يرجى توضيح المزيد عن الإسم والعمر والجنسيّة والخصائص الظاهريّة للسّيّد المنصور الهاشميّ الخراسانيّ الممهّد لظهور الإمام المهديّ عليه السلام. شكرًا
لقد أصبحت عبادة الأشخاص مرضًا شائعًا خطيرًا بين المسلمين؛ لأنّهم لا يقبلون كلمة الحقّ من شخص لا يعرفونه، ويقبلون كلمة الباطل من شخص يعرفونه، في حين أنّ كلمة الحقّ هي حقّ، حتّى إذا كان قائلها غير معروف، وأنّ كلمة الباطل هي باطل، حتّى إذا كان قائلها معروفًا. إنّ كلمة الحقّ لا تصبح باطلًا لأنّ قائله غير معروف، وإنّ كلمة الباطل لا تصبح حقًّا لأنّ قائله معروف، بل يُعرف كلّ قائل بما يقول؛ فإن كان ما يقول حقًّا فهو على حقّ، وإن كان ما يقول باطلًا فهو على باطل. كم من قائل مشهور قوله باطل، وكم من قائل مغمور قوله حقّ! هل حقّانيّة الشخص تعتمد على اسمه أو تتّبع جنسيّته أو تتأثّر بخصائصه الظاهريّة؟! كيف؟! وأنّ الأسماء هي عناوين اعتباريّة، وأنّ الجنسيّات هي وهميّات مستحدثة، وأنّ الخصائص الظاهريّة لا تتلازم مع الخصائص الباطنيّة. هل أنتم بالنظر إلى الإسم والعمر والجنسيّة والخصائص الظاهريّة للسّيّد المنصور الهاشميّ الخراسانيّ أدركتم أنّه هو «الممهّد لظهور الإمام المهديّ عليه السلام» أم بالنظر إلى أفكاره وتعاليمه وأهدافه؟! إذا أدركتم هذه الحقيقة بالنظر إلى أفكاره وتعاليمه وأهدافه، فلماذا تجسّسون اسمه وعمره وجنسيّته وخصائصه الظاهريّة؟! ألا تعلمون أنّ فضولكم هذا سوف يتحوّل عاجلًا أم آجلًا إلى فتنة لكم وذريعة للمشكّكين؟! شياطين الإنس والجنّ الذين يحاولون أن يشغلوكم عن المتن بالحاشية وعن المحكمات بالمتشابهات، ليتمكّنوا بهذه الحيلة من تشويش أفكاركم وتمريض قلوبكم، حتّى تُلقوا درع العقلانيّة في هجمة الظنون والأهواء. إنّهم يعلمون أنّهم عاجزون ومغلوبون مثل صبيّ في مواجهة الحجج والبراهين الحاسمة للسّيّد المنصور الهاشميّ الخراسانيّ؛ لأنّ الحجج والبراهين الحاسمة لفريد دهره هذا، تُخضع الأعناق وترغم الأنوف! لذلك، من أجل مواجهته، ليس لديهم خيار سوى التهميش والضجيج الإعلاميّ، وما يعطيهم الفرصة لهذه الشيطنة هو حسّاسيّة واهتمام أمثالكم بالإسم والعمر والجنسيّة والخصائص الظاهريّة لهذا الداعي إلى الحقّ؛ لأنّه إذا لم يعط أمثالكم أهمّيّة كبيرة لهذه الحواشي والفروع، لما كان هؤلاء يؤكّدون عليها إلى هذه الدرجة، لكنّ الواقع هو أنّ أمثالكم يعطون أهمّيّة كبيرة لهذه الحواشي والفروع، وهذا مستمسك لأعداء اللّه وأعداء خليفته في الأرض. إنّ هؤلاء، مثل سائر شياطين الإنس والجنّ، يستغلّون ضعفكم، وهو اهتمامكم بأوصاف الأشخاص بدلًا من أفكارهم وتعاليمهم وأهدافهم؛ كما أنّ بعض الناس يتوقّعون أن يكون للسّيّد المنصور الهاشميّ الخراسانيّ مظهر فوق عاديّ في هالة من النور، ولذلك عندما يجدونه بشرًا مثلهم، ينسون أفكاره وتعاليمه وأهدافه ويعرضون عنه؛ غافلين عن حقيقة أنّ الأنبياء أيضًا كانوا بشرًا مثلهم، إلا أنّ اللّه تعالى منّ عليهم بالعلم والعمل الصالح؛ كما قال: ﴿قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾[١]. لهذا السبب، يحاول المضلّون الأشرار، كاكتشاف جديد وحلّ للغز، تقديم السيّد المنصور الهاشميّ الخراسانيّ مماثلًا للآخرين من حيث الإسم والعمر والجنسيّة والخصائص الظاهريّة، ليثبتوا في زعمهم عدم حقّانيّته؛ غافلين عن حقيقة أنّ حقّانيّة هذا المنادي الصّادق ليست قائمة على اسمه وعمره وجنسيّته وخصائصه الظاهرية، لكن على أفكاره وتعاليمه وأهدافه الخالصة والكاملة، وهذه هي التي تميّزه عن الآخرين؛ وإلا فإنّه لا يدّعي أنّه ملك، ولا يدّعي أنّه مختلف عن الآخرين، لكنّه مجرّد داع إلى آل محمّد وممهّد لظهور المهديّ، وإذا تبعه أحد فليكن ذلك بالنظر إلى هذا الواقع، لا بالنظر إلى اسمه وعمره وجنسيّته وخصائصه الظاهريّة، وإن كانت مطابقة للنّبوءات الإسلاميّة.
لهذا السّبب، كتب هذا العبد الصالح في بداية رسالته إلى المسلمين:
أَمَّا بَعْدُ؛ يَا مَعْشَرَ الْعُقَلَاءِ! يَا إِخْوَتِي وَأَخَوَاتِيَ الْمُسْلِمُونَ! إِنَّ لِي مَعَكُمْ كَلِمَةً. فَهَلْ أَنْتُمْ تَسْتَمِعُونَ لَهَا وَتَعُونَ بِقُلُوبِكُمْ، أَمْ تَسُدُّونَ آذَانَكُمْ وَتَذْهَبُونَ عَلَى وُجُوهِكُمْ؟! وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ عَدُوَّ الْإِنْسَانِ كَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابًا، لَقَرَأَهُ بِعِنَايَةٍ لِيَعْلَمَ مَاذَا كَتَبَ إِلَيْهِ عَدُوُّهُ، وَأَنَا لَكُمْ وَلِيٌّ مُشْفِقٌ وَأَخٌ نَاصِحٌ، وَأَنَا أَوْلَى بِأَنْ تَعْلَمُوا مَاذَا كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ. إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْرِفُونَنِي فَإِنِّي أَعْرِفُكُمْ، وَإِنْ كُنْتُمْ لَا تُحِبُّونَنِي فَإِنِّي أُحِبُّكُمْ. فَاسْتَمِعُوا لِقَوْلِي، وَلَا تَسْأَلُوا مَنْ أَنَا؛ فَإِنَّ الْمَرْءَ يُعْرَفُ بِقَوْلِهِ، وَالْحَكِيمُ يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْلِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى قَائِلِهِ. كَمْ مِنْ صِدْقٍ يَقُولُهُ صَغِيرٌ، وَكَمْ مِنْ كَذِبٍ يَقُولُهُ الْكِبَارُ! الصِّدْقُ صِدْقٌ وَإِنْ قَالَهُ صَغِيرٌ، وَالْكَذِبُ كَذِبٌ وَإِنْ قَالَهُ الْكِبَارُ. فَإِنْ تَعْرِفُوا قَوْلًا لَا يَضُرُّكُمُ الْجَهْلُ بِقَائِلِهِ، وَإِنْ تَجْهَلُوا قَوْلًا لَا تَنْفَعُكُمْ مَعْرِفَةُ قَائِلِهِ. فَاسْتَمِعُوا لِقَوْلِي حَتَّى تَعْرِفُونِي؛ فَإِنَّ الْمَرْءَ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ، وَلَا يُعْرَفُ حَتَّى يَتَكَلَّمَ. إِنَّكُمْ لَمْ تُؤْتَوُا الْأُذُنَ إِلَّا لِتَسْمَعُوا، وَلَمْ تُؤْتَوُا الْعَيْنَ إِلَّا لِتُبْصِرُوا، وَلَمْ تُؤْتَوُا الْعَقْلَ إِلَّا لِمَعْرِفَةِ مَا تَسْمَعُونَ وَتُبْصِرُونَ أَيُّ ذَلِكَ صِدْقٌ وَأَيُّهُ كَذِبٌ. فَاسْمَعُوا قَوْلِي بِآذَانِكُمْ، ثُمَّ تَدَبَّرُوهُ بِعُقُولِكُمْ، لِتَقْبَلُوهُ إِنْ كَانَ صِدْقًا، وَتَرْفُضُوهُ إِنْ كَانَ كَذِبًا. أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُوَفِّقَكُمْ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يُرِيدُ أَنْ لَا تَسْمَعُوا لِكَيْ لَا تَعْرِفُوا، وَلَا تَعْرِفُوا لِكَيْ تَخْسَرُوا، وَهَلِ الْخُسْرَانُ إِلَّا عَقِيبُ الْجَهْلِ؟!
إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِي قَدْ أَكْثَرُوا عَلَيْكُمُ الْقَوْلَ، فَأَضْجَرُوكُمْ؛ لِأَنَّ جُلَّ كَلَامِهِمْ كَانَ كَذِبًا، وَتَكَلَّمُوا بِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ، وَكَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ لَا يُرِيدُونَكُمْ إِلَّا لِأَنْفُسِهِمْ، وَلَا يُكَلِّمُونَكُمْ إِلَّا لِإِضْلَالٍ؛ يَدْعُونَكُمْ إِلَى حَقٍّ لَا عَهْدَ لَهُمْ بِهِ، وَيُرِيدُونَ لَكُمْ خَيْرًا لَا نَصِيبَ لَهُمْ مِنْهُ. أُولَئِكَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الدِّينَ مَسْنَدًا لِلسُّلْطَةِ وَالْآخِرَةَ مَطِيَّةً لِلدُّنْيَا، وَإِلَّا فَلَا الدِّينَ عَرَفُوا حَقَّ مَعْرِفَتِهِ، وَلَا الْآخِرَةَ أَرَادُوا حَقَّ إِرَادَتِهَا، وَلَكِنِّي أُكَلِّمُكُمْ وَمَا عِنْدِي أَمَلُ سُلْطَةٍ وَلَا طَمَعُ دُنْيَا. إِنْ أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْكُمْ، أُسْتَضْعَفُ فِي الْأَرْضِ كَمَا تُسْتَضْعَفُونَ، وَلَا أُرِيدُ عُلُّوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا. إِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، لِيُسْمِعَ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيُصِمَّ مَنْ يَشَاءُ، وَمَا يُدْرِيكُمْ؟! لَعَلَّهُ يُغَيِّرُ أَشْيَاءَ، وَيُظْهِرُ أَشْيَاءَ؛ فَإِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.[٢]
هذا هو قول عالم صدّيق لا يدعو الناس إلى نفسه خلافًا للآخرين، بل يدعوهم إلى اللّه وخليفته في الأرض، ومن ثمّ فإنّ الذين يجادلون في اسمه وعمره وجنسيّته وخصائصه الظاهريّة، لا يسمعون نداءه، أو يسمعونه ويتجاهلونه؛ مثل الذين قالوا: ﴿سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾[٣]! لا جرم لن تكون عاقبة هؤلاء الصمّ سوى الحيرة والضلالة؛ لأنّ الفتن ستدركهم عاجلًا أم آجلًا، والشبهات ستأخذهم من بين أيديهم أو من خلفهم، وكلّ من اتّبع هواه بغير هدى من اللّه سيضلّ في الظلمات ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾[٤].