الجمعة ٤ جمادى الآخرة ١٤٤٦ هـ الموافق لـ ٦ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠٢٤ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الأسئلة والأجوبة: من خلال دراسة السنّة النبويّة الشريفة نستنتج أنّ اللّه غنيّ، وقد أورث المسلمين المال، وساوى بينهم، وجعل بيت مالهم للصغير والكبير، فلا ينبغي أن يكون فيهم فقير واحد، وهذا تفسير يحييهم به اللّه حياة طيبة، ولكن هناك تفسير آخر يقدّمه بعض المفسّرين، وهو أنّ اللّه يبسط الرزق لمن يشاء، ويجعل من يشاء فقيرًا، وعليه فإنّ فقر بعض الناس قضاء محتوم لا بدّ منه، ويجب عليهم الصبر؛ كأنّهم يريدون أن يخدّروا بذلك عقول الناس! فما هو التفسير الصحيح في هذا الباب؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد الشبهات والردود: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «فِتْنَةُ الْأَحْلَاسِ هِيَ فِتْنَةُ هَرَبٍ وَحَرَبٍ، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ، دَخَلُهَا أَوْ دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي، وَلَيْسَ مِنِّي». سؤالي هو: كيف يكون رجل من أهل بيت النبيّ، ودخن فتنة السراء أو دخلها من تحت قدميه، وأهل بيت النبيّ حسب رأي الهاشمي الخراساني كلّهم معصومون؟! ثمّ كيف يُفهم قول النبيّ: «يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي، وَلَيْسَ مِنِّي»، رغم قوله أنّه رجل من أهل بيته؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٦. اضغط هنا لقراءته. جديد الأقوال: ثلاثة أقوال من جنابه في حكم التأمين. اضغط هنا لقراءتها. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر مقالة جديدة بعنوان «مقال حول كتاب <تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين> للعلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى» بقلم «حسن الميرزائي». اضغط هنا لقراءتها. جديد الكتب: تمّ نشر الطبعة الخامسة من الكتاب القيّم «الكلم الطّيّب؛ مجموعة رسائل السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
سؤال وجواب
 

ما هو حكم زكاة الفطر؟ وكم يجب دفعها؟

نتكلّم عن زكاة الفطر في سبعة مواضيع:

١ . وجوبها

الظاهر عدم خلاف بين المسلمين في أنّ زكاة الفطر واجبة؛ كما قال ابن المنذر (ت٣١٩هـ) في «الإجماع»: «أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَرْضٌ»[١]، وذلك لما تواتر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من المحافظة عليها والأمر بها، وهي داخلة في قول اللّه تعالى: ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ[٢]؛ كما روي عن إسحاق بن المبارك، قال: «سَأَلْتُ أَبَا إِبْرَاهِيمَ -يَعْنِي مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ صَدَقَةِ الْفِطْرَةِ، أَهِيَ مِمَّا قَالَ اللَّهُ: ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ»[٣]، وعن إبراهيم بن عبد الحميد، قال: «سَأَلْتُهُ عَنْ صَدَقَةِ الْفِطْرَةِ، أَوَاجِبَةٌ هِيَ بِمَنْزِلَةِ الزَّكَاةِ؟ فَقَالَ: هِيَ مِمَّا قَالَ اللَّهُ: ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ، هِيَ وَاجِبَةٌ»[٤]، بل يقال أنّه نزل فيها؛ كما روي عن إسحاق بن عمار، قال : «سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ، فَقَالَ: هِيَ الْفِطْرَةُ الَّتِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ»[٥]، وفي رواية أخرى أنّه قال: «نَزَلَتِ الزَّكَاةُ وَلَيْسَ لِلنَّاسِ أَمْوَالٌ، وَإِنَّمَا كَانَتِ الْفِطْرَةُ»[٦]، وقد روي أنّها هي المراد بقول اللّه تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى[٧]؛ كما روي عن كثير بن عبد اللّه المزنيّ، قال: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ: أُنْزِلَتْ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ»[٨]، وروي مثله عن عبد اللّه بن عمر، وواثلة بن الأسقع، وأبي سعيد الخدريّ، وجعفر بن محمّد، وسعيد بن المسيّب، ومحمّد بن سيرين، وعمر بن عبد العزيز، وأبي العالية، وعطاء، وغيرهم موقوفًا، واستشكل فيه الثعلبيّ (ت٤٢٧هـ) فقال: «لَا أَدْرِي مَا وَجْهُ هَذَا التَّأْوِيلِ، لِأَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ عِيدٌ، وَلَا زَكَاةُ فِطْرٍ»[٩]، وأجاب الطبرسيّ (ت٥٤٨هـ) بأنّه يحتمل أن يكون نزلت أوائلها بمكة، وختمت بالمدينة[١٠]، والجواب أنّه يحتمل أن يكون ممّا نزل بمكّة ولمّا يأتهم تأويله، أو يكون المراد أنّ زكاة الفطر توافقه وإن لم ينزل فيها، نظرًا لما يتلوه، وهو قوله تعالى: ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى[١١]؛ لأنّه يتمثّل في صلاة الفطر بعد زكاته.

نعم، يُروى عن قيس بن سعد بن عبادة أنّه قال: «أَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ، فَلَمَّا نَزَلَتِ الزَّكَاةُ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا، وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ»[١٢]، فكأنّه شكّ في وجوبها، وليس للشكّ وجه؛ كما قال البيهقيّ (ت٤٥٨هـ): «هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِ فَرْضِهَا؛ لِأَنَّ نُزُولَ فَرْضٍ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ آخَرَ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَسْمِيَتِهَا فَرْضًا، فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهَا»[١٣].

٢ . من تجب عليه

الظاهر عدم خلاف بين المسلمين في أنّ زكاة الفطر واجبة على كلّ مسلم غنيّ من أهل القرى، وإنّما اختلفوا في وجوبها على الفقير والأعرابيّ؛ فقال قوم بأنّها واجبة على الفقير أيضًا، لحديث ابن أبي صعير، وهو ضعيف الإسناد؛ كما قال أحمد: «لَيْسَ بِصَحِيحٍ، إِنَّمَا هُوَ مُرْسَلٌ»[١٤]، وفيه اضطراب كثير، وأصله: «أَدُّوا زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ، صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ، غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ»[١٥]، وهذا يوجب الأداء عن الفقير، ولا يوجب الأداء عليه، والمراد أنّ الغنيّ يؤدّي عن كلّ من يعوله من «صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ، غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ»، ولا يمكن وجوب الأداء على الفقير، لقول اللّه تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا[١٦]؛ إلّا أن يكون المراد بالفقير من يسعه الأداء بشيء من المشقّة لا يبلغ الحرج؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ۖ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا[١٧]، وأمّا من لا يسعه الأداء إلّا أن يسأل أو يتحمّل الجوع فليس عليه الأداء قطعًا؛ لقول اللّه تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ[١٨]؛ اعتبارًا لأنّ ﴿الْعَفْوَ ما يفضل عن المؤونة؛ كما قال أبو بكر الجصاص (ت٣٧٠هـ) في «أحكام القرآن»: «يُحْتَجُّ بِهِ فِي أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ لَا تَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ، إِذْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا أَمَرَنَا بِالْإِنْفَاقِ مِنَ الْعَفْوِ وَالْفَاضِلِ عَنِ الْغِنَى»[١٩]، والقاعدة أنّ من حلّ له أخذها لم يجب عليه أداؤها؛ كما روي عن جعفر بن محمّد عليه السلام أنّه سئل عن رجل يأخذ من الزكاة، عليه صدقة الفطرة؟ فقال: «لَا»[٢٠]، وفي رواية أخرى أنّه قال: «مَنْ حَلَّتْ لَهُ لَمْ تَحِلَّ عَلَيْهِ، وَمَنْ حَلَّتْ عَلَيْهِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ»[٢١]، وقال قوم: ليس على الأعراب زكاة الفطر؛ كما روي عن ابن جريج، قال: «قُلْتُ لِعَطَاءٍ: عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ مِنْ زَكَاةٍ؟ قَالَ: لَا، لَمْ أَسْمَعْ بِهَا إِلَّا عَلَى أَهْلِ الْقُرَى»[٢٢]، وروي أنّ عمر بن عبد العزيز كتب: «لَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ زَكَاةُ الْفِطْرَةِ»[٢٣]، وهذا غريب؛ لعموم الأمر بها في الكتاب والسنّة، وقد روي عن أبي سعيد الخدريّ، قال: «جَاءَ رِجَالٌ مِنَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا أُولُو مَاشِيَةٍ، وَإِنَّا نُخْرِجُ صَدَقَتَهَا، فَهَلْ يُجْزِئُ عَنَّا مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ؟ قَالَ: لَا، أَدُّوهَا»[٢٤]، وهذا نصّ.

٣ . من تجب عنه

المشهور بين المسلمين أنّ الرجل يؤدّي زكاة الفطر عن نفسه وكلّ من عليه نفقته من صغير وكبير وذكر وأنثى وحرّ وعبد وغنيّ وفقير، وذلك لما ثبت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من الأمر بذلك، وقال قوم: لا يلزمه إلا عن نفسه[٢٥]، وحملوا الأمر على وجوب الأداء على كلّ صغير وكبير وذكر وأنثى وحرّ وعبد وغنيّ وفقير، وهو خطأ واضح؛ لأنّ الصغير غير مكلّف بشيء، والأنثى غير مكلّفة بالكسب، وقد تنفق من مال أبيها أو زوجها، والعبد ﴿لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ[٢٦] كما وصفه اللّه تعالى، والفقير غير مكلّف بالزكاة كما تقدّم، فلا يبقى إلّا وجوب الأداء عنهم؛ كما روي عن زيد بن عليّ، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ عليهم السلام، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ، يُخْرِجُهَا عَنْ نَفْسِهِ وَعَمَّنْ هُوَ فِي عِيَالِهِ، صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا»[٢٧]، وعن جعفر بن محمّد، عن أبيه، وعن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه، عن جدّه، عن آبائه، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِمَّنْ تَمُونُونَ»[٢٨]، أي تحتملون مؤونتهم وتنفقون عليهم، وروي مثله عن الضحّاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا[٢٩]، وعن أبي سعيد الخدريّ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: «أَدُّوهَا عَنِ الْصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ»[٣٠]، وقال أصحاب الرأي: «لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُؤَدِّيَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَنِ امْرَأَتِهِ»[٣١]، واستدلّ عليه محمّد بن الحسن الشيبانيّ (ت١٨٩هـ) بأنّه «كَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَنِ امْرَأَتِهِ، وَهِيَ امْرَأَةٌ قَدْ بَلَغَتْ، وَقَدْ جَرَى عَلَيْهَا مَا يَجْرِي عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ مِنَ الزَّكَاةِ، فَكَمَا أَنَّ عَلَيْهَا أَنْ تُزَكِّيَ عَنْ مَالِهَا فَكَذَلِكَ عَلَيْهَا أَنْ تُزَكِّيَ عَنْ نَفْسِهَا»[٣٢]، وهذا قياس في مقابلة النصّ، وهو ممنوع، وقال قوم: «لَا يُؤَدِّي إِلَّا عَمَّنْ صَلَّى وَصَامَ»[٣٣]، ولازم إطلاقهم أنّه لا يؤدّي عن الصغير، وقد تقدّم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أمر بالأداء عنه، فلا وجه لإطلاقهم، وقد أُخبرنا أنّ المنصور قال: «الصَّغِيرُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ وَفِطْرَتِهِ»[٣٤]، وهذا وجه وجوب الأداء عنه، ولكن هل يجب الأداء عن الكافر؟ قال مالك[٣٥]، والشافعيّ[٣٦]، وأحمد[٣٧]: لا يجب، لما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم «أَنَّهُ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ»[٣٨]، وقال أبو حنيفة[٣٩]: يجب، وهو الصواب؛ لأنّ العبرة فيها بالعائل دون المعول، ولذلك يجب أداؤها عن الصغير، وهو غير مكلّف، ولم يثبت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لفظ «مِنَ الْمُسْلِمِينَ»؛ فقد تفرّد بروايته نافع، عن ابن عمر، بل قال الترمذيّ (ت٢٧٩هـ): «رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ نَافِعٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ: مِنَ الْمُسْلِمِينَ»[٤٠]، وقال أبو داود (ت٢٧٥هـ): «رَوَاهُ سَعِيدٌ الْجُمَحِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ لَيْسَ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ»[٤١]، وقد روي عن عليّ عليه السلام، قال: «زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ تَعُولُ، مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، أَوْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا»[٤٢]، وعن جعفر بن محمّد عليه السلام، قال: «يُؤَدِّي الرَّجُلُ زَكَاةَ الْفِطْرَةِ عَنْ مُكَاتِبِهِ، وَرَقِيقِ امْرَأَتِهِ، وَعَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ»[٤٣]، وقال قوم بوجوب أدائها عن الضيف أيضًا؛ لأنّه ممّن ينفق عليه، والصحيح أنّه غير واجب؛ لأنّ نفقته ليست واجبة، وما هو من العيال، ويؤيّد هذا ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج، قال: «سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ -يَعْنِي مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى رَجُلٍ لَيْسَ مِنْ عِيَالِهِ، إِلَّا أَنَّهُ يَتَكَلَّفُ لَهُ نَفَقَتَهُ وَكِسْوَتَهُ، أَتَكُونُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ؟ قَالَ: لَا، إِنَّمَا تَكُونُ فِطْرَتُهُ عَلَى عِيَالِهِ صَدَقَةً دُونَهُ، وَالْعِيَالُ الْوَلَدُ وَالْمَمْلُوكُ وَالزَّوْجَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ»[٤٤]. نعم، يستحبّ أداؤها عنه لاستحباب نفقته، وعلى هذا يُحمل ما رواه عمر بن يزيد، قال: «سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ الضَّيْفُ مِنْ إِخْوَانِهِ، فَيَحْضُرُ يَوْمُ الْفِطْرِ، يُؤَدِّي عَنْهُ الْفِطْرَةَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، الْفِطْرَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مَنْ يَعُولُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ»[٤٥].

٤ . مقدارها

الظاهر عدم خلاف بين المسلمين في أنّ زكاة الفطر صاع من طعام، واختلفوا في الحنطة، فقال بعضهم: يجزئ منها نصف صاع، ولم يصحّ ذلك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، بل روي عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: «أَوَّلُ مَنْ جَعَلَ مُدَّيْ حِنْطَةٍ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ عَدْلَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ»[٤٦]، وفي رواية أخرى أنّه قال: «صَدَقَةُ الْفِطْرَةِ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعٌ مِنْ زَبِيبٍ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عُثْمَانَ حَوَّلَهُ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ»[٤٧]، وعن جعفر بن محمّد عليه السلام أنّه قال: «جَرَتِ السُّنَّةُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعٍ مِنْ زَبِيبٍ، أَوْ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ، فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَكَثُرَتِ الْحِنْطَةُ قَوَّمَهُ النَّاسُ، فَقَالَ: نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ بِصَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ»[٤٨]، وأكثر الروايات أنّه حدث في زمن معاوية؛ كما روي عن أبي سعيد الخدريّ، قال: «كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ مِنَ الشَّامِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ، فَخَطَبَ النَّاسَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ زَكَاةَ الْفِطْرِ فَقَالَ: إِنِّي لَأَرَى مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ يَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، وَكَانَ أَوَّلَ مَا ذَكَرَ النَّاسُ الْمُدَّيْنِ يَوْمَئِذٍ»[٤٩]، وفي رواية أخرى أنّه قال: «لَا أُخْرِجُ إِلَّا مَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ»، فقال له رجل من القوم: «أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ؟» قال: «لَا، تِلْكَ قِيمَةُ مُعَاوِيَةَ، لَا أَقْبَلُهَا، وَلَا أَعْمَلُ بِهَا»[٥٠]، وعن ابن عمر، قال: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: صَدَقَةُ الْفِطْرِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ، فَلَمَّا كَانَ مُعَاوِيَةُ عَدَلَ النَّاسُ نِصْفَ صَاعٍ بُرٍّ بِصَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ»[٥١]، وعن جعفر بن محمّد عليه السلام، قال: «صَدَقَةُ الْفِطْرَةِ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعٌ مِنْ زَبِيبٍ، أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعٌ مِنْ ذُرَّةٍ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ مُعَاوِيَةَ وَخَصَبَ النَّاسُ، عَدَلَ النَّاسُ عَنْ ذَلِكَ إِلَى نِصْفِ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ»[٥٢]، وعن عليّ بن موسى عليه السلام، قال: «الْفِطْرَةُ صَاعٌ مِنْ حِنْطَةٍ، وَصَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَصَاعٌ مِنْ تَمْرٍ، وَصَاعٌ مِنْ زَبِيبٍ، وَإِنَّمَا خَفَّفَ الْحِنْطَةَ مُعَاوِيَةُ»[٥٣]، وعليه فلا يجزئ في الفطرة أقلّ من صاع، وفي المقصود من الصاع قولان: أحدهما أنّه صاع النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ كما روي عن ابن عمر، قال: «كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا بِصَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ»[٥٤]، والآخر أنّه صاع اليوم؛ كما روي عن عطاء، قال: «إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أُعْطِيَ زَكَاةَ الْفِطْرِ بِمِكْيَالِ الْيَوْمِ، مِكْيَالٍ نَأْخُذُ بِهِ، وَنَقْتَاتُ بِهِ»[٥٥]، وعن الحسن، قال: «يُعْطِي كُلُّ قَوْمٍ بِصَاعِهِمْ»[٥٦]، وهما روايتان عن أهل البيت، والمشهور الأوّل، وفي تقديره خلاف نشأ من تبديل بني أميّة، فإنّهم زادوا في مدّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وروى ابن حبيب أنّ مدّهم مدّ وثلث بمدّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وروى ابن القاسم أنّه مدّان إلا ثلثًا، وروى البغداديّون عن معن بن عيسى أنّه مدّان[٥٧]، ويرى المنصور أنّ الصاع أربعة أمداد بمدّهم وخمسة أمداد بمدّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ كما أخبرنا بعض أصحابه، قال:

سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنِ الصَّاعِ، فَقَالَ: إِنَّ لَنَا صَاعًا، وَلِبَنِي أُمَيَّةَ صَاعًا، فَصَاعُنَا خَمْسَةُ أَمْدَادٍ، وَصَاعُهُمْ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، وَمَا كَانَ صَاعُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَّا خَمْسَةَ أَمْدَادٍ كُلُّ مُدٍّ مِنْهَا مِائَتَانِ وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا.

وعلى هذا، فإنّ صاع النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم نحو ثلاثة كيلو ونصف؛ لأنّ الدرهم ستّة دوانق، والدانق نحو ٠/٤٩٦ جرام، فيكون المدّ نحو ٦٩٦ جرام، ويكون الصاع نحو ٣٤٨١ جرام؛ كما جاء عن أهل البيت، قالوا: «تَكُونُ الْفِطْرَةُ أَلْفًا وَمِائَةً وَسَبْعِينَ دِرْهَمًا»[٥٨]، ومن زاد زاد اللّه له، ﴿وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا[٥٩].

٥ . جنسها

يجزئ في زكاة الفطر كلّ طعام إن شاء اللّه، ولكنّ الأفضل لكلّ قوم طعامهم الغالب؛ كما روي عن أهل البيت، قالوا: «إِنَّ الْفِطْرَةَ صَاعٌ مِنْ قُوتِ بَلَدِكَ، عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ وَالطَّائِفِ وَأَطْرَافِ الشَّامِ وَالْيَمَامَةِ وَالْبَحْرَيْنِ وَالْعِرَاقَيْنِ وَفَارِسَ وَالْأَهْوَازِ وَكِرْمَانَ تَمْرٌ، وَعَلَى أَهْلِ أَوْسَاطِ الشَّامِ زَبِيبٌ، وَعَلَى أَهْلِ الْجَزِيرَةِ وَالْمَوْصِلِ وَالْجِبَالِ كُلِّهَا بُرٌّ أَوْ شَعِيرٌ، وَعَلَى أَهْلِ طَبَرَسْتَانَ الْأُرْزُ، وَعَلَى أَهْلِ خُرَاسَانَ الْبُرُّ، إِلَّا أَهْلَ مَرْوَ وَالرِّيِّ فَعَلَيْهِمُ الزَّبِيبُ، وَعَلَى أَهْلِ مِصْرَ الْبُرُّ، وَمَنْ سِوَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِمْ مَا غَلَبَ قُوتَهُمْ، وَمَنْ سَكَنَ الْبَوَادِي مِنَ الْأَعْرَابِ فَعَلَيْهِمُ الْأَقِطُ»[٦٠]، وإن كان لقوم طعامان غالبان فأفضلهما ما كان أعجل منفعة، ولذلك كان ابن عمر يستحبّ التمر على الشعير[٦١]، ويقال أنّ التمر أفضل مطلقًا، ولكن هل تجزئ القيمة؟ فيه قولان، والصحيح أنّها تجزئ، إلّا أنّ الطعام أفضل؛ كما روي عن موسى بن جعفر عليه السلام، قال: «لَا بَأْسَ بِأَنْ يَجْعَلَهَا فِضَّةً، وَالتَّمْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ»[٦٢]، وعن جعفر بن محمّد عليه السلام، قال: «لَئِنْ أُعْطِيَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْطِيَ صَاعًا مِنْ ذَهَبٍ فِي الْفِطْرَةِ»[٦٣].

٦ . وقتها

الأفضل في زكاة الفطر أداؤها قبل الصلاة؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ۝ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى[٦٤]، وروي «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ»[٦٥]، وإن أدّاها بعد الصلاة لم يأثم ما دام في يوم الفطر؛ كما روي عن ابن عباس، قال: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ»[٦٦]، وعن جعفر بن محمّد عليه السلام، قال: «إِعْطَاءُ الْفِطْرَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ، وَبَعْدَ الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ»[٦٧]، وقال قوم: لا بأس بأدائها قبل يوم الفطر، وتأوّل القاضي عبد الوهاب (ت٤٢٢هـ) قولهم، فقال إنّهم أرادوا جواز إخراجها إلى الذي يحفظها ويحرسها ويجمعها عنده إلى يوم الفطر؛ لأنّ تلك كانت عادتهم بالمدينة[٦٨]، وظاهر قولهم أنّه يجوز مطلقًا، وهو مردود؛ لأنّها عبادة موقوتة، والأصل في العبادات الموقوتة أن تكون في أوقاتها، لا تتقدّم ولا تتأخّر، وقد قال اللّه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[٦٩].

٧ . مصرفها

مصرف زكاة الفطر كمصرف سائر الزكاة، وهو ما فصّله اللّه تعالى إذ قال: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ[٧٠]، والسنّة صرفها على الفقراء والمساكين، ولا مانع من إعطاء واحد منهم أكثر من صاع، وبه قال أبو حنيفة[٧١]، ومالك[٧٢]، وقال أحمد: «إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى نَظَرٍ فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ»[٧٣]، وقال الشافعيّ: «تُقْسَمُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ تُقْسَمُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْمَالِ، لَا يُجْزِئُ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ»[٧٤]، والمرويّ عن أهل البيت أنّ تفريقها أفضل[٧٥]، وبه قال أحمد[٧٦]، ولا يجوز تسليمها إلى أئمّة الجور؛ كما روي عن الحسن، قال: «لَا تُبَلِّغُوهُمْ إِيَّاهَا، وَلَا تُنْعِمُوهُمْ عَيْنًا»[٧٧].

↑[١] . الإجماع لابن المنذر، ص٤٧
↑[٢] . البقرة/ ٤٣
↑[٣] . تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص٨٩
↑[٤] . تفسير العياشي، ج١، ص٤٢
↑[٥] . تفسير العياشي، ج١، ص٤٢
↑[٦] . تفسير العياشي، ج١، ص٤٣؛ الكافي للكليني، ج٤، ص١٧١؛ من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج٢، ص١٨٠؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص٨٥
↑[٧] . الأعلى/ ١٤
↑[٨] . مسند البزار، ج٨، ص٣١٣؛ صحيح ابن خزيمة، ج٤، ص٩٠؛ تفسير ابن أبي حاتم، ج١٠، ص٣٤١٨؛ الكامل لابن عدي، ج٧، ص١٩٢؛ فضائل الأوقات للبيهقي، ص٣٠٤
↑[٩] . تفسير الثعلبي، ج١٠، ص١٨٥
↑[١٠] . مجمع البيان للطبرسي، ج١٠، ص٣٣١
↑[١١] . الأعلى/ ١٥
↑[١٢] . مصنف عبد الرزاق، ج٣، ص٣٢٢؛ مسند أحمد، ج٣٩، ص٢٥٩؛ الأموال لابن زنجويه، ج٣، ص١٢٣٩؛ سنن ابن ماجه، ج١، ص٥٨٥؛ التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (السفر الثالث)، ج١، ص٣٩٢؛ مسند البزار، ج٩، ص١٩٨؛ سنن النسائي، ج٥، ص٤٩
↑[١٣] . السنن الكبرى للبيهقي، ج٤، ص٢٦٩
↑[١٤] . المغني لابن قدامة، ج٤، ص٢٨٧
↑[١٥] . مسند أحمد، ج٣٩، ص٦٧؛ شرح معاني الآثار للطحاوي، ج٢، ص٤٥؛ سنن الدارقطني، ج٣، ص٨٠؛ الحاوي الكبير للماوردي، ج٣، ص٣٧٢
↑[١٦] . البقرة/ ٢٨٦
↑[١٧] . الطّلاق/ ٧
↑[١٨] . البقرة/ ٢١٩
↑[١٩] . أحكام القرآن للجصاص، ج١، ص٤٠٠
↑[٢٠] . تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص٧٣
↑[٢١] . تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص٧٣
↑[٢٢] . مصنف عبد الرزاق، ج٣، ص٣٢١
↑[٢٣] . الأموال لابن زنجويه، ج٣، ص١٢٦٦
↑[٢٤] . موطأ ابن وهب الصغير، ج١، ص٢٥٦؛ الأموال لابن زنجويه، ج٣، ص١٢٣٧؛ التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (السفر الثاني)، ج٢، ص٩٩١؛ المعجم الأوسط للطبراني، ج٤، ص١٢١؛ الكامل لابن عدي، ج٧، ص١٩٧؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج٤، ص٢٩٠
↑[٢٥] . انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس، ص٧٧٠؛ المعونة على مذهب عالم المدينة للقاضي عبد الوهاب، ج١، ص٤٣٤؛ المحلى بالآثار لابن حزم، ج٤، ص٢٥٩.
↑[٢٦] . النّحل/ ٧٥
↑[٢٧] . مسند زيد بن علي لأبي خالد الواسطي، ص١٩٧
↑[٢٨] . مسند الشافعي، ص٩٣؛ سنن الدارقطني، ج٣، ص٦٦؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج٤، ص٢٧١ و٢٧٢
↑[٢٩] . انظر: سنن الدارقطني، ج٣، ص٦٧؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج٤، ص٢٧٢.
↑[٣٠] . موطأ ابن وهب الصغير، ج١، ص٢٥٦؛ الأموال لابن زنجويه، ج٣، ص١٢٣٧؛ التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (السفر الثاني)، ج٢، ص٩٩١؛ المعجم الأوسط للطبراني، ج٤، ص١٢١؛ الكامل لابن عدي، ج٧، ص١٩٧؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج٤، ص٢٩٠
↑[٣١] . الحجة على أهل المدينة لمحمد بن الحسن الشيباني، ج١، ص٥٢٦
↑[٣٢] . الحجة على أهل المدينة لمحمد بن الحسن الشيباني، ج١، ص٥٢٨
↑[٣٣] . مصنف عبد الرزاق، ج٣، ص٣١٨ و٣٢٣
↑[٣٤] . القول ٧٥، الفقرة ٣
↑[٣٥] . انظر: المدونة لمالك بن أنس، ج١، ص٣٨٩؛ موطأ مالك (رواية يحيى)، ج١، ص٢٨٥.
↑[٣٦] . انظر: الأم للشافعي، ج٢، ص٦٧ و٦٨.
↑[٣٧] . انظر: مسائل أحمد رواية أبي داود السجستاني، ص١٢٥.
↑[٣٨] . موطأ مالك (رواية يحيى)، ج١، ص٢٨٤؛ مسند الشافعي، ص٩٢؛ مسند أحمد، ج٩، ص٢٢٢؛ مسند الدارمي، ج٢، ص١٠٣٤؛ صحيح البخاري، ج٢، ص١٣٠؛ صحيح مسلم، ج٣، ص٦٨؛ سنن ابن ماجه، ج١، ص٥٨٤؛ سنن أبي داود، ج٢، ص١١٢؛ سنن الترمذي، ج٣، ص٥٢؛ سنن النسائي، ج٥، ص٤٨
↑[٣٩] . انظر: الحجة على أهل المدينة لمحمد بن الحسن الشيباني، ج١، ص٥٢٣.
↑[٤٠] . سنن الترمذي، ج٣، ص٥٢
↑[٤١] . سنن أبي داود، ج٢، ص١١٢
↑[٤٢] . الأموال لابن زنجويه، ج٣، ص١٢٤٤
↑[٤٣] . الكافي للكليني، ج٤، ص١٧٤؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص٣٢٢
↑[٤٤] . من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج٢، ص١٨١
↑[٤٥] . الكافي للكليني، ج٤، ص١٧٣؛ من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج٢، ص١٧٨؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص٧٢
↑[٤٦] . مصنف ابن أبي شيبة، ج٧، ص٢٦٩
↑[٤٧] . تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص٨٢
↑[٤٨] . علل الشرائع لابن بابويه، ج٢، ص٣٩٠؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص٨٣
↑[٤٩] . حديث علي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر، ص٤٨٢؛ مسند الشافعي، ص٩٣؛ مصنف عبد الرزاق، ج٣، ص٣١٦؛ مسند الدارمي، ج٢، ص١٠٣٤؛ صحيح مسلم، ج٣، ص٦٩؛ سنن ابن ماجه، ج١، ص٥٨٥؛ سنن أبي داود، ج٢، ص١١٣؛ سنن الترمذي، ج٣، ص٥٠؛ سنن النسائي، ج٥، ص٥١
↑[٥٠] . صحيح ابن خزيمة، ج٤، ص٨٩؛ شرح معاني الآثار للطحاوي، ج٢، ص٤٢؛ صحيح ابن حبان، ج٦، ص٦٣٢؛ سنن الدارقطني، ج٣، ص٧٦؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج١، ص٥٧٠
↑[٥١] . مسند الحميدي، ج١، ص٥٥٩
↑[٥٢] . علل الشرائع لابن بابويه، ج٢، ص٣٩٠؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص٨٢
↑[٥٣] . علل الشرائع لابن بابويه، ج٢، ص٣٩١؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص٨٣
↑[٥٤] . الكامل لابن عدي، ج٦، ص٣٩٦
↑[٥٥] . مصنف عبد الرزاق، ج٣، ص٣١٠
↑[٥٦] . مصنف ابن أبي شيبة، ج٢، ص٤٠٠
↑[٥٧] . انظر: النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات لابن أبي زيد القيرواني، ج٥، ص٣٠٧؛ التبصرة للخمي، ج٥، ص٢٣٤٨.
↑[٥٨] . تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص٧٩
↑[٥٩] . النّساء/ ١٤٧
↑[٦٠] . تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص٧٩
↑[٦١] . انظر: موطأ مالك (رواية يحيى)، ج١، ص٢٨٤؛ مسند الشافعي، ص٩٤؛ مصنف عبد الرزاق، ج٣، ص٣١١ و٣١٧؛ مسند ابن الجعد، ص٤٤٣؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج٢، ص٣٩٨؛ صحيح ابن خزيمة، ج٤، ص٨٠.
↑[٦٢] . تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص٨٩
↑[٦٣] . من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج٢، ص١٨٠؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص٨٥
↑[٦٤] . الأعلى/ ١٤-١٥
↑[٦٥] . مشيخة ابن طهمان، ص٢٣٥؛ نسخة إبراهيم بن سعد (ضمن مجموع الفوائد لابن منده)، ص٩٠؛ مصنف عبد الرزاق، ج٣، ص٣٣٠؛ مسند ابن الجعد، ص٤٠٨؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج٢، ص٣٩٥؛ مسند أحمد، ج١٠، ص٤٤٨؛ المنتخب من مسند عبد بن حميد، ص٢٤٩؛ الأموال لابن زنجويه، ج٣، ص١٢٥١؛ صحيح البخاري، ج٢، ص١٣١؛ صحيح مسلم، ج٣، ص٧٠؛ سنن أبي داود، ج٢، ص١١١؛ سنن النسائي، ج٥، ص٥٥
↑[٦٦] . سنن ابن ماجه، ج١، ص٥٨٥؛ سنن أبي داود، ج٢، ص١١١؛ سنن الدارقطني، ج٣، ص٦١؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج١، ص٥٦٨؛ فضائل الأوقات للبيهقي، ص٣٠٨
↑[٦٧] . الكافي للكليني، ج٤، ص١٧٠؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص٧١
↑[٦٨] . انظر: المعونة على مذهب عالم المدينة للقاضي عبد الوهاب، ج١، ص٤٣٢.
↑[٦٩] . الحجرات/ ١
↑[٧٠] . التّوبة/ ٦٠
↑[٧١] . انظر: الأصل لمحمد بن الحسن، ج٢، ص١٧٧.
↑[٧٢] . انظر: المدونة لمالك بن أنس، ج١، ص٣٩٢.
↑[٧٣] . مسائل أحمد رواية أبي داود السجستاني، ص١٢٤
↑[٧٤] . الأمّ للشافعي، ج٢، ص٧٤
↑[٧٥] . انظر: تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص٨٩.
↑[٧٦] . انظر: مسائل أحمد رواية ابنه عبد اللّه، ص١٧٠.
↑[٧٧] . مصنف عبد الرزاق، ج٣، ص٣٣٠
الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني قسم الإجابة على الأسئلة
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساعد في نشر المعرفة. إنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
يمكنك أيضًا قراءة هذا باللغات التالية:
إذا كنت معتادًا على لغة أخرى، يمكنك ترجمة هذا إليها. [استمارة الترجمة]
كتابة السؤال
عزيزنا المستخدم! يمكنك كتابة سؤالك حول آراء السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى في النموذج أدناه وإرساله إلينا لتتمّ الإجابة عليه في هذا القسم.
ملاحظة: قد يتمّ نشر اسمك على الموقع كمؤلف للسؤال.
ملاحظة: نظرًا لأنّه سيتمّ إرسال ردّنا إلى بريدك الإلكترونيّ ولن يتمّ نشره بالضرورة على الموقع، فستحتاج إلى إدخال عنوانك بشكل صحيح.
يرجى ملاحظة ما يلي:
١ . ربما تمّت الإجابة على سؤالك على الموقع. لذلك، من الأفضل قراءة الأسئلة والأجوبة ذات الصلة أو استخدام ميزة البحث على الموقع قبل كتابة سؤالك.
٢ . تجنّب تسجيل وإرسال سؤال جديد قبل تلقّي الجواب على سؤالك السابق.
٣ . تجنّب تسجيل وإرسال أكثر من سؤال واحد في كلّ مرّة.
٤ . أولويّتنا هي الإجابة على الأسئلة ذات الصلة بالإمام المهديّ عليه السلام والتمهيد لظهوره؛ لأنّه الآن أكثر أهمّيّة من أيّ شيء.