أيّها الأخ المؤمن!
إنّ حقّانيّة السّيّد المنصور أكثر وضوحًا من الشمس عند الملتزمين بمعيار المعرفة والمتخلّصين من موانع المعرفة الذين ليس لديهم تعلّق بالدنيا، مثلك؛ وإلا فإنّ الذين أدخلوا رؤوسهم في معلف السلطة أو الثروة أو الشهرة، وأحيطوا بألف جهل وتعصّب وتكبّر، لا يرون حقّانيّة هذا العالم العظيم مع كلّ وضوحها، بل لا يريدون رؤيتها. أولئك الذين اتّخذوا أولياء من دون اللّه، ورضوا بأوليائهم؛ فأخرجهم أولياؤهم من النور إلى الظلمات، وحوّلوهم إلى شياطين في لباس الإنسان. فصاروا يبهتون ويكذبون ويكتمون الحقّ ويلبسونه بالباطل ويصدّون الناس عن سبيل اللّه من أجل إرضاء أوليائهم، وعلى الرغم من هذا الفسوق، يحسبون أنّهم يحسنون صنعًا! لا جرم ستكون عاقبتهم عاقبة الذين حاربوا أولياء اللّه من قبل، وتحالفوا ضدّهم مع حكّام زمانهم، ولم تكن عاقبتهم سوى لعنة أبديّة في الدنيا وعذاب أبديّ في الآخرة. بالتأكيد لو لا أنّهم وقفوا أمام دعوة الأنبياء وأبناء الأنبياء، ومنعوا الناس من إجابتها، لما أصبحت الأرض مليئة بالظلم إلى هذه الدرجة، بل ربما أصبحت مليئة بالعدل من قبل بسهولة، لكن من المؤسف أنّ هؤلاء الأشقياء نصبوا العداوة للحقّ وعارضوه بكلّ قوّتهم، وإن كان لإهمال المؤمنين في حماية الحقّ أيضًا تأثير كبير على غلبة الظلم؛ لأنّ العديد من المؤمنين لم يقوموا بدورهم في حماية الحقّ، وبقعودهم وغيابهم تركوا الحقل فارغًا لجولان الأشقياء، وأفسحوا الطريق لطغيانهم أكثر من قبل، في حين أنّهم لو شعروا بمسؤوليّتهم عن الحقّ، وقاموا بالدفاع عنه أمام الباطل، لتغيّر التوازن لصالحه، وتمهّد الظروف لتحقيق المُثُل العليا للأنبياء وأبناء الأنبياء بكلّ تأكيد.
كما أنّ تعبيرك عن استعدادك للهجرة إلى السّيّد المنصور هو خطوة في هذا الإتّجاه. لذلك، نقول إجابة على أسئلتك: هجرة المؤمنين إلى خراسان أمر لا بدّ منه؛ كما قال السّيّد المنصور في بعض حِكَمه: «لا يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ حَتَّى يَنْزِلَ الْمَلائِكَةُ، وَلا يَنْزِلُونَ حَتَّى يَجْتَمِعَ الْمُؤْمِنُونَ بِخُراسانَ وَالْمُنافِقُونَ بِالشَّامِ» وهذا ما يستفاد من الروايات المتواترة في هذا الباب؛ كما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم إشارة إلى الممهّد الخراسانيّ لظهور المهديّ: «فَأْتُوهُ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ»، ولكن ليس الآن أوان ذلك؛ لأنّ المؤمنين لا يزالون قليلين، وفي هذه الحالة، إقامتهم في بلادهم أكثر فائدة من هجرتهم إلى خراسان؛ بالنظر إلى أنّهم بطبيعة الحال أكثر تمكّنًا من الدّعوة في بلادهم إن أرادوا نصرة، وإذا عجزوا عنها في بلادهم فهم في خراسان أعجز! لذلك، ينبغي لهم أن يدعوا إلى اللّه وخليفته في بلادهم، وأن يجمعوا أكبر عدد ممكن من أهلهم وقومهم، ثمّ يفكّروا في الهجرة إلى خراسان؛ لأنّ من لا ينفع إمامه في بلده الذي يألفه وله فيه معارف ومرافق، فكيف ينفعه في بلد غريب؟! كما أنّ اللّه تعالى يقول: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ ويقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ﴾ ويقول: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ﴾. نعم، إذا قضى المؤمنون ما عليهم في بلادهم، لدرجة أنّ إقامتهم فيها لم تعد مفيدة، فسيتمّ التمهيد لهجرتهم إلى خراسان، وفي ذلك الوقت، سيتمّ توفير جميع المعلومات اللازمة لهذا الغرض لهم إن شاء اللّه.
ثبّت اللّه أقدام المؤمنين على الإيمان، ووفّقهم للهجرة والجهاد في سبيله؛ لأنّه يحبّ المهاجرين في سبيله، ويفضّل المجاهدين في سبيله على القاعدين؛ كما قال: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ ۚ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾. طوبى للذين يخرجون من بيوتهم لنصرة المهديّ؛ لأنّهم لن يرجعوا إلى بيوتهم خجلين، وويل للذين يمكثون في بيوتهم لنصرة الآخرين؛ لأنّهم سيُخرَجون من بيوتهم خجلين، والأرض ميراث الصالحين.
الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني
قسم الإجابة على الأسئلة