الآية ٣٩
«إِنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ رَجُلٍ عَادِلٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَعَلَهُ اللَّهُ لِلنَّاسِ إِمَامًا»
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾[١]
ملاحظات
١ . أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْجُوزَجَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: إِنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ رَجُلٍ عَادِلٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَعَلَهُ اللَّهُ لِلنَّاسِ إِمَامًا، وَهَذَا عَهْدٌ عَهِدَهُ اللَّهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذِ ابْتَلَاهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ: ﴿قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾، فَمَاذَا يُنْكِرُ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ الضُّلَّالُ الْمَفْتُونُونَ؟! أَيُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ قَدْ ضَلُّوا؟! ﴿وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ﴾[٢]، وَهُمْ يَرْوُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ: «لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ»[٣]! فَمَاذَا يُنْكِرُونَ بَعْدَ قَوْلِ اللَّهِ وَقَوْلِ رَسُولِهِ؟! أَيُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ قَدْ أَخْطَؤُوا؟! وَقَدْ أَخْطَأَ أَكْثَرُهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ، إِذْ يُصْعِدُونَ وَلَا يَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوهُمْ فِي أُخْرَاهُمْ فَأَثَابَهُمْ غَمًّا بِغَمٍّ[٤] وَقَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا﴾[٥]، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ، إِذْ أَعْجَبَتْهُمْ كَثْرَتُهُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْهُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّوْا مُدْبِرِينَ[٦]، وَهُمْ يَرْوُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِي فَيُنَحَّوْنَ عَنِ الْحَوْضِ فَلَأَقُولَنَّ: يَا رَبِّ، أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى»[٧]، فَمَاذَا يُنْكِرُونَ بَعْدَ قَوْلِ اللَّهِ وَقَوْلِ رَسُولِهِ؟! أَمِ اتَّخَذُوا الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، كَمَا اتَّخَذَ الْيَهُودُ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ[٨]؟! ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا ۖ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾[٩]!
٢ . أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْجُوزَجَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ إِمَامٍ عَادِلٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ، وَذَلِكَ عَهْدٌ عَهِدَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ إِذِ ابْتَلَاهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ: ﴿قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾، فَمَنْ مَاتَ وَلَا يَعْرِفُ هَذَا الْإِمَامَ فَقَدْ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً! أَلَا إِنَّهُ لَيْسَ أَبَا بَكْرٍ الْبَغْدَادِيَّ وَلَا مُحَمَّدعُمَرَ الْقَنْدَهَارِيَّ وَلَا فُلَانًا وَلَا فُلَانًا -فَمَا أَبْقَى رَجُلًا مِنْ أَئِمَّةِ الْقَوْمِ إِلَّا سَمَّاهُ- وَلَكِنَّهُ الْمَهْدِيُّ! ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ دِعْبِلِ بْنِ عَلِيٍّ الْخُزَاعِيِّ فَقَالَ:
خُرُوجُ إِمَامٍ لَا مَحَالَةَ خَارِجٌ ... يَقُومُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ وَالْبَرَكَاتِ
يَمِيزُ فِينَا كُلَّ حَقٍّ وَبَاطِلٍ ... وَيَجْزِي عَلَى النَّعْمَاءِ وَالنَّقَمَاتِ
فَيَا نَفْسُ طَيِّبِي ثُمَّ يَا نَفْسُ أَبْشِرِي ... فَغَيْرُ بَعِيدٍ مَا هُوَ آتٍ!