ما حكم قيام الزوجة بالصلاة وراء زوجها أو إلى جنبه بنية صلاة الجماعة؟
لا بأس بصلاة المرأة خلف زوجها جماعة أو فرادى؛ كما روي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: «الْمَرْأَةُ تُصَلِّي خَلْفَ زَوْجِهَا الْفَرِيضَةَ وَالتَّطَوَّعَ وَتَأْتَمُّ بِهِ فِي الصَّلَاةِ»[١] ولا بأس بقيامها إلى جنبه إذا تقدّمها قليلًا؛ كما روى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن المرأة تصلّي عند الرجل، فقال: «لَا تُصَلِّي الْمَرْأَةُ بِحِيَالِ الرَّجُلِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قُدَّامَهَا وَلَوْ بِصَدْرِهِ»[٢] وروى أبو بصير عن جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام قال: سألته عن الرجل والمرأة يصلّيان جميعًا في بيت، المرأة عن يمين الرجل بحذاه، قال: «لَا، حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُمَا شِبْرٌ أَوْ ذِرَاعٌ أَوْ نَحْوُهُ»[٣] وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل يصلّي في زاوية الحجرة وامرأته أو ابنته تصلّي بحذاه في الزاوية الأخرى، قال: «لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا شِبْرٌ أَجْزَأَهُ، يَعْنِي إِذَا كَانَ الرَّجُلُ مُتَقَدِّمًا لِلْمَرْأَةِ بِشِبْرٍ»[٤] وأمّا قيامها بحياله جنبًا إلى جنب فمكروه وإن فعلت فلا يبطل ذلك صلاتها ولا صلاة الرجل؛ لأنّها تركت سنّة ولم تخلّ بشرط من شروط الصلاة أو جزء من أجزائها وبهذا قال الشافعي وأحمد والمرتضى وابن إدريس وأكثر المتأخرين من الإماميّة، بل هو مذهب جمهور المسلمين؛ للأصل وما رواه عائشة من «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي إِلَيْهَا وَهِيَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ»[٥] بتقريب أنّه لا فرق بين أن تكون المرأة بين يدي الرجل مضطجعة أو مصلّية، بل كونها مصلّية أولى بأن لا يكون مبطلًا لصلاة الرّجل إذا كانت منفردة في صلاتها ومن هذا يظهر وجه تعليل جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام في صحيحة جميل بن دراج حيث قال: «لَا بَأْسَ أَنْ تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ بِحِذَاءِ الرَّجُلِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَعَائِشَةُ مُضْطَجِعَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهِيَ حَائِضٌ وَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ غَمَزَ رِجْلَيْهَا، فَرَفَعَتْ رِجْلَيْهَا حَتَّى يَسْجُدَ»[٦] وفي روايته الأخرى عنه في الرجل يصلّي والمرأة تصلّي بحذاه، قال: «لَا بَأْسَ»[٧].
بناء على هذا، فلا بدّ من حمل النواهي الواردة على الكراهة؛ لا سيّما بالنظر إلى عدم صراحة شيء منها في التحريم وظهور بعضها في الكراهة؛ كما روى الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إِنَّمَا سُمِّيَتْ مَكَّةُ بَكَّةَ لِأَنَّهُ يُبَكُّ بِهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالْمَرْأَةُ تُصَلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ يَسَارِكَ وَمَعَكَ وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، إِنَّمَا يُكْرَهُ فِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ»[٨].
ما حكم الزوجة المسلمة التي ترفض الصلاة الجماعيّة في البيت مع زوجها؟ تصلّي خلف الزوج، لكن منفردة في صلاة الفرض. شكرًا
لم تبيّن لنا سبب امتناع الزوجة عن الصلاة مع زوجها جماعة؛ فإن كان السبب جهلها بجواز ذلك شرعًا، فقد بيّنّا جوازه في جواب السؤال أعلاه، فلتراجع حتّى تعلم، وإن كان السبب أنّها ترى الزوج فاسقًا لا تجوز الصلاة معه، فهي معذورة إن كان الزوج كذلك؛ فقد بيّنّا عدم جواز الصلاة خلف الفاسق في جواب السؤال ٣٩٦، فليراجع الزوج حتّى يعلم، وليتب إلى اللّه من سوء اعتقاده أو عمله حتّى تحلّ الصلاة معه، وإن كان الزوج عادلًا لا بأس باعتقاده أو عمله وهي ترى أنّه فاسق، فينبغي له أن يسألها عن السبب، ثمّ يوضح لها بقول ليّن ويحذّرها من البهتان وسوء الظنّ، فإن أصرّت بعد ذلك فبئست الزوجة، وله أن يطلّقها إن شاء أو يصبر عليها كما صبر نوح ولوط عليهما السلام على أزواجهما، ولا يدري لعلّ اللّه يصلحها عن قريب، وليس له إكراهها على الصلاة معه جماعة؛ فقد روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «مَنْ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ لَمْ تُجَاوِزْ صَلَاتُهُ تَرْقُوَتَهُ»[١]، وكان يقال: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا امْرَأَةٌ تَعْصِي زَوْجَهَا، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ»[٢].