يرجى الإلتفات إلى ما يلي:
١ . النكاح عقد شرعيّ يبيح للرجل الإستمتاع بالمرأة مقابل عوض معلوم، وآثاره الإحصان والولاية والتوارث وانتشار الحرمة، ولا يشترط فيه الدّوام عقلًا أو شرعًا. أمّا عقلًا فلأنّ الأصل عدم الإشتراط، وتحديد الأجل للنكاح لا ينافي مقتضاه، كما ينعقد مع القطع بالطلاق بل قصده، وكلّ فعل يجوز دائمًا فهو يجوز مؤقّتًا من باب أولى، وأمّا شرعًا فلأنّ النكاح المؤقّت عقد، وقد قال اللّه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾، وأنّه نكاح، وقد أحلّ اللّه النكاح عمومًا إلا ما استثنى بقوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ﴾ وقوله: ﴿لَا تَنْكِحُوا﴾ ومثل ذلك ممّا لا دخل له بالنكاح المؤقّت، ولهذا فإنّ النكاح المؤقّت حلال بعموم القرآن، ثمّ بخصوصه في قول اللّه تعالى: ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً﴾، بناء على ظهور لفظة «الإستمتاع» في المتعة، لا سيّما بالنظر إلى قراءة أبيّ بن كعب وعبد اللّه بن عبّاس المتضمّنة لعبارة «إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى» الصريحة في النكاح المؤقّت، وهذا قول أهل بيت النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وقول كثير من الصحابة مثل عبد اللّه بن عبّاس، وعبد اللّه بن مسعود، وعمران بن حصين، وجابر بن عبد اللّه، وأبي سعيد الخدري وسلمة بن الأكوع، بل قول جميع الصحابة بعد النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حتّى نهى عنه عمر بن الخطّاب في آخر خلافته، وإنّما نهى عنه نهي سياسة، لا نهي تشريع؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:
قُلْتُ لِلْمَنْصُورِ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ عُمَرَ حَرَّمَ الْمُتْعَةَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حَلَالٌ عِنْدَ اللَّهِ! قَالَ: مَا أَسْوَءَ ظَنَّهُمْ بِرَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ! إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا نَهْيَ سِيَاسَةٍ لَا نَهْيَ تَشْرِيعٍ! إِنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ حَرَّمَ الْمُتْعَةَ، أَرْسَلَ رَجُلًا وَقَالَ: أَخْبِرْهُمْ أَنِّي لَمْ أُحَرِّمْهَا، وَلَيْسَ لِعُمَرَ أَنْ يُحَرِّمَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ، وَلَكِنَّ عُمَرَ قَدْ نَهَى عَنْهَا.
وقد صدر مثل هذا النهي من بعض أهل بيت النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ كما روي عن عمّار الساباطيّ قال: «قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِي وَلِسُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ: قَدْ حَرَّمْتُ عَلَيْكُمَا الْمُتْعَةَ مِنْ قِبَلِي مَا دُمْتُمَا بِالْمَدِينَةِ، لِأَنَّكُمَا تُكْثِرَانِ الدُّخُولَ عَلَيَّ، فَأَخَافُ أَنْ تُؤْخَذَا فَيُقَالَ هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ جَعْفَرٍ»، وروي عن المفضّل بن عمر قال: «سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ فِي الْمُتْعَةِ: دَعُوهَا، أَمَا يَسْتَحْيِي أَحَدُكُمْ أَنْ يُرَى فِي مَوْضِعِ الْعَوْرَةِ، فَيُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى صَالِحِي إِخْوَانِهِ وَأَصْحَابِهِ؟!»، ولم ينكر عليه الشيعة ما أنكروا على عمر، وما كان النهيان إلا سواء، وقد روي القول بإباحة المتعة عن كثير من التابعين مثل طاوس وعطاء وسعيد بن جبير وسائر فقهاء مكّة، وكان سعيد بن جبير يفعلها ويقول: «هِيَ أَحَلُّ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ!» مع ذلك، فإنّ فعلها بشكل مخفيّ مخالف لسنّة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ لأنّ سنّته في النكاح كانت إعلانه ولو بإشهاد شاهدين حتّى لا يتسبّب عنه التهمة وغيرها من المفاسد، دون إخفائه المناسب للعلاقات غير الشرعيّة، ولذلك كلّما تمّ النكاح أكثر علنيًّا كان ذلك أفضل، ولو أنّه لا يكون باطلًا إذا تمّ بشكل مخفيّ لعذر أو ضرورة، واللّه غفور رحيم.
٢ . لا يدور اختلاف المذاهب الإسلاميّة بين الوجوب والحرمة للنكاح المؤقّت، ولكن بين إباحته وحرمته، وذلك بأنّ الشيعة يقولون بإباحته وسائر المسلمين يقولون بحرمته، وهؤلاء يزعمون أنّ النكاح المؤقّت وإن كان جائزًا في صدر الإسلام دون أدنى شكّ بالنظر إلى ظاهر كتاب اللّه والمتواتر من سنّة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، إلا أنّه تمّ نسخه من قبل النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم على اختلاف كبير بينهم في زمان النسخ ومكانه، مع أنّ القاعدة عند العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى هي أنّه لا يمكن نسخ القرآن بالسنّة، وإنّما يُنسخ القرآن بالقرآن، لضرورة التكافئ بين الناسخ والمنسوخ، ولقول اللّه تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:
سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ فَقَالَ: أَقُولُ فِيهَا كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -يَعْنِي أَنَّهَا حَلَالٌ، قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ! قَالَ: إِنَّهَا مِنَ الْقُرْآنِ، وَالْقُرْآنُ لَا يُنْسَخُ بِالسُّنَّةِ، أَمَا قَرَأْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً﴾؟!
والغريب أنّ كثيرًا من القائلين بحرمة المتعة متّفقون معه في هذه القاعدة، كالشافعي وأكثر أصحابه، وأكثر أهل الظاهر، وهي إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل، ووجه الغرابة أنّ القول بحرمة المتعة مستند إلى السنّة، وهو لا يجتمع مع القول بأنّ السنّة لا تنسخ القرآن إذا أخذ في الإعتبار أنّ القرآن ناطق بإباحة المتعة؛ بغضّ النظر عن حقيقة أنّ نسخها في السنّة أيضًا غير ثابت، وقد أنكره أهل بيت النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وكثير من الصحابة والتابعين؛ كما روي عن عمران بن حصين أنّه قال: «نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَأَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لَمْ تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُهَا، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ» يعني عمر بن الخطّاب، وعن جابر بن عبد اللّه أنّه قال: «كُنَّا نَسْتَمْتِعُ بِالْقَبْضَةِ مِنَ التَّمْرِ وَالدَّقِيقِ الْأَيَّامَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ حَتَّى نَهَانَا عُمَرُ فِي شَأْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ»، ولذلك كان عليّ عليه السلام يقول: «لَوْ لَا مَا سَبَقَنِي بِهِ ابْنُ الْخَطَّابِ مَا زَنَى إِلَّا شَقِيٌّ»، وروي عن ابن عبّاس أنّه قال: «يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ! مَا كَانَتِ الْمُتْعَةُ إِلَّا رُخْصَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رَحِمَ بِهَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَلَوْلَا نَهْيُهُ عَنْهَا مَا احْتَاجَ إِلَى الزِّنَا إِلَّا شَقِيٌّ»، وروي «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنِ الْمُتْعَةِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: هِيَ حَلَالٌ، فَقَالَ الشَّامِيُّ: إِنَّ أَبَاكَ قَدْ نَهَى عَنْهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَبِي نَهَى عَنْهَا وَصَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، أَأَمْرَ أَبِي نَتَّبِعُ أَمْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: بَلْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لَقَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ»، وخصّها بعض الرواة بمتعة الحجّ دون متعة النساء، كما خصّوها في رواية عمران بن حصين، مع أنّها تعمّ المتعتين؛ لأنّ عمر نهى عنهما جميعًا، وروي «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيَّ جَاءَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فَقَالَ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ؟ فَقَالَ: أَحَلَّهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَهِيَ حَلَالٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، مِثْلُكَ يَقُولُ هَذَا وَقَدْ حَرَّمَهَا عُمَرُ وَنَهَى عَنْهَا؟! فَقَالَ: وَإِنْ كَانَ فَعَلَ، قَالَ: إِنِّي أُعِيذُكَ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تُحِلَّ شَيْئًا حَرَّمَهُ عُمَرُ! فَقَالَ لَهُ: فَأَنْتَ عَلَى قَوْلِ صَاحِبِكَ وَأَنَا عَلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَهَلُمَّ أُلَاعِنْكَ أَنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ الْبَاطِلَ مَا قَالَ صَاحِبُكَ! فَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرٍ فَقَالَ: يَسُرُّكَ أَنَّ نِسَاءَكَ وَبَنَاتِكَ وَأَخَوَاتِكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ يَفْعَلْنَ؟! فَأَعْرَضَ عَنْهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ ذَكَرَ نِسَاءَهُ وَبَنَاتِ عَمِّهِ»، ولا يخفى ما في قول الرجل من الجهل والتعنّت؛ لأنّ أبا جعفر عليه السلام لم يعتبر المتعة واجبة أو مستحبّة حتّى يقال له مثل هذا القول، وإنّما اعتبرها مباحة، وكم من مباح لا يرغب فيه كرام الناس تنزّهًا من دون أن يحرّموه!
نعم، زعم بعض من تفطّن لهذا الإشكال من الجمهور أنّ آية ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ﴾ وآية الميراث قد نسختا إباحة النكاح المؤقّت، بتقريب أنّ الآية الأولى حرّمت العلاقة الجنسيّة مع غير الأزواج، في حين أنّ المرأة المعقود عليها في النكاح المؤقّت غير معدودة من الأزواج، والآية الثانية فرضت للأزواج نصيبًا من الميراث، في حين أنّ المرأة المعقود عليها في النكاح المؤقّت لا نصيب لها من الميراث، لكن من الواضح أنّ هذا التقريب مغالطة؛ لأنّ إباحة النكاح المؤقّت تعني أنّ المرأة المعقود عليها فيه معدودة من الأزواج، والآية الثانية لا تبطل نكاحها، بل تثبت لها الميراث، وهذا أوضح من أن يخفى على أحد، إلا من كان تائهًا في التعصّب والإستحسان، في حين أنّ التعصّب يمنع معرفة الحقّ، والإستحسان لا أصل له في الإسلام؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾.
٣ . إن كان هناك مسلم يحتاج لتوقّي الحرام إلى النكاح المؤقّت وللنكاح المؤقّت إلى إعانة سائر المسلمين، وجب على سائر المسلمين إعانته بقدر المستطاع، لقول اللّه تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾، لا سيّما إذا كان من الأقربين واليتامى والمساكين والجيران والأصدقاء والمسافرين؛ كما ذكرهم اللّه تعالى فقال: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾.
٤ . من المسلّم به أنّ النكاح الدائم خير من النكاح المؤقّت وفيه بركات أكبر للفرد والمجتمع، ولذلك فإنّ الإمتناع عنه مع القدرة عليه استغناء بالنكاح المؤقّت يعتبر تركًا للأولى وهو مخالف للحكمة والمروءة؛ لا سيّما بالنظر إلى أنّ الغرض من تشريع النكاح المؤقّت في الإسلام لم يكن منع المسلمين من النكاح الدائم، ولكن كان تخفيفًا من اللّه للذين لا يستطيعون النكاح الدائم ويخشون العنت، على سبيل قوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾؛ كما روي عن الفتح بن يزيد قال: «سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ يَعْنِي الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْمُتْعَةِ، فَقَالَ: هِيَ حَلَالٌ مُبَاحٌ مُطْلَقٌ لِمَنْ لَمْ يُغْنِهِ اللَّهُ بِالتَّزْوِيجِ، فَلْيَسْتَعْفِفْ بِالْمُتْعَةِ، فَإِنِ اسْتَغْنَى عَنْهَا بِالتَّزْوِيجِ فَهِيَ مُبَاحٌ لَهُ إِذَا غَابَ عَنْهَا»، وعن محمّد بن الحسن بن شمّون قال: «كَتَبَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى بَعْضِ مَوَالِيهِ: لَا تُلِحُّوا عَلَى الْمُتْعَةِ، إِنَّمَا عَلَيْكُمْ إِقَامَةُ السُّنَّةِ، فَلَا تَشْتَغِلُوا بِهَا عَنْ فُرُشِكُمْ وَحَرَائِرِكُمْ، فَيَكْفُرْنَ وَيَتَبَرَّيْنَ وَيَدْعِينَ عَلَى الْآمِرِ بِذَلِكَ وَيَلْعَنُونَا».
٥ . نكاح البكر جائز بإذن وليّها، ولا فرق في ذلك بين الدائم والمؤقّت، إلا أنّه يكره المؤقّت لما فيه من الإخلال بالحياء والإحتشام المناسبين للبكر؛ كما روي عن جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام أنّه قال في المتعة: «إِنَّ أَمْرَهَا شَدِيدٌ، فَاتَّقُوا الْأَبْكَارَ»، وقال في الرجل يتزوّج البكر متعة: «يُكْرَهُ لِلْعَيْبِ عَلَى أَهْلِهَا».
٦ . إن كان رجل قد عاهد امرأته على الإمتناع عن النكاح المؤقّت فعليه الوفاء بعهده؛ لقول اللّه تعالى: ﴿وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا﴾، وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾، وقوله تعالى: ﴿بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾، إلا أن يضطرّ إلى ذلك لحفظ نفسه من الحرام؛ لأنّ اللّه في تلك الحال غفور رحيم.
٧ . يجب على الشباب الذين يقعون في الحرام إذا لم ينكحوا أن ينكحوا بأيّ طريقة ممكنة، ولو بالإستقراض، ويجب على أهلهم وقربائهم وجيرانهم وأصدقائهم إعانتهم على ذلك إن استطاعوا، وإذا لم يجدوا سبيلًا إلى النكاح الدائم أو الموقّت فعليهم تقوى اللّه حتّى يجعل اللّه لهم سبيلًا؛ كما قال تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾، وقال: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾، وتقواهم يستمدّ من الصبر والصلاة؛ كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾، ومن أكبر مصاديق الصبر المواظبة على الصوم، فإنّه يطفئ نار الشهوة ويعتبر من خصال الأعفّاء؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ﴾، وفي نفس الوقت يجب عليهم القيام بالتمهيد لظهور المهديّ؛ لأنّ جميع مشاكلهم بما فيها صعوبة النكاح ناشئة عن عدم ظهور المهديّ الذي ينفّذ أحكام اللّه ويحيي سنّة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ولذلك فإنّ الذين لا يقومون بالتمهيد لظهور المهديّ مقصّرون في صعوبة النكاح عليهم، ولا عذر لهم في الوقوع في الحرام إذا وقعوا فيه.
الحاصل أنّه لا بأس بالنكاح الموقّت مع الإلتزام بجميع أحكام النكاح الدائم كالوليّ والشهود والعقد والمهر والعدّة، ولكن من الواضح أنّه لا يجوز الإسراف فيه أو اتّخاذه ذريعة إلى الفجور أو الظلم للنساء وتعدّي الحدود التي جعلها اللّه ورسوله، واللّه بكلّ شيء عليم.
الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني
قسم الإجابة على الأسئلة