إذا قبل حاكم إحدى الدّول الإسلاميّة اقتراح المنصور الهاشميّ الخراسانيّ، فكيف يسلّم الحكومة إلى الإمام المهديّ؟ هل لديه اتّصال بالإمام المهديّ؟ ما هي خطّته التنفيذيّة؟

إذا قبل حاكم إحدى الدّول الإسلاميّة اقتراح المنصور الهاشميّ الخراسانيّ، فكيف يسلّم الحكومة إلى الإمام المهديّ؟ هل لديه اتّصال بالإمام المهديّ؟ ما هي خطّته التنفيذيّة؟
الإتّصال بالإمام المهديّ عليه السلام بمعنى التحادث معه وجهًا لوجه، بناءً على القول بوجوده في الوقت الحاضر، ممكن عقلًا وشرعًا، ويبدو أنّه قد حدث لبعض المسلمين، إلا أنّ السيّد المنصور الهاشميّ الخراسانيّ لا يدّعي ذلك، وهذا يعني أنّه ليس لديه اتّصال بالإمام المهديّ عليه السلام، أو لديه اتّصال به ولكنّه لا يعلن ذلك. على أيّ حال، سواء كان لديه اتّصال بالإمام المهديّ عليه السلام أم لا، ليس هناك شكّ في أنّه إذا قبل حاكم إحدى الدّول الإسلاميّة اقتراحه بالإنسحاب من السّلطة ونقلها إلى الإمام المهديّ عليه السلام بصدق وجدّيّة، واتّخذ الخطوات العمليّة اللازمة لإثبات صدقه وجدّيّته وتسهيل ظهور الإمام المهديّ عليه السلام بالترتيب الموضّح في كتاب «العودة إلى الإسلام»، سيفتح اللّه عليه طريق ذلك بواسطة من يشاء؛ لأنّه ليس ظالمًا لعباده؛ كما قال: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾[١] وأنّه لا يغيّر شيئًا لقوم إلا إذا مهّدوا هم أنفسهم لتغييره؛ كما قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾[٢] وأنّه غير عاجز عن فعل ما هو ضروريّ لهم؛ كما قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾[٣] وقال: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾[٤]، بل الحقّ أنّه بعد أن تمّت هذه التحضيرات من قبل حاكم مسلم تحت إشراف المنصور الهاشميّ الخراسانيّ كخبير محايد وجدير بالثقة في إطار عمل مشترك، لن تكون هناك حاجة إلى اتّصالهم بالإمام المهديّ عليه السلام؛ لأنّ الإمام المهديّ عليه السلام سيتّصل بهم بنفسه؛ بالنظر إلى أنّ هدايتهم في تلك المرحلة ستكون من واجب اللّه تعالى، وحركة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ نحوها في الوقت الحاضر تتمّ وفقًا لقاعدة ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾[٥]؛ كما قال هو نفسه في جزء من الكتاب العظيم «العودة إلى الإسلام»[٦] مشيرًا إلى ذلك:
«نعم، من الإنصاف أنّ النّاس لا يستطيعون الوصول إلى المهديّ إذا أزالوا المانع من ذلك دون إرشاد منه؛ لأنّهم ليسوا على علم بوجوده أو مكانه في حالة وجوده وبالتّالي، لا يكادون يجدونه من خلال البحث عنه، ولو بالإعتماد على العلامات المرويّة له. لذلك، يجب على المهديّ تمكين النّاس من الوصول إليه بعد إزالتهم لمانع ذلك، ويمكن أن يتمّ ذلك بإرسال سفير أو كتابة كتاب إليهم، أو بطريقة أخرى حسب الإمكانيّة والمناسبة. بناء على هذا، يجب على النّاس إزالة مانع الوصول إلى المهديّ، وهو أوّلًا وقبل كلّ شيء عدم توفّر الأمن اللازم له. فإذا فعلوها، وجب على المهديّ تسهيل وصولهم إليه، وهو يفعل ذلك بمقتضى طهارته من أيّ رجس وعدم افتراقه عن كتاب اللّه، وعدم قيامه بذلك حتّى الآن دليل على أنّ النّاس لم يزيلوا مانع الوصول إليه ولو يوفّروا الأمن اللازم له حتّى الآن».
من الواضح أنّ هذا ليس وعد المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حتّى يكون هناك احتمال خلفه، بل هو وعد اللّه تعالى، وتحقّق وعد اللّه تعالى أمر محتوم، وإن كانت كيفيّة ذلك غير معلومة لأكثر الناس؛ كما قال: ﴿أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾[٧]؛ تمامًا مثل تحقّق وعد اللّه تعالى بيوم القيامة؛ فإنّه أمر محتوم وإن كان وقته غير معلوم لأكثر الناس؛ كما قال: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ﴾[٨] وقال: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾[٩].
لذلك، فإنّ الحقّ هو أنّه يجب علينا أن نقوم بالتمهيد لظهور الإمام المهديّ عليه السلام مؤمنين بوعد اللّه تعالى، وأن لا نشكّ في ضرورة ذلك وفائدته بسبب الجهل ببعض تفاصيله الكمّيّة والكيفيّة، ولا نتّهم الداعي إلى ذلك بقول غير منطقيّ. على أيّ حال، فإنّ معضلة غياب المهديّ عليه السلام هي معضلة معقدة، ويحاول المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حلّها علميًّا وعمليًّا، وفي هذه المهمّة الصّعبة والمرهقة، يحتاج إلى دعم إحدى الدّول الإسلاميّة على الأقلّ.
نرجو من اللّه أن يمنح جميع المسلمين القدرة على فهم هذه الحِكَم والحقائق القيّمة، ويليّن قلوب الحكّام المسلمين لقبولها، حتّى تتوفّر أسباب ظهور سيّدنا الإمام المهدي عليه السلام، وتنتهي مصائب ومشاكل العالم الإسلاميّ في أقرب وقت ممكن؛ لأنّه على كلّ شيء قدير وهو أرحم الراحمين.