إن كنت تريد معرفة الحقّ، ولا تريد أن تخدع نفسك ككثير من الناس، فتنبّه للنكات التالية:
أولًا «الكفر» و«الشرك» في الإسلام لهما معنى معلوم وحدّ مبيّن، ومن نسبهما إلى من ليس فيه ذلك المعنى وذلك الحدّ، فقد أعظم الفرية، وسلك مسلك الخوارج، وكفى بذلك ضلالًا بعيدًا. ألم تسمع قول اللّه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾، أم زعمت أنّه أيضًا لا علاقة له بموضوع البحث؟! من الواضح أنّ كلّ من آمن باللّه ورسوله واليوم الآخر، ولم ينكر شيئًا من أركان دينه مثل الكتاب والملائكة والقبلة والصلاة والزكاة والصيام والحجّ، فهو مسلم، وإن خالفك في سائر عقائده، أو عمل عملًا لا تستحسنه، وهذا ما لا خلاف فيه بين أهل السنّة والجماعة، وقد روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَكْفَرَ رَجُلًا فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا فَقَدْ بَاءَ بِالْكُفْرِ»، وقال في من يرمي جاره بالشرك، وقد سئل: «أَيُّهُمَا أَوْلَى بِالشِّرْكِ؟ الْمَرْمِيُّ أَوِ الرَّامِي؟» قال: «بَلِ الرَّامِي»، وهذا واللّه ينزلك منزلة سوء إن كنت تعلم!
ثانيًا تفسير القرآن بما لا يوافق هواك لا يعتبر تفسيرًا بالرأي، ولكنّ التفسير بالرأي هو تفسيره بما لا يوافق تفسير رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وقد ثبت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم برواية أمّ سلمة، وعائشة، وصفيّة، وعبد اللّه بن عباس، وأبي سعيد الخدريّ، وسعد بن أبي وقّاص، وأنس بن مالك، وواثلة بن الأسقع، وجعفر بن أبي طالب، وزيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وجابر بن عبد اللّه، وأبي هريرة، وأبي حمراء، وأبي برزة، وغيرهم، أنّه فسّر آية التطهير بأنّها نزلت في شأنه وشأن عليّ وفاطمة والحسن والحسين، ولم تنزل في شأن أزواجه؛ كما قال بصراحة: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي خَمْسَةٍ: فِيَّ، وَفِي عَلِيٍّ، وَحَسَنٍ، وَحُسَيْنٍ، وَفَاطِمَةَ»، فجمعهم تحت كساء، وقال: «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي»، وروي أنّ بعض أزواجه قالت: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَسْتُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؟ فَقَالَ: ”إِنَّكِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ“، أَوْ قَالَ: ”إِنَّكِ مِنْ صَالِحِي نِسَائِي“، أَوْ قَالَ: ”إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ“، وَمَا قَالَ: إِنَّكِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ»، فكانت تقول: «لَوْ قَالَ: ”نَعَمْ“ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ»، فبيّن بذلك أنّ أزواجه لسن من أهل البيت المقصودين في آية التطهير، والظاهر من الروايات أنّ فقرة ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ نزلت مفردة كقضيّة خارجيّة، ولم تنزل مع فقرة ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾، وهذا يعني أنّهما آيتان منفصلتان، وإنّما تمّ جمعهما في الكتابة؛ نظرًا لأنّ ترتيب الكتابة لا يلازم ترتيب النزول، وكان متأخّرًا عنه؛ كما روي عن عثمان بن عفّان، قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ دَعَا بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ، فَيَقُولُ: ضَعُوا هَذَا فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا، وَيُنْزَلُ عَلَيْهِ الْآيَاتُ، فَيَقُولُ: ضَعُوا هَذِهِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا، وَيُنْزَلُ عَلَيْهِ الْآيَةُ، فَيَقُولُ: ضَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا»، وعن عثمان بن أبي العاص، قال: «كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِذْ شَخَصَ بِبَصَرِهِ، ثُمَّ صَوَّبَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَضَعَ هَذِهِ الْآيَةَ هَذَا الْمَوْضِعَ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى﴾ إِلَى آخِرِهَا»، وعن عبّاد بن عبد اللّه بن الزبير، قال: «أَتَى الْحَارِثُ ابْنُ خُزَيْمَةَ بالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ بَرَاءَةٍ، فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ كَانَتْ ثَلَاثَ آيَاتٍ لَجَعَلْتُهَا سُورَةً عَلَى حِدَةٍ، فَانْظُرُوا سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ، فَأَلْحِقُوهَا فِي آخِرِهَا»، ولذلك ليس بغريب أن تكون فقرة ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ آية مستقلّة أُلحقت بالآية التي نزلت في أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وممّا يؤيّد هذا اختلاف الضمير فيهما؛ فإنّ الضمير في فقرة ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ هو ضمير مخاطب لجمع المؤنّث، والضمير في فقرة ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ هو ضمير مخاطب لجمع المذكّر؛ كما نبّه على ذلك الطحاويّ (ت٣٢١ه) في «شرح مشكل الآثار» حيث قال بعد ذكر الروايات: «دَلَّ مَا رَوَيْنَا مِمَّا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ الْمُرَادِينَ بِمَا فِيهَا هُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ كِتَابَ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمُ الْمَقْصُودُونَ بِتِلْكَ الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ قَبْلَهَا فِي السُّورَةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾، ثُمَّ قَالَ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ﴾، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ أَنَّ الَّذِي تَلَاهُ إِلَى آخِرِ مَا قَبْلَ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ﴾ خِطَابٌ لِأَزْوَاجِهِ، ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِخِطَابِهِ لِأَهْلِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ﴾ فَجَاءَ عَلَى خِطَابِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ: ﴿لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ﴾، وَهَكَذَا خِطَابُ الرِّجَالِ، وَمَا قَبْلَهُ فَجَاءَ بِهِ بِالنُّونِ، وَكَذَلِكَ خِطَابُ النِّسَاءِ، فَعَقَلْنَا أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ﴾ خِطَابٌ لِمَنْ أَرَادَهُ مِنَ الرِّجَالِ بِذَلِكَ لِيُعْلِمَهُمْ تَشْرِيفَهُ لَهُمْ وَرِفْعَتَهُ لِمِقْدَارِهِمْ أَنْ جَعَلَ نِسَاءَهُمْ مَنْ قَدْ وَصَفَهُ لِمَا وَصَفَهُ بِهِ مِمَّا فِي الْآيَاتِ الْمَتْلُوَّاتِ قَبْلَ الَّذِي خَاطَبَهُمْ بِهِ تَعَالَى»، وهذا لم يكن قول الطحاويّ فقطّ، بل نسبه ابن عطيّة (ت٥٤٢ه) إلى جمهور أهل السنّة والجماعة، وقال بعد الإشارة إلى الروايات: «وَمِنْ حُجَّةِ الْجُمْهُورِ قَوْلُهُ: ”عَنْكُمُ وَيُطَهِّرَكُمْ“ بِالْمِيمِ، وَلَوْ كَانَ النِّسَاءُ خَاصَّةً لَكَانَ عَنْكُنَّ»، وقال أبو بكر الحضرميّ (ت١٣٤١هـ): «الَّذِي قَالَ بِهِ الْجَمَاهِيرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَقَطَعَ بِهِ أَكَابِرُ الْأَئِمَّةِ، وَقَامَتْ بِهِ الْبَرَاهِينُ، وَتَظَافَرَتْ بِهِ الْأَدِلَّةُ، أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ الْمُرَادِينَ فِي الْآيَةِ هُمْ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَابْنَاهُمَا». فهل تظنّ أنّ هؤلاء كلّهم كانوا كفّارًا مشركين؟! من الواضح أنّهم لم يكونوا كذلك، ولكنّك رجل لا علم لك ولا ورع، ﴿وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾.
ثالثًا ليست الشيعة صنفًا واحدًا حتّى يمكن الحكم بأنّهم كفّار مشركون حكمًا واحدًا، بل هم أصناف ثلاثة: صنف أفرطوا في أهل البيت، حتّى اتّخذوهم آلهة أو أنبياء، فهم كفّار مشركون، ويقال لهم «الغلاة»، وصنف فرّطوا في كثير من الصحابة، حتّى كفّروهم أو سبّوهم، فهم جهّال فاسقون، ويقال لهم «الرافضة»، وصنف كفّوا عن الإفراط والتفريط، فهم مؤمنون مقتصدون، ويقال لهم «الشيعة»، وقد ذُكر في عدادهم جماعة من الصحابة والتابعين والفقهاء الذين لا خلاف بين المسلمين في إيمانهم وجلالتهم، وقد ذكرنا أسماءهم في هامش كتاب «العودة إلى الإسلام»، فراجع.
رابعًا قد عرف المنصور حفظه اللّه تعالى الإله الذي يعبده. إنّه لا يعبد إله المجسّمة والمشبّهة الذين قد تقلّدهم وتعظّمهم، ولكن يعبد إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وسائر النبيّين عليهم السلام، ويعبد إله محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ولا يشرك به في التكوين والتشريع والتحكيم؛ بمعنى أنه يؤمن بوحدانيّته في الخلق والرزق والتدبير، ولا يؤمن بشريعة غير شريعته ولا حكومة غير حكومته، ويعتقد أنّ حكومته هي حكومة من يحكم بإذنه، ولو كره الضالّون والمشركون؛ كما أخبرنا بعض أصحابه، قال:
سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ فِي الْخَلْقِ وَالرَّزْقِ وَتَدْبِيرِ الْعَالَمِ وَشَهِدَ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ فَقَدْ أَسْلَمَ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ حَتَّى يُقِرَّ بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي الْحُكْمِ وَالْمُلْكِ، لَا يُصْدِرُ حُكْمًا وَلَا يَبْعَثُ مَلِكًا إِلَّا هُوَ، فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ فَهُوَ ضَالٌّ، وَإِنْ جَحَدَهُ فَهُوَ مُشْرِكٌ.
وأخبرنا بعض أصحابه، قال:
سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُهُ وَرَازِقُهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ فَقَدْ أَسْلَمَ، وَلَا يُؤْمِنُ حَتَّى يُقِرَّ بِأَنَّ الْحَرَامَ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ، لَا حَرَامَ غَيْرُهُ، وَأَنَّ الْإِمَامَ مَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ إِمَامًا، لَا إِمَامَ غَيْرُهُ، فَإِنْ جَهِلَهُمَا فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا، وَإِنْ دُعِيَ إِلَيْهِمَا ثُمَّ أَنْكَرَهُمَا فَقَدْ أَشْرَكَ.
فانظر الآن لتعرف حالك؛ هل أنت ضالّ أم مشرك؟! إذ لست بمؤمن لإنكارك الإمامة من عند اللّه، وقد بيّنها لك المنصور حفظه اللّه تعالى في كتاب «العودة إلى الإسلام» بالإستناد إلى القرآن والسنّة، فاتّخذته سِخريًّا، ومن أنكر شيئًا من القرآن والسنّة من بعد ما تبيّن له فليس من الإسلام في شيء، وإن ادّعى الإسلام فهو منافق؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:
سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: إِنَّمَا يَسْتَقْبِلُ هَذِهِ الْقِبْلَةَ ثَلَاثَةٌ: مَنْ سَمِعَ دَعْوَتِي إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ فِي الشَّرْعِ وَالْمُلْكِ فَأَجَابَهَا وَاجْتَنَبَ الْجِبْتَ وَالطَّاغُوتَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ سَمِعَهَا فَلَمْ يُجِبْهَا فَهُوَ مُنَافِقٌ، وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا وَلَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ فَهُوَ مُسْلِمٌ ضَالٌّ حَتَّى يَسْمَعَهَا أَوْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ.
فما أعجب رجلًا منافقًا يكفّر رجلًا مؤمنًا يدعوه إلى توحيد اللّه؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:
قُلْتُ لِلْمَنْصُورِ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ أَنَّكَ مُشْرِكٌ! قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَمَا شِرْكِي؟! قُلْتُ: قَوْلُكَ أَنَّ الْمُلْكَ بِيَدِ اللَّهِ، وَلَيْسَ بِأَيْدِي النَّاسِ! فَضَحِكَ تَعَجُّبًا مِنْ قَوْلِهِمْ وَقَالَ: أَفَمَنْ يَجْعَلُ الْأَمْرَ لِلَّهِ وَحْدَهُ مُشْرِكٌ، وَمَنْ يَجْعَلُهُ لِلَّذِينَ مِنْ دُونِهِ مُوَحِّدٌ؟! ﴿سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾! قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ أَنَّكَ رَافِضِيٌّ! قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَمَا رَفْضِي؟! قُلْتُ: تَقْدِيمُكَ أَهْلَ الْبَيْتِ! فَضَحِكَ تَعَجُّبًا مِنْ قَوْلِهِمْ وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا مِنَ الرَّفْضِ فِي شَيْءٍ، إِنَّمَا الرَّفْضُ تَكْفِيرُ الشَّيْخَيْنِ أَوْ سَبُّهُمَا! فَدَخَلَ الْغُرْفَةَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا بِيَدِهِ إِنَاءٌ، فَوَضَعَهُ مَنْكُوسًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِ الْمَنْصُورُ وَقَالَ: إِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ نَكَّسَ عُقُولَهُمْ كَمَا نَكَّسَ هَذَا إِنَاءَهُ فَمَا ذَنْبِي؟!
الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني
قسم الردّ على الشبهات