الحديث ٥
تعظيم بيعة الإمام
رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ [ت٢٤١هـ] فِي «الزُّهْدِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَاجِبُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْأَعْرَجِ، أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ:
«مَا مَسَسْتُ فَرْجِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ».
الشاهد ١
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ [ت٢٣٥هـ] فِي «مُصَنَّفِهِ»[٢]، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ثَوْرٍ الْفَهْمِيَّ يَقُولُ: قَالَ عُثْمَانُ: «قَدْ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي هَذِهِ الْيُمْنَى، فَمَا مَسَسْتُ بِهَا ذَكَرِي»، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى[٣] قَالَ: «لَا وَاللَّهِ، مَا وَضَعْتُ يَدِي عَلَى عَوْرَتِي مُذْ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِكْرَامًا لِيَدِهِ».
الشاهد ٢
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ [ت٣٥٤هـ] فِي «رَوْضَةِ الْعُقَلَاءِ»[٤]، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: «وَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ لِحَاجَةٍ مُنْذُ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ الْغَائِطَ إِلَّا وَأَنَا مُقَنِّعٌ رَأْسِي حَيَاءً مِنَ اللَّهِ».
الشاهد ٣
وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا [ت٢٨١هـ] فِي «الصُّمْتِ»[٥]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، قَالَ: قَالَ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ لِغُلَامِهِ: «ائْتِنَا بِالسُّفْرَةِ نَعْبَثُ بِبَعْضِ مَا فِيهَا»، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: مَا سَمِعْتُ مِنْكَ كَلِمَةً مُنْذُ صَاحَبْتُكَ أَرَى أَنْ يَكُونَ فِيهَا شَيْءٌ غَيْرَ هَذِهِ! قَالَ: «صَدَقْتَ، مَا تَكَلَّمْتُ بِكَلِمَةٍ مُذْ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا أَزِمُّهَا وَأَخْطِمُهَا إِلَّا هَذِهِ، وَأَيْمُ اللَّهِ لَا تَذْهَبُ مِنِّي هَكَذَا»، فَجَعَلَ يُسَبِّحُ وَيُكَبِّرُ وَيَحْمَدُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى أَنَّ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ قَالَ يَوْمًا: «هَاتُوا السُّفْرَةَ نَعْبَثُ بِهَا»، فَأَخَذُوهَا عَلَيْهِ، قَالُوا: انْظُرُوا إِلَى أَبِي يَعْلَى مَا جَاءَ مِنْهُ! فَقَالَ: «أَيْ بَنِي أَخِي، إِنِّي مَا تَكَلَّمْتُ بِكَلِمَةٍ مُنْذُ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مَزْمُومَةً مَخْطُومَةً قَبْلَ هَذِهِ، فَتَعَالَوْا حَتَّى أُحَدِّثَكُمْ، وَدَعُوا هَذِهِ، وَخُذُوا خَيْرًا مِنْهَا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ التَّثَبُّتَ فِى الْأَمْرِ، وَنَسْأَلُكَ عَزِيمَةَ الرُّشْدِ، وَنَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَنَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا وَلِسَانًا صَادِقًا، وَنَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا تَعْلَمُ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، فَخُذُوا هَذِهِ وَدَعُوا هَذِهِ»[٦]، وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشُّعَيْثِيِّ أَنَّ شَدَّادًا شَيَّعَ غُزَاةً، فَدَعَوْهُ إِلَى سُفْرَتِهِمْ، فَقَالَ: «لَوْ كُنْتُ أَكَلْتُ طَعَامًا مُنْذُ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَعْلَمَ مِنْ أَيْنَ هُوَ لَأَكَلْتُ، وَلَكِنْ عِنْدِي هَدِيَّةٌ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، فَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِى الْأَمْرِ، وَعَزِيمَةَ الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا تَقِيًّا، وَلِسَانًا صَادِقًا نَقِيًّا»[٧].
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَكَذَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ إِذَا بَايَعَ خَلِيفَةَ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا بَايَعَهُ دَخَلَ فِي حِزْبِهِ، ثُمَّ إِذَا فَعَلَ سُوءًا قَالَ النَّاسُ: مَا بَالُ حِزْبِهِ يَفْعَلُونَ كَذَا وَكَذَا؟! فَيَكُونُ لَهُ شَيْنًا، وَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ أَوْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ غَيْرَ مُتَقَنِّعٍ إِذَا اتَّقَى، ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ﴾[٨].
الشاهد ٤
وَرَوَى النَّسَائِيُّ [ت٣٠٣هـ] فِي «السُّنَنِ الْكُبْرَى»[٩]، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ نُوحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، أَنَّهُ قَالَ: «تَرَوْنَ يَدِي هَذِهِ؟ قَدْ بَايَعْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ».
الشاهد ٥
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ [ت٢٣٠هـ] فِي «الطَّبَقَاتِ الْكُبْرَى»[١٠]، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَزِينٍ، قَالَ: أَتَيْنَا سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ بِالرَّبَذَةِ، فَأَخْرَجَ إِلَيْنَا يَدَهُ ضَخْمَةً كَأَنَّهَا خُفُّ الْبَعِيرِ، فَقَالَ: «بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي هَذِهِ»، فَأَخَذْنَا يَدَهُ، فَقَبَّلْنَاهَا.