الحديث ٥٣
لو لم يكن في الأرض إلّا اثنان لكان أحدهما إمامًا أو حجّة.
رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١]، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ -يَعْنِي الصَّفَّارَ-، عَنِ النَّهْدِيِّ -يَعْنِي الْهَيْثَمَ بْنَ أَبِي مَسْرُوقٍ-، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ:
«لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا اثْنَانِ لَكَانَ الْإِمَامُ أَحَدَهُمَا».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: النَّهْدِيُّ وَأَبُوهُ مَقْبُولَانِ؛ كَمَا رَوَى الْكَشِّيُّ عَنْ حَمْدَوَيْهِ، قَالَ: «سَمِعْتُ أَصْحَابِي يَذْكُرُونَهُمَا بِخَيْرٍ، كِلَاهُمَا فَاضِلَانِ»[٢]، وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ هُوَ الْعَاصِمِيُّ الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّجَاشِيُّ: «كَانَ ثِقَةً فِي الْحَدِيثِ، سَالِمًا، خَيِّرًا»[٣]، وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ، بَلْ تَابَعَهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الصَّفَّارِ[٤]، وَلِلْحَدِيثِ طَرِيقٌ آخَرُ:
الشاهد ١
رَوَى عَلِيُّ بْنُ بَابَوَيْهِ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْإِمَامَةِ وَالتَّبْصِرَةِ»[٥]، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْخَشَّابِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ كَرَّامٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَوْ كَانَ النَّاسُ رَجُلَيْنِ لَكَانَ أَحَدُهُمَا الْإِمَامَ»، وَقَالَ: «إِنَّ آخِرَ مَنْ يَمُوتُ الْإِمَامُ لِئَلَّا يَحْتَجَّ أَحَدٌ عَلَى اللَّهِ أَنَّهُ تَرَكَهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ بِلَفْظِ «الْإِمَامِ»، وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ بِلَفْظِ «الْحُجَّةِ»:
الشاهد ٢
رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[٦]، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، جَمِيعًا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الطَّيَّارِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «لَوْ بَقِيَ اثْنَانِ لَكَانَ أَحَدُهُمَا الْحُجَّةَ عَلَى صَاحِبِهِ».
الشاهد ٣
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[٧]، قَالَ: حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الطَّيَّارِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: «لَوْ لَمْ يَبْقَ فِي الْأَرْضِ إِلَّا اثْنَانِ لَكَانَ أَحَدُهُمَا الْحُجَّةَ، أَوِ الثَّانِي الْحُجَّةَ» -الشَّكُّ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ.
الشاهد ٤
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١هـ] فِي «كَمَالِ الدِّينِ وَتَمَامِ النِّعْمَةِ»[٨]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَا: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ حَمْزَةَ الطَّيَّارِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا اثْنَانِ لَكَانَ أَحَدُهُمَا الْحُجَّةَ، أَوْ كَانَ الثَّانِي الْحُجَّةَ» -الشَّكُّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ.
الشاهد ٥
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١هـ] فِي «كَمَالِ الدِّينِ وَتَمَامِ النِّعْمَةِ»[٩]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: «لَوْ لَمْ يَبْقَ فِي الْأَرْضِ إِلَّا اثْنَانِ لَكَانَ أَحَدُهُمَا الْحُجَّةَ، أَوْ كَانَ الثَّانِي الْحُجَّةَ».
الشاهد ٦
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١هـ] فِي «كَمَالِ الدِّينِ وَتَمَامِ النِّعْمَةِ»[١٠]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا اثْنَانِ لَكَانَ أَحَدُهُمَا الْحُجَّةَ، وَلَوْ ذَهَبَ أَحُدُهُمَا بَقِيَ الْحُجَّةُ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَكَذَا رَوَى ابْنُ الطَّيَّارِ وَحَمْزَةُ بْنُ حُمْرَانَ بِلَفْظِ «الْحُجَّةِ»، وَرَوَى يُونُسُ بْنُ يَعْقُوبَ وَكَرَّامٌ بِلَفْظِ «الْإِمَامِ»، وَبَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ أَعَمُّ مِنَ الْإِمَامِ، وَالْأَئِمَّةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ، وَلَيْسَ لِلْحُجَجِ عَدَدٌ مَعْدُودٌ، وَالنَّبِيُّ حُجَّةٌ وَالْإِمَامُ حُجَّةٌ وَمَنْ أَمَرَ النَّبِيُّ أَوِ الْإِمَامُ بِطَاعَتِهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ مَنْ أَطَاعَهُ فَقَدْ أَطَاعَهُمَا، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ طَاعَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَفِيمَا يَرْوِي عَنْهُمَا. فَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ هُوَ «الْإِمَامَ» فَيَدُلُّ عَلَى حَالَتَيْنِ: إِمَّا يَعِيشُ الْمَهْدِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، سَوَاءٌ طَالَ عُمُرُهُ أَوْ عُجِّلَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ الْأَئِمَّةِ الْإِثْنَيْ عَشَرَ، وَإِمَّا يَمُوتُ فَيَخْلُفُهُ إِمَامٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمَاضِينَ، لِئَلَّا يَزِيدَ عَدَدُ الْأَئِمَّةِ عَنِ الْإِثْنَيْ عَشَرَ، وَهُوَ لَا مَحَالَةَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: إِمَّا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي يَنْزِلُ فِي زَمَانِهِ فَيُصَلِّي خَلْفَهُ كَمَا تَوَاتَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَإِمَّا إِمَامٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْإِثْنَيْ عَشَرَ يَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا رَوَى الشِّيعَةُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ الثَّلَاثَةِ سَتَكُونُ، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ هُوَ «الْحُجَّةَ» فَيَدُلُّ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَيَزِيدُ عَلَيْهَا رَابِعَةً، وَهِيَ أَنْ يَمُوتَ الْمَهْدِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَخْلُفَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ قَدْ أَمَرَ بِطَاعَتِهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ إِمَامٍ يَوْمًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ عَامِلُ الْإِمَامِ، وَقَدْ يَرِثُ كُتُبَهُ وَيَرْوِيهَا، إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ أَبْعَدُ الْحَالَاتِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَأَقْرَبُهَا وَأَقْوَاهَا رِوَايَةً أَنَّ الْمَهْدِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَمُوتُ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَمُوتُ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّابَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ، وَهَكَذَا لَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ إِمَامٍ يَوْمًا وَاحِدًا.
الشاهد ٧
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١١]، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ خَلْقِي فِي الْأَرْضِ فِيمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَاحِدٌ مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ، لَاسْتَغْنَيْتُ بِعِبَادَتِهِمَا عَنْ جَمِيعِ مَا خَلَقْتُ فِي أَرْضِي، وَلَقَامَتْ سَبْعُ سَمَاوَاتٍ وَأَرَضِينَ بِهِمَا، وَلَجَعَلْتُ لَهُمَا مِنْ إِيمَانِهِمَا أُنْسًا لَا يَحْتَاجَانِ إِلَى أُنْسِ سِوَاهُمَا».