لديّ سؤالان:
١ . الزوجة اذا كانت في فترة الحيض ربما زادت شهوتها وطلبت الجماع من زوجها أو العكس. فهل من حقّهما المجامعة في تلك الفترة؟
٢ . بعض الرجال أثناء علاقتهم الجنسيّة يتمتّعون من الدّبر. فما حكمه إذا كانت الزوجة راضية بذلك؟
لديّ سؤالان:
١ . الزوجة اذا كانت في فترة الحيض ربما زادت شهوتها وطلبت الجماع من زوجها أو العكس. فهل من حقّهما المجامعة في تلك الفترة؟
٢ . بعض الرجال أثناء علاقتهم الجنسيّة يتمتّعون من الدّبر. فما حكمه إذا كانت الزوجة راضية بذلك؟
لا خلاف بين المسلمين في عدم جواز وطئ المرأة في فرجها وهي حائض؛ لقول اللّه تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾[١]، ولا بأس بوطئها في غير الفرج؛ كما روي عن أهل البيت أنّهم سئلوا عمّا لصاحب الحائض منها فقالوا: «كُلُّ شَيْءٍ مَا عَدَا الْقُبُلَ بِعَيْنِهِ»[٢]، وقالوا: «إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فَلْيَأْتِهَا زَوْجُهَا حَيْثُ شَاءَ مَا اتَّقَى مَوْضِعَ الدَّمِ»[٣]، والأفضل أن يأمر المرأة فتتّزر بإزار إلى الركبتين ثمّ يتمتّع بها؛ كما روي عن عائشة أنّها قالت: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَنْ تَتَّزِرَ بِإِزَارٍ، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا»[٤]، وروي عن ميمونة أنّها قالت: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُبَاشِرُ نِسَاءَهُ فَوْقَ الْإِزَارِ وَهُنَّ حُيَّضٌ»[٥]، وفي رواية أخرى: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُبَاشِرُ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ إِذَا كَانَ عَلَيْهَا إِزَارٌ يَبْلُغُ أَنْصَافَ الْفَخِذَيْنِ أَوِ الرُّكْبَتَيْنِ مُحْتَجِزَةً بِهِ»[٦].
أمّا وطؤ المرأة في دبرها ففيه خلاف بين المسلمين، والحقّ أنّه لا يجوز إذا أضرّ بها أو آذاها كما هو الغالب؛ لأنّه ليس للرجل أن يظلم زوجتها من أجل لذّة ليس فيها ضرورة أو مصلحة، وإن أذنت بذلك تحمّلًا؛ كما روي عن جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّه قال: «هِيَ لُعْبَتُكَ لَا تُؤْذِهَا»[٧]، والمشهور أنّه لا يجوز مطلقًا لما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من النهي الباتّ عن ذلك، وحمله جمهور الإماميّة على الكراهة جمعًا بينه وبين ما يدلّ على الجواز، وهي رواية عن أبي سعيد الخدري وعبد اللّه بن عمر و زيد بن أسلم ومحمّد بن المنكدر وابن أبي مُليكة ونافع ومالك والشافعي، بل روي عن مالك أنّه قال: «مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا أَقْتَدِي بِهِ فِي دِينِي يَشُكُّ فِي أَنَّ وَطْءَ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا حَلَالٌ»[٨]، وقال الدارقطني: «هَذَا مَحْفُوظٌ عَنْ مَالِكٍ صَحِيحٌ»[٩]، وروي عن الشافعي أنّه قال: «لَمْ يَصِحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيمِهِ وَلَا فِي تَحْلِيلِهِ شَيْءٌ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَلَالٌ»[١٠]، ولا بأس بهذا القول فيما لا يضرّ بالمرأة ولا يؤذيها لسعة دبرها أو إدخال ما دون الختان؛ نظرًا لعموم قول اللّه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾[١١]، وقوله تعالى: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ۖ﴾[١٢]، وتخصيصهما بالفرج استنادًا إلى قوله تعالى: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ﴾[١٣] ضعيف؛ لأنّه في مقام إباحة ما سبق تحريمه، وهو الوطؤ في الفرج، ولا شكّ في أنّ الأمر بعد النهي المؤقّت بأجل مسمّى لا يدلّ على الوجوب؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ۚ﴾[١٤] وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾[١٥]، وإذا لم يدلّ على وجوب الشيء فلا يدلّ على حرمة ما عداه، وأمّا التخصيص بأنّ الحرث لا يكون إلا في الفرج فضعيف أيضًا، وقد أحسن الشافعي في بيان ضعفه، إذ قال: «سَأَلَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَقُلْتُ لَهُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمُكَابَرَةَ وَتَصْحِيحَ الرِّوَايَاتِ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ فَأَنْتَ أَعْلَمُ، وَإِنْ تَكَلَّمْتَ بِالْمُنَاصَفَةِ كَلَّمْتُكَ، قَالَ: عَلَى الْمُنَاصَفَةِ، قُلْتُ: فَبِأَيِّ شَيْءٍ حَرَّمْتَهُ؟ قَالَ: بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ﴾ وَقَالَ: ﴿فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ وَالْحَرْثُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْفَرْجِ، قُلْتُ: أَفَيَكُونُ ذَلِكَ مُحَرِّمًا لِمَا سِوَاهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَمَا تَقُولُ لَوْ وَطِئَهَا بَيْنَ سَاقَيْهَا أَوْ فِي أَعْكَانِهَا أَوْ تَحْتَ إِبْطِهَا أَوْ أَخَذَتْ ذَكَرَهُ بِيَدِهَا، أَفِي ذَلِكَ حَرْثٌ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: أَفَيُحَرَّمُ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَلِمَ تَحْتَجُّ بِمَا لَا حُجَّةَ فِيهِ؟! قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: ﴿وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ الْآيَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: إنَّ هَذَا مِمَّا يَحْتَجُّونَ بِهِ لِلْجَوَازِ، إنَّ اللَّهَ أَثْنَى عَلَى مَنْ حَفِظَ فَرْجَهُ مِنْ غَيْرِ زَوْجَتِهِ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَقُلْتَ أَنْتَ تَتَحَفَّظُ مِنْ زَوْجَتِكَ وَمِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُكَ»[١٦].