الحديث ١٤
تحريم الغدر بالإمام (٦)
رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ [ت٤٣٠هـ] فِي «أَخْبَارِ أَصْبَهَانَ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي بِلَالٍ الْمُقْرِئُ الْكُوفِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أُسَيْدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ صُبَيْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهِيَ رَاجِعَةٌ عَلَى صَاحِبِهَا: الْبَغْيُ، وَالْمَكْرُ، وَالنَّكْثُ»، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾[٢]، وَقَرَأَ: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾[٣]، وَقَرَأَ: ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾[٤].
الشاهد ١
وَرَوَى الطَّبَرِيُّ [ت٣١٠هـ] فِي «ذَيْلِ الْمُذَيَّلِ»[٥]، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُفَيْلٍ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ قَدْ فَرَغَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْقَضَاءِ فِيهِنَّ، فَلَا تَنْتَهِكُوا مِنْهُنَّ شَيْئًا: لَا يَبْغِينَّ أَحَدُكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾، وَلَا يَمْكُرَنَّ أَحَدُكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾، وَلَا يَنْكُثَنَّ أَحَدُكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾».
الشاهد ٢
وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ اللُّكِّيُّ [ت٣٥٦هـ] فِي «نُسْخَةِ نُبَيْطٍ»[٦]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نُبَيْطِ بْنِ شُرَيْطٍ الْأَشْجَعِيُّ بِمِصْرَ سَنَةَ ٢٧٢، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نُبَيْطٍ، حَدَّثَنِي أَبِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ نُبَيْطٍ، عَنْ جَدِّهِ نُبَيْطِ بْنِ شُرَيْطٍ، قَالَ: أَوْصَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ، فَقَالَ: «إِيَّاكَ وَالْبَغْيَ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾، وَإِيَّاكَ وَالنَّكْثَ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾، وَإِيَّاكَ وَالْمَكْرَ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾».
الشاهد ٣
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ [ت٤٦٠هـ] فِي «أَمَالِيهِ»[٧]، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ غَالِبٍ الْأَزْدِيُّ بِأَرْتَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ الْمُفَضَّلِ بْنِ قَيْسِ بْنِ رُمَانَةَ الْأَشْعَرِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَفِيهَا مَاتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرِّضَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ لَهُ وَهُوَ يُوصِيهِ: «يَا عَلِيُّ، أَنْهَاكَ عَنْ أَنْ تُخْفِرَ عَهْدًا، أَوْ تُعِينَ عَلَيْهِ، وَأَنْهَاكَ عَنِ الْمَكْرِ، فَإِنَّهُ ﴿لَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾، وَأَنْهَاكَ عَنْ الْبَغْيِ، فَإِنَّهُ مَنْ ﴿بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ﴾[٨]».
الشاهد ٤
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ [ت١٨١هـ] فِي «الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ»[٩]، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَمْكُرْ، وَلَا تُعِنْ مَاكِرًا، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾، وَلَا تَبْغِ، وَلَا تُعِنْ بَاغِيًا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾، وَلَا تَنْكُثْ، وَلَا تُعِنْ نَاكِثًا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ يُرْوَى عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ[١٠]، وَقَدْ يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ كَمَا رَوَى أَحْمَدُ بْنُ أَعْثَمَ الْكُوفِيُّ [ت٣١٤هـ] فِي «الْفُتُوحِ»[١١]، وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقُمِّيُّ [تنحو٣٢٩هـ] فِي «التَّفْسِيرِ»[١٢]، أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ خُرُوجِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ فِي خُطْبَةٍ أَوْ كِتَابٍ لَهُ: «ثَلَاثُ خِصَالٍ مَرْجِعُهَا عَلَى النَّاسِ فِي كِتَابِ اللَّهِ: الْبَغْيُ، وَالْمَكْرُ، وَالنَّكْثُ، قَالَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾، وَقَالَ: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾، وَقَالَ: ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾، وَقَدْ نَكَثَا بَيْعَتِي، وَمَكَرَا بِي، وَبَغَيَا عَلَيَّ»، يَعْنِي طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ، وَقَالَ ابْنُ رُسْتَمَ الطَّبَرِيُّ [تالقرن٤هـ] فِي «الْمُسْتَرْشِدِ»[١٣]: «رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ»، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ مَنْ جَاءَ بِوَاحِدَةٍ مِنَ الثَّلَاثِ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ ﴿لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾[١٤]، وَيُقَالُ أَنَّهُنَّ أَعْجَلُ الذُّنُوبِ عُقُوبَةً.