ما حكم بناء المطبخ في المسجد بين المصلّى والجدار المحيط بالمسجد؟ هل يجوز ذلك؟
لقد قال اللّه تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾[١]، وهذا يقتضي كراهية كلّ عمل في المسجد غير ما يكون للّه وحده؛ كما روي «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُبَاعَ وَيُشْتَرَى فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ تُنْشَدَ فِيهِ الْأَشْعَارُ، أَوْ تُعَرَّفَ فِيهِ الضَّالَّةُ، أَوْ يُتَحَلَّقَ فِيهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ»[٢]، و«نَهَى أَنْ يُتَّخَذَ الْمَسْجِدُ طَرِيقًا إِلَّا لِذِكْرٍ أَوْ صَلَاةٍ»[٣]، وصلّى صلاة، فسمع أعرابيًّا ينشد بعيره يقول: «مَنْ وَجَدَ الْبَعِيرَ الْأَحْمَرَ؟»، فقال: «لَا وَجَدْتَ، إِنَّمَا بُنِيَتِ الْمَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ»[٤]، وقال: «مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لَا أَدَّاهَا اللَّهُ إِلَيْكَ، فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا»[٥]، ومن الواضح أنّها لم تُبن لطبخ الطعام أيضًا، وطبخ الطعام ليس ممّا يكون للّه وحده، ولذلك فإنّ حكمه كحكم ما نُهي عنه صراحة، وتؤيّده روايات ثلاثة: الأولى أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: «خِصَالٌ لَا تَنْبَغِي فِي الْمَسْجِدِ»، فذكر منها: «لَا يُمَرُّ فِيهِ بِلَحْمٍ نِيْءٍ»[٦]، وهو اللحم الذي لم يُطبخ، والثانية أنّه قال: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْخُضْرَوَاتِ ذَوَاتِ الرِّيحِ فَلَا يَقْرَبْنَا فِي مَسَاجِدِنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ»[٧]، والثالثة أنّه قال: «إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنَ الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ»[٨]، ووجه التأييد أنّ طبخ الطعام في المسجد قد يستلزم إدخال لحم نيء أو بعض الخضروات ذوات الريح وإنتاج شيء من النفايات المستقذرة فيه، وكلّ ذلك منهيّ عنه، والظاهر أنّ ما بين جدران المسجد كلّه من المسجد؛ كما روي عن بعض الصحابة أنّه قال: «ظَهْرُ الْمَسْجِدِ كَقَعْرِهِ»[٩]، ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾[١٠].