يرجى التنبّه لما يلي:
١ . رواية معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام في الخريطة غير ثابتة؛ فقد رواها أبو جعفر الطوسيّ في «مصباح المتهجّد» مرسلة. نعم، طريقه إليه صحيح في «الفهرست»، ولا يبعد أن كان قد رواها بهذا الطريق، ولكنّه غير معلوم، ولو كان معلومًا أيضًا لم يكن بمعنى ثبوتها؛ لأنّها خبر واحد، وخبر الواحد لا يفيد علم اليقين، ولذلك لا وجه لادّعائك علم اليقين أنّها ثابتة عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام، إلّا إذا كان عندك علم الغيب!
٢ . لقد ثبت عن أهل البيت القول بوجوب السجود على الأرض أو ما نبت منها، ولا ريب في استحباب السجود على تربة الحسين عليه السلام بموجب الأدلّة، وقد بيّنّا ذلك تفصيلًا في جواب السؤال ٤١، فراجع.
٣ . لا يجوز أن يُنسب إلى النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أو أحد أهل بيته قول غير ثابت عنه بتواتر لفظيّ أو معنويّ، وإنّما يجوز أن يقال: «رُوي عنه»، أو «جاء في رواية أنّه قال»، أو «روى فلان أنّه قال»، أو ما شابه ذلك، وقد ثبت عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»، وفي رواية أخرى: «مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقَلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»، وهذا تحذير عظيم يوجب كمال الإحتياط في نسبة الأقوال إليه.
٤ . من كان قد أدرك إمامين من أهل البيت، فله أن يروي ما سمع من أحدهما عن الآخر؛ علمًا بأنّ قولهم واحد لا يختلف؛ كما روي عن أبي بصير أنّه قال: «قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْحَدِيثُ أَسْمَعُهُ مِنْكَ أَرْوِيهِ عَنْ أَبِيكَ، أَوْ أَسْمَعُهُ مِنْ أَبِيكَ أَرْوِيهِ عَنْكَ، قَالَ: سَوَاءٌ، إِلَّا أَنَّكَ تَرْوِيهِ عَنْ أَبِي أَحَبُّ إِلَيَّ»، وأمّا من لم يدرك إمامًا، فليس له أن يروي عنه ما سمعه من إمام آخر؛ لأنّه إذا فعل ذلك صارت روايته مرسلة؛ كما إذا روى أبو بصير عن عليّ بن الحسين عليهما السلام، وهو لم يدركه، وكذلك من لم يدرك أهل البيت أصلًا، وكانت روايته عن الرواة؛ فليس له أن ينسب ما رووا له عن إمام إلى إمام آخر؛ لأنّ ذلك كذب على الرواة؛ كقولك: «روى الشيخ الطوسيّ في المصباح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: ”السُّجُودُ عَلَى تُرْبَةِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَخْرِقُ الْحُجُبَ السَّبْعَ“»، وهو لم يفعل ذلك، ولو صدر هذا من بعض المتقدّمين لأدّى إلى تداخل الأسناد والإضطراب فيها والشكّ في صحّة النُّسخ وغير ذلك من المفاسد.
٥ . لا يبعد جواز نسبة قول ثابت عن إمام إلى إمام آخر بغير ذكر الرواة؛ فقد روي عن هشام بن سالم وحمّاد بن عثمان وغيره أنّهم قالوا: «سَمِعْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: حَدِيثِي حَدِيثُ أَبِي، وَحَدِيثُ أَبِي حَدِيثُ جَدِّي، وَحَدِيثُ جَدِّي حَدِيثُ الْحُسَيْنِ، وَحَدِيثُ الْحُسَيْنِ حَدِيثُ الْحَسَنِ، وَحَدِيثُ الْحَسَنِ حَدِيثُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَحَدِيثُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ»، ولكن يشترط في ذلك أن لا يكون ممّا يختصّ بشأنه أو زمانه؛ فقد كان كثير من أقوال الإمام واردة في شأنه، أو مناسبة لظروف خاصّة حدثت في زمانه، ومن المعلوم أنّ نسبتها إلى سائر الأئمّة موهنة؛ كما إذا نُسب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «السُّجُودُ عَلَى تُرْبَةِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَخْرِقُ الْحُجُبَ السَّبْعَ»، ولم يكن في زمان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم تربة للحسين عليه السلام حتّى يأمر بالسجود عليها، وإنّما كانت بعد شهادته، ومن الغريب أن كان قد أمر بشيء لا يمكن إتيانه إلّا بعد نصف قرن، ولا ينبغي تحويل حديث صحيح يسهل قبوله لجميع المسلمين إلى حديث غريب يصعب قبوله على كثير منهم، وقد روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا»، بل الأولى عدم نسبة قول من أقوال أهل البيت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم مطلقًا، لاختلاف مرتبتهم عن مرتبته، واختلاف ما يترتّب على قولهم عمّا يترتّب على قوله؛ كجواز النسخ بقوله دون قولهم، وغير ذلك.
٦ . ما سمّيته «قاعدة جديدة في الساحة العلميّة» ليس له معنى محصّل؛ لأنّ ما ثبت عن إمام من أهل البيت لا يمكن أن يكون «رواية حسنة»، بل هو متواتر لا محالة، والمتواتر لا يحتاج إلى أن تخلق له طريقًا آخر! ثمّ القول بجواز نسبة ما ثبت عن إمام إلى إمام آخر لا يعني أنّ الإمام الآخر أيضًا قد قاله، بل يعني أنّ واحدًا من الأئمّة قد قاله، ولا يهمّ أيّ واحد منهم كان، أو يعني أنّ واحدًا منهم قد قاله، وسائرهم موافقون له، وإن لم يقولوه، ولذلك لا يجوز نسبة ما ثبت عن إمام واحد إلى إمامين أو جميع الأئمّة معًا، ولو كانت جائزة أيضًا لم تزده طريقًا آخر؛ لأنّ الطريق الآخر ما جاء بإسناد مختلف، وليس هناك إلّا إسناد واحد!
الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني
قسم الإجابة على الأسئلة