الحديث ١١
النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم نهى عن منع من جاء ليسأل.
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ [ت٣٦٠هـ] فِي «الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ أَبُو الْأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ:
تَرَاءَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِمَسْجِدِ الْخَيْفِ، فَقَالَ لِي أَصْحَابُهُ: إِلَيْكَ يَا وَاثِلَةُ، أَيْ تَنَحَّ عَنْ وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوهُ، فَإِنَّمَا جَاءَ لِيَسْأَلَ»، فَدَنَوْتُ، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفْتِنَا عَنْ أَمْرٍ نَأْخُذُهُ عَنْكَ مِنْ بَعْدِكَ، قَالَ: «لِتُعِنْكَ نَفْسُكَ»، فَقُلْتُ: كَيْفَ لِي بِذَلِكَ؟ فَقَالَ: «تَدَعُ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ»[٢]، فَقُلْتُ: وَكَيْفَ لِي بِعِلْمِ ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَضَعُ يَدَكَ عَلَى فُؤَادِكَ، فَإِنَّ الْقَلْبَ يَسْكُنُ لِلْحَلَالِ، وَلَا يَسْكُنُ لِلْحَرَامِ، وَإِنَّ وَرَعَ الْمُسْلِمِ يَدَعُ الصَّغِيرَ مَخَافَةَ أَنْ يَقَعَ فِي الْكَبِيرِ»، قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مَا الْعَصَبِيَّةُ؟ قَالَ: «الَّذِي يُعِينُ قَوْمَهُ عَلَى الظُّلْمِ»، قُلْتُ: فَمَنِ الْحَرِيصُ؟ قَالَ: «الَّذِي يَطْلُبُ الْمَكْسَبَةَ مِنْ غَيْرِ حِلِّهَا»، قُلْتُ: فَمَنِ الْوَرِعُ؟ قَالَ: «الَّذِي يَقِفُ عِنْدَ الشُّبْهَةِ»، قُلْتُ: فَمَنِ الْمُؤْمِنُ؟ قَالَ: «مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَدِمَائِهِمْ»، قُلْتُ: فَمَنِ الْمُسْلِمُ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ»، قُلْتُ: فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «كَلِمَةُ حُكْمٍ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ ثِقَةٌ عِنْدَهُمْ، وَلَكِنْ جَاءَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: «عُبَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ»، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْعَلَاءُ بْنُ ثَعْلَبَةَ مِمَّنْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانٍ[٣]، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ لِشَوَاهِدِهِ:
الشاهد ١
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ [ت٣٦٠هـ] فِي «الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ»[٤]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَلَّى الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيُّ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ وَاثِلَةَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، نَبِّئْنِي، قَالَ: «إِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِمَا جِئْتَ تَسْأَلُ عَنْهُ، وَإِنْ شِئْتَ فَسَلْ»، قَالَ: قُلْتُ: بَلْ نَبِّئْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ أَطْيَبُ لِنَفْسِي، قَالَ: «جِئْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْيَقِينِ وَالشَّكِّ»، قَالَ: قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِنَّ الْيَقِينَ مَا اسْتَقَرَّ فِي الصَّدْرِ، وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونُ، دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الْخَيْرَ طُمَأْنِينَةُ، وَالشَّكَّ رِيبَةٌ، وَإِذَا شَكَكْتَ فَدَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ»، قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي وَأُمِّي، فَمَا الْعَصَبِيَّةُ؟ قَالَ: «أَنْ تُعِينَ قَوْمَكَ عَلَى الظُّلْمِ، وَالْوَرِعُ الَّذِي يَقِفُ عَلَى الشُّبُهَاتِ، وَالْحَرِيصُ عَلَى الدُّنْيَا الَّذِي يَطْلُبُهَا مِنْ غَيْرِ حَلٍّ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ».
الشاهد ٢
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ [ت٣٦٠هـ] فِي «مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ»[٥]، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَعَرِّيُّ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَلَسْتُ وَسَطَ الْحَلْقَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَا وَاثِلَةُ، قُمْ مِنْ هَذَا الْمَجْلِسِ، فَإِنَّا قَدْ نُهِينَا عَنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوا وَاثِلَةَ، فَإِنِّي أَعْلَمُ بِالَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْ مَنْزِلِهِ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الَّذِي أَخْرَجَنِي مِنْ مَنْزِلِي؟ قَالَ: «خَرَجْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْبِرِّ مِنَ الشَّكِّ»، قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَخْرَجَنِي غَيْرُهُ، قَالَ: «فَإِنَّ الْبِرَّ مَا اسْتَقَرَّ فِي النَّفْسِ، وَاطْمَأَنَّ فِي الْقَلْبِ، وَالشَّكُّ مَا لَمْ يَسْتَقِرَّ فِي النَّفْسِ، وَلَمْ يَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، فَدَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ».
الشاهد ٣
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ [ت٣٦٠هـ] فِي «مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ»[٦]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُصْعَبٍ الْكِنْدِيُّ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَمِّي، عَنْ جَدِّي عَمْرِو بْنِ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ النُّعْمَانِ أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفْتِنَا فِي أَشْيَاءَ إِنِ ابْتُلِينَا بِالْبَقَاءِ بَعْدَكَ، قَالَ: «لِتُعِنْكَ نَفْسُكَ»، قَالَ: فَكَيْفَ لِي بِأَنْ تُعِينَنِي نَفْسِي؟ قَالَ: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ»، قَالَ: وَكَيْفَ لِي بِأَنْ أَعْلَمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَضَعْ يَدَكَ عَلَى صَدْرِكَ، فَإِنَّ الصَّدْرَ يَضْرِبُ لِلْحَرَامِ، وَإِنَّ الْمَرْءَ إِذَا كَانَ وَرِعًا مُسْلِمًا يَتْرُكُ الصَّغِيرَةَ خَشْيَةَ أَنْ يَقَعَ فِي الْكَبِيرَةِ».
الشاهد ٤
وَرَوَى ابْنُ الْأَذْلَانِيِّ [ت٤٧٠هـ] فِي «جُزْءٍ لَهُ»[٧]، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَافَى، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفْتِنِي بِأَشْيَاءَ إِنِ ابْتُلِيتُ بِالْبَقَاءِ بَعْدَكَ، قَالَ: «لِتُفْتِكَ نَفْسُكَ»، قَالَ: وَكَيْفَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ»، قَالَ: وَكَيْفَ لِي بِالْعِلْمِ بِذَلِكَ؟ قَالَ: «إِذَا أَرَدْتَ أَمْرًا ضَعْ يَدَكَ عَلَى صَدْرِكَ، فَإِنَّ الْقَلْبَ يَضْرِبُ لِلْحَرَامِ وَيَسْكُنُ لِلْحَلَالِ، وَإِنَّ الْمُسْلِمَ الْوَرِعَ يَدَعُ الصَّغِيرَةَ مَخَافَةَ الْكَبِيرَةِ».