المقدّمة
دروس السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى غايتها تزكية الناس وتعليمهم الكتاب والحكمة، وأساسها ومحورها القرآن والسنّة، وموضوعها العقائد والأحكام والأخلاق الإسلاميّة، وقد اخترنا منها ما يتعلّق بأهمّ القضايا وأشدّها ابتلاءً في زماننا، ورتّبناها بما يسهّل على القارئ المراجعة والمطالعة، وعلّقنا عليها بذكر المصادر وشيء من التوضيح عند الإقتضاء.
***
كلّ باب من الدّروس يتعلّق بقضيّة عقائديّة أو فقهيّة أو أخلاقيّة، ويتألّف من ثلاثة فصول:
• الفصل الأوّل بيان ما نزل في القرآن ممّا يتعلّق بالقضيّة، وفيه تفاسير قيّمة من السيّد العلامة حفظه اللّه تعالى استخرجناها من أقواله الطيّبة، تبيّن معاني الآيات بما يشفي الصدور ويخرج الناس من الظلمات إلى النور.
• الفصل الثاني بيان ما صحّ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ممّا يتعلّق بالقضيّة، مع ذكر شواهده ومتابعاته، وفيه نكات دقيقة وتوضيحات مفيدة من السيّد العلامة حفظه اللّه تعالى، تبيّن معاني الأحاديث وحال الرواة وأقوال العلماء.
• الفصل الثالث بيان ما صحّ عن أهل البيت ممّا يتعلّق بالقضيّة، مع ذكر شواهده ومتابعاته، وفيه مثل ما في الفصل الثاني.
***
أمّا قاعدة السيّد العلامة حفظه اللّه تعالى فهي حجّيّة الخبر المتواتر وعدم حجّيّة خبر الواحد، والخبر المتواتر عنده ما يرويه في كلّ طبقة أكثر من أربعة رجال، بشرط أن لا يكونوا قرناء، ولا يتناقضوا في المعنى، ولا يكون ما يروونه مخالفًا لكتاب اللّه أو الثابت من سنّة النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أو العقل السليم، وأمّا ما يرويه في كلّ طبقة أربعة رجال فهو عنده في حكم المتواتر أيضًا، بشرط أن يكونوا عدولًا، بالإضافة إلى الشروط السابقة، وهذا ما يوجب النظر في حال الرواة إذا لم يتجاوزوا أربعة رجال، وأمّا النظر في حالهم إذا كانوا أقلّ من ذلك أو أكثر فهو ما يفعله السيّد العلامة حفظه اللّه تعالى على سبيل الإلزام؛ لأنّ جمهور المسلمين يقولون بحجّيّة خبر الواحد إذا كان ثقة أو صدوقًا، وربما لا يعتبرون خبر خمسة رجال متواترًا، فيختار السيّد العلامة حفظه اللّه تعالى ما يرويه ثقاتهم وأهل الصدق عندهم ليكون حجّة عليهم ولعلّهم يهتدون.
***
أمّا شرطه في اختيار الأحاديث، فهو بعد موافقة معناها لكتاب اللّه والثابت من السنّة والعقل السليم، اشتهار رواتها بالوثاقة أو الصدق عند أصحابهم دون مخالفيهم؛ كما يبيّن ذلك بالتفصيل في ترجمة جابر بن يزيد الجعفيّ، فيقول:
الْمُعْتَمَدُ حَالُ الرَّجُلِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِحَالِهِ، وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ سَائِرِ النَّاسِ إِذَا خَالَفَ قَوْلَ أَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَبْعَدُ مِنْهُ وَقَدْ يَقُولُونَ فِيهِ شَنَآنًا لِمَذْهَبِهِ، وَالشَّاهِدُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْيَهُودِ: «أَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ؟» فَقَالُوا: «خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا، وَسَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَعَالِمُنَا وَابْنُ عَالِمِنَا»، فَقَبِلَ قَوْلَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَصْحَابَهُ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِأَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ، فَوَقَعُوا فِيهِ وَقَالُوا: «شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا»، فَلَمْ يَقْبَلْ قَوْلَهُمْ فِيهِ بَعْدَ أَنْ خَالَفُوهُ فِي الْمَذْهَبِ، وَلَوْ قُبِلَ قَوْلُ الْمُخَالِفِينَ فِي الْمَذْهَبِ لَمْ يَبْقَ مِنَ الْحَدِيثِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ يُسِيئُونَ الْقَوْلَ فِي الْأُخْرَى؛ كَمَا تَرَى الشِّيعَةَ لَا يُبَالُونَ بِمَا يَرْوِيهِ السُّنَّةُ إِلَّا مَا يَتَّخِذُونَهُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ، وَتَرَى السُّنَّةَ لَا يَنْظُرُونَ فِيمَا يَرْوِيهِ الشِّيعَةُ إِلَّا تَعَجُّبًا وَاسْتِهْزَاءً، وَكِلَاهُمَا قَدْ ضَلَّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَلَكِنَّا نَأْخُذُ بِكُلِّ مَا يَرْوِيهِ الْمُسْلِمُونَ مُوَافِقًا لِكِتَابِ اللَّهِ إِذَا كَانُوا مِنَ الْمَعْرُوفِينَ بِالصِّدْقِ عِنْدَ أَصْحَابِهِمْ دُونَ تَعَصُّبٍ لِأَحَدٍ مِنَ الْمَذَاهِبِ.[١]
فالمعتبر عند السيّد العلامة حفظه اللّه تعالى هو الإسلام والإشتهار بالوثاقة أو الصّدق عند الأصحاب، ولا اعتبار بالمذهب ولا تضعيفات المخالفين المجرّدة عن دليل مقبول. فإذا كان الرجل من السنّة فالمعتبر حاله عند السنّة، ولا اعتبار بحاله عند الشيعة، وإذا كان الرجل من الشيعة فالمعتبر حاله عند الشيعة، ولا اعتبار بحاله عند السنّة، ولا فرق بين روايات السنّة وروايات الشيعة إذا كانت موافقة للأصول الثلاثة وكان رواتها من المعروفين بالوثاقة أو الصدق عند أصحابهم، ولذلك ترى السيّد العلامة حفظه اللّه تعالى يختار من روايات الشيعة كما يختار من روايات السنّة، ولا يترك رواية راوٍ لمذهبه، ما لم يكن مذهبه معارضًا للمعلوم من الدّين بالضرورة، فيخرجه من الإسلام؛ لأنّه إذًا لمنافق، والمنافق غير موثوق به في شيء، وإن وثّقه الناس جميعًا.
***
أمّا منهج السيّد العلامة حفظه اللّه تعالى في الفصول الثلاثة من الدروس فهو كما يلي:
• سرد الآيات أو الأحاديث الصحيحة، وهي ما نعبّر عنها بـ«الأصول».
• سرد الشواهد والمتابعات إن كانت موجودة على إثر الأحاديث الصحيحة ليزيدها قوّة، وهي ما نعبّر عنها بـ«الشواهد».
• بيان من السيّد العلامة حفظه اللّه تعالى حول الآية أو ما يتعلّق بالحديث من المعاني وأحوال الرواة وأقوال العلماء وغيرها إن كان موجودًا، وهو ما نعبّر عنه بـ«الملاحظة».