الآية ١٤
«لَا يَزَالُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا رَجُلٌ طَاعَتُهُ مُفْتَرَضَةٌ عَلَيْهِمْ كَطَاعَةِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ»
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾[١]
ملاحظات
١ . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشِّيرَازِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾، فَقَالَ: لَا يَزَالُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا رَجُلٌ طَاعَتُهُ مُفْتَرَضَةٌ عَلَيْهِمْ كَطَاعَةِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ، مَنْ أَطَاعَهُ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَالرَّسُولَ، وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَالرَّسُولَ، وَهُوَ مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ وَالرَّسُولُ، وَلَيْسَ مَنْ وَلَّاهُ النَّاسُ بِأَهْوَائِهِمْ، قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ أَنَّ كُلَّ مَنْ وَلِيَ أَمْرَهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَهُوَ مِنْ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ، قَالَ: صَدَقُوا! قُلْتُ: كَيْفَ صَدَقُوا وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ؟! قَالَ: كُلُّ مَنْ وَلِيَ أَمْرَهُمْ دُونَ الَّذِي وَلَّاهُ اللَّهُ وَالرَّسُولُ فَلَيْسَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، بَلْ هُوَ مِنَ الْفَاسِقِينَ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِطَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ مِنَ الْفَاسِقِينَ! ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا ۚ لَا يَسْتَوُونَ﴾[٢]! ثُمَّ قَالَ: أَزِيدُكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: إِنَّمَا أُولُوا الْأَمْرِ مَالِكُوهُ، وَهُمُ الَّذِينَ وَلَّاهُمُ اللَّهُ وَالرَّسُولُ، وَأَمَّا مَنْ يَقُومُ بِهِ مِنْ دُونِهِمْ فَهُوَ غَاصِبُهُ، وَلَيْسَ الْغَاصِبُ مِنَ الْمَالِكِينَ، ﴿لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ﴾[٣]! قُلْتُ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَقَدْ زَوَّدْتَنِي بِحِكْمَتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ لَمْ أَسْمَعْ بِهِمَا قَطُّ أَبَدًا! قَالَ: ﴿ذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ﴾[٤]! ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ بَعْدَ شُهُورٍ، فَقُلْتُ: إِنِّي حَدَّثْتُ بِحِكْمَتَيْكَ رَجُلًا فِي إِيرَانَ، فَقَالَ: لَعَنَهُ اللَّهُ! مَا أَعْلَمَهُ بِكِتَابِ اللَّهِ! قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! أَلَمْ تَعْلَمْ أَنِّي عِنْدَ أَهْلِ إِيرَانَ كَمَا كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عِنْدَ أَهْلِ الشَّامِ؟! خَدَعَهُمْ بَنُو أُمَيَّةَ بِالْبُهْتَانِ حَتَّى لَعَنُوهُ بِغَيْرِ ذَنْبٍ نَحْوَ سِتِّينَ سَنَةً!
٢ . أَخْبَرَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْمَنْصُورِ: إِنَّكَ تَنْهَى عَنِ الْحَدِيثِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾، قَالَ: أَتِمَّ الْآيَةَ! قُلْتُ: ﴿وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾، قَالَ: مَنْ يُطِعْ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَقَدْ أَطَاعَ الرَّسُولَ، وَمَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، فَمَا لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا؟! قُلْتُ: وَمَنْ أُولُوا الْأَمْرِ مِنَّا؟ قَالَ: رِجَالٌ وَلَّاهُمُ اللَّهُ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ الرَّسُولِ، يُطِيعُونَ اللَّهَ وَالرَّسُولَ! قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: لَا تَسْأَلُونِي عَمَّنْ مَضَى مِنْهُمْ، وَلَكِنْ سَلُونِي عَمَّنْ بَقِيَ، فَإِنَّ بَقِيَّةَ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ! قُلْتُ: وَمَنْ بَقِيَّةُ اللَّهِ؟ قَالَ: الْمَهْدِيُّ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُ فَقُولُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللَّهِ!