هل تقديم العقيقة عن المولود عمل مشروع؟ إن كان عملًا مشروعًا، فما الطريقة الصحيحة لذلك؟
يرجى التنبّه للنكات التالية:
١ . «العقيقة» هي أن يذبح الوالد عن ولده في اليوم السابع من ولادته قربانًا للّه تعالى، وقد اختلف الفقهاء في حكمها اختلافًا كبيرًا؛ فقال الجمهور أنّها سنّة مستحبّة، وقال أهل الظاهر وبعض الإماميّة أنّها واجبة، وقال طائفة أنّها من أمر الجاهليّة، إذ ظنّوا أنّ ما ورد فيها خبر واحد، والمحكيّ عن أبي حنيفة أنّها بدعة، فلعلّه أراد ما قال تلك الطائفة؛ لأنّها لم تكن أمرًا محدثًا؛ كما قال يحيى بن سعيد الأنصاريّ (ت١٤٣هـ): «أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَمَا يَدَعُونَ الْعَقِيقَةَ عَنِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ»[١]، وقال مالك بن أنس (ت١٧٩هـ) في الموطأ: «هِيَ مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي لَمْ يَزَلِ النَّاسُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا»[٢]، وفي المدوّنة: «لَمْ تَزَلْ مِنْ عَمَلِ الْمُسْلِمِينَ»[٣]، ولذلك يقول المحقّقون من الأحناف أنّها ليست سنّة، ولا يقولون أنّها بدعة، ومرادهم أنّها من العادات المباحة، كما يذكرون عن محمّد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة أنّه قال فيها: «مَنْ شَاءَ فَعَلَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ»[٤]، وقال الكاساني: «هَذَا يُشِيرُ إِلَى الْإِبَاحَةِ، فَيَمْنَعُ كَوْنَهُ سُنَّةً، وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: ”وَلَا يَعُقُّ عَنِ الْغُلَامِ وَلَا عَنِ الْجَارِيَةِ“، وَأَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ الْعَقِيقَةَ كَانَتْ فَضْلًا، وَمَتَى نُسِخَ الْفَضْلُ لَا يَبْقَى إِلَّا الْكَرَاهَةُ»[٥]، وقال ابن عابدين: «فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ لَا يَعِقُّ عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ، بِدَلِيلِ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ أَنَّ الْعَقِيقَةَ مُبَاحَةٌ عَلَى مَا فِي جَامِعِ الْمَحْبُوبِيِّ، أَوْ تَطَوُّعٌ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَمَا مَرَّ يُؤَيِّدُ أَنَّهَا تَطَوُّعٌ؛ عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهَا مُبَاحَةٌ لَكِنْ بِقَصْدِ الشُّكْرِ تَصِيرُ قُرْبَةً، فَإِنَّ النِّيَّةَ تُصَيِّرُ الْعَادَاتِ عِبَادَاتٍ وَالْمُبَاحَاتِ طَاعَاتٍ»[٦]، ولا يخفى ما في هذا من التكلّف؛ لأنّ الذبح ليس من العادات المباحة، بل هو عبادة لا محالة لضرورة أن يكون للّه، وعليه فلا تخلو العقيقة من أن تكون واجبة أو مستحبّة، ولا شكّ في استحباب الذبح للّه تعالى عقب كلّ نعمة فوق عادة شكرًا، والولد السويّ نعمة فوق عادة، ولذلك أقلّ حكم العقيقة الإستحباب بالنظر إلى العمومات والإطلاقات، بل الحقّ ما ذهب إليه أهل الظاهر وبعض الإماميّة من وجوبها على المستطيع، لا بسبب الأحاديث الواردة فيها فقطّ، بل بسبب قول اللّه تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾[٧]؛ لأنّ «الكوثر» هو الخير الكثير، ومن أكبر مصاديقه الولد السويّ، بل قيل أنّه المراد في الآية بقرينة قول اللّه تعالى: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾[٨]، ولذلك يجب على الوالد أن يشكر اللّه تعالى بالصلاة والذبح إذا ولد له ولد سويّ؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:
سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنِ الْعَقِيقَةِ، فَقَالَ: هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا رَزَقَهُ مِنَ الْوَلَدِ السَّوِيِّ، قُلْتُ: وَاجِبَةٌ؟! قَالَ: نَعَمْ، أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾؟! هُوَ الْوَلَدُ السَّوِيُّ، قُلْتُ: مَاذَا يَفْعَلُ مَنْ لَمْ يَعُقَّ عَنْهُ وَالِدُهُ حَتَّى كَبُرَ؟ قَالَ: يَعُقُّ عَنْ نَفْسِهِ إِنْ شَاءَ.[٩]
وممّا يدلّ على وجوب العقيقة على الوالد بعد قول اللّه تعالى ما روي من «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِتَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَوَضْعِ الْأَذَى عَنْهُ، وَالْعَقِّ»[١٠]، فقال: «عَنِ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى»[١١]، وقال: «كُلُّ غُلَامٍ رَهِينٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ، وَيُسَمَّى»[١٢]، وغير ذلك من الروايات البالغة بمجموعها حدّ التواتر، ووجوب العقيقة قول مرويّ عن أهل البيت؛ كما روى غير واحد عن جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّه قال: «الْعَقِيقَةُ وَاجِبَةٌ»[١٣]، وروي مثله عن موسى بن جعفر عليهما السلام[١٤]، وروي عن بريدة الأسلميّ: «إِنَّ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَى الْعَقِيقَةِ كَمَا يُعْرَضُونَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ»[١٥]، وروي مثله عن فاطمة بنت الحسين[١٦]، وحكي عن مالك والشافعي وأحمد وأبي ثور وإسحاق والطبريّ: «الْعَقِيقَةُ سُنَّةٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا، وَلَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا»[١٧].
٢ . يستحبّ للبالغ الذي لم يعقّ عنه والده في صغره أن يعقّ عن نفسه، كما مضى في قول السيّد العلامة حفظه اللّه تعالى، وممّا يدلّ على ذلك ما روى أنس بن مالك من «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَمَا جَاءَتْهُ النُّبُوَّةُ»[١٨]، وروى عمر بن يزيد قال: «قُلْتُ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَكَانَ أَبِي عَقَّ عَنِّي أَمْ لَا، فَأَمَرَنِي عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَعَقَقْتُ عَنْ نَفْسِي وَأَنَا شَيْخٌ»[١٩]، وروي «أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَمَا كَانَ رَجُلًا»[٢٠].
٣ . يستحبّ إطعام اليتامى والمساكين من العقيقة لقول اللّه تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾[٢١]، وقوله تعالى: ﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ﴾[٢٢]، بل لا يجوز إهمالهم إذا كانوا حاضرين أو معروفين؛ لقول اللّه تعالى حكاية عن أهل النار: ﴿وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ﴾[٢٣]، وقوله تعالى: ﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾[٢٤]، ولا بأس بإطعام من كان غنيًّا من الجيران والأقرباء وسائر المسلمين، وفي رواية عن جعفر عليه السلام: «اطْبُخْهَا وَادْعُ عَلَيْهَا رَهْطًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ»[٢٥]، وفي رواية أخرى: «يُدْعَى نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَيَأْكُلُونَ وَيَدْعُونَ لِلْغُلَامِ»[٢٦]، وكره بعض الفقهاء الدعوة إلى طعام العقيقة[٢٧]، ولا وجه لذلك.
٤ . كره كثير من الفقهاء منهم الزهريّ وابن جريج وعطاء والشافعيّ وأحمد أن تكسر عظام العقيقة، واستحبّوا أن تقطع جداول، أي تفصل من مفاصلها، وذلك مرويّ عن أهل البيت[٢٨]، وقال أبو المعالي: «هَذَا كَالْفَأْلِ بِسَلَامَةِ أَعْضَاءِ الصَّبِيِّ»[٢٩]، وزعم بعض الفقهاء أنّه من الجاهليّة[٣٠]، وليس كذلك ما لم يطّيّر بكسر العظام؛ فإنّ الطيرة من الجاهليّة.
٥ . قد ورد في الأحاديث أنّ المولود مرتهن بعقيقته، والمقصود من ذلك أنّ اللّه تعالى يدفع عنه السوء والبلاء بما يذبح عنه، وهذا ما يصدّقه كتاب اللّه تعالى فيما يقصّ من نبأ إبراهيم عليه السلام، إذ أمره اللّه تعالى بذبح ولده إسماعيل عليه السلام، ثمّ فداه بذبح عظيم؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:
سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: عُقُّوا عَنْ أَوْلَادِكُمْ تَدْفَعُوا عَنْهُمُ الْبَلَاءَ، أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْبَلَاءَ، أَمَرَ إِبْرَاهِيمَ فَذَبَحَ عَنْهُ كَبَشًا، ثُمَّ قَالَ: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾[٣١]؟![٣٢]
٦ . يستحبّ حلق شعر المولود في يوم العقيقة والتصدّق بوزن ذلك فضّة؛ لما روي عن عليّ بن أبي طالب قال: «عَقَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحَسَنِ بِشَاةٍ، فَقَالَ: يَا فَاطِمَةُ، احْلِقِي رَأْسَهُ، وَتَصَدَّقِي بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً، فَوَزَنُوهُ فَكَانَ وَزْنُهُ دِرْهَمًا، أَوْ بَعْضَ دِرْهَمٍ»[٣٣]، وعن أبي رافع مولى النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «لَمَّا وَلَدَتْ فَاطِمَةُ حَسَنًا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: احْلِقِي شَعْرَهُ، وَتَصَدَّقِي بِوَزْنِهِ مِنَ الْوَرِقِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، أَوْ عَلَى الْأَوْفَاضِ، يَعْنِي أَهْلَ الصُّفَّةِ، فَلَمَّا وَلَدَتْ حُسَيْنًا فَعَلَتْ مِثْلَ ذَلِكَ»[٣٤]، وروى مالك، عن جعفر بن محمّد بن عليّ، عن أبيه أنّه قال: «وَزَنَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ شَعْرَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَزَيْنَبَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ، فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَتِةِ فِضَّةً»[٣٥]، واختلف الفقهاء في الحلق والذبح بأيّهما يُبدأ، فقال ابن جريج: «يُبْدَأُ بِالذَّبْحِ قَبْلَ الْحَلْقِ»[٣٦]، وقال عطاء: «يُبْدَأُ بِالْحَلْقِ قَبْلَ الذَّبْحِ»[٣٧]، وهو رواية عن جعفر بن محمّد عليهما السلام[٣٨]، والرواية الأخرى عدم الفرق بينهما إذا كانا في يوم واحد؛ كما روى أبو الصباح الكناني قال: «سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ عَنِ الصَّبِيِّ الْمَوْلُودِ، مَتَى يُذْبَحُ عَنْهُ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُتَصَدَّقُ بِوَزْنِ شَعْرِهِ وَيُسَمَّى؟ قَالَ: كُلُّ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ»[٣٩]، وروى عنه إسحاق بن عمّار قال: «قُلْتُ: بِأَيِّ ذَلِكَ نَبْدَأُ؟ قَالَ: تَحْلِقُ رَأْسَهُ وَتَعُقُّ عَنْهُ وَتَصَدَّقُ بِوَزْنِ شَعْرِهِ فِضَّةً، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ»[٤٠]، وروى عنه جميل بن دراج قال: «سَأَلْتُهُ عَنِ الْعَقِيقَةِ وَالْحَلْقِ وَالتَّسْمِيَةِ، بِأَيِّهَا يُبْدَأُ؟ قَالَ: يُصْنَعُ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، يُحْلَقُ وَيُذْبَحُ وَيُسَمَّى»[٤١]، وروى عنه عمّار الساباطيّ قال: «سَأَلْتُهُ عَنِ الْعَقِيقَةِ عَنِ الْمَوْلُودِ، كَيْفَ هِيَ؟ قَالَ: إِذَا أَتَى لِلْمَوْلُودِ سَبْعَةُ أَيَّامٍ يُسَمَّى بِالْإِسْمِ الَّذِي سَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، ثُمَّ يُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُتَصَدَّقُ بِوَزْنِ شَعْرِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً، وَيُذْبَحُ عَنْهُ كَبْشٌ»[٤٢].
٧ . لا يجوز تلطيخ رأس المولود بدم العقيقة؛ لقول اللّه تعالى: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾[٤٣]، وما روي عن يزيد بن عبد المزنيّ قال: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: يُعَقُّ عَنِ الْغُلَامِ، وَلَا يُمَسُّ رَأْسُهُ بِدَمٍ»[٤٤]، وعن عائشة قالت: «كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا عَقُّوا عَنِ الصَّبِيِّ يَجْعَلُونَ قُطْنَةً فِي دَمِ الْعَقِيقَةِ، فَإِذَا حَلَقُوا رَأْسَ الصَّبِيِّ وَضَعُوهَا عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: اجْعَلُوا مَكَانَ الدَّمِ خَلُوقًا»[٤٥]، وعن بريدة الأسلميّ قال: «كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ ذَبَحَ شَاةً وَلَطَخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا، فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً، وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ»[٤٦]، وروى معاوية بن وهب عن جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّه قال: «كَانَ نَاسٌ يُلَطِّخُونَ رَأْسَ الصَّبِيِّ بِدَمِ الْعَقِيقَةِ، وَكَانَ أَبِي يَقُولُ: ذَلِكَ شِرْكٌ»[٤٧]، وروى عنه عاصم الكوزي قال: قلت له: «أَيُؤْخَذُ الدَّمُ فَيُلَطَّخُ بِهِ رَأْسُ الصَّبِيِّ؟ فَقَالَ: ذَاكَ شِرْكٌ، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، شِرْكٌ؟! فَقَالَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَاكَ شِرْكًا فَإِنَّهُ كَانَ يُعْمَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَنُهِيَ عَنْهُ فِي الْإِسْلَامِ»[٤٨]، ولعلّ العلّة في اعتباره نوعًا من الشرك أنّهم يعتقدون أنّ تلطيخ رأس الصبيّ بالدّم يدفع عنه السوء والبلاء، وهذا كبعض خرافات المشركين.