كاتب السؤال: عين الأفشانة رحمت رفيق تاريخ السؤال: ١٤٤٥/١/١٨

ما حكم بناء المطبخ في المسجد بين المصلّى والجدار المحيط بالمسجد؟ هل يجوز ذلك؟

الاجابة على السؤال: ٣ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٤٥/١/٢٥

لقد قال اللّه تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا[١]، وهذا يقتضي كراهية كلّ عمل في المسجد غير ما يكون للّه وحده؛ كما روي «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُبَاعَ وَيُشْتَرَى فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ تُنْشَدَ فِيهِ الْأَشْعَارُ، أَوْ تُعَرَّفَ فِيهِ الضَّالَّةُ، أَوْ يُتَحَلَّقَ فِيهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ»[٢]، و«نَهَى أَنْ يُتَّخَذَ الْمَسْجِدُ طَرِيقًا إِلَّا لِذِكْرٍ أَوْ صَلَاةٍ»[٣]، وصلّى صلاة، فسمع أعرابيًّا ينشد بعيره يقول: «مَنْ وَجَدَ الْبَعِيرَ الْأَحْمَرَ؟»، فقال: «لَا وَجَدْتَ، إِنَّمَا بُنِيَتِ الْمَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ»[٤]، وقال: «مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لَا أَدَّاهَا اللَّهُ إِلَيْكَ، فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا»[٥]، ومن الواضح أنّها لم تُبن لطبخ الطعام أيضًا، وطبخ الطعام ليس ممّا يكون للّه وحده، ولذلك فإنّ حكمه كحكم ما نُهي عنه صراحة، وتؤيّده روايات ثلاثة: الأولى أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: «خِصَالٌ لَا تَنْبَغِي فِي الْمَسْجِدِ»، فذكر منها: «لَا يُمَرُّ فِيهِ بِلَحْمٍ نِيْءٍ»[٦]، وهو اللحم الذي لم يُطبخ، والثانية أنّه قال: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْخُضْرَوَاتِ ذَوَاتِ الرِّيحِ فَلَا يَقْرَبْنَا فِي مَسَاجِدِنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ»[٧]، والثالثة أنّه قال: «إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنَ الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ»[٨]، ووجه التأييد أنّ طبخ الطعام في المسجد قد يستلزم إدخال لحم نيء أو بعض الخضروات ذوات الريح وإنتاج شيء من النفايات المستقذرة فيه، وكلّ ذلك منهيّ عنه، والظاهر أنّ ما بين جدران المسجد كلّه من المسجد؛ كما روي عن بعض الصحابة أنّه قال: «ظَهْرُ الْمَسْجِدِ كَقَعْرِهِ»[٩]، ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ[١٠].

↑[١] . الجنّ/ ١٨
↑[٢] . مسند أحمد، ج١١، ص٢٥٧؛ تاريخ المدينة لابن شبة، ج ١، ص٣٠؛ أخبار مكة للفاكهي، ج٢، ص١٢٠؛ سنن الترمذي، ج٢، ص١٣٢؛ سنن النسائي، ج٢، ص٤٧ و٤٨؛ صحيح ابن خزيمة، ج٢، ص٢٧٤؛ شرح معاني الآثار للطحاوي، ج٤، ص٣٥٨
↑[٣] . تاريخ المدينة لابن شبة، ج١، ص٣٥؛ المعجم الكبير للطبراني، ج١٢، ص٣١٤
↑[٤] . مسند أبي داود الطيالسي، ج٢، ص١٥٠؛ مصنف عبد الرزاق، ج١، ص٤٤٠؛ مسند ابن الجعد، ص٣٠٨؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج٢، ص١٨٢؛ مسند أحمد، ج٣٨، ص١٥٦؛ صحيح مسلم، ج٢، ص٨٢؛ تاريخ المدينة لابن شبة، ج١، ص٣٠؛ سنن ابن ماجه، ج١، ص٢٥٢؛ أخبار مكة للفاكهي، ج٢، ص١٢١؛ مسند الروياني، ج١، ص٦٢؛ صحيح ابن خزيمة، ج٢، ص٢٧٢؛ مستخرج أبي عوانة، ج١، ص٣٤٠؛ صحيح ابن حبان، ج٣، ص١٨٧؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج١٠، ص١٧٦
↑[٥] . مسند أحمد، ج١٤، ص٢٤٨؛ صحيح مسلم، ج٢، ص٨٢؛ تاريخ المدينة لابن شبة، ج١، ص٢٩؛ سنن ابن ماجه، ج١، ص٢٥٢؛ أخبار مكة للفاكهي، ج٢، ص١١٩؛ سنن أبي داود، ج١، ص١٢٨؛ صحيح ابن خزيمة، ج٢، ص٢٧٣؛ مستخرج أبي عوانة، ج١، ص٣٣٩؛ صحيح ابن حبان، ج٣، ص١٨٨؛ المعجم الأوسط للطبراني، ج٨، ص١٩٥؛ عمل اليوم والليلة لابن السني، ص١٣٠؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج٢، ص٦٢٦
↑[٦] . انظر: تاريخ المدينة لابن شبة، ص١؛ سنن ابن ماجه، ج١، ص٢٤٧؛ الكامل لابن عدي، ج٤، ص١٥٤.
↑[٧] . مسند إسحاق بن راهويه (مسند ابن عباس)، الحديث ٩٣٤؛ مسند أحمد، ج٢٣، ص٢٥٩؛ المنتخب من مسند عبد بن حميد، ص٣٢٤؛ صحيح مسلم، ج٢، ص٨٠؛ سنن ابن ماجه، ج٢، ص١١١٦؛ سنن النسائي، ج٢، ص٤٣؛ صحيح ابن خزيمة، ج٣، ص١٨٥؛ مستخرج أبي عوانة، ج١، ص٣٤٢؛ معجم الصحابة للبغوي، ج٣، ص٣١٠؛ شرح معاني الآثار للطحاوي، ج٤، ص٢٣٧؛ صحيح ابن حبان، ج٢، ص٣١؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج٣، ص١٠٨
↑[٨] . مسند أحمد، ج٢٠، ص٢٩٧؛ صحيح مسلم، ج١، ص١٦٣؛ مسند البزار، ج١٣، ص٧٨؛ مستخرج أبي عوانة، ج١، ص١٨٢؛ أخلاق النبي لأبي الشيخ الأصبهاني، ج١، ص٤١٨
↑[٩] . تاريخ المدينة لابن شبة، ج١، ص٣٧
↑[١٠] . الحجّ/ ٣٠