ما هو واجب المرأة في هذا العصر؟ كيف يمكنها نصر إمامها المهديّ عليه السلام؟
جميع التكاليف الفرديّة والإجتماعيّة التي تمّ تشريعها في الإسلام هي مشتركة بين الرّجل والمرأة، ما عدا التكليف الذي كان هناك دليل قطعيّ على اختصاصه بأحدهما؛ كما أنّ اللّه تعالى أحصى في كتابه أربعة تكاليف للإنسان فقال: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾[١]. من الواضح أنّ «الإنسان» يعمّ الرجل والمرأة ولذلك، فإنّ التكاليف الأربعة المذكورة في كتاب اللّه تعالى، أي الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحقّ والتواصي بالصبر، هي متوجّهة إلى كلاهما. بناءً على هذا، يجب على كلّ من الرّجل والمرأة أن يؤمن بالحقّ أوّلًا، أي يعرفه ويقبله بقلبه، ثمّ يعمل به ثانيًا، أي يقوم بتطبيقه وإجرائه في الممارسة العمليّة، ثمّ يوصي به ثالثًا، أي يدعو الآخرين إلى معرفته وقبوله بقلوبهم، ثمّ يوصي بالصّبر عليه رابعًا، أي يدعو الآخرين إلى تطبيقه وإجرائه في الممارسة العمليّة رغم كلّ صعوباتها وأخطارها. هكذا، فإنّ الإيمان والعمل بالحقّ هما الواجب الفرديّ، وتوصية الآخرين بهما هي الواجب الإجتماعيّ للرجل والمرأة، وإذا فعلا ذلك سيخرجان من «الخسر»، وإذا لم يفعلا سيبقيان في «الخسر»، وليس هناك أيّ فرق بينهما في هذا الصدد.
إنّ التمهيد لظهور المهديّ عليه السلام أيضًا يتمّ تعريفه في نفس الإطار؛ لأنّ ذلك بالطريقة التي أوضحها السّيّد المنصور في كتاب «العودة إلى الإسلام»، هو من أعظم مصاديق الحقّ وبالتالي، فإنّ قبوله نظريًّا وإقامته عمليًّا ودعوة الآخرين إلى ذلك، واجب كلّ مسلم وسبب نجاته من الخسران، سواء كان ذكرًا أو أنثى.
نعم، إذا كانت في توصية الرجال مفسدة لامرأة، يمكنها الإكتفاء بتوصية النساء؛ كما أنّه إذا كانت في توصية النساء مفسدة لرجل، يمكنه الإكتفاء بتوصية الرجال؛ بشرط أن لا تكون مفسدة ترك التوصية أكبر في الشرع من مفسدة التوصية؛ كما أنّ الهجرة إلى المنصور، حتّى من أجل الخروج إلى المهديّ، غير واجبة على النساء؛ لأنّها حرج بالنسبة لمعظمهنّ، وقد قال اللّه تعالى: ﴿مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ﴾[٢]؛ إلا من كانت منهنّ متمكّنة منها بسبب مرافقة أبيها أو بعلها أو أخيها أو ابنها؛ مثل الصّحابيّات في مكّة اللاتي هاجرن إلى الحبشة والمدينة مع آبائهنّ وبعولتهنّ وإخوانهنّ وأبنائهنّ، وكذلك لا يجب على النساء الجهاد في سبيل المهديّ باستخدام السلاح؛ لأنّه يتجاوز وسع معظمهنّ، وقد قال اللّه تعالى: ﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ۚ﴾[٣]؛ إلا أن تتطوّع بعضهنّ للخدمة خلف الخطوط الأماميّة، بمثل إطعام المجاهدين وتمريض الجرحي، ممّا قامت به بعض الصّحابيّات في بعض غزوات النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.
الحاصل أنّ الواجب على كلّ مسلم القيام لدعم المهديّ بكلّ عمل شرعيّ يستطيعه؛ لأنّ ملاك الواجب في هذا الصّدد هو «الشرعيّة» و«الإستطاعة»، وليس في ذلك فرق بين الرّجل والمرأة.