الأربعاء ١٨ ذي القعدة ١٤٤٤ هـ الموافق لـ ٧ يونيو/ حزيران ٢٠٢٣ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الأسئلة والأجوبة: يعتقد أناس يقال لهم «القرآنيّون» أنّ الحجّة هي القرآن وحده، ولا يجوز استنباط العقائد والأحكام الشرعيّة من سنّة النبيّ؛ لأنّها ليست حجّة، ولهم في ذلك مغالطات كثيرة. ما رأي السيّد المنصور في هذه العقيدة؟ اضغط هنا لقراءة الجواب وتحميله. جديد الشبهات والردود: هل يجب على العامّيّ أن يبحث في الأدلّة الشرعيّة ليتبيّن له الحكم عن يقين؟! هل هذا الأمر ممكن أو منطقيّ؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ وتحميله. جديد الدروس: دروس من جنابه في وجوب سؤال العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره، وآداب ذلك؛ ما صحّ عن أهل البيت ممّا يدلّ على ذلك؛ الحديث ١٨. اضغط هنا لقراءته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الأقوال: قول من جنابه في بيان أجزاء العلم وأنواع الجاهلين. اضغط هنا لقراءتها وتحميلها. جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «التنبيهات الهامّة على ما في صحيحي البخاري ومسلم من الطامّة» لمكتب السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى. اضغط هنا لقراءته. جديد الرسائل: نبذة من رسالة جنابه في توبيخ الذين يرونه يدعو إلى الحقّ ولا يقومون بنصره. اضغط هنا لقراءتها وتحميلها. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «العصر المقلوب» بقلم «إلياس الحكيمي». اضغط هنا لقراءتها وتحميلها. جديد الأفلام والمدوّنات الصوتيّة: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
رسالة
 

مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ حُكَّامًا وَانْقَادُوا لِأَحْكَامٍ غَيْرِ أَحْكَامِهِ، وَقَالُوا عَلَيْهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ إِذْ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنَا بِذَلِكَ، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَأْمُرَهُمْ بِالشِّرْكِ، لَكِنَّهُمُ افْتَرَوْا عَلَيْهِ الْكَذِبَ...

إِنَّ قُطَّاعَ سَبِيلِ اللَّهِ صَدَّوُا النَّاسَ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ وَخَلِيفَتِهِ فِي الْأَرْضِ وَشَغَلُوهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ، كَمَا يُمْنَعُ الصَّبِيُّ مِنْ ثَدْيِ أُمِّهِ وَيُلْهَى بِاللِّهَايَةِ! ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةُ هَذَا النَّهْبِ أَنْ أَصْبَحَ النَّاسُ مُدْمِنِينَ عَلَى تَقْلِيدِهِمْ، وَلَمْ يَمْضِ وَقْتٌ طَوِيلٌ بَعْدَ سُقُوطِهِمْ فِي حُفْرَةِ التَّقْلِيدِ فِي الْفُرُوعِ حَتَّى سَقَطُوا فِي بِئْرِ التَّقْلِيدِ فِي الْأُصُولِ، وَسَلَّطُوهُمْ عَلَى آخِرَتِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، وَخَضَعُوا لِوِلَايَتِهِمْ عَلَيْهِمْ كَوِلَايَةِ اللَّهِ، وَاتَّخَذُوهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ؛ كَمَثَلِ الْيَهُودِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فِي فَتْرَةٍ مِنْ أَنْبِيَائِهِمْ، وَكُلَّمَا جَاءَهُمْ نَبِيٌّ كَذَّبُوهُ بِإِشَارَةٍ مِنْهُمْ أَوْ قَتَلُوهُ بِفَتْوَاهُمْ؛ إِذْ لَا يَأْتِيهِمْ نَبِيٌّ إِلَّا يَتَكَلَّمُ ضِدَّ كَهَنَتِهِمْ وَيَكْشِفُ عَنْ مُرَاءَاتِهِمْ وَخِيَانَتِهِمْ...

حَقًّا قَدْ نَبَذْتُمْ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ، وَضَيَّعْتُمْ خَلِيفَتَهُ فِي الْأَرْضِ، وَذَبَحْتُمُ الْعُقُولَ عَلَى أَهْوَائِكُمْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِغَرِيبٍ؛ لِأَنَّكُمْ قَدِ ابْتَعَدْتُمْ عَنْ عَصْرِ الْأَنْبِيَاءِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ عَامٍ وَطَالَتْ عَلَيْكُمُ الْفَتْرَةُ، وَأَنْتُمُ الْآنَ خَلَائِفُ قَوْمٍ لَمْ يَرَوْا نَبِيًّا وَلَا وَصِيَّ نَبِيٍّ، فَوَرِثْتُمُ الدِّينَ مِنْهُمْ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ ۚ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ ۗ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ[١]، فَاتَّبَعْتُمْ خُطَى آبَائِكُمْ وَكُنْتُمْ ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ[٢]...

أَلَا لَا تَغْتَرُّوا بِمَظْهَرِهِمْ وَلَا تَنْخَدِعُوا بِمَا يُوحُونَ إِلَيْكُمْ مِنْ زُخْرُفِ الْقَوْلِ؛ فَإِنَّهُمْ أَمْثَالُ الشَّيَاطِينِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ عَنِ الْيَمِينِ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ[٣]! فِي حِينٍ أَنَّ الْيَمِينَ وَالشِّمَالَ مَضَلَّةٌ وَيَصِيرَانِ إِلَى مَصِيرٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ النَّارُ وَبِئْسَ لِلضَّالِّينَ مَصِيرًا. اعْرَفُوا دِينَ اللَّهِ بِكِتَابِهِ وَخَلِيفَتِهِ فِي الْأَرْضِ، لَا بِآرَاءِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ عَرَفُوا دِينَ اللَّهِ بِآرَاءِ الرِّجَالِ لَمْ يَعْرِفُوا دِينَ اللَّهِ...

ثُمَّ بِدَعْمٍ مِنْ هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ الَّتِي لَمْ يَجْعَلْهَا اللَّهُ لَهُمْ يُؤْذُونَ كُلَّ مُسْلِمٍ لَا يَخْضَعُ لِحُكْمِهِمْ وَلَا يَتَّبِعُ أَهْوَاءَهُمْ، وَيَسْتَحِلُّونَ النَّيْلَ مِنْ مَالِهِ وَنَفْسِهِ وَعِرْضِهِ الَّذِي حَرَّمَ اللَّهُ، وَبَعْضُ عُمَّالِهِمُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِأَمْرِهِمْ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا، وَبَعْضُ أَتْبَاعِهِمُ الَّذِينَ أَكْثَرُهُمُ السُّفَهَاءُ يَتَبَرَّؤُونَ مِنْ مُخَالِفِيهِمْ كَأَنَّهُمْ مُخَالِفُو اللَّهِ، وَفِيهِمْ أَشْقِيَاءُ يَقْتُلُونَ لَهُمْ وَيُقْتَلُونَ!...

إِنَّ هَؤُلَاءِ صَاحُوا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا، وَطَارُوا قَبْلَ أَنْ يَرِيشُوا، وَغَطَسُوا فِي الْبَحْرِ قَبْلَ أَنْ يَتَعَلَّمُوا السِّبَاحَةَ! فَلَبِسُوا ثَوْبًا أَكْبَرَ مِنْهُمْ وَحِذَاءً يَسْقُطُ مِنْ أَقْدَامِهِمْ! تَنَاوَلُوا لُقْمَةً لَا تَسَعُهَا أَفْوَاهُهُمْ، وَأَكَلُوا طَعَامًا لَا تَحْوِيهِ بُطُونُهُمْ، فَتُوشِكُ أَضْلَاعُهُمْ أَنْ تَتَفَكَّكَ! يَرْتَدُونَ مِثْلَ الرُّهْبَانِ وَيُفَكِّرُونَ مِثْلَ الْكُفَّارِ، وَيَقُولُونَ قَوْلَ الصَّالِحِينَ وَيَفْعَلُونَ فِعْلَ الْجَبَابِرَةِ! كَأَنَّهُمْ حَيَّاتٌ رَقْشَاءُ جَمِيلَةٌ لَهَا بُطُونٌ مَلِيئَةٌ بِالسَّمِّ! يَغْدُونَ إِلَى الظُّلْمِ، وَيَرُوحُونَ إِلَى بُيُوتِهِمْ لِلْمَكْرِ السَّيِّءِ! قَدْ مُلِئَتْ قُلُوبُهُمْ مِنَ الْكِبْرِ وَالْحِرْصِ، وَلَا هَمَّ لَهُمْ سِوَى حِفْظِ مَا مُتِّعُوا بِهِ مِنَ السُّلْطَةِ! يَذُمُّونَ الْمُسْتَكْبِرِينَ وَهُمْ مِنْ زُمْرَتِهِمْ، وَيُكَذِّبُونَ الْأَدْعِيَاءَ وَلَهُمْ مِثْلُ ادِّعَائِهِمْ! قَدْ ضَحَّوْا بِالدِّينِ لِلسِّيَاسَةِ، وَشَرَوُا الْآخِرَةَ بِالدُّنْيَا! قَدِ ارْتَكَبُوا ذُنُوبًا كَبِيرَةً، وَابْتَدَعُوا بِدَعًا قَبِيحَةً! قَدْ مَنَحُوا غَيْرَ الْأَكْفَاءِ الْمَنَاصِبَ، وَحَمَلُوا السِّفْلَةَ عَلَى الْمَنَاكِبِ! قَدْ عَزَلُوا الصَّالِحِينَ، وَشَوَّهُوا سُمْعَةَ النَّاصِحِينَ!...

وَاللَّهِ إِنْ تَنْظُرُوا فِي رَأْيِهِمْ تَجِدُوهُ سَخِيفًا، وَإِنْ تَدْرُسُوا حُجَّتَهُمْ تَجِدُوهَا دَاحِضَةً. أَفْكَارُهُمْ شَارِدَةٌ، وَأَقْوَالُهُمْ مُتَنَاقِضَةٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ بِمَا يَقُولُونَ سُلْطَانًا وَهُمْ يَفْتَرُونَ عَلَيْهِ كَذِبًا...

إِلَّا الَّذِينَ لَهُمْ نِيَّةٌ طَيِّبَةٌ وَإِذَا بَلَغَتْهُمْ دَعْوَةُ اللَّهِ أَجَابُوهَا وَتَابُوا إِلَيْهِ وَخَرَجُوا مِنْ صَفِّ الظَّالِمِينَ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ زُمْرَةِ الْمُتَّقِينَ، وَلِلْمُتَّقِينَ تَكُونُ الْعَاقِبَةُ، حِينَمَا يُغْفَرُ لَهُمْ ذُنُوبُهُمْ وَيُكَفَّرُ عَنْهُمْ سَيِّئَاتُهُمْ وَيُدْخَلُونَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، لِيَكُونَ لَهُمْ أَجْرًا بِمَا صَبَرُوا، وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ...

لِمَاذَا لَمْ يَدْعُ الَّذِينَ مُكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ إِلَى خَلِيفَةِ اللَّهِ فِيهَا، وَلَمْ يُؤْتُوهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَأَسْلِحَتِهِمْ، حَتَّى يُمَكَّنَ لَهُ فِيهَا كَمَا مُكِّنَ لَهُمْ؟! أَخَافُوا أَنْ يَنْقُصَ مِنْ مَكِنَتِهِمْ شَيْءٌ؟! لَا جَرَمَ سَيَفْقِدُونَ مَكِنَتَهُمْ فِيهَا كُلَّهَا، حِينَمَا يَصِلُ خَلِيفَةُ اللَّهِ فِيهَا إِلَى الْمَكِنَةِ، حَتَّى يَكُونَ أَسْعَدُهُمْ فِيهَا مَنْ يَرْعَى غَنَمَ قَرْيَةِ أَبِيهِ! أَلَا يُوجَدُ فِي الدُّنْيَا مَلِكٌ يَشْرِي مُلْكَهُ فِيهَا بِأَنْ يَكُونَ لَهُ مُلْكٌ فِي الْجَنَّةِ؟! إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَنْزِعَ مِنْهُمُ الْمُلْكَ قَهْرًا، لَكِنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يُسَلِّمُوهُ إِلَيْهِ طَائِعِينَ...

الْحَقُّ أَنَّكُمُ انْحَرَفْتُمْ إِلَى الْيَمِينِ خَوْفًا مِنَ الشِّمَالِ، وَابْتُلِيتُمْ بِالْإِفْرَاطِ خَوْفًا مِنَ التَّفْرِيطِ، وَقَحَمْتُمْ فِي النَّارِ خَوْفًا مِنْهَا! فِي حِينٍ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَكُمْ أُمَّةً وَسَطًا وَحَذَّرَكُمْ مِنَ الشِّمَالِ وَالْيَمِينِ فَقَالَ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا[٤]. فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَتَشْقَوْا، وَلَا تَتَّبِعُوا غَيْرَ سَبِيلِهِ فَتَضِلُّوا! إِنِّي لَكُمْ أَخٌ نَاصِحٌ. أَتُرِيدُونَ أَنْ تَكُونُوا مِنَ الَّذِينَ يَقُولُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ﴿رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا[٥]؟...

فَلَا يَغُرَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ حَتَّى تَتَوَهَّمُوا الْإِضْطِرَارَ وَتَقُولُوا: إِنَّ هَؤُلَاءِ خَيْرٌ لَنَا مِنَ الْآخَرِينَ وَلَا مَنْدُوحَةَ لَنَا مِنْهُمْ وَنَدْفَعُ الْأَفْسَدَ بِالْفَاسِدِ؛ لِأَنَّكُمْ إِنْ تَتَّقُوا وَلَا تَرْضَوْا بِالْفَاسِدِ وَتَجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ يَجْعَلْ لَكُمُ اللَّهُ مَخْرَجًا مِنْ حَيْثُ لَا تَحْتَسِبُونَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ مَا قَدْ سَلَفَ؛ لِأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ؛ كَمَا قَالَ: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى[٦]. إِنِّي أُبَشِّرُكُمُ الْآنَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُخَيِّرْ عِبَادَهُ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْأَفْسَدِ، وَقَدْ كَانَ أَحْكَمَ وَأَكْرَمَ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، بَلْ جَعَلَ مِنْ دُونِ الْفَاسِدِ وَالْأَفْسَدِ صَالِحًا، لَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ. إِنِّي قَدْ جِئْتُكُمُ الْآنَ لِأُخْبِرَكُمْ بِهِ وَأَكْشِفَ عَنْهُ بَعْدَ أَمَدٍ طَالَ عَلَيْكُمْ، لَعَلَّكُمْ تُبْصِرُونَ. قَدْ جِئْتُكُمُ الْآنَ بِبَلَاغٍ فِيهِ فَرَجٌ لَكُمْ، وَلَعَلَّ اللَّهَ قَدْ بَدَأَ بِأَمْرٍ قَدْ عُمِّيَ عَلَيْكُمْ؛ لِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. فَإِنْ ثَبَتَ قَدَمِي عَلَى الْأَرْضِ وَلَمْ يَتَخَطَّفْنِي مِنْهَا رِجَالٌ يُرِيدُونَ أَنْ لَا يُعْبَدَ اللَّهُ فِيهَا سَأُكَلِّمُكُمْ وَأُبَيِّنُ لَكُمُ الْحَقَّ، حَتَّى يَحْفَظَهُ الصِّبْيَانُ وَتَصِفَهُ رَبَّاتُ الْخُدُورِ، وَإِنْ أُخِذَ قَدِمِي وَنُزِعْتُ مِنَ الْأَرْضِ فَلَا أُبَالِي؛ لِأَنِّي لَسْتُ بِخَيْرٍ مِنْ آبَائِي وَلَا نَفْسِي بِأَنْفَسَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَمَا أَحْلَى لِيَ اللُّحُوقَ بِهِمْ فِي حِينٍ اتَّبَعْتُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ، وَلَمْ أُدْخِلْ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةً، وَلَمْ أَدَّعِ مَا لَيْسَ لِي، وَلَمْ أُرِدْ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا، وَقَدْ أَدَّيْتُ مَا عَلَيَّ تُجَاهَ قَوْمِي، وَمَا أَحَبَّ إِلَيَّ الْمَوْتَ مِنَ الْحَيَاةِ فِي الدُّنْيَا الَّتِي قَدْ مُلِئَتْ ظُلْمًا وَأَصْبَحَتْ أَنْجَسَ مِنْ مَيْتَةِ كَلْبٍ! لَا شَكَّ أَنَّ مَرْجِعِي إِلَى اللَّهِ، وَسَيَحْكُمُ بَيْنِي وَبَيْنَ الَّذِينَ يَخْذُلُونَنِي وَيَظْلِمُونَنِي. قَدْ وَعَدَ الَّذِينَ عَرَفُوا الْحَقَّ مِنْكُمْ وَاسْتَقَامُوا عَلَيْهِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا، لِيَعْبُدُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا. ثُمَّ الَّذِينَ افْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَيْأَسُونَ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ لَنْ يُعْجِزُوهُ فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ يُنْجِزُ وَعْدَهُ وَلَهُ نُورٌ يُتِمُّهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ.

إِذَا سُمِعَتْ أَقْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ وَنَادَى كُلُّ أَحَدٍ مِنْ جَانِبٍ فَاتَّبِعُوا قَوْلًا هُوَ أَكْثَرُ مُوَافَقَةً لِقَوْلِ اللَّهِ وَنَبِيِّهِ، وَأَجِيبُوا نِدَاءً هُوَ أَكْثَرُ انْسِجَامًا مَعَ نِدَاءِ الْعَقْلِ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ ۝ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ[٧].

وَكَذِلَكَ كَتَبْنَا إِلَيْكُمْ لِتَتَذَكَّرُوا وَتَرْجِعُوا إِلَى الْحَقِّ وَتَعْبُدُوا رَبَّكُمْ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَتَجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ تَعْبُدُوهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي رِدَاءِ الْإِسْلَامِ وَتَقُومُوا بِالْقِسْطِ، حَتَّى تَزُولَ الْفِتْنَةُ مِنَ الْأَرْضِ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِهِ مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ، وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى.

شرح الرسالة:

لمزيد من المعرفة عن مقصود جنابه في هذه الرسالة الكريمة، راجع مبحث «عدم إمكان الولاية المطلقة للفقيه» و«عدم وجوب طاعة الحكّام الظالمين» و«حاكميّة غير اللّه» من كتاب «العودة إلى الإسلام».

↑[١] . الأعراف/ ١٦٩
↑[٢] . الأعراف/ ١٧٣
↑[٣] . الصّافّات/ ٢٨
↑[٤] . البقرة/ ١٤٣
↑[٥] . الأحزاب/ ٦٧
↑[٦] . الزّمر/ ١٧
↑[٧] . الزّمر/ ١٧-١٨
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساعد في نشر المعرفة. إنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
يمكنك أيضًا قراءة هذا باللغات التالية:
إذا كنت معتادًا على لغة أخرى، يمكنك ترجمة هذا إليها. [استمارة الترجمة]
حمل مجموعة رسائل السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الكتاب: الكلم الطّيّب؛ مجموعة رسائل السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الرابعة
تاريخ النشر: ربيع الآخر ١٤٤٤ هـ
مكان النشر: طالقان؛ أفغانستان