السبت ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ الموافق لـ ٢٧ أبريل/ نيسان ٢٠٢٤ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الأسئلة والأجوبة: يقال أنّ النصوص تصرف عن ظاهرها أحيانًا لأمور اقتضت ذلك. كيف نفرّق بين الصرف السائغ وبين ما يكون صرف باطل يحرّف المعنى ويبدّله؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٦. اضغط هنا لقراءته. جديد الشبهات والردود: إنّي قرأت كتاب «العودة إلى الإسلام» للمنصور الهاشمي الخراساني، فوجدته أقرب إلى الحقّ بالنسبة لما يذهب إليه الشيعة، ولكنّ المنصور أيضًا مشرك وكافر مثلهم؛ لأنّه قد فسّر آيات القرآن برأيه؛ لأنّك إذا قرأت ما قبل كثير من الآيات التي استدلّ بها على رأيه أو ما بعدها علمت أنّها لا علاقة لها بموضوع البحث؛ منها آية التطهير، فإنّ اللّه قد خاطب فيها نساء النبيّ، ولكنّ المنصور جعلها مقصورة على عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وأثبت بها إمامتهم من عند اللّه! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الكتب: تمّ نشر الطبعة الخامسة من الكتاب القيّم «الكلم الطّيّب؛ مجموعة رسائل السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر مقالة جديدة بعنوان «عمليّة طوفان الأقصى؛ ملحمة فاخرة كما يقال أم إقدام غير معقول؟!» بقلم «حسن ميرزايي». اضغط هنا لقراءتها. جديد الأقوال: قولان من جنابه في بيان وجوب العقيقة عن المولود. اضغط هنا لقراءتهما. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
سؤال وجواب
 

يقول الشيعة أنّ المهدي عليه السلام إذا قام يقضي بقضاء داود وسليمان عليهما السلام. هل هذا القول صحيح أم خاطئ؟

لقد روى الشيعة عن أهل البيت أنّ المهديّ إذا قام حكم بحكم داود وسليمان عليهما السلام، رواها جعيد الهمداني عن الحسين وعليّ بن الحسين، ورواها أبان بن تغلب وحمران بن أعين وحريز بن عبد اللّه وأبو عبيدة الحذاء وعمّار الساباطي وعبد اللّه بن عجلان عن جعفر بن محمّد، ورواها الحسن بن ظريف عن أبي محمّد العسكريّ[١]، وقد بالغ بعض المعاصرين من السنّة في إنكار هذه الرواية وتشنيعها عليهم قائلين بأنّها تدلّ على أنّ مهديّهم ينسخ شريعة محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ويحكم بغير حكمه، ولا يخفى على المنصف ما في هذا القول من الجهل والتعسّف؛ لأنّ الرواية ناظرة إلى قول اللّه تعالى إذ مدح حكم داود وسليمان عليهما السلام فقال: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ۝ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا[٢]، وقوله تعالى لداود عليه السلام: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ[٣]، فتريد الرواية أنّ حكم المهديّ سيكون في الدقّة والعدالة مثل حكم داود وسليمان عليهما السلام الذي مدحه اللّه تعالى في كتابه، ولا تريد أنّ حكم المهديّ سيكون مخالفًا لحكم محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ كما أنّ حكم محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لم يكن مخالفًا لحكم داود وسليمان عليهما السلام؛ لأنّه إذا كان حكمهما حقًّا لم يكن من الجائز مخالفته، وإذا كان حكمهما غير حقّ لم يكن من الجائز مدحه في كتاب اللّه تعالى، ولذلك جاء في رواية عمّار الساباطي عن جعفر بن محمّد أنّه قال: «بِحُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ آلِ دَاوُدَ وَحُكْمِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ»[٤]، وروى وكيع الضبّي (ت٣٠٦هـ) في «أخبار القضاة» أنّ حبيب بن سنار كان يقوم على رأس شريح، فيقول: «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ»، فقال رجل: «مَنْ لَا يُحْسِنُ هَذَا؟! شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ»، فسمعها شريح، فقال لرجل إلى جنبه: «يَعِيبُ عَلَى قَضَاءِ دَاوُدَ»[٥]! يعني أنّ قضاء داود كان على هذه الطريقة الإسلاميّة المألوفة بين المسلمين، وقال ابن تيميّة (ت٧٢٨هـ) بعد ذكر قضاء داود وسليمان عليهما السلام: «هَذِهِ الْقَضِيَّةُ الَّتِي قَضَى فِيهَا دَاوُدُ وَسُلَيْمَانُ، لِعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا وَمَا يُشْبِهُهَا أَيْضًا قَوْلَانِ: مِنْهُمْ مَنْ يَقْضِي بِقَضَاءِ دَاوُدَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْضِي بِقَضَاءِ سُلَيْمَانَ»[٦]، ومن الواضح أنّه لم يرد بقوله هذا أنّ علماء المسلمين ليسوا على دين محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم!

نعم، قد جاء في ذيل الرواية أنّ المهديّ لا يسأل البيّنة، وهذا ما تعلّق به من لا علم له ولا إنصاف، محتجًّا بأنّ سؤال البيّنة هو أحد أصول القضاء في الإسلام، وعليه فإنّ تركه يعني ترك الإسلام، ولكنّ الحقّ أنّ أصول القضاء في الإسلام لا تنحصر في سؤال البيّنة، وهنا‌ك أصول أخرى أحدها القضاء بالعلم، بل سؤال البيّنة يتعيّن إذا لم يكن هناك علم للقاضي، فإذا كان الحقّ معلومًا له باليقين فلا وجه لسؤاله البيّنة في غير حدود اللّه تعالى؛ لأنّ البيّنة تؤدّي إلى الظنّ، والعلم أولى بالإتّباع من الظنّ، وهذا ما ذهب إليه الشافعيّة، وهو مذهب صاحبي أبي حنيفة ورواية عند الحنابلة، ولم يذهب إليه الآخرون لغلبة الفساد على أهل الزمان واحتمال ظلم القاضي أو إهماله، وهذا الإحتمال غير موجود بالنسبة للمهديّ، وعليه فإنّ مقتضى القاعدة عند جميع المذاهب جواز قضاء المهديّ بعلمه، وهذا هو مراد الرواية؛ كما جاء ذلك مفسّرًا في رواية الحسن بن ظريف عن أبي محمّد العسكريّ؛ فإنّه قال في المهديّ: «إِذَا قَامَ قَضَى بَيْنَ النَّاسِ بِعِلْمِهِ كَقَضَاءِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَسْأَلُ الْبَيِّنَةَ»[٧]، ومن الواضح أنّ هذا ليس من نسخ الإسلام في شيء؛ لأنّ حكم القاضي بعلمه هو حكم ثابت من أحكام الإسلام، وليس حكمًا محدثًا أو مختصًّا بشريعة داود عليه السلام؛ لا سيّما بالنظر إلى أنّ علم القاضي قد يحصل بطرق معروفة، ومثال ذلك ما روي عن عليّ عليه السلام: «أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَاسْتَقْبَلَهُ شَابٌّ يَبْكِي وَحَوْلَهُ قَوْمٌ يُسْكِتُونَهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا أَبْكَاكَ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ شُرَيْحًا قَضَى عَلَيَّ بِقَضِيَّةٍ مَا أَدْرِي مَا هِيَ، إِنَّ هَؤُلَاءِ النَّفَرَ خَرَجُوا بِأَبِي مَعَهُمْ فِي السَّفَرِ فَرَجَعُوا وَلَمْ يَرْجِعْ أَبِي، فَسَأَلْتُهُمْ عَنْهُ فَقَالُوا: مَاتَ، فَسَأَلْتُهُمْ عَنْ مَالِهِ فَقَالُوا: مَا تَرَكَ مَالًا، فَقَدَّمْتُهُمْ إِلَى شُرَيْحٍ فَاسْتَحْلَفَهُمْ، وَقَدْ عَلِمْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ أَبِي خَرَجَ وَمَعَهُ مَالٌ كَثِيرٌ، فَقَالَ لَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ارْجِعُوا، فَرَجَعُوا وَالْفَتَى مَعَهُمْ إِلَى شُرَيْحٍ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا شُرَيْحُ، كَيْفَ قَضَيْتَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ادَّعَى هَذَا الْفَتَى عَلَى هَؤُلَاءِ النَّفَرِ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فِي سَفَرٍ وَأَبُوهُ مَعَهُمْ، فَرَجَعُوا وَلَمْ يَرْجِعْ أَبُوهُ، فَسَأَلْتُهُمْ عَنْهُ فَقَالُوا: مَاتَ، فَسَأَلْتُهُمْ عَنْ مَالِهِ فَقَالُوا: مَا خَلَّفَ مَالًا، فَقُلْتُ لِلْفَتَى: هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا تَدَّعِي؟ فَقَالَ: لَا، فَاسْتَحْلَفْتُهُمْ فَحَلَفُوا، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: هَيْهَاتَ يَا شُرَيْحُ، هَكَذَا تَحْكُمُ فِي مِثْلِ هَذَا؟! فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَكَيْفَ؟ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَاللَّهِ لَأَحْكُمَنَّ فِيهِمْ بِحُكْمٍ مَا حَكَمَ بِهِ خَلْقٌ قَبْلِي إِلَّا دَاوُدُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَا قَنْبَرُ، ادْعُ لِي شُرْطَةَ الْخَمِيسِ، فَدَعَاهُمْ فَوَكَّلَ بِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ رَجُلًا مِنَ الشُّرْطَةِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى وُجُوهِهِمْ فَقَالَ: مَا ذَا تَقُولُونَ؟ أَتَقُولُونَ إِنِّي لَا أَعْلَمُ مَا صَنَعْتُمْ بِأَبِي هَذَا الْفَتَى؟ إِنِّي إِذًا لَجَاهِلٌ! ثُمَّ قَالَ: فَرِّقُوهُمْ وَغَطُّوا رُؤُوسَهُمْ، قَالَ: فَفُرِّقَ بَيْنَهُمْ وَأُقِيمَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى أُسْطُوَانَةٍ مِنْ أَسَاطِينِ الْمَسْجِدِ وَرُؤُوسُهُمْ مُغَطَّاةٌ بِثِيَابِهِمْ، ثُمَّ دَعَا بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ كَاتِبِهِ فَقَالَ: هَاتِ صَحِيفَةً وَدَوَاةً، وَجَلَسَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَجَلَسَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ: إِذَا أَنَا كَبَّرْتُ فَكَبِّرُوا، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: اخْرُجُوا، ثُمَّ دَعَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ: اكْتُبْ إِقْرَارَهُ وَمَا يَقُولُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ بِالسُّؤَالِ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فِي أَيِّ يَوْمٍ خَرَجْتُمْ مِنْ مَنَازِلِكُمْ وَأَبُو هَذَا الْفَتَى مَعَكُمْ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَفِي أَيِّ شَهْرٍ؟ قَالَ: فِي شَهْرِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فِي أَيِّ سَنَةٍ؟ قَالَ: فِي سَنَةِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَإِلَى أَيْنَ بَلَغْتُمْ فِي سَفَرِكُمْ حَتَّى مَاتَ أَبُو هَذَا الْفَتَى؟ قَالَ: إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَفِي مَنْزِلِ مَنْ مَاتَ؟ قَالَ: فِي مَنْزِلِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، قَالَ: وَمَا كَانَ مَرَضُهُ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَكَمْ يَوْمًا مَرِضَ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَفِي أَيِّ يَوْمٍ مَاتَ وَمَنْ غَسَّلَهُ وَمَنْ كَفَّنَهُ وَبِمَا كَفَّنْتُمُوهُ وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ وَمَنْ نَزَلَ قَبْرَهُ؟ فَلَمَّا سَأَلَهُ عَنْ جَمِيعِ مَا يُرِيدُ كَبَّرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَبَّرَ النَّاسُ جَمِيعًا، فَارْتَابَ أُولَئِكَ الْبَاقُونَ وَلَمْ يَشُكُّوا أَنَّ صَاحِبَهُمْ قَدْ أَقَرَّ عَلَيْهِمْ وَعَلَى نَفْسِهِ، فَأَمَرَ أَنْ يُغَطَّى رَأْسُهُ وَيُنْطَلَقَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ، ثُمَّ دَعَا بِآخَرَ فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: كَلَّا زَعَمْتُمْ أَنِّي لَا أَعْلَمُ مَا صَنَعْتُمْ؟! فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا أَنَا إِلَّا وَاحِدٌ مِنَ الْقَوْمِ، وَلَقَدْ كُنْتُ كَارِهًا لِقَتْلِهِ، فَأَقَرَّ، ثُمَّ دَعَا بِوَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ كُلُّهُمْ يُقِرُّ بِالْقَتْلِ وَأَخْذِ الْمَالِ، ثُمَّ رَدَّ الَّذِي كَانَ أَمَرَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ فَأَقَرَّ أَيْضًا، فَأَلْزَمَهُمُ الْمَالَ وَالدَّمَ. فَقَالَ شُرَيْحٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَيْفَ حَكَمَ دَاوُدُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟ فَقَالَ: إِنَّ دَاوُدَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرَّ بِغِلْمَةٍ يَلْعَبُونَ وَيُنَادُونَ بَعْضَهُمْ بِيَا مَاتَ الدِّينُ، فَيُجِيبُ مِنْهُمْ غُلَامٌ، فَدَعَاهُمْ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: يَا غُلَامُ، مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: مَاتَ الدِّينُ! فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَنْ سَمَّاكَ بِهَذَا الْإِسْمِ؟ فَقَالَ: أُمِّي، فَانْطَلَقَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى أُمِّهِ فَقَالَ لَهَا: يَا أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، مَا اسْمُ ابْنِكِ هَذَا؟ قَالَتْ: مَاتَ الدِّينُ! فَقَالَ لَهَا: وَمَنْ سَمَّاهُ بِهَذَا؟ قَالَتْ: أَبُوهُ، قَالَ: وَكَيْفَ كَانَ ذَاكِ؟ قَالَتْ: إِنَّ أَبَاهُ خَرَجَ فِي سَفَرٍ لَهُ وَمَعَهُ قَوْمٌ وَهَذَا الصَّبِيُّ حَمْلٌ فِي بَطْنِي، فَانْصَرَفَ الْقَوْمُ وَلَمْ يَنْصَرِفْ زَوْجِي، فَسَأَلْتُهُمْ عَنْهُ فَقَالُوا: مَاتَ، فَقُلْتُ لَهُمْ: فَأَيْنَ مَا تَرَكَ؟ قَالُوا: لَمْ يُخَلِّفْ شَيْئًا، فَقُلْتُ: هَلْ أَوْصَاكُمْ بِوَصِيَّةٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ، زَعَمَ أَنَّكِ حُبْلَى، فَمَا وَلَدْتِ مِنْ وَلَدٍ جَارِيَةٍ أَوْ غُلَامٍ فَسَمِّيهِ مَاتَ الدِّينُ! فَسَمَّيْتُهُ، قَالَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَتَعْرِفِينَ الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا خَرَجُوا مَعَ زَوْجِكِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَحْيَاءٌ هُمْ أَمْ أَمْوَاتٌ؟ قَالَتْ: بَلْ أَحْيَاءٌ، قَالَ: فَانْطَلِقِي بِنَا إِلَيْهِمْ، ثُمَّ مَضَى مَعَهَا فَاسْتَخْرَجَهُمْ مِنْ مَنَازِلِهِمْ، فَحَكَمَ بَيْنَهُمْ بِهَذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ، وَأَثْبَتَ عَلَيْهِمُ الْمَالَ وَالدَّمَ، وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: سَمِّي ابْنَكِ هَذَا عَاشَ الدِّينُ»[٨]، وفي رواية أخرى أنّه قال لشريح: «<أَوْرَدَهَا سَعْدٌ وَسَعْدٌ يَشْتَمِلُ ... مَا هَكَذَا تُورَدُ يَا سَعْدُ الْإِبِلُ> مَا يُغْنِي قَضَاؤُكَ يَا شُرَيْحُ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَأَحْكُمَنَّ فِيهِمْ بِحُكْمٍ مَا حَكَمَ أَحَدٌ قَبْلِي إِلَّا دَاوُدُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ»[٩]. هذه الرواية تفسّر الرواية الواردة في أنّ المهديّ يقضي بقضاء داود عليه السلام ولا يسأل البيّنة، فقد قضى عليّ بقضاء داود عليه السلام ولم يسأل البيّنة، مع أنّه لم ينسخ شريعة محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ولم يخالفها، وقد وردت عنه أقضية أخرى من هذا النوع تزيد الأمر وضوحًا، فراجع.

الحاصل أنّ الرواية الواردة عن أهل البيت في أنّ المهديّ إذا قام يقضي بقضاء داود عليه السلام ولا يسأل البيّنة لا إشكال فيها من حيث الدلالة، وهذا واضح جدًّا، لولا التعصّب والعناد. وممّا يجب التنبيه عليه أنّه ليس هناك مهديّان أحدهما للشيعة والآخر للسنّة، بل هو مهديّ واحد يختلفون في بعض صفاته لاختلاف رواياتهم، ولو أنّهم انتقدوا على بعضهم البعض بعلم وإنصاف لكان خيرًا لهم وأقرب من أن يصلحهم ويبيّن لهم الحقّ؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[١٠].

↑[١] . لهذه الرواية، انظر: بصائر الدرجات للصفار، ص٢٧٨؛ الكافي للكليني، ج١، ص٣٩٧؛ الغيبة للنعماني، ص٣٢٧؛ كمال الدين وتمام النعمة لابن بابويه، ص٦٧١؛ الإرشاد للمفيد، ج٢، ص٣٨٦.
↑[٢] . الأنبياء/ ٧٨-٧٩
↑[٣] . ص/ ٢٦
↑[٤] . بصائر الدرجات للصفار، ص٤٧٢؛ الكافي للكليني، ج١، ص٣٩٨؛ الإرشاد للمفيد، ج٢، ص٣٨٤
↑[٥] . أخبار القضاة لوكيع القاضي، ج٢، ص٣١٧
↑[٦] . مجموع الفتاوى لابن تيميّة، ج٣٣، ص١٥٩
↑[٧] . الكافي للكليني، ج١، ص٥٠٩؛ الإرشاد للمفيد، ج٢، ص٣٣١
↑[٨] . الكافي للكليني، ج٧، ص٣٧١؛ دعائم الإسلام لابن حيّون، ج٢، ص٤٠٤؛ من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج٣، ص٢٤؛ الإرشاد للمفيد، ج١، ص٢١٥؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٦، ص٣١٦؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب، ج٢، ص١٩٩
↑[٩] . غريب الحديث للقاسم بن سلام، ج٣، ص٤٧٧، ج٤، ص٣٦٨؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج٥، ص٤٢٩؛ الكافي للكليني، ج٧، ص٣٧٣ والرواية مشهورة استشهد بها أبو هلال العسكريّ في كتاب الأوائل (ص٢٠٨) على «أنّ أول من فرّق بين الخصوم عليّ»، وجاءت مختصرة في: مصنف عبد الرزاق، ج١٠، ص٤٢؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج٨، ص٧٤، ج١٠، ص١٧٩؛ غريب الحديث لابن الجوزي، ج١، ص٥٢٩.
↑[١٠] . المائدة/ ٨
الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني قسم الإجابة على الأسئلة
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساعد في نشر المعرفة. إنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
إذا كنت معتادًا على لغة أخرى، يمكنك ترجمة هذا إليها. [استمارة الترجمة]
كتابة السؤال
عزيزنا المستخدم! يمكنك كتابة سؤالك حول آراء السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى في النموذج أدناه وإرساله إلينا لتتمّ الإجابة عليه في هذا القسم.
ملاحظة: قد يتمّ نشر اسمك على الموقع كمؤلف للسؤال.
ملاحظة: نظرًا لأنّه سيتمّ إرسال ردّنا إلى بريدك الإلكترونيّ ولن يتمّ نشره بالضرورة على الموقع، فستحتاج إلى إدخال عنوانك بشكل صحيح.
يرجى ملاحظة ما يلي:
١ . ربما تمّت الإجابة على سؤالك على الموقع. لذلك، من الأفضل قراءة الأسئلة والأجوبة ذات الصلة أو استخدام ميزة البحث على الموقع قبل كتابة سؤالك.
٢ . تجنّب تسجيل وإرسال سؤال جديد قبل تلقّي الجواب على سؤالك السابق.
٣ . تجنّب تسجيل وإرسال أكثر من سؤال واحد في كلّ مرّة.
٤ . أولويّتنا هي الإجابة على الأسئلة ذات الصلة بالإمام المهديّ عليه السلام والتمهيد لظهوره؛ لأنّه الآن أكثر أهمّيّة من أيّ شيء.