل من تقليد المجتهدين. الحاصل أنّ رجوع العقلاء إلى البنّاء والطبيب، لا يستلزم رجوعهم إلى المجتهد في الدّين، وقياس أحدهما على الآخر قياس مع الفارق. [العودة إلى الإسلام، ص٥٦ و٥٧]

عدم إمكان ولاية الفقيه المطلقة

إنّ فريقًا منهم في بلاد كإيران، يغلون في علمائهم، ويعتقدون أنّهم منصوبون من عند اللّه وذوو ولاية كولاية الرّسول، ويطيعونهم كطاعة اللّه والرّسول؛ على مثال اليهود الذين قال اللّه تعالى فيهم: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ؛ علمًا بأنّهم لم يصلّوا لعلمائهم ولم يصوموا، ولكنّهم أطاعوهم من دون اللّه، وكان هذا شركًا خفيًّا عليهم. في حين أنّ العلماء المسلمين، مهما كانوا صالحين، ليسوا معصومين من الخطأ في قولهم وفعلهم، وهذا ما هم معترفون به، ولذلك ليس من الممكن أن يكونوا منصوبين من عند اللّه وذوي ولاية كولاية الرّسول؛ لأنّ اللّه والرّسول معصومان من الخطأ في قولهما وفعلهما، ومن الواضح أنّ طاعة المعصوم قد تتعارض مع طاعة غير المعصوم؛ بالنّظر إلى أنّ مخالفة قول غير المعصوم وفعله لقول المعصوم وفعله محتملة، بل محتومة في الجملة، ولذلك فإنّ الأمر باتّباع قول المعصوم وفعله يستلزم النّهي عن اتّباع قول غير المعصوم وفعله، وليس من الممكن أمر اللّه بهما جميعًا، وبالتّالي فإنّ نسبة هذا الأمر إليه، ولو بالإستناد إلى روايات آحاد وظنّيّة، تُعتبر افتراءً عليه، وهو إثم كبير جدًّا؛ كما قال سبحانه: ﴿انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۖ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا. [العودة إلى الإسلام، ص٥٧ و٥٨]

رسالة من جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من رذائل الأخلاق.

أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَأَنْ تَذْكُرَهُ ذِكْرًا كَثِيرًا؛ فَإِنَّ الْإِكْثَارَ مِنْ ذِكْرِهِ دِرْعٌ مَنِيعٌ أَمَامَ الذُّنُوبِ، وَأُوصِيكَ بِمَعْرِفَةِ الدِّينِ وَفِقْهِ عَقَائِدِهِ وَأَحْكَامِهِ؛ فَإِنَّ الْجَهْلَ بِعَقَائِدِهِ يُورِثُ الضَّلَالَ، وَالْجَهْلَ بِأَحْكَامِهِ يُورِثُ الْعِصْيَانَ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ أَعْلَمَ بِالدِّينِ فَهُوَ أَقْوَى عَلَى إِقَامَتِهِ، وَأُوصِيكَ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلَّذِينَ أَمَّرَهُمُ اللَّهُ عَلَيْكَ؛ فَإِنَّ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ لَهُمْ سَبَبٌ لِعِمَارَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَخَيْرٌ وَصَلَاحٌ لِلْمُسْلِمِينَ. [الرسالة الثالثة عشرة]

رسالة من جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من رذائل الأخلاق.

كُنْ مُتَوَاضِعًا عَلَى الدَّوَامِ مِثْلَ التُّرَابِ، وَلَا تَخْشُنْ خُشُونَةَ الْحَجَرِ؛ فَإِنَّ التُّرَابَ بُورِكَ بِسَبَبِ تَوَاضُعِهِ، وَالْحَجَرَ لُعِنَ بِسَبَبِ خُشُونَتِهِ. إِذَا جِئْتَ بِخَطِيئَةٍ فَلَا تُحَاوِلْ تَبْرِيرَهَا؛ فَإِنَّ تَبْرِيرَهَا هُوَ خَطِيئَةٌ أُخْرَى، وَلَكِنِ اعْتَرِفْ بِهَا لِتُغْفَرَ لَكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِلْمُعْتَرِفِينَ، وَيَعْتَبِرُ الْمُبَرِّرِينَ كَاذِبِينَ. كُنْ فَرِحًا بِنَصِيحَةِ النَّاصِحِينَ وَإِنِ اسْتَغْلَظْتَهَا، وَكُنْ حَذِرًا مِنْ مَدْحِ الْمُتَمَلِّقِينَ؛ لِأَنَّ نَصِيحَةَ النَّاصِحِ كَسَحَابٍ مُظْلِمٍ مُرْعِدٍ يَمْطُرُ مِنْهُ سَائِلُ الْحَيَاةِ، وَمَدْحَ الْمُتَمَلِّقِ كَسَمٍّ قَاتِلٍ مَمْزُوجٍ بِدِبْسٍ لَذِيذٍ. أَنْتَ مِنَ الْمَرْجُوِّينَ عِنْدِي؛ فَزَيِّدِ الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رَجُلٌ مِنْكُمْ مِنْ أَنْصَارِ الْمَهْدِيِّ حَتَّى يَكُونَ أَعْلَمَ وَأَعْمَلَ رَجُلٍ فِي بَلَدِهِ. [الرسالة الثالثة عشرة]

جزء من رسالة جنابه فيها يدعو إلى حكومة اللّه تعالى ويحذّر من حكومة غيره.

إِنَّمَا مَثَلُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ طِفْلٍ ضَلَّ وَالِدَتَهُ فِي زِحَامٍ مِنَ النَّاسِ؛ فَعَلَى أَمَلِ الْعُثُورِ عَلَيْهَا، يَأْخُذُ بِحُجْزَةِ كُلِّ امْرَأَةٍ وَيَتْبَعُهَا حِينًا، حَتَّى إِذَا أَحَسَّ مِنْهَا جَفْوَةً وَعَلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ وَالِدَتَهُ، تَرَكَهَا وَتَعَلَّقَ بِحُجْزَةٍ أُخْرَى، حَتَّى إِذَا أَدْرَكَتْهُ فَحْمَةُ اللَّيْلِ وَأَهْلَكَتْهُ صِرَّتُهُ، وَمَا لَهُ مِنْ نَصِيرٍ! لَقَدْ كَانَ هَذَا مَثَلَكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، إِذْ تَعَلَّقْتُمْ بِكُلِّ حُكُومَةٍ وَاتَّبَعْتُمُوهَا لِفَتْرَةٍ مِنَ الزَّمَنِ، آمِلِينَ لِنَيْلِ الْعَدْلِ، حَتَّى إِذَا لَقِيتُمْ مِنْهَا ظُلْمًا وَعَلِمْتُمْ أَنَّهَا غَيْرُ ذَاتِ عَدْلٍ، أَطَحْتُمُوهَا صَارِخِينَ وَتَحَوَّلْتُمْ إِلَى حُكُومَةٍ أُخْرَى! فَهَكَذَا فِي طَلَبِ الْعَدْلِ قَدْ مِلْتُمْ أَحْيَانًا إِلَى الشَّرْقِ وَأَحْيَانًا إِلَى الْغَرْبِ، وَهَرَعْتُمْ أَحْيَانًا إِلَى الْيَمِينِ وَأَحْيَانًا إِلَى الشِّمَالِ، وَأَقْبَلْتُمْ أَحْيَانًا عَلَى زَيْدٍ وَأَحْيَانًا عَلَى عَمْرٍو، وَتَعَلَّقْتُمْ أَحْيَانًا بِالْمَلِكِيَّةِ وَأَحْيَانًا بِالْجُمْهُورِيَّةِ! مَعَ أَنَّ الْعَدْلَ لَمْ يَكُنْ فِي الشَّرْقِ وَلَا فِي الْغَرْبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْيَمِينِ وَلَا فِي الشِّمَالِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي زَيْدٍ وَلَا فِي عَمْرٍو، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَلِكِيَّةِ وَلَا فِي الْجُمْهُورِيَّةِ! إِنَّمَا كَانَ الْعَدْلُ فِي حُكُومَةِ اللَّهِ الَّذِي يَعْلَمُ أَقْدَارَكُمْ وَمَوَاضِعَكُمْ، وَلَا يَهْتَدِي إِلَيْهَا غَيْرُهُ مَهْمَا بَالَغَ فِي الْفَحْصِ وَالْجَهْدِ، إِلَّا مَنْ جَعَلَهُ مَهْدِيًّا إِلَيْهَا... [الرسالة الرابعة عشرة]

جزء من رسالة جنابه فيها يدعو إلى حكومة اللّه تعالى ويحذّر من حكومة غيره.

إِنَّمَا كَانَ الْعَدْلُ فِي حُكُومَةِ اللَّهِ الَّذِي يَعْلَمُ أَقْدَارَكُمْ وَمَوَاضِعَكُمْ، وَلَا يَهْتَدِي إِلَيْهَا غَيْرُهُ مَهْمَا بَالَغَ فِي الْفَحْصِ وَالْجَهْدِ، إِلَّا مَنْ جَعَلَهُ مَهْدِيًّا إِلَيْهَا، لَكِنَّكُمْ يَئِسْتُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَغَفَلْتُمْ عَنْ مَهْدِيِّهِ، فَسَلَّمْتُمُ الْحُكُومَةَ الَّتِي رَضِيَهَا لِمَهْدِيِّهِ إِلَى الَّذِينَ لَمْ يَرْضَ لَهُمْ حُكُومَةً! كَأَنَّ الْحُكُومَةَ مِيرَاثُ آبَائِكُمْ، إِذْ تَنْزِعُونَهَا مِمَّنْ تَشَاؤُونَ وَتُؤْتُونَهَا مَنْ تَشَاؤُونَ، وَكَأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلَّهِ الَّذِي يَقُولُ: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ، وَهُوَ قَدْ آتَاهَا إِبْرَاهِيمَ وَجَعَلَهَا عَهْدًا إِلَى الَّذِينَ لَا يَظْلِمُونَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ؛ كَمَا قَالَ: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ، وَالَّذِينَ لَا يَظْلِمُونَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ هُمُ الَّذِينَ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُذْهِبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَيُطَهِّرَهُمْ تَطْهِيرًا، وَهُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَهْلُ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ مَهْدِيَّ اللَّهِ هُوَ مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَكُلُّ مَنِ اخْتَارَ حَاكِمًا غَيْرَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا. [الرسالة الرابعة عشرة]

جزء من رسالة جنابه فيها يدعو إلى حكومة اللّه تعالى ويحذّر من حكومة غيره.

مِنَ الْعَجَبِ أَنَّ النَّاسَ قَدْ بَايَعُوا فِي كُلِّ زَمَانٍ أَحَدًا وَعَقَدُوا لَهُ وِلَايَةً، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ لَا يَقْوَى عَلَى هَذَا الْأَمْرِ وَلَا يُؤَدِّي حَقَّهُ إِلَّا مَنْ هَدَاهُ اللَّهُ وَقَوَّاهُ لِذَلِكَ!... أَلَيْسَ لِلنَّاسِ أَعْيُنٌ لِيُبْصِرُوا بِهَا أَنَّ حُكَّامَهُمْ جَمِيعًا يَظْلِمُونَ وَلَا يَعْدِلُونَ؟! أَوْ لَيْسَ لَهُمْ آذَانٌ لِيَسْمَعُوا بِهَا أَنَّ سَاسَتَهُمْ جَمِيعًا يَكْذِبُونَ وَلَا يَصْدُقُونَ؟! أَوْ لَيْسَ لَهُمْ ذَكَاءٌ لِيَفْطَنُوا بِهِ أَنَّ قَادَتَهُمْ جَمِيعًا يُضِلُّونَ وَلَا يَهْدُونَ؟! فَإِلَى مَتَى يَظِلُّ هَذَا الْجُرْحُ الْمُتَقَيِّحُ مَفْتُوحًا، وَإِلَى مَتَى يَسْتَمِرُّ هَذَا الْجُنُونُ؟! أَلَا يَا أَيُّهَا النَّاسُ! أَخْبِرُونِي إِلَى مَتَى يَجِبُ أَنْ تَتَمَايَلُوا يَمِينًا وَشِمَالًا كَرَجُلٍ سِكِّيرٍ، حَتَّى تَفْقَهُوا أَنَّ الْيَمِينَ وَالشِّمَالَ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ، وَلَيْسَ فِي أَيٍّ مِنْهُمَا الْعَدْلُ؟! أَخْبِرُونِي كَمْ حُكُومَةً أُخْرَى يَجِبُ أَنْ تُجَرِّبُوهَا، وَكَمْ طَاعَةً أُخْرَى يَجِبُ أَنْ تُعَوِّضُوهَا، حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ أَنَّهُ لَا حُكُومَةَ غَيْرَ حُكُومَةِ اللَّهِ تُوصِلُكُمْ إِلَى الْعَدْلِ، وَلَا طَاعَةَ غَيْرَ طَاعَةِ اللَّهِ تُنْجِيكُمْ مِنَ الظُّلْمِ؟! أَلَمْ تَكْفِكُمْ هَذِهِ التَّجْرِبَةُ الْبَالِغَةُ آلَافَ السِّنِينَ؟! أَلَمْ تَكْفِكُمْ هَذِهِ الْغَرَامَاتُ الْبَاهِظَةُ؟! أَلَمْ تَسْمَعُوا النَّمَارِدَةَ وَالْفَرَاعِنَةَ؟! أَلَمْ تَتَحَمَّلُوا الْأَكَاسِرَةَ وَالْقَيَاصِرَةَ؟! أَلَمْ تَرَوُا الْخُلَفَاءَ وَالْمُلُوكَ؟! أَلَمْ تُجَرِّبُوا الْجُمْهُورِيَّاتِ وَالْإِسْلَامِيَّاتِ؟! أَفَلَمْ تَعْتَبِرُوا بَعْدُ؟! [الرسالة الرابعة عشرة]

وصية من جنابه لأنصاره وأتباعه

لَيَحْتَرِمَنَّ صَغِيرُكُمْ كَبِيرَكُمْ، وَلَيَرْحَمَنَّ كَبِيرُكُمْ صَغِيرَكُمْ. جَالِسُوا الْأَبْرَارَ وَخَالِطُوهُمْ، وَاجْتَنِبُوا الْأَشْرَارَ وَفِرُّوا مِنْهُمْ. نَبِّهُوا الْغَافِلِينَ، وَعَلِّمُوا الْجَاهِلِينَ. أَرْشِدُوا الضَّالِّينَ، وَأَجِيبُوا عَلَى الْمُسَائِلِينَ. تَحَمَّلُوا سَفَاهَةَ السُّفَهَاءِ وَعَضُّوا عَلَى النَّوَاجِذِ، حِينَ يَسُبُّونَكُمْ لِيُؤْذُوكُمْ وَيَبْهَتُونَكُمْ لِيُحْزِنُوكُمْ؛ لِأَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ مَعَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ مِنْ قَبْلِكُمْ، وَيَفْعَلُونَ ذَلِكَ مَعَنَا أَكْثَرَ مِنْكُمْ. إِنَّمَا مَثَلُكُمْ فِيهِمْ كَمَثَلِ النَّحْلِ فِي الطَّيْرِ؛ مَا مِنْ طَيْرٍ إِلَّا وَهُوَ يَسْتَضْعِفُهَا، وَلَوْ يَعْلَمُ مَاذَا تَحْمِلُ مَعَهَا لَمْ يَسْتَضْعِفْهَا بَتَّةً. نَتِنَتِ الْأَرْضُ وَصَارَ الزَّمَانُ كَجِيفَةٍ مُنْتَفِخَةٍ، لَكِنَّنَا لَمْ نَرَ لَيْلًا لَمْ يَلِهِ نَهَارٌ. فَاصْبِرُوا؛ فَإِنَّ فَرَجَكُمْ قَرِيبٌ. [القول ٥]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ الْهَاشِمِيَّ الْخُرَاسَانِيَّ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً، فَقَالَ: إِنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ خَلِيفَةٍ اللَّهُ جَاعِلُهُ، وَلَوْ خَلَتْ لَسَاخَتْ بِأَهْلِهَا، وَمَنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْرِفْ هَذَا الْخَلِيفَةَ فَقَدْ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَقُومَ مِنْ عِنْدِهِ، فَقَالَ: لَا يَزَالُ اللَّهُ يَجْعَلُ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً مُنْذُ قَالَهُ، وَلَوْ قَالَ: «إِنِّي أَجْعَلُ» لَكَانَ مِنْهُ جَعْلٌ وَاحِدٌ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ، وَالْجَاعِلُ مَنْ يَسْتَمِرُّ مِنْهُ الْجَعْلُ، وَكُلُّ خَلِيفَةٍ لِلَّهِ فِي الْأَرْضِ مَهْدِيٌّ إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ فِيهَا لِيَضَعَهُ حَيْثُ يَشَاءُ اللَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَهْتَدِ إِلَى مَهْدِيِّ زَمَانِهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا. [الفقرة ١ من القول ٦]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: سَأَلَ الْمَنْصُورَ رَجُلٌ وَأَنَا حَاضِرٌ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً، فَقَالَ: لَا يَزَالُ اللَّهُ جَاعِلًا فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً مُنْذُ وَعَدَهُ، إِمَّا ظَاهِرًا مَشْهُورًا وَإِمَّا خَائِفًا مَغْمُورًا، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ، قَالَ الرَّجُلُ: إِنَّهُمْ قَدْ جَعَلُوا فِي الْعِرَاقِ خَلِيفَةً وَلَا يَرَوْنَ إِلَّا أَنَّهُ الْخَلِيفَةُ! قَالَ: كَذَبُوا أَعْدَاءُ اللَّهِ، مَا قَالَ اللَّهُ لَهُمْ: «إِنَّكُمْ جَاعِلُونَ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً»، وَلَكِنْ قَالَ: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ، فَلَوْ جَعَلُوا فِيهَا خَلِيفَةً دُونَ الْخَلِيفَةِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ فِيهَا لَكَانُوا بِذَلِكَ مُشْرِكِينَ، قَالَ الرَّجُلُ: وَمَنْ هَذَا الْخَلِيفَةُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ فِيهَا؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ يُقَالُ لَهُ الْمَهْدِيُّ. [الفقرة ٢ من القول ٦]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: ﴿سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا، وَعَدَ أَنْ يَجْعَلَ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً، قُلْتُ: إِنَّهُمْ يُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةٌ! قَالَ: إِنَّهُ فِيهَا وَإِنْ أَنْكَرَهُ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي نُبِّئْتُ أَنَّهُمْ جَعَلُوا فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، قُلْتُ: نَعَمْ، وَسَفَكُوا لَهُ الدِّمَاءَ، قَالَ: هُوَ خَلِيفَةُ الَّذِينَ ظَلَمُوا، وَخَلِيفَةُ اللَّهِ هُوَ الْمَهْدِيُّ. [الفقرة ٣ من القول ٦]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً، فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا أَرَادَ بِالْخَلِيفَةِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَمْ يَجْعَلْ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِ، قَالَ: كَذَبُوا، فَمَنِ الْقَائِلُ لِدَاوُودَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى؟! قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: كَانَ ذَلِكَ فِي الْأُمَمِ السَّابِقَةِ، وَلَمْ يَجْعَلْ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَلِيفَةً كَآدَمَ وَدَاوُودَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، قَالَ: كَذَبُوا، فَمَنِ الْقَائِلُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ؟! قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا أَرَادَ الَّذِينَ مَلَكُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، كَبَنِي أُمَيَّةَ وَبَنِي عَبَّاسٍ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ، قَالَ: كَذَبُوا، فَهَلْ مَلَكَ مِنْهُمْ إِلَّا كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ؟! إِنَّ اللَّهَ وَعَدَ أَنْ يَسْتَخْلِفَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، فَمَنْ أَشْرَكَ فِي إِيمَانِهِ أَوْ عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ فَلَيْسَ مِمَّنِ اسْتَخْلَفَهُ اللَّهُ وَإِنْ مَلَكَ وَتَسَمَّى بِخَلِيفَةٍ! قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يَسْتَخْلِفُهُمْ بِتَغَلُّبٍ أَوِ اخْتِيَارٍ مِنْ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ، قَالَ: كَذَبُوا، بَلْ يَسْتَخْلِفُهُمْ ﴿كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَمْثَالَ آدَمَ وَدَاوُودَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَمَا اسْتَخْلَفَهُمْ بِتَغَلُّبٍ وَلَا اخْتِيَارٍ مِنْ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ، وَلَكِنِ اسْتَخْلَفَهُمْ بِوَحْيٍ مِنْهُ، كَمَا أَوْحَى: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ، ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا. [الفقرة ٥ من القول ٦]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ [ت٢٩٠ه‍] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنِ الْحُجْرِ، عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ -يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ، قَالَ: هُمُ الْأَئِمَّةُ.

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ مُنَاسِبٌ لِلْأَئِمَّةِ، إِذْ مِنْ شَأْنِهِمْ أَنْ يَهْدُوا النَّاسَ وَيَعْدِلُوا بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ، ... وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ إِمَامٍ هَادٍ عَادِلٍ بِالْحَقِّ؛ كَمَا اعْتَرَفَ بِذَلِكَ عُقَلَاءُ الْقَوْمِ قَدِيمًا وَجَدِيدًا؛ مِثْلُ الْجُبَّائِيِّ [ت٣٠٣ه‍] إِذْ قَالَ: «هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْلُو زَمَانٌ الْبَتَّةَ عَمَّنْ يَقُومُ بِالْحَقِّ وَيَعْمَلُ بِهِ وَيَهْدِي إِلَيْهِ»، وَالنَّحَّاسِ [ت٣٣٨ه‍] إِذْ قَالَ: «دَلَّ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ لَا تَخْلُو الدُّنْيَا فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى الْحَقِّ»، وَالْقُرْطُبِيِّ [ت٦٧١ه‍] إِذْ قَالَ: «دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُخَلِّي الدُّنْيَا فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى الْحَقِّ»، وَالْخَازِنِ [ت٧٤١ه‍] إِذْ قَالَ: «فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْلُو زَمَانٌ مِنْ قَائِمٍ بِالْحَقِّ يَعْمَلُ بِهِ وَيَهْدِي إِلَيْهِ»، وَقَالَ ابْنُ الْجُوزِيِّ [ت٥٩٧ه‍]: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُخَلِّي الْأَرْضَ مِنْ قَائِمٍ لَهُ بِالْحُجَّةِ، جَامِعٍ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، عَارِفٍ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، خَائِفٍ مِنْهُ، فَذَلِكَ قُطْبُ الدُّنْيَا، وَمَتَى مَاتَ أَخْلَفَ اللَّهُ عِوَضَهُ، وَرُبَمَا لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَرَى مَنْ يَصْلُحُ لِلنِّيَابَةِ عَنْهُ فِي كُلِّ نَائِبَةٍ، وَمِثْلُ هَذَا لَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْهُ، فَهُوَ بِمَقَامِ النَّبِيِّ فِي الْأُمَّةِ»، ... وَهَذَا قَوْلُنَا الَّذِي نَقُولُ بِهِ، وَالْعَجَبُ مِنْ أَقْوَامٍ يُنْكِرُونَهُ عَلَيْنَا وَهُمْ يَجِدُونَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَقَدْ قَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِهِمْ قَدِيمًا وَجَدِيدًا! [الباب ١، الدرس ٥٤]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَالَ ابْنُ الْجُوزِيِّ [ت٥٩٧ه‍]: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُخَلِّي الْأَرْضَ مِنْ قَائِمٍ لَهُ بِالْحُجَّةِ، جَامِعٍ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، عَارِفٍ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، خَائِفٍ مِنْهُ، فَذَلِكَ قُطْبُ الدُّنْيَا، وَمَتَى مَاتَ أَخْلَفَ اللَّهُ عِوَضَهُ، وَرُبَمَا لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَرَى مَنْ يَصْلُحُ لِلنِّيَابَةِ عَنْهُ فِي كُلِّ نَائِبَةٍ، وَمِثْلُ هَذَا لَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْهُ، فَهُوَ بِمَقَامِ النَّبِيِّ فِي الْأُمَّةِ»، انْتَهَى قَوْلُهُ، وَهَذَا قَوْلُنَا الَّذِي نَقُولُ بِهِ، وَالْعَجَبُ مِنْ أَقْوَامٍ يُنْكِرُونَهُ عَلَيْنَا وَهُمْ يَجِدُونَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَقَدْ قَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِهِمْ قَدِيمًا وَجَدِيدًا! فَهَلْ يَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا قَوْلَنَا أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا؟! وَلَا نَقُولُ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ آبَاؤُنَا، وَلَكِنْ لِمَا نَجِدُ مِنْ فَضْلِهِمْ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَلَا نُنْكِرُ فَضْلَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ صَاحَبَ نَبِيَّنَا، وَلَكِنْ لَا يُقَاسُ بِأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا أَحَدٌ؛ كَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا إِذَا عَدَّدْنَا أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! فَعَلِيٌّ؟ قَالَ: وَيْحَكَ، عَلِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، لَا يُقَاسُ بِهِمْ أَحَدٌ»، وَهَذَا قَوْلٌ مَشْهُورٌ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ [ت٢٤١ه‍]، وَهُوَ إِمَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَلَمْ يُنْسَبْ إِلَيْهِ التَّشَيُّعُ؛ كَمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: «سَأَلْتُ أَبِي، قُلْتُ: مَنْ أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ، قُلْتُ: يَا أَبَتِ، ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: عُمَرُ، قُلْتُ: يَا أَبَتِ، ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: عُثْمَانُ، قُلْتُ: يَا أَبَتِ، فَعَلِيٌّ؟ قَالَ: يَا بُنَيَّ، عَلِيٌّ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ لَا يُقَاسُ بِهِمْ أَحَدٌ»، ... وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الَّذِي يَقُولُ بِهِ كُلُّ عَالِمٍ، وَقَدْ قَالَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِذَا قُلْنَا بِهِ نَحْنُ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ: هَؤُلَاءِ مِنَ الرَّافِضَةِ! ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ! [الباب ١، الدرس ٥٤]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١ه‍] فِي «كَمَالِ الدِّينِ وَتَمَامِ النِّعْمَةِ»، ... عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ ۖ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ، فَقَالَ: كُلُّ إِمَامٍ هَادٍ لِكُلِّ قَوْمٍ فِي زَمَانِهِمْ.

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى عَامٌّ يَشْمُلُ كُلَّ قَوْمٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالْقَوْمُ قَرْنٌ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ۙ وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا ۚ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ.

وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ [ت٢٩٠ه‍] فِي زِيَادَاتِهِ عَلَى «الْمُسْنَدِ»، قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ، قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْمُنْذِرُ، وَالْهَادِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ.

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قِيلَ أَنَّهُ أَرَادَ بِالرَّجُلِ نَفْسَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَطْلَقَ وَأَرَادَ أَنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ هَادِيًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ. [الباب ١، الدرس ٥١]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّمَا يُقَالُ لِلْإِمَامِ «خَلِيفَةَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ» لِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي جَعَلَهُ فِي الْأَرْضِ وَأَنَّهُ يَهْدِي بِأَمْرِ اللَّهِ، وَهَذِهِ نِسْبَةٌ صَحِيحَةٌ، كَقَوْلِهِمْ: «رُوحُ اللَّهِ» وَ«بَيْتُ اللَّهِ» وَ«أَرْضُ اللَّهِ»، وَقَدْ وَرَدَ إِطْلَاقُهَا عَلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَثَبَتَ إِطْلَاقُهَا عَلَى الْمَهْدِيِّ فِي حَدِيثِ «الرَّايَاتِ»، وَلَكِنَّ الْجُهَّالَ مِنَ النَّاسِ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا نِسْبِةٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَقَدْ بَلَغَ مِنْ جَهْلِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ صَحَّحَ حَدِيثَ الرَّايَاتِ إِلَّا جُزْءًا مِنْهُ يَذْكُرُ «خَلِيفَةَ اللَّهِ الْمَهْدِيَّ»، وَقَدْ بَالَغَ أَجْهَلُهُمْ فِي مَنْعِهَا حَتَّى نَسَبَ قَائِلَهَا إِلَى الْفُجُورِ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ لَا يُسْتَخْلَفُ إِلَّا مَنْ يَغِيبُ أَوْ يَمُوتُ، وَاللَّهُ لَا يَغِيبُ وَلَا يَمُوتُ، وَبِأَنَّ رَجُلًا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: «يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ»، فَقَالَ: «لَسْتُ بِخَلِيفَةِ اللَّهِ»، وَهَذَا جَهْلٌ عَظِيمٌ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ الْخَلِيفَةِ إِلَى اللَّهِ هِيَ نِسْبَةُ تَمْلِيكٍ وَتَعْظِيمٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿رُوحِي وَ﴿بَيْتِي وَ﴿أَرْضِي، وَمَنْ لَا يَفْقَهُ هَذَا فَهُوَ مِنَ الْعِلْمِ بَعِيدٌ كَبُعْدِ الْمَغْرِبِ مِنَ الْمَشْرِقِ، وَإِنَّمَا مَنَعَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةَ اللَّهِ؛ إِذْ لَمْ يَجْعَلْهُ اللَّهُ، وَلَكِنْ جَعَلَهُ النَّاسُ، ... وَلَا يَجُوزُ تَسْمِيَةُ مَنْ هَذِهِ حَالُهُ بِـ«خَلِيفَةِ اللَّهِ»، ... كَمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا نَادَى عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: «يَا خَلِيفَة اللَّهِ فِي الْأَرْضِ!» فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: «مَهْ! ... لَمَّا وَلَّيْتُمُونِي أُمُورَكُمْ سَمَّيْتُمُونِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَوْ نَادَيْتَنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ أَجَبْتُكَ، وَأَمَّا خَلِيفَةُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ فَلَسْتُ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ خُلَفَاءَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ دَاوُدُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَشِبْهُهُ»،... وَإِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِلْمَهْدِيِّ «خَلِيفَةَ اللَّهِ» لِأَنَّهُ خَلِيفَةٌ جَعَلَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ وَأَنَّهُ يَهْدِي بِأَمْرِ اللَّهِ عَلَى مِثَالِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ... [الباب ١، الدرس ٥٠]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

رَوَى عَلِيُّ بْنُ بَابَوَيْهِ [ت٣٢٩ه‍] فِي «الْإِمَامَةِ وَالتَّبْصِرَةِ»، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: لَا يَصْلُحُ النَّاسُ إِلَّا بِإِمَامٍ وَلَا تَصْلُحُ الْأَرْضُ إِلَّا بِذَلِكَ.

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: بِهَذَا نَقُولُ وَإِلَيْهِ نَدْعُو، وَقَالَ: لَا يَزَالُ أَمْرُ النَّاسِ يَذْهَبُ سَفَالًا حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى الْإِمَامِ الَّذِي أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ. [الباب ١، الدرس ٦٨]

لا دلالة في الحديث على أنّ المدينة تكون عاصمة المهديّ، والثابت أنّ المهديّ يهرب من المدينة إلى مكّة في أوان ظهوره خوفًا من جيش السفيانيّ، فينصره اللّه تعالى عليهم ويخسف بهم الأرض، وهذا من أهمّ علامات ظهوره، والمرويّ عن أهل البيت أنّ عاصمته هي الكوفة... وهذه الروايات وإن كانت ضعيفة الإسناد إلا أنّه يقوّي بعضها بعضًا، ويزيدها قوّة ما روى أهل الحديث في فضل الكوفة؛ كما روى ابن سعد... عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص أنّه قال: «إِنَّ أَسْعَدَ النَّاسِ بِالْمَهْدِيِّ أَهْلُ الْكُوفَةِ»، ... هذه الأقوال تدلّ على أنّ الكوفة تكون عاصمة المهديّ إن شاء اللّه، وكان هذه الأقوال بسبب أنّ الكوفة كانت مأوى كبار الصحابة؛ كما روي... عن فطر بن خليفة أنّه قال: «نَازَعَنِي قَتَادَةُ فِي الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، فَقُلْتُ: دَخَلَ الْكُوفَةَ سَبْعُونَ بَدْرِيًّا، وَدَخَلَ الْبَصْرَةَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ، فَسَكَتَ»؛ ثمّ إنّها كانت معقل المجاهدين؛ كما روي عن عمر أنّه قال: «الْكُوفَةُ رُمْحُ اللَّهِ، وَكَنْزُ الْإِيمَانِ...»؛ ثمّ إنّها كانت دار خلافة عليّ ومجمع محبّيه؛ كما قال عبد الرزاق: «قَالَ مَعْمَرٌ مَرَّةً وَأَنَا مُسْتَقْبِلُهُ، وَتَبَسَّمَ وَلَيْسَ مَعَنَا أَحَدٌ فَقُلْتُ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: عَجِبْتُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، كَأَنَّ الْكُوفَةَ إِنَّمَا بُنِيَتْ عَلَى حُبِّ عَلِيٍّ، مَا كَلَّمْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا وَجَدْتُ الْمُقْتَصِدَ مِنْهُمُ الَّذِي يُفَضِّلُ عَلِيًّا عَلَى أَبَى بَكْرٍ وَعُمَرَ، مِنْهُمْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، قَالَ: فَقُلْتُ لِمَعْمَرٍ: وَرَأَيْتَهُ؟ -كَأَنِّي أَعْظَمْتُ ذَاكَ- فَقَالَ مَعْمَرٌ: وَمَا ذَاكَ؟! لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: عَلِيٌّ أَفْضَلُ عِنْدِي مِنْهُمَا مَا عَنَّفْتُهُ إِذَا ذَكَرَ فَضْلَهُمَا إِذَا قَالَ عِنْدِي، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: عُمَرُ عِنْدِي أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ وَأَبِي بَكْرٍ مَا عَنَّفْتُهُ»؛ بالإضافة إلى أنّها كانت في وسط دار الإسلام، وفيها ماء طيّب مبارك وهو الفرات. مع ذلك كلّه، فقد كانت في أهلها خصلة يُخاف منها على المهديّ، وهي سوء معاملة الأمراء، وقيل أنّها أثر دعوة سعد بن أبي وقّاص؛ فإنّه دعا عليهم حين شكوه إلى عمر فقال: «اللَّهُمَّ لَا تُرْضِ عَنْهُمْ أَمِيرًا وَلَا تُرْضِهِمْ بِأَمِيرٍ»! فنرجو أن يعيذه اللّه تعالى من هذه الخصلة الخطيرة التي فعلت بآبائه ما فعلت. [السؤال والجواب ٤٥٩]

إنّما يمنع الإمام المهديّ من الظهور خوفه على نفسه، فإذا أزيل هذا الخوف بجمع القلوب والأيدي على حمايته سيظهر دون أدنى شكّ، وذلك لا يحتاج إلى الإتّصال به، بل كلّ من جمع القلوب والأيدي على حمايته أظهره، وإن لم يكن متّصلًا به، ولذلك يحاول المنصور الهاشميّ الخراسانيّ جمع القلوب والأيدي على حمايته، ولا يدّعي أنّه متّصل به، ومن الواضح أنّه إذا أجاب أحد الحكّام المسلمين دعوته وقام بنصره، حصل المقصود بشكل أسهل وأعجل، لكن أنّى لهم أن يفعلوا ذلك، وقد اتّخذوا إلههم سلطتهم في الدّنيا وهم عن الآخرة هم غافلون... بناءً على هذا، فإنّ إعلان أحد الحكّام المسلمين استعداده للتنحّي عن السلطة وتسليمها إلى الإمام المهديّ، مع قيامه بتهيئة الظروف ووضع القوانين والضمانات اللازمة لذلك، تحت إشراف عالم ناصح مستقلّ مثل المنصور الهاشمي الخراسانيّ، يفسح المجال لظهور الإمام المهديّ، وهذا أمر يمكن تحقّقه في كلّ بلد من بلاد المسلمين، ولا شكّ أنّ أيّ بلد من بلادهم تحقّق ذلك فيه يمكنه أن يكون مهجرًا وملاذًا للإمام المهديّ ومبدءًا ومركزًا لحكومته، لكن بالطبع أيّ بلد من بلادهم سبق إلى هذا الأمر، يُعتبر سابقًا بالخير، ويحرز الفضل والشرف المترتّبين على ذلك، وبالتالي يحصل على العديد من الإمتيازات الدنيويّة والأخرويّة بعد استقرار حكومة الإمام المهديّ، ﴿وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، ولهذا يجب على الحكّام المسلمين أن يسارعوا إلى هذا الأمر ويتنافسوا فيه، إن كانوا يؤمنون باللّه واليوم الآخر ويريدون الخير والعافية، ولا يكونوا كحكّام إيران الذين سبقوا في إنكاره والصدّ عنه لسفاهتهم أو نفاقهم، فأصبحوا أشقى الناس وأخسرهم في الدّنيا والآخرة! [السؤال والجواب ١٠]

يدعو المنصور الهاشميّ الخراسانيّ جميع الأعضاء المسلمين في داعش وطالبان والقاعدة والجماعات الأخرى، مثل غيرهم من المسلمين في العالم، إلى مبايعة اللّه تعالى وترك مبايعة غيره، ويسألهم أن ينتهوا عن إثارة الفتنة والإفساد في الأرض، ولا يستمرّوا في التضحية بأنفس وأموال وأعراض المسلمين من أجل طمعهم وحبّهم للرئاسة؛ فقد قال اللّه تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ. ممّا لا شكّ فيه أنّ المهديّ خير لمسلمي العالم من أبي بكر البغدادي ومحمّد عمر وأيمن الظواهري وأمثالهم؛ لأنّهم قد يأملون ظهوره، ولا يستأهلون أن يسوّوا له نعليه؛ بالنظر إلى أنّ المهديّ هو خليفة اللّه في الأرض وفقًا لكتاب اللّه وسنّة رسوله المتواترة، ولكنّهم وفقًا لكتاب اللّه وسنّة رسوله المتواترة ليسوا أحدًا. لذلك، من الأفضل لهم وأتباعهم أن يلبّوا دعوة المنصور ويعودوا إلى المهديّ إذا كانوا مسلمين ويبتغون إقامة الإسلام حقًّا. [السؤال والجواب ١٢]

إنّ الذين يجاهدون بأموالهم وأنفسهم في سبيل تحقيق حكومة اللّه في الأرض من خلال تحقيق حكومة خليفته المهديّ عليه السّلام، هم الشهداء الأحياء، وإن قُتلوا في هذه السبيل فيُعتبرون خير الشهداء في آخر الزمان، بل لا شهيد سواهم في العصر الحاضر؛ لأنّه لا أحد سواهم يجاهد في سبيل تحقيق حكومة اللّه في الأرض، بل يجاهد الجميع من كلّ فرقة في سبيل تحقيق حكومة الآخرين بعلم أو بغير علم، في حين أنّه لا شهادة إلا في سبيل تحقيق حكومة اللّه في الأرض؛ كما قال سبحانه: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ، وقال: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ. لذلك، إنّ الذين يُقتلون في سبيل التأسيس أو الحفظ لحكومة قائد داعش، أو قائد طالبان، أو قائد سوريا، أو قائد إيران، أو قائد آخر من قادة الدّول أو الأحزاب، هم أموات، وما تسميتهم بالشهداء إلا خدعة؛ لأنّ الشهيد في الإسلام من يُقتل في سبيل التأسيس أو الحفظ لحكومة خليفة اللّه في الأرض، لا التأسيس والحفظ لحكومة الآخرين، ولا يوجد في العصر الحاضر من يتّصف بهذه الصفة إلا المنصور الهاشمي الخراساني وأصحابه المخلصين، الذين يجاهدون في سبيل التأسيس والحفظ لحكومة المهديّ عليه السّلام. [السؤال والجواب ٧٢]

كمّيّة عدد كافٍ من المسلمين لظهور المهديّ عليه السّلام تابعة لبعض المتغيّرات، إلا أنّ الظاهر من بعض عبارات المنصور حفظه اللّه تعالى هو أنّ اجتماع عشرة آلاف منهم عنده قد يكون كافيًا... لكنّ الأهمّ من كمّيّة هذا العدد هو كيفيّتهم بمعنى حالهم وصفتهم؛ لأنّ عشرة آلاف رجل إذا كانوا ضعفاء في العقيدة والعمل لم يغنوا شيئًا، وإنّما يُعتبرون كافيًا إذا كانوا بمكان عليّ من الإيمان والتقوى؛ لأنّهم إذا كانوا كذلك بارك اللّه فيهم وأنزل عليهم النصر، فلن يُغلبوا إذًا أبدًا، وعليه فإنّ مراد المنصور حفظه اللّه تعالى هو كفاية اجتماع عشرة آلاف رجل عارف بالحقّ عن يقين قد تمّ تعليمهم وتزكيتهم في مدرسته وإعدادهم روحيًّا وجسميًّا لنصرة المهديّ عليه السّلام، لا عشرة آلاف رجل كيفما كانوا... ولذلك جعل حفظه اللّه تعالى هدفه التعليم والتزكية لعدد كافٍ من الناس، لا جمعهم فقطّ... هذا هو التمهيد لظهور المهديّ، وهذا هو مهمّة المنصور الهاشمي الخراساني. [السؤال والجواب ٧١]

لحسن الحظّ، كثير من الأحكام الضروريّة والأساسيّة للإسلام، مثل أركان الصلاة والصوم والزكاة والحجّ، تُعرف من خلال كتاب اللّه وأخبار النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم المتواترة، وبالتالي يمكن العمل بها ويجزئ، ولكن لأجل التيقّن بسائر أحكام الإسلام وإبراء الذمّة منها، لا بدّ من الرجوع إلى خليفة اللّه في الأرض، وهذا ما هو ممكن عند المنصور الهاشميّ الخراسانيّ؛ لأنّ مانع الرجوع إليه ليس سوى تقصير الناس في توفير الشروط المسبّقة لذلك، وبالتالي فإنّ إزالة هذا المانع بمعنى توفير الشروط المسبّقة للرجوع إليه أمر ممكن بالنسبة لهم، وإذا كان ذلك يتطلّب اجتماع مجموعة كافية منهم ولا يجتمع مجموعة كافية منهم، ليس ذنب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ، بل ذنب الناس أنفسهم ومن يمنعهم من ذلك. لذلك، فإنّ هذا الوضع «غير المنطقيّ جدًّا» الذي حيّرك هو وضع قدّمته أيدي الناس ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ؛ مثل اللصوص الذين دخلوا بيتًا، فضاق عليهم وقت الصلاة، بحيث لا بدّ لهم من إقامتها فيه ولكنّ صلاتهم فيه باطلة وهذا وضع «غير منطقيّ جدًّا» هم أوقعوا أنفسهم فيه بسوء اختيارهم، وبالتالي لا يصحّح صلاتهم في بيت الناس؛ كما بيّن المنصور الهاشميّ الخراسانيّ هذا الواقع المرير والمؤسف بالتفصيل في قسم «عواقب عدم ظهور المهديّ للنّاس» من كتابه «العودة إلى الإسلام»، عسى أن يدرك المسلمون ذلّتهم ومسكنتهم في غيبة المهديّ، فيرجعوا إليه في أقرب وقت ممكن. نعم، هذا الممهّد لظهور المهديّ، ينبّأ مسلمي العالم بوقوعهم في «مأزق هائل» ويدعوهم إلى الخروج منه بتقديم حلول واضحة وعمليّة، لكنّ أكثرهم لا يسمعون نداءه، أو يسمعون ولا يفقهون، إلّا قليلًا منهم الذين امتحن اللّه قلوبهم للإيمان وهم أكفياء إن شاء اللّه. [الشبهة والرّدّ ١]

إنّك لم تقل أيّ قول من أقوال المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى شيء تفرّد به ولم يقله عالم ولا فقيه ولا مجتهد قبله! إذا كنت تقصد قوله بأنّ أهل البيت أحقّ بالخلافة من غيرهم، فقد قال به جمع غفير من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، وإذا كنت تقصد قوله بأنّه لا يجوز سبّ أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وغيرهم من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، فقد قال به أئمّة أهل البيت وسائر صلحاء الأمّة، بل لا نعرف أحدًا لم يقل بذلك ماعدا سفهاء الشيعة، وإذا كنت تقصد قوله بعدم جواز تقليد غير المعصوم، فقد قال به الكثير من العلماء والفقهاء والمجتهدين من القرن الأول حتّى الآن، بل لا نعرف أحدًا منهم لم يقل بذلك في القرون الأولى، وإذا كنت تقصد قوله بعدم حجّيّة خبر الواحد، فقد قال به الكثير من العلماء والفقهاء والمجتهدين في القرون الأولى، بل كان أبو حنيفة (ت١٥٠هـ) -الذي يقلّده نصف المسلمين- يسمّي خبر الواحد «رِيحًا» و«خُرَافَةً» ويقول: «حُكَّهُ بِذَنَبِ خِنْزِيرٍ» وكان الشريف المرتضى (ت٤٣٦هـ) من أساطين الشيعة يقول: «إِنَّ أَصْحَابَنَا كُلَّهُمْ، سَلَفَهُمْ وَخَلَفَهُمْ، وَمُتَقَدِّمَهُمْ وَمُتَأَخِّرَهُمْ، يَمْنَعُونَ مِنَ الْعَمَلِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ» وكان ابن إدريس الحلّيّ (ت٥٩٨هـ) يقول: «فَهَلْ هَدَمَ الْإِسْلَامَ إِلَّا هِيَ؟! يَعْنِي أَخْبَارَ الْآحَادِ»، وإذا كنت تقصد قوله في علّة غيبة المهديّ، فقد قال به أعاظم قدماء الإماميّة؛ كما قال أبو جعفر الطوسيّ (ت٤٦٠هـ): «لَا عِلَّةَ تَمْنَعُ مِنْ ظُهُورِهِ إِلَّا خَوْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْقَتْلِ» وإذا كنت تقصد قوله بعدم ثبوت الولاية المطلقة للفقيه، فقد قال به الشيعة كلّهم ماعدا قليلًا من المتأخّرين ممّن لا قدم له في العلم، وهكذا سائر أقواله الطيّبة في كتاب «العودة إلى الإسلام»؛ فإنّه لا شيء منها إلا وله أصل في القرآن والسنّة، ودليل من العقل، وقائل من السّلف الصالح. [الشبهة والرّدّ ٢]

حقيقة أنّك لم تكن تعرف العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى ولم تسمع باسمه من قبل، لا تعني أنه غير موجود؛ كما قال العقلاء: «عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود»، وكما أنّك بالتأكيد لا تعرف الكثير من علماء العالم الإسلاميّ في بلاد مختلفة ولم تسمع بأسمائهم، ومع ذلك فإنّهم موجودون، وسواء كنت تعرف ذلك أم لا، فإنّهم يباشرون أنشطتهم العلميّة والثقافيّة. بالإضافة إلى ذلك، من الواضح أنّ «الإنترنت» ليست لوح اللّه المحفوظ حتّى تحتوي على السير والصور لجميع عباد اللّه، بل هي شبكة أنشأها الكفّار والظالمون لترويج ثقافتهم ونشرها في العالم ولذلك، فإنّ السير والصور الخاصّة بهم وأوليائهم وفيرة فيها، ولكنّ السير والصور للعديد من عباد اللّه الصالحين غير موجودة فيها! نعم، للأسف، أنت تحت تأثير إيحاءات الجهلة والمرضى وأصحاب الدعايات المغرضة، وإلا فإنّك تعلم أنّ أكثر عباد اللّه الصالحين هم الذين هم مجهولون ويهربون من الشهرة، وهذا لا يعني أنهم غير موجودين، بل ربما يكون وجود الآخرين بيُمن وجودهم، وببركة وجودهم يُمهَلون! أولئك الذين وصفتهم الروايات بأنّهم «فِي الْأَرْضِ مَجْهُولُونَ وَفِي السَّمَاءِ مَعْرُوفُونَ»... على أيّ حال، تذكّر أنّ الحكيم هو الذي لا يعرف الحقّ بالرجال، بل يعرف الرجال بالحقّ، في حين أنّ الجاهل يفعل عكس ذلك، فيحسب شهرة الرجال دليلًا على أنّهم حقّ، وعدم شهرتهم دليلًا على أنّهم باطل! هذا جهل واضح بالتأكيد! [الشبهة والرّدّ ٣]

الخبر المنسوب إلى النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في ظهور ٧٣ فرقة بعده إحداها «ناجية» وسائرها أهل النار، هو خبر واحد وغير يقينيّ، وقد بيّن المنصور الهاشمي الخراساني بالتفصيل عدم حجّيّة مثل هذه الأخبار في مباحث من كتابه مثل مبحث «رواج النّزعة الحديثيّة». بغضّ النظر عن حقيقة أنّ أكثر أسانيد هذا الحديث ضعيفة في رأي أهل الحديث، وأنّ ذيله المشهور الذي يقول أنّ الفرقة الناجية هي الجماعة وأنّ الجماعة هي ما كان عليه النبيّ وأصحابه، لا يمكن الإلتزام به، نظرًا للإختلاف الشديد في أقوال وأفعال أصحاب النبيّ، بل يشمّ منها رائحة الوضع. بالإضافة إلى أنّ صدره لا يتوافق مع الواقع المحسوس والخارجيّ؛ لأنّ ظهور ٧٣ فرقة بين المسلمين بعد النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ليس ثابتًا، بل لعلّ الثابت خلافه؛ بالنظر إلى أنّ فرق المسلمين المذكورة في كتب الملل والنحل هي أكثر أو أقلّ بكثير من هذا العدد، وحذف بعضها وإضافة بعضها لانطباقها على هذا العدد ليس ممكنًا إلا بتكلّف كثير، بل هو في الغالب ترجيح بلا مرجّح... إنّا لم نضعّف جميع أسانيد هذا الحديث، بل قلنا بصراحة: «إنّ أكثر أسانيد هذا الحديث ضعيفة في رأي أهل الحديث»، وهذا يعني أنّ بعض أسانيده صحيحة في رأيهم، وإن كان فيهم من يضعّف كلّها، مثل ابن حزم (ت٤٥٦هـ) إذ قال في هذا الحديث: «لَا يَصِحُّ أَصْلًا مِنْ طَرِيقِ الْإِسْنَادِ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلَيْسَ حُجَّةً عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، فَكَيْفَ مَنْ لَا يَقُولُ بِهِ؟!»، ومال إلى قوله ابن تيميّة (ت٧٢٨هـ) في منهاج السنّة النبويّة، وقال الشوكاني (ت١٢٥٠هـ) «أَنَّ زِيَادَةَ <كُلُّهَا فِي النَّارِ> لَمْ تَصِحَّ لَا مَرْفُوعَةً وَلَا مَوْقُوفَةً»، ولا خلاف بينهم في أنّ أكثر أسانيده ضعيفة. [الشبهة والرّدّ ٧]

إنّ الوجوب والحرمة لإقامة الحدود الإسلاميّة على المقصّرين ليسا من جهة واحدة حتّى يكونا متناقضين، ولكنّهما من جهتين مختلفتين؛ كما هو الحال في اجتماع الأمر والنهي الشرعيّين في موضوع واحد، إذ يجتمع عمل واجب مثل الصلاة مع عمل حرام مثل الغصب، كمن يغصب مكان رجل بالصلاة فيه؛ لأنّه من الواضح أنّ الصلاة في هذه الحالة محرّمة من جهة أنّها غصب وواجبة من جهة أنّها عبادة مفترضة، وليس هناك أيّ تناقض لاختلاف الجهتين، وهذه هي الحال في الوجوب والحرمة لإقامة الحدود الإسلاميّة على المقصّرين، والأشبه أنّها هي من باب حرمة القيام بذي المقدّمة قبل القيام بالمقدّمة؛ كما أنّ الصلاة واجبة ولكنّها غير جائزة لمن ليس على طهارة، بحيث أنّه إذا صلّى بغير طهارة فقد أثم، وليس في هذا أيّ تناقض؛ لأنّ حرمة الصلاة في نفس الوقت الذي هي واجبة فيه أمر حدث بسوء اختيار من المكلّف. [الشبهة والرّدّ ٨]

من لا يقرأ كتاب العودة إلى الإسلام أو يقرأه ولا يستفيد منه؟
رضا غفوريان

قد يمكن أن يقال نظرًا إلى معرفة «معيار وموانع المعرفة» التي بيّنها سماحة العلامة في كتاب «العودة إلى الإسلام» بأنّه إذا كان شخص ملتزمًا بمعيار المعرفة ومبتعدًا عن موانع المعرفة، سيهتدي إلى الحقّ بإذن اللّه ويوفّق للعمل بمقتضاه بتوفيق اللّه، لكن يجب الإلتفات إلى أنّ كتاب «العودة إلى الإسلام» هو نقطة البداية. إنّه يبدأ بمعرفة المعرفة ويعلّمنا الطريقة الصحيحة للمعرفة، ثمّ لا يتركنا، بل يكشف لنا عن حقيقة الإسلام والإسلام الحقيقيّ بنفس الطريقة التي علّمنا. قد يمكن أن يقال بأنّ هذا الكتاب يعطي مخاطبه علمًا تفصيليًا يكون مقدّمة للعمل، لكنّ مقدّمة هذا العلم التفصيليّ هي علم إجماليّ وهو علم المخاطب بجهله؛ أعني أن يحتمل المخاطب أنّه لا يعلم بعض الأشياء وأن يكون خاطئًا وأن يكون الذين يحبّونهم ويحترمونهم ويتّبعونهم خاطئين. مثل هذا الشخص يأخذ الكتاب ويقرأه مع الإلتفات إلى هذا الإحتمال ومع الإنصاف وبمعزل عن سوء الظنّ ويهتدي إلى الحقّ إن شاء اللّه. يمكننا تقديم مثال لتبيين هذا الموضوع وهو مثال قرآنيّ. إنّ الطبيب يمكنه معالجة المريض بإذن اللّه ولكن لا يمكنه معالجة الميّت! كذلك سماحة العلامة يمكنه أن يهدي بإذن اللّه من كان مريضًا وليس ميّتًا. من كان قلبه ميّتًا في مستنقع الجهل المركّب والخوف من غير اللّه والتعصّبات الجاهليّة والتكبّر والتقليد الأعمى، لا يمكن هدايته بأيّ حكمة؛ كما قال اللّه: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ. لذلك يجب أن نعوذ باللّه من هذه العيوب التي تميت القلب ونسأله الهداية والرشد لنا وللناس، عسى أن تلين قلوب الناس برحمته ويعودوا إلى خليفته في الأرض ويقيموا الإسلام الخالص والكامل والعدالة العالميّة في الأرض. هذه هي المعرفة التي بيّنها العالم الجليل سماحة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى في كتابه ويدعو إليها والحمد للّه ربّ العالمين. [المقالة ٣]

المهديّ؛ محور اتّحاد المسلمين
محمّد سجّاد العامل

ليس هناك شكّ في أنه على رأس كلّ التطلعات والأهداف المشتركة للعالم الإسلامي، هو إقامة العدل العالمي والقضاء على الظلم والفساد في الأرض في ظلّ دولة إسلامية مستقلة وذات حقيقة إسلامية؛ حكومة وعدها الإسلام المسلمين منذ الأيام الأولى، ولا شكّ أنّ أيّ رغبة مشروعة وصحيحة أخرى سوف تتحقّق في هذه الصورة فقطّ، وأنّ جميع مسلمي العالم لديهم هذه الرغبة، سواء كانوا منتبهين أو غير منتبهين. في هذه الأثناء، ما أوقع كثيرًا من المسلمين في الخطأ وحرّفهم عن المسار الأصلي للإسلام، كان هذا الوهم المشؤوم وبلا اساس بأن لا حاجة لهم إلى هداية من اللّه لتحقيق هذه الأهداف السحيقة والأمنية الجميلة وكلّ مجموعة منهم يمكنها أن تتبع أيّ طريقة تراها صحيحة وتختار أيّ شخص رضيت به لقيادتها وإمامتها نحو هذا الطموح الكبير! لكن نرى بوضوح أنّ هكذا وهم مشؤوم وتصوّر ساذج لحدّ الآن أدّى إلى أيّ نتائج وذهب بالمسلمين إلى أيّ وضع! اليوم كلّ مجموعة من المسلمين سلّطت شخصًا على نفسها وبايعت حاكمًا أعجبها. فئة منهم تحالفت مع الكفّار وجعلت الحكّام المسلمين الذين في الواقع هم منافقون خونة وأشرار حكامًا عليهم وفئة أخرى بتحكّم وتهوّر عجيب تقرّ البيعة للأمراء والخلفاء الداعين لأنفسهم وتحميهم من أجل اكتساب المزيد من القوة والسلطة. لذا فالجهل والظلم والعدوان والحرب والفقر صار مستوليًا عليهم وظلّ الفناء والسقوط يثقل على رأسهم. [المقالة ٤]

المهديّ؛ محور اتّحاد المسلمين
محمّد سجّاد العامل

إنّ المسلمين تجاهلوا اللّه ولم يضعوا إرادته ومشيئته في هذا الأمر في الحسبان وتخلّفوا عن الطريقة التي وضعها لهم للوصول إلى هذا الهدف السامي. لقد نسي المسلمون أنّ إذن اللّه وأمره هو أصل واُسّ الخلق وحجر أساس خلقة هذا العالم وكلّ الأُمور والمعادلات والحسابات لا تجري إلّا بمشيئته وإرادته ومن دونها لا تتحرّك حصاة على الأرض. لقد نسي المسلمون أنّ اللّه عيّن سبيلًا وطريقة لتحقيق وعوده ولتحصيلها جعل الإلتزام بهذا السبيل والطريقة ضروريًا. غفل مسلمو العالم عن هذه الحقيقة العظيمة أنّ اللّه تعالى جعل الولاية والبيعة لنفسه فقطّ ونهاهم عن اتّخاذ شريك له فيها وجعل الإشراك فيها مصداقًا للشرك باللّه. حقًّا، كيف لهم أن يصلوا إلى مثل هذا الهدف المقدّس بالشرك باللّه وبمخالفة أمره؟! لا شكّ أنّ اللّه المتعال هو الحاكم الحقيقي والمالك الأصلي لهذا العالم والحكم عليه يليق به حصرًا. لذلك فإنّ تحقّق حكومة العدل العالمية تتيسّر بالطريقة التي يريدها هو فقطّ والحاكم الذي اختاره للناس هو الوحيد الذي يقدر على إقامة العدل لا أحد آخر. هذه حقيقة قد أغفلت ونسيت تمامًا بالرغم من وضوحها وحقانيّتها وبالطبع فإنّ هذا النسيان غريب جدًّا؛ إذ أنّ جميع المسلمين متّفقون على أنّ القائم بالحقّ ومقيم العدل على الأرض والشخص الوحيد الذي أخبر اللّه بخروجه وقيامه بالحقّ والعدل وانتصاره النهائي، بحسب الأخبار المتواترة هو مهديّ آل محمد؛ «الذي يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملأت ظلمًا وجورًا» ولا يوجد هكذا اتّفاق حول شخص آخر. هذا يعني أنّه هو الحاكم الوحيد المشروع والمرضيّ للّه في هذا الزمان وحاليًا الشخص الوحيد الذي يجوز لمسلمي العالم بل يجب عليهم مبايعته، هو المهديّ وكلّ بيعة مع غيره، هي عصيان لأمر اللّه، وبالتالي اتّباع الشيطان وبتعبير القرآن يعدّ التحاكم إلى الطاغوت وهذا يدلّ على غاية أهمية ومحورية مبايعة المهديّ في التعاليم الإسلامية. [المقالة ٤]

المهديّ؛ محور اتّحاد المسلمين
محمّد سجّاد العامل

إنّ مبايعة المهديّ هي بديل مبايعة ظلمة وطواغيت العالم، وبالتالي ستكون السبب في تضعيف قواهم وسقوط حاكميّتهم ومن جهة أخرى يضمن وحدة مسلمي العالم واجتماعهم تحت راية واحدة؛ لأنّه يبدو أنّ اختلاف وتفرّق الأمة ناشئ من الحكومات المختلفة وتحزّب المسلمين هو معلول اتّباعهم للحكّام والقوى السياسية المتفرّقة ومن الطبيعيّ أنّ كلّ فرقة ومجموعة وقوم من المسلمين تتبع زعيمها، وأنّ زعماء العالم الإسلامي كلّ يدعو إلى نفسه ونسي المهدي؛ لأنّهم إمّا أن يكونوا متجاهلين له بالأساس وعاجزين عن ذكر اسمه أو أنّهم يبلّغون أنّ ظهور المهديّ بعيد جدًّا ولا يُعلم في أيّ زمان سيحدث. كذلك يواجه زعماء العالم الإسلامي المهديّ علموا أم جهلوا ويمنعون الرأي العامّ من التأمّل حوله. في مثل هذه الظروف، لو تصوّرنا أنّ نداء الدّعوة للمهديّ والإلتحاق به والإنسلاخ عن غيره يصل إلى جميع المسلمين في العالم ويترك جميعهم الحكّام الذين انتخبوهم من دون إذن اللّه ويهرعون إلى المهديّ، ماذا سيحصل؟ حقًا مع انطلاق نهضة الحماية والطاعة للمهديّ وارتفاع شعار عودة المسلمين إليه، ماذا سيحدث في المنطقة والعالم؟ [المقالة ٤]

المهديّ؛ محور اتّحاد المسلمين
محمّد سجّاد العامل

الظاهر أنّ أول نتيجة مباركة لهكذا حركة توعوية، هي اتّحاد المسلمين في صفّ واحد وتحت بيرق واحد وتعاونهم وتوافقهم في ظلّ مبايعة خليفة اللّه وهذه أول خطوة في طريق تحقّق غايتنا الإسلامية العالية يعني تحقّق حاكميّة المهديّ عليه السلام؛ لأنّه لا ريب أنّ الإتّحاد الحقيقي والتكاتف العميق بين صفوف المسلمين، هو مقدّمة للثورة العالمية المهدوية. باعتقادنا أنّ هكذا نهضة إسلامية مباركة جعلت غايتها اتّحاد جميع المسلمين تحت بيرق المهديّ قد بدأت ونادت بنداء «العودة إلى الإسلام». إنّ قيادة هذه النهضة هي على عاتق العالم الحاذق والمناضل، سماحة العلامة المنصور الهاشمي الخراساني الذي بشجاعة خارقة ومدهشة، وضع كلمة «البيعة للّه» شعارًا لنهضته ويعتقد أنّ المصداق الوحيد للبيعة مع اللّه في عصرنا هو البيعة مع خليفة اللّه المهديّ من آل محمّد وكلّ بيعة أخرى في هذا الزمان، تعدّ مصداقًا لمبايعة الطاغوت. إذن «البيعة للّه» هي بمعنى انحصار الحكومة والقدرة في من اختاره اللّه كخليفة له وذلك ليس سوى المهديّ. هذا الذي بيده راية الإسلام الخالص والكامل، بتقديمه لهكذا قرائة أصيلة ومعتبرة، يعتقد أنّ المهديّ هو عمود خيمة الإسلام وإذا لم يثبَّت هذا العمود في الأرض، لن تقوم خيمة الإسلام. لذا فإنّ وظيفة كلّ فرد من مسلمي العالم، الحماية الكاملة والصادقة للمهديّ والنصرة والعون والطاعة له. لذلك يمكننا تسمية نهضة هذا العالم الكبير نهضة «العودة إلى الإسلام» أو نهضة العودة إلى المهديّ؛ لأنّه هو الركن الركين والمقيم الموعود للإسلام وأنّ العودة إليه في الحقيقة هي العودة إلى الإسلام الحقيقي. [المقالة ٤]