ما حكم بيع موادّ التجميل التي تستخدمها المرأة لتزيد من جمالها، مع العلم أنّ الكثير من النساء يضعن هذه الموادّ حتّى أمام غير الزوج؟ وما حكم بيع الموادّ التي تُستخدم لتكبير بعض الأعضاء من جسم المرأة كالصّدر والأرداف؟
لا بأس ببيع موادّ التجميل إذا لم تكن مضرّة بالجسد أو مأخوذة من شيء نجس؛ لأنّ فيها منفعة محلّلة، وهي تجميل المرأة نفسها لزوجها، والبائع لا يعلم من تستخدم هذه الموادّ لغير زوجها، والأصل صحّة عمل المسلم حتّى يُعلم خلافها. نعم، إن عرف امرأة معيّنة بأنّها تستخدم هذه الموادّ لغير زوجها فليجتنب البيع لها؛ لأنّه إعانة على الإثم والعدوان، وقد قال اللّه تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[١]. أمّا بيع الموادّ التي تكبّر بعض أعضاء جسد المرأة تكبيرًا يخرجها عن الحالة الطبيعيّة فإنّه غير جائز؛ لأنّ ذلك تغيير خلق اللّه، وقد قال اللّه تعالى حكاية عن الشيطان: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾[٢]، ولا بأس بذلك إذا كان على سبيل إصلاح عيب غير طبيعيّ في الجسد ليعود إلى حالته الطبيعيّة؛ لأنّه ليس من تغيير خلق اللّه، بل هو إزالة ما وقع فيه من التغيير، وهذا خلاف ما يأمر به الشيطان لعنه اللّه.
كيف يمكن لي أن أعرف من يجوز بيع موادّ التجميل لها من التي لا يجوز البيع لها، نظرًا لحرمة البيع لبعضهنّ؛ لأنّه إعانة على الإثم؟ وماذا عن التي تأتي إلى محلّ البيع وهي واضعة لبعض هذه الموادّ؟ فهل يحرم البيع لها؟ الرّجاء التفصيل في هذا الموضوع.
من الواضح أنّه لا يجب عليك التجسّس قبل البيع، بل لا يجوز، إن كنت بائعًا في بلد المسلمين؛ لقول اللّه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا﴾[١]، ولكن إن جاءك علم بطريق الصدفة أنّ امرأة معيّنة تستخدم موادّ التجميل لغير زوجها فلتجتنب البيع لها؛ كما إذا كانت امرأة من أقربائك أو جيرانك أو أهل محلّتك، فرأيتها، أو بلغك عنها خبر موثوق به، أو دخلت عليك في دكّانك وهي متبرّجة. أمّا المرأة التي لا تعرفها ولا ترى منها تبرّجًا بالفعل، فلا جناح عليك أن تبيع لها إن كنت بائعًا في بلد المسلمين.
نعم، من المكروه الإشتغال ببيع موادّ التجميل إذا كان الغالب على النساء استخدامها لغير أزواجهنّ، وكذلك الإشتغال ببيع كلّ ما يُستخدم في الحلال والحرام إذا كان الغالب على الناس استخدامه في الحرام؛ كما روي عن عليّ عليه السلام أنّه قال: «إِذَا اسْتَوْلَى الْفَسَادُ عَلَى الزَّمَانِ وَأَهْلِهِ، فَأَحْسَنَ رَجُلٌ الظَّنَّ بِرَجُلٍ فَقَدْ غَرَّرَ»[٢]، وروي عن موسى بن جعفر عليهما السلام أنّه قال: «إِذَا كَانَ الْجَوْرُ أَغْلَبَ مِنَ الْحَقِّ لَمْ يَحِلَّ لِأَحَدٍ أَنْ يَظُنَّ بِأَحَدٍ خَيْرًا حَتَّى يَعْرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ»[٣]، وعليه فمن تجنّب الإشتغال بأمثال هذه الأعمال في مثل هذا الزمان فهو خير له وأزكى، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾[٤].