

ترجمة الرسالة:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ رَبِّي وَرَبَّ آبَائِيَ الْأَوَّلِينَ، وَرَبَّ السَّمَوَاتِ الْمَرْفُوعَةِ بِغَيْرِ عَمَدٍ مَرْئِيَّةٍ، وَرَبَّ الشَّمْسِ الْمُضِيئَةِ وَالْقَمَرِ الْمُنِيرِ وَالنُّجُومِ الْكَثِيرَةِ، وَرَبَّ الْأَرَضِينَ الْمَبْسُوطَةِ الَّتِي وُضِعَتْ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَأُوثِقَتْ بِأَوْتَادٍ، وَرَبَّ الْمُحِيطَاتِ الْعَمِيقَةِ وَالْوَاسِعَةِ وَمَا يَجْرِي عَلَيْهَا وَمَا يَسْبَحُ فِيهَا، وَرَبَّ الْبِحَارِ الْكَبِيرَةِ ذَاتِ أَمْوَاجٍ صَاخِبَةٍ وَجَزَائِرَ جَمِيلَةٍ وَسَوَاحِلَ رَمْلِيَّةٍ وَأَنْهَارٍ تَتَدَفَّقُ فِيهَا، وَرَبَّ الْجِبَالِ الشَّاهِقَةِ ذَاتِ قِمَمٍ ثَلْجِيَّةٍ وَسُفُوحٍ مُنْحَدِرَةٍ وَوُدْيَانٍ مُظْلِمَةٍ وَهَوَّاتٍ خَطِرَةٍ وَصُخُورٍ عَظِيمَةٍ مُعَلَّقَةٍ عَلَى شَفَاهَا، وَرَبَّ الْغَابَاتِ الْمُخْضَرَّةِ ذَاتِ أَشْجَارٍ كَثِيفَةٍ وَأَعْمَاقٍ مُدْهَامَّةٍ وَدَوَابَّ تَدُبُّ فِيهَا، وَرَبَّ الصَّحَارِي الْوَاسِعَةِ ذَاتِ سَاحَةٍ يَابِسَةٍ وَتُرْبَةٍ مُتَآكِلَةٍ وَشُجَيْرَاتٍ مَنْسُوفَةٍ وَرِيَاحٍ رَمْلِيَّةٍ تَهُبُّ عَلَيْهَا، وَرَبَّ السُّحُبِ الْمُمْطِرَةِ وَغَيْرِ الْمُمْطِرَةِ الَّتِي تَأْتِي مِنَ الْآفَاقِ الْبَعِيدَةِ وَتُظَلِّلُ الْأَرْضَ،...

ترجمة القول:
أخبرنا بعض أصحابنا، قال: كتب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ إلى عدد من العلماء، ودعاهم إلى مشايعته في التمهيد لظهور المهديّ، لكنّهم من فرط التّكبّر لم يجيبوه، واعتبروا دعوته ضلالة، وأهانوا رسوله. فلمّا بلغ جنابه خبر هذا الحادث، التفت إلى أصحابه وقال:
«إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أَلَا إِنَّ هَذَا الدِّينَ قَدْ تَضَرَّرَ مِنْ عُلَمَائِهِ أَكْثَرَ مِمَّا تَضَرَّرَ مِنْ جُهَّالِهِ، وَتَأَلَّمَ مِنْ فُقَهَائِهِ أَكْثَرَ مِمَّا تَأَلَّمَ مِنْ سُفَهَائِهِ؛ لِأَنَّ زَلَّةَ الْجَاهِلِ زَلَّةُ جَاهِلٍ وَزَلَّةَ الْعَالِمِ تُزِلُّ عَالَمًا! سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الْفَقِيهِ تَذْهَبُ بِأَلْفٍ مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَقَلِيلُ شَرِّهِ يُغْنِي عَنْ كَثِيرِ خَيْرِهِ! وَيْلٌ لِعُلَمَاءِ السُّوءِ؛ الَّذِينَ يَبْتَغُونَ رِضَى السُّلْطَانِ، فَيَجْعَلُونَ الْحَقَّ بَاطِلًا وَالْبَاطِلَ حَقًّا، وَيُفْتُونَ ضِدَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَلِصَالِحِ الْمُسْتَكْبِرِينَ؛ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْمَهْدِيِّ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِهِ؛...

[الحديث ٢٦]
أَمَّا الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فَهُوَ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١ه] فِي «كَمَالِ الدِّينِ وَتَمَامِ النِّعْمَةِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَا: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ وَأَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ جَمِيعًا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ جَمِيعًا، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ:
مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ بَعْدَ مَا جَاءَهُ الْوَحْيُ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، مِنْهَا ثَلَاثَ سِنِينَ مُخْتَفِيًا خَائِفًا لَا يَظْهَرُ حَتَّى أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَصْدَعَ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ، فَأَظْهَرَ حِينَئِذٍ الدَّعْوَةَ.
[الحديث ٢٦-١]
وَرَوَى الْبَلَاذُرِيُّ [ت٢٧٩ه] فِي «أَنْسَابِ الْأَشْرَافِ»[٢]، قَالَ:...

السؤال:
هل يجب النهي عن المنكر في المهجر مع عدم معرفة ديانة الشخص أو مع احتمال كونه على غير دين الإسلام؟
الجواب:
إنّما يُنهى عن المنكر المسلمون؛ لقول اللّه تعالى: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾[١] وقوله تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾[٢] وأمّا الكافرون فإنما يُدعون إلى الإسلام؛ لأنّ كفرهم أعظم من كلّ منكر يأتونه وإن كان لنهيهم عمّا يُستنكر في دينهم وجه؛ كنهيهم عن الربا والزنا واللواط وأكل لحم الخنزير إذا كانوا من أهل الكتاب وكذلك نهيهم عمّا يستنكره العقلاء بغضّ النظر عن أديانهم؛ كنهيهم عن الظلم ولا وجه لنهيهم عمّا يُستنكر في الإسلام فقطّ؛ كنهيهم عن شرب الخمر وترك الحجاب إذا ستروا العورة. فمن كان من المسلمين في بلاد الكفر فعليه نهي إخوانه عن المنكر كما إذا كان في بلاد الإسلام، بل هو أوجب عليه؛ لكثرة الدواعي إلى المنكر وقلّة الناهين عنه في بلاد الكفر بالنسبة إلى بلاد المسلمين وإن اشتبه عليه أحد يريد نهيه فلم يعلم أمسلم هو أم لا فعليه السؤال قبل النهي؛...

الإنتقاد:
ورّقت كتاب «العودة إلى الإسلام» على أمل إيجاد حلّ إيجابيّ، لكن ما وجدته كان مجرّد نفي الآخرين! المؤلّف بعد كلّ هذه الكتابة وبيان الكلّيّات، لم يحدّد واجب المسلمين في غيبة المهديّ أنّه ماذا يجب عليهم فعله في النهاية. هل يجب أن يتخلّوا عن كلّ شيء ويعتصموا ويباشروا الإضراب ويعلنوا أنّهم لن يوقفوا إضرابهم واعتصامهم حتّى يظهر المهديّ وينال الحكومة؟! إذا تولّى المنصور الخراساني شؤون المسلمين الآن على سبيل الإفتراض، فما هي خطّته العمليّة لإدارة المجتمعات الإسلاميّة؟!
مشكلة أخرى هي أنّ المنصور أيضًا، مثل الآخرين، قد دعا الناس إلى نفسه فيما يبدو، بينما قد أعلن في الكتاب بوضوح عن بطلان أيّ شخص يدعو الناس إلى نفسه، وصرّح بأنّ المهديّ هو الشخص الوحيد الذي يجوز له دعوة الناس إلى نفسه، وهذا في حدّ ذاته معناه وجود طريق مسدود في أمّة آخر الزمان، وهو يناقض كمال الإسلام.
بصراحة، لا يُعقل قبل حكومة المهديّ عليه السّلام طريق لتحقيق حكومة اللّه في الأرض سوى حكومة الفقيه، كما هو موجود في إيران، بكلّ ما فيه من عيوب ونواقص...

بعد أن يخرج صاحب القلب السليم من ظلمة الجهل بالخالق إلى نور المعرفة بوجوده، يحصل له عدّة اعتقادات منها الإعتقاد بضرورة وجود الواسطة بين الخالق والمخلوق ليتمكّن المخلوق من معرفة ما يريده منه خالقه؛ لأنّها غير ممكنة بلا واسطة بينهما. فالإعتقاد بوجود الخالق يؤدّي إلى الإعتقاد بوجود الواسطة والإعتقاد بوجود الواسطة يتطلّب معرفتها؛ إذ لا يصحّ الإعتقاد بالشيء من دون معرفته. من هنا يُعلم أنّ كلّ من اعتقد بالخالق صار من واجبه معرفة من يكون الواسطة بينه وبين خالقه لمعرفة أوامره ونواهيه وهكذا الأمر في شأن كلّ من يؤمن بالخالق الكامل في كلّ الأزمان؛ لأنّ عدم تيسّر الواسطة في زمن من الأزمان ممّا يقابل ويخالف الإعتقاد بعدالة الخالق، مع أنّ عدالة الخالق لازمة كماله ولا كمال لمن لا عدالة له. لذلك إنّه جلّ وعلا لن يترك عباده من دون من يمثّله فيما بينهم وهذا مقتضى عدله وكماله وقد بان ذلك من قوله الذي قاله بمثابة قاعدة كلّيّة: ﴿لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾[١] وهو تفصيل قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾[٢]؛ إذ من الواضح أنّ لفظة «جاعل» التي هي اسم فاعلٍ لفعل «جعل» يراد منها الإستمرار بالجعل في كلّ الأزمان؛...