الحديث ٢٧
في كلّ قرن سابق، وهو خليفة اللّه.
رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ [ت٤٣٠هـ] فِي «حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
«فِي كُلِّ قَرْنٍ مِنْ أُمَّتِي سَابِقُونَ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: أَرَادَ مَنْ وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: ﴿السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾[٢]، وَقَدْ رَوَاهُ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ [تنحو٣٢٠هـ] فِي «نَوَادِرِ الْأُصُولِ» مُرْسَلًا، وَزَادَ فِيهِ: «وَهُمُ الْبُدَلَاءُ وَالصِّدِّيقُونَ، بِهِمْ يُسْقَوْنَ وَبِهِمْ يُرْزَقُونَ، وَبِهِمْ يُدْفَعُ الْبَلَاءُ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ»[٣]، وَ«الْبُدَلَاءُ» هُمْ خُلَفَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُمُ «الْبُدَلَاءُ» وَ«الْأَبْدَالُ» لِأَنَّهُ كُلَّمَا مَاتَ مِنْهُمْ رَجُلٌ بَدَّلَ اللَّهُ مَكَانَهُ رَجُلًا آخَرَ لِكَيْ لَا تَخْلُوَ الْأَرْضُ مِنْهُمْ؛ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ كَانُوا أَوْتَادَ الْأَرْضِ، فَلَمَّا انْقَطَعَتِ النُّبُوَّةُ أَبْدَلَ اللَّهُ مَكَانَهُمْ قَوْمًا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُمُ الْأَبْدَالُ، فَهُمْ خُلَفَاءُ الْأَنْبِيَاءِ، قَوْمٌ اصْطَفَاهُمُ اللَّهُ لِنَفْسِهِ وَاسْتَخْلَصَهُمْ بِعِلْمِهِ لِنَفْسِهِ، يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِمُ الْمَكَارِهَ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ وَالْبَلَايَا عَنِ النَّاسِ، وَبِهِمْ يُمْطَرُونَ وَبِهِمْ يُرْزَقُونَ، لَا يَمُوتُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ قَدْ أَنْشَأَ مَنْ يَخْلُفُهُ»[٤]، وَهَذَا هُوَ قَوْلُنَا الَّذِي نَقُولُ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُمْ مِثْلُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ[٥]، وَلَيْسَ مِثْلَهُ إِلَّا مَنْ لَا يَعْصِي اللَّهَ فِي شَيْءٍ.
الشاهد ١
وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ [ت٤٣٠هـ] فِي «حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ»[٦]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ هَارُونَ بْنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ شَاذَانَ النَّيْسَابُورِيُّ، سَمِعْتُ مُؤَمَّلَ بْنَ إِهَابٍ، سَمِعْتُ الْقَعْنَبِيَّ الْأَكْبَرَ يَعْنِي إِسْمَاعِيلَ بْنَ مَسْلَمَةَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ قَرْنٍ سَابِقٌ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَكَذَا رَوَاهُ بِلَفْظِ الْمُفْرَدِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي كُلِّ قَرْنٍ سَابِقًا وَاحِدًا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِمَامٌ، وَلَيْسَ فِي كُلِّ قَرْنٍ أَكْثَرُ مِنْ إِمَامٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ صَحَّ الْجَمْعُ فَهُوَ بِاعْتِبَارِ الْقُرُونِ.
الشاهد ٢
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ [ت٢٧٥هـ] فِي «الْمَرَاسِيلِ»[٧]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزَالُ فِي أُمَّتِي شِيعَةٌ، لَا يَدْعُونَ اللَّهَ بِشَيْءٍ إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُمْ، بِهِمْ تُنْصَرُونَ، وَبِهِمْ تُمْطَرُونَ»، وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: «وَبِهِمْ يُدْفَعُ عَنْكُمْ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَكَذَا رَوَاهُ بِلَفْظِ «الشِّيعَةِ»، بِمَعْنَى الطَّائِفَةِ، كَمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا﴾[٨]، وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ بِلَفْظِ «السَّبْعَةِ»[٩]، وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ تَصْحِيفٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ قَرْنٍ سَبْعَةٌ، أَحَدُهُمُ الْإِمَامُ، وَالْآخَرُونَ أَصْحَابُهُ الْكَامِلُونَ، وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَاهُ بِلَفْظِ «الثَّلَاثِينَ» وَ«الْأَرْبَعِينَ»، وَهُوَ إِنْ صَحَّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قُلْنَا.