الرجاء الإنتباه إلى النقاط التالية، إن كنت تخاف اللّه واليوم الآخر وتسعى إلى معرفة الحقّ، ولا تسعى مثل العديد من سائر المسلمين لخداع نفسك والآخرين:
أولًا «الكفر» و«الشرك» عنوانان من العناوين الشرعيّة التي لها معنى محدّد ومعروف في كتاب اللّه وسنّة نبيّه، وتعميمها إلى معنى آخر هو بدعة وضلالة، وكلّ بدعة وضلالة مصيرها إلى النار. فأمسك زمام جمل اللسان، ولا تصدر فتوى الكفر والشرك بغير علم وتبيّن؛ لأنّ جمل اللسان إذا هاج يلقي راكبه في سواء الجحيم، والفتوى إذا أصدرت بغير علم وتبيّن تسقط صاحبها من السماء إلى الأرض؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾. من الواضح أنّ كلّ من يؤمن بوحدانيّة اللّه في التكوين والتشريع والتحكيم، ويؤمن بنبيّه الخاتم محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ولا ينكر شيئًا من أركان دينه مثل الكتاب والملائكة والقيامة والقبلة والصلاة والزكاة والصيام والحجّ والجهاد، هو مسلم وإن لم يكن في سائر عقائده يفكّر مثلك وكان لديه تفسير مختلف، وهذه حقيقة معلومة من كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم المتواترة واتّفق عليها السلف الصالح، لدرجة أنّها قد تعتبر من واضحات الإسلام وينسب منكرها إلى الجهل والضلال. لذلك، من الواضح أنّ «جميع الشيعة» لا يعتبرون كفّارًا ومشركين؛ لأنّ معظمهم يؤمنون بوحدانيّة اللّه ونبيّه الخاتم وأركان دينه، وعليه فإنّ اعتبار جميعهم كفّارًا ومشركين حتّى لو كان ذلك بسبب بعض انحرافاتهم وأخطائهم، هو تحكّم وتعسّف محض يحكي عن خلوّك من العلم؛ لدرجة أنّه يبدو أنّك لم تشمّ منه رائحة ولم تره بأيّ من عينيك! كما يحكي عن خلوّك من التقوى؛ لأنّك بتساهل وتغافل مدهش، تصدر أحكامًا كلّيّة وعامّة، ولا تبالي بأنّك تفتري على اللّه الكذب؛ مثل خوارج الزمان الذين قد ظهروا مؤخّرًا في غرب الأرض، ويمثّلون صفة ﴿يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾؛ لأنّه ليس لهم علم ولا تقوى، ويستمدّون القوّة من مفتين مثلك، ليذبحوا المسلمين وينهبوا أموالهم باسم الجهاد في سبيل اللّه. لا شكّ أنّهم هم الضالّون، مع أنّهم يحسبون أنّهم مهتدون؛ كالذين قال اللّه تعالى فيهم: ﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾.
ثانيًا إنّ تفسير القرآن بطريقة لا تتوافق مع هواك لا يعتبر «تفسيرًا بالرأي»، ولكنّ التفسير بالرأي هو تفسيره بطريقة لا تتوافق مع تفسير رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، في حين أنّ تفسير آية التطهير بعليّ وفاطمة والحسن والحسين وعدم تفسيرها بأمّهات المؤمنين، هو تفسير رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وقد رواه عنه العديد من أصحابه مثل عبد اللّه بن عباس، وأبي سعيد الخدري، وسعد بن أبي وقّاص، وأنس بن مالك، وواثلة بن الأسقع، وجعفر بن أبي طالب، وزيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وجابر بن عبد اللّه، وأبي هريرة، وأبي حمراء، وأبي برزة، وأمّ سلمة، وعائشة، وصفيّة، وغيرهم، وقد جاء في رواية بعضهم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال بصراحة: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي خَمْسَةٍ: فِيَّ، وَفِي عَلِيٍّ، وَحَسَنٍ، وَحُسَيْنٍ، وَفَاطِمَةَ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾»، وجاء في رواية بعضهم أنّ بعض أزواج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قالت: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَسْتُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؟ قَالَ: إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ، إِنَّكِ مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ»، وفي رواية أخرى: «فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَأَنَا؟ فَوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ وَقَالَ: إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ»، وفي رواية أخرى: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْتُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؟ قَالَ: إِنَّكِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَا قَالَ: إِنَّكِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ»، فبيّن بذلك أنّ أزواجه لسن من أهل بيته المقصودين في آية التطهير، وروى زيد بن أرقم وجعفر بن أبي طالب وواثلة وأمّ سلمة وصفيّة أنّ فقرة ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ نزلت مفردة في بيت أمّ سلمة كقضيّة خارجيّة ولم تنزل مع فقرة ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾، وهذا يدلّ على أنّهما آيتان منفصلتان، وإنّما تمّ جمعهما في الكتابة؛ نظرًا إلى أنّ ترتيب كتابة الآيات لا يلازم ترتيب نزولها، وممّا يقوّي هذا اختلاف الضمير في الفقرتين؛ فإنّ الضمير في فقرة ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ هو ضمير مخاطب لجمع المؤنّث والضمير في فقرة ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ هو ضمير مخاطب لجمع المذكّر؛ كما أشار إلى ذلك الطحاويّ (ت٣٢١ه) في شرح مشكل الآثار إذ قال بعد ذكر الروايات: «دَلَّ مَا رَوَيْنَا مِمَّا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ الْمُرَادِينَ بِمَا فِيهَا هُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ كِتَابَ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمُ الْمَقْصُودُونَ بِتِلْكَ الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ قَبْلَهَا فِي السُّورَةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ ثُمَّ قَالَ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ﴾، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ أَنَّ الَّذِي تَلَاهُ إِلَى آخِرِ مَا قَبْلَ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ﴾ خِطَابٌ لِأَزْوَاجِهِ، ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِخِطَابِهِ لِأَهْلِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ﴾ فَجَاءَ عَلَى خِطَابِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ: ﴿لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ﴾ وَهَكَذَا خِطَابُ الرِّجَالِ، وَمَا قَبْلَهُ فَجَاءَ بِهِ بِالنُّونِ وَكَذَلِكَ خِطَابُ النِّسَاءِ فَعَقَلْنَا أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ﴾ خِطَابٌ لِمَنْ أَرَادَهُ مِنَ الرِّجَالِ بِذَلِكَ لِيُعْلِمَهُمْ تَشْرِيفَهُ لَهُمْ وَرِفْعَتَهُ لِمِقْدَارِهِمْ أَنْ جَعَلَ نِسَاءَهُمْ مَنْ قَدْ وَصَفَهُ لِمَا وَصَفَهُ بِهِ مِمَّا فِي الْآيَاتِ الْمَتْلُوَّاتِ قَبْلَ الَّذِي خَاطَبَهُمْ بِهِ تَعَالَى»، وهذا لم يكن قول الطحاويّ فقطّ، بل نسبه ابن عطيّة (ت٥٤٢ه) إلى الجمهور وقال بعد الإشارة إلى الروايات: «وَمِنْ حُجَّةِ الْجُمْهُورِ قَوْلُهُ: <عَنْكُمُ وَيُطَهِّرَكُمْ> بِالْمِيمِ، وَلَوْ كَانَ النِّسَاءُ خَاصَّةً لَكَانَ عَنْكُنَّ». فهل أنت تزعم أنّ جمهور أهل السنّة والجماعة كانوا كفّارًا ومشركين؟! من الواضح أنّهم لم يكونوا كذلك، ﴿وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾!
الحاصل أنّ ما قام به المنصور الهاشمي الخراساني من تفسير آية التطهير بعليّ وفاطمة والحسن والحسين، هو نفس ما قام به النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ولذلك ليس فقطّ لا يعتبر «كفرًا» و«شركًا» على عكس ما توهّمت، بل هو سنّة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، إلا أن كنت تعتبر النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم «كافرًا» و«مشركًا»، وفي هذه الحالة، لا يمشي في الأرض أحد أشدّ كفرًا وشركًا منك! نعوذ باللّه من التكبّر عندما يضاف إلى الجهل؛ لأنّه يصبح ظلمات بعضها فوق بعض، ﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾!
ثمّ إنّه ليس من الممكن تفسير آية التطهير بأزواج النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالنظر إلى كتاب اللّه وإن لم يكن هناك سنّة من النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ لأنّ «الرّجس» هو العصيان، ولا شكّ أنّ اللّه لم يذهبه عن أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وقد بلغ من عصيان بعضهنّ أنّ اللّه أنزل سورة فأخبر فيها عن عصيانهنّ، وزيغ قلوبهنّ ووجوب التوبة عليهنّ، واحتمال تظاهرهنّ على النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ثمّ قال تهديدًا وتعريضًا بهنّ: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾، فلمّح بذلك إلى أنّهنّ لسن خير النساء ولم تجتمع فيهنّ هذه الصفات الحسنة، ثمّ قال: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾، ولا يخفى على المتدبّر أنّ هذا شبه تعريض ببعض أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، في حين أنّ اللّه استثنى من أهل بيت الأنبياء من عمل غير صالح، كما قال لنوح عليه السلام في ابنه: ﴿يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾، ومن الواضح أنّه لا تبديل لسنّة اللّه؛ كما قال: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ۖ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾.
من هذا يعلم أنّ المقصود من أهل البيت في آية التطهير لا يمكن أن يكون أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وهذا نفس ما دلّ عليه السنّة. لذلك، فإنّ المنصور الهاشمي الخراساني لم يفسّر آية التطهير برأيه، بل فسّرها طبقًا لكتاب اللّه وسنّة نبيّه المتواترة، وأنت الذي فسّرها برأيه ورأي من يقلّدهم بغير علم، ومن ثمّ لو كان التفسير بالرأي «كفرًا» و«شركًا» لكنت أنت من الكافرين والمشركين!
ثالثًا إنّ تفسير كتاب اللّه بالرأي، إذا كان مثل تفسيرك عن جهل وغفلة، لا يعتبر «كفرًا» و«شركًا»، لكنّه خطأ كبير جدًّا؛ لأنّ «الكفر» و«الشرك» عقيدتان ولا يمكن إثباتهما بالأعمال، إلا تمشّيًا مع قاعدة الخوارج الذين لا خلاف في ضلالتهم. لذلك، إذا كنت من الخوارج، فعليك أن تتوب من كفرك وشركك لتفسيرك القرآن بالرأي، وإذا لم تكن من الخوارج، فعليك أن تتوب من تكفيرك من وافق تفسيره تفسير النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ لا سيّما بالنظر إلى ما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ: أَنْتَ كَافِرٌ أَوْ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ»، وفي رواية أخرى: «أَيُّمَا رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْفَرَ رَجُلًا مُسْلِمًا، فَإِنْ كَانَ كَافِرًا وَإِلَّا كَانَ هُوَ الْكَافِرُ». لذلك، أنت واقف بين شعبتين من الكفر، فاختر لنفسك أيّهما شئت! ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ﴾!
رابعًا قد كان المنصور الهاشمي الخراساني يعمل بتوصية عقله منذ فترة طويلة قبل توصيتك ويعرف من يعبده حقّ المعرفة. إنّه يعبد ربّ محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ولا يشرك به في التكوين والتشريع والتحكيم؛ بمعنى أنه يعتقد بوحدانيّته في خلق الكائنات ورزقها وتدبيرها ولا يسلم لشريعة غير شريعته ولا لحكومة غير حكومته، ويعتقد أنّ حكومته هي حكومة من يحكم بإذنه، وإن كان أكثر الناس لا يعلمون. إنّ المنصور الهاشمي الخراساني لا يعبد إله ابن حامد وابن تيمية وابن عبد الوهاب وأمثالهم؛ الإله الذي يوجد في الأعلى ولا يوجد في الأسفل وله عينان وأذنان ويدان وقدمان وعشرة أصابع حقيقيّة ويتنقّل من مكان إلى آخر ويمكن رؤيته بالعين مثل القمر في السماء وهو مثال كامل على اللات وهبل والعزّى مستتر في حجاب «بلا كيف»! لكنّه يعبد إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وموسى الذي قال: ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ﴾، فردّ عليه: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾، فتاب من توقّعه: ﴿قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ﴾؛ الإله الذي أهلك سبعين رجلًا من بني اسرائيل بالصاعقة لأنهم أرادوا رؤيته بأعينهم: ﴿فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾؛ لأنّه ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾؛ الإله الذي أينما توجّهت فهو هناك، وليس وجوده محدودًا بالأمكنة والجهات؛ كما قال: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾، وقال: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾؛ الإله الذي لا ينتقل من مكان إلى آخر ولا يعتمد على مخلوقه ولا يمكن تجزئته إلى الأعضاء ولا يتّصف بصفات الإنسان؛ كما قال: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾؛ الإله الذي لا يسعه وصف ولا يحيط به وهم وسبحانه وتعالى عن كلّ ما يمكن تصوّره؛ كما قال: ﴿مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾، وقال: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ﴾؛ الإله الذي له الأسماء الحسنى كلّها، دون أن يؤدّي تعدّد أسمائه إلى تعدّد ذاته أو انقسامها؛ كما قال: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾؛ فإنّ الصفتين «البصير» و«السميع» لا تحوّلانه إلى شخصين ولا تخلقان له جزأين، بل هو سميع بذاته وبصير بذاته والسمع والبصر اعتباران لصفة واحدة له وهي «العلم»؛ لأنّه لا سبيل للتعدّد إلى وجوده وهو منزّه عن أيّ كثرة في ذاته؛ كما قال: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، وقال: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ﴾؛ الإله الذي بيده التشريع ولا يوجب ولا يحرّم شيئًا إلا هو؛ كما قال: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾؛ الإله الذي بيده الحكومة ولا ينصّب ولا يعزل حاكمًا إلا هو؛ كما قال: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ﴾؛ فلا شريك له في الحكومة؛ كما قال: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ﴾! هذا هو إله محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وإله إبراهيم وآل إبراهيم وهذا هو إله المنصور الهاشمي الخراساني حامل لواء التوحيد في العصر الحاضر بالنداء التوحيدي «البيعة للّه».
الآن يجب عليك البحث لتعرف من تعبد؛ هل تعبد الإله الواحد الأحد، بأن تكون مثل المنصور الهاشمي الخراساني مطيعًا لكتابه وسنّة نبيّه المتواترة في ضوء العقل السليم، ومتحرّرًا من قيد المذاهب المبتدعة بتوجيه العزيمة نحو خليفة اللّه في الأرض، أم تعبد مذهبك المبتدع، بأن تكون مثل معظم المسلمين مطيعًا لقادتك وأسلافك في ظلّ التقليد، ومكفّرًا لكلّ من لا يتّبع مذهبك المبتدع ولا يطيع قادتك وأسلافك! نحن نوصيك بأن تعبد اللّه الواحد الأحد وتطيع كتابه وسنّة نبيّه المتواترة وخليفته في الأرض فقطّ مثل المنصور الهاشمي الخراساني، ولا تتّبع المذاهب المبتدعة المليئة بآلاف من الأوهام والأمانيّ.
اعلم أنّ المنصور يسعى لجمع مسلمي العالم كافّة حول المهديّ عليه السلام بالإعتماد على اليقينيّات الإسلاميّة، وينبغي لك أن تعاونه في هذا العمل الصالح والمبارك، وأن لا تجعل الأمر أكثر صعوبة عليه بالضرب على طبل التكفير والنفخ في نار التفرقة. إنّا ندعوك وسائر مسلمي العالم إلى «العودة إلى الإسلام الخالص والكامل»؛ لأنّها تمهيد لظهور المهديّ، وظهور المهديّ تمهيد لامتلاء الأرض بالعدل والقسط بعد امتلائها بالظلم والجور، وهذه سعادة ليس فوقها سعادة. فالتحقوا بالمنصور الهاشمي الخراساني وانصروه في هذه النهضة الإسلاميّة العظيمة واسمحوا له بتحويل خلافاتكم القديمة إلى اتّحاد في ضوء حاكميّة المهديّ عليه السلام.
الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني
قسم الردّ على الشبهات