ما موقف الإسلام من التقليد؟
هناك قاعدة مهمّة جدًّا يجب على كلّ مسلم معرفتها والإنتباه إليها، وهي عدم حجّيّة الظنّ في الإسلام؛ لأنّ اللّه تعالى قال في كتابه بصراحة: ﴿إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾[١]، وذمّ أقوامًا على اتّباعهم للظنّ فقال: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾[٢]، وهذا يعني أنّه يجب أن يكون الإعتقاد والعمل قائمين على العلم دائمًا؛ كما قال تعالى بصراحة: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾[٣]، ولذلك فإنّ الاعتقاد والعمل القائمين على الظنّ غير صحيحين وغير مقبولين عند اللّه، ومن الواضح أنّ تقليد غير المعصوم في الاعتقاد والعمل بمعنى اتّباع قوله أو فعله بغير علم بدليله إنّما يفيد الظنّ؛ إذ ليس من المعلوم أنّه أصاب الحقّ أم أخطأه، ولذلك فإنّ تقليده ﴿لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾.
أمّا حجّة القائلين بجواز التقليد في العمل فهي أنّهم يفرّقون بين الإعتقاد والعمل، ويقولون بأنّ الظنّ حجّة في العمل، مع أنّ الفرق بينهما غير ثابت في الإسلام، وقول اللّه تعالى في كتابه عامّ يشملهما على حدّ سواء، ولا يجوز تخصيصه بالقياس ولا بالروايات. لذلك لا بدّ للمسلم أن يتعلّم اعتقاداته وأعماله الإسلاميّة منذ صغره، كما يتعلّم القراءة والكتابة وغيرهما من ضروريّات الحياة، وأن لا يقبل اعتقادًا ولا يمارس عملًا إلا بدليل يقينيّ، والدليل اليقينيّ في الإسلام، هو آية من القرآن، أو حديث متواتر عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، أو سماع من خليفة اللّه في الأرض، وهذا هو الإسلام الخالص والكامل الذي بيّنه السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى في كتابه «العودة إلى الإسلام» بالأدلّة الواضحة والحجج الكافية.
لمزيد المعرفة عن هذا، راجع: الشبهة والردّ ١.
ما رأي حضرتكم في التقليد؟ كنت قبل بضع سنين من المقلّدة، ولكنّي برأت إلى اللّه تعالى من كلّ مراجع التقليد وكلّ من يدّعي أنّه يأخذ مكان الإمام المهديّ عليه السلام في غيبته، وبرأت إلى اللّه تعالى أيضًا من ولاية الفقيه وكلّ من يؤمن بها. فهل ما فعلته هو الصواب؟ جزاكم اللّه كلّ خير، وبارك اللّه بكم، ونصر الإسلام بكم.
لقد بيّنّا سابقًا أنّ تقليد غير المعصوم حرام بيّن، ويجب على كلّ مسلم طلب العلم بأصول الدّين وفروعه؛ كما جاء في الحديث المشهور: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»[١]، وقد بيّنّا أيضًا أنّ اللّه لم يجعل لغير المعصوم ولاية، بمعنى طاعة مفروضة على الإطلاق، فمن أثبتها لغير المعصوم فقد افترى على اللّه الكذب، ﴿وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا﴾[٢]. فإن كان اللّه قد هداك إلى هذا فقد هداك إلى صراط مستقيم، ولكنّه مجرّد اعتقاد صحيح، والإعتقاد الصحيح نصف الإيمان، ونصفه الآخر هو العمل الصالح، ومن أهمّ مصاديقه في هذا الزمان، بعد المحافظة على الصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان، التمهيد لظهور الإمام المهديّ عليه السلام من خلال لفت أنظار الناس إلى وجوده وضرورته، وجمع عدد كافٍ منهم على طلبه ونصرته، وهذا ما قام به السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى قيامًا حسنًا، ولذلك يجب على كلّ مسلم إعانته فيه بكلّ ما في وسعه، اتّباعًا لقول اللّه تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾[٣].