الحديث ١٥
يجب على النّاس بعد قضاء مناسك الحجّ أن يأتوا الإمام من أهل البيت، فيسألوه عن معالم دينهم، ويعرضوا عليه ولايتهم ونصرتهم له.
رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١]، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ -يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ- عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى النَّاسِ يَطُوفُونَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ:
«هَكَذَا كَانُوا يَطُوفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، إِنَّمَا أُمِرُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهَا، ثُمَّ يَنْفِرُوا إِلَيْنَا، فَيُعْلِمُونَا وَلَايَتَهُمْ وَمَوَدَّتَهُمْ، وَيَعْرِضُوا عَلَيْنَا نُصْرَتَهُمْ»، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾[٢]، وَفِي رِوَايَةِ الْعَيَّاشِيِّ [ت٣٢٠هـ] أَنَّهُ لَمَّا قَرَأَهَا قَالَ: «آلُ مُحَمَّدٍ، آلُ مُحَمَّدٍ، إِلَيْنَا إِلَيْنَا»[٣].
الشاهد ١
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[٤]، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَرَأَى النَّاسَ بِمَكَّةَ وَمَا يَعْمَلُونَ، فَقَالَ: «فِعَالٌ كَفِعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ، أَمَا وَاللَّهِ مَا أُمِرُوا بِهَذَا، وَمَا أُمِرُوا إِلَّا أَنْ يَقْضُوا تَفَثَهُمْ، وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ، فَيَمُرُّوا بِنَا، فَيُخْبِرُونَا بِوَلَايَتِهِمْ، وَيَعْرِضُوا عَلَيْنَا نُصْرَتَهُمْ».
الشاهد ٢
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١هـ] فِي «عِلَلِ الشَّرَائِعِ»[٥]، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الْبَابِ الَّذِي إِلَى الْمَسْجِدِ، وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ يَطُوفُونَ، فَقَالَ: «يَا أَبَا حَمْزَةَ، بِمَا أُمِرُوا هَؤُلَاءِ؟» قَالَ: فَلَمْ أَدْرِ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِ، قَالَ: «إِنَّمَا أُمِرُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهَذِهِ الْأَحْجَارِ، ثُمَّ يَأْتُونَا، فَيُعْلِمُونَا وَلَايَتَهُمْ».
الشاهد ٣
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[٦]، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ؛ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ سَدِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ دَاخِلٌ وَأَنَا خَارِجٌ، وَأَخَذَ بِيَدِي، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ، فَقَالَ: «يَا سَدِيرُ، إِنَّمَا أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَأْتُوا هَذِهِ الْأَحْجَارَ، فَيَطُوفُوا بِهَا، ثُمَّ يَأْتُونَا، فَيُعْلِمُونَا وَلَايَتَهُمْ لَنَا، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾[٧]»، ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ: «إِلَى وَلَايَتِنَا»، ثُمَّ قَالَ: «يَا سَدِيرُ، فَأُرِيكَ الصَّادِّينَ عَنْ دِينِ اللَّهِ»، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى بَعْضِ الْمُفْتِينَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَهُمْ حَلَقٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «هَؤُلَاءِ الصَّادُّونَ عَنْ دِينِ اللَّهِ بِلَا هُدًى مِنَ اللَّهِ وَلَا كِتَابٍ مُبِينٍ، إِنَّ هَؤُلَاءِ الْأَخَابِثَ لَوْ جَلَسُوا فِي بُيُوتِهِمْ، فَجَالَ النَّاسُ فَلَمْ يَجِدُوا أَحَدًا يُخْبِرُهُمْ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَعَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى يَأْتُونَا فَنُخْبِرَهُمْ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَعَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ».
الشاهد ٤
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١هـ] فِي «عِلَلِ الشَّرَائِعِ»[٨]، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «إِنَّمَا أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَأْتُوا هَذِهِ الْأَحْجَارَ، فَيَطُوفُوا بِهَا، ثُمَّ يَأْتُوا، فَيُخْبِرُونَا بِوَلَايَتِهِمْ، وَيَعْرِضُوا عَلَيْنَا نُصْرَتَهُمْ».
الشاهد ٥
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[٩]، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «تَمَامُ الْحَجِّ لِقَاءُ الْإِمَامِ».
الشاهد ٦
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١٠]، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ سَدِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «ابْدَؤُوا بِمَكَّةَ، وَاخْتِمُوا بِنَا».
الشاهد ٧
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١هـ] فِي «عِلَلِ الشَّرَائِعِ»[١١]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السِّنَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ بُهْلُولٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «إِذَا حَجَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَخْتِمْ حَجَّهُ بِزِيَارَتِنَا، لَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ الْحَجِّ».
الشاهد ٨
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١٢]، قَالَ: حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ زِيَادٍ الْقَنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ ذَرِيحٍ الْمُحَارِبِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي فِي كِتَابِهِ بِأَمْرٍ، فَأُحِبُّ أَنْ أَعْلَمَهُ، قَالَ: «وَمَا ذَاكَ؟» قُلْتُ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾[١٣]، قَالَ: «﴿لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ لِقَاءُ الْإِمَامِ، ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ تِلْكَ الْمَنَاسِكُ»، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ: فَأَتَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾، قَالَ: «أَخْذُ الشَّارِبِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ»، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ ذَرِيحًا الْمُحَارِبِيَّ حَدَّثَنِي عَنْكَ بِأَنَّكَ قُلْتَ لَهُ: «﴿لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ لِقَاءُ الْإِمَامِ، ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ تِلْكَ الْمَنَاسِكُ»، فَقَالَ: «صَدَقَ ذَرِيحٌ، وَصَدَقْتَ، إِنَّ لِلْقُرْآنِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَمَنْ يَحْتَمِلُ مَا يَحْتَمِلُ ذَرِيحٌ؟!»
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ لَبَيِّنٌ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ﴾[١٤]، فَفَرَضَ عَلَى الْحَجِيجِ أَنْ يَأْتُوا مَنْ جَعَلَهُ لِلنَّاسِ إِمَامًا، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾[١٥]، وَهُمُ الْأَئِمَّةُ الْمُطَهَّرُونَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾[١٦]، فَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ حَجَّ أَحَدٍ حَتَّى يَأْتِيَ إِمَامَ زَمَانِهِ مِنْهُمْ، فَيَعْرِضَ عَلَيْهِ وَلَايَتَهُ وَنُصْرَتَهُ، وَيَسْأَلَهُ عَمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ، وَفِي أَحَادِيثِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ:
الشاهد ٩
رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ [ت٢٧٤هـ] فِي «الْمَحَاسِنِ»[١٧]، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ؛ وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١٨]، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ؛ جَمِيعًا عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي بُرْحَةَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ نَجِيحٍ الرَّمَّاحِ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «النَّاسُ سَوَادٌ، وَأَنْتُمُ الْحَاجُّ».
الشاهد ١٠
وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ [ت٢٧٤هـ] فِي «الْمَحَاسِنِ»[١٩]، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ؛ وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ؛ جَمِيعًا عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبَانَ الْكَلْبِيِّ، قَالَ: كُنْتُ أَطُوفُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَيَّ إِذْ قَالَ: «يَا عَمْرُو، مَا أَكْثَرَ السَّوَادَ!» يَعْنِي النَّاسَ، فَقُلْتُ: أَجَلْ، جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَقَالَ: «أَمَا وَاللَّهِ مَا يَحُجُّ لِلَّهِ غَيْرُكُمْ، وَلَا يُؤْتَى أَجْرَهُ مَرَّتَيْنِ غَيْرُكُمْ، أَنْتُمْ وَاللَّهِ رُعَاةُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَأَنْتُمْ وَاللَّهِ أَهْلُ دِينِ اللَّهِ، مِنْكُمْ يَقْبَلُ، وَلَكُمْ يَغْفِرُ».
الشاهد ١١
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[٢٠]، قَالَ: حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى الْمَوْقِفِ، وَالنَّاسُ فِيهِ كَثِيرٌ، فَدَنَوْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ أَهْلَ الْمَوْقِفِ لَكَثِيرٌ! قَالَ: فَصَرَفَ بِبَصَرِهِ، فَأَدَارَهُ فِيهِمْ، ثُمَّ قَالَ: «ادْنُ مِنِّي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ»، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقَالَ: «غُثَاءٌ يَأْتِي بِهِ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، لَا وَاللَّهِ مَا الْحَجُّ إِلَّا لَكُمْ، لَا وَاللَّهِ مَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ إِلَّا مِنْكُمْ».
الشاهد ١٢
وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ [ت٢٧٤هـ] فِي «الْمَحَاسِنِ»[٢١]، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَالِسًا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ، فَقَالَ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا أَكْثَرَ الْحَاجَّ الْعَامَ؟! فَقَالَ: «إِنْ شَاؤُوا فَلْيَكْثُرُوا، وَإِنْ شَاؤُوا فَلْيَقِلُّوا، وَاللَّهِ مَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا مِنْكُمْ، وَلَا يَغْفِرُ إِلَّا لَكُمْ»، قَالَ: وَرَوَاهُ النَّضْرُ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ.
الشاهد ١٣
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[٢٢]، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبَانَ الْأَحْمَرِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا فَضْلُنَا عَلَى مَنْ خَالَفَنَا؟ قَالَ: فَسَكَتَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِالْأَبْطَحِ -أَبْطَحِ مَكَّةَ- وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَضِجُّونَ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا أَكْثَرَ الضَّجِيجَ وَالْعَجِيجَ، وَأَقَلَّ الْحَجِيجَ! وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِالنُّبُوَّةِ وَعَجَّلَ رُوحَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، مَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ إِلَّا مِنْكَ وَمِنْ أَشْبَاهِكَ خَاصَّةً».
الشاهد ١٤
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[٢٣]، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَيَّ، فَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ، وَنَحْنُ عَلَى بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، فَقَالَ: «يَا فُضَيْلُ، هَكَذَا كَانُوا يَطُوفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، لَا يَعْرِفُونَ حَقًّا وَلَا يَدِينُونَ دِينًا، أَمَا وَاللَّهِ يَا فُضَيْلُ مَا لِلَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ حَاجٌّ غَيْرَكُمْ، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا لَكُمْ، وَلَا يَتَقَبَّلُ إِلَّا مِنْكُمْ».
الشاهد ١٥
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الطَّبَرِيُّ [تنحو٥٥٣هـ] فِي «بِشَارَةِ الْمُصْطَفَى»[٢٤]، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ الْعَلَوِيُّ الزَّيْدِيُّ فِي النَّسَبِ وَالْمَذْهَبِ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَأَبُو غَالِبٍ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الثَّقَفِيُّ الْكُوفِيُّ بِهَا، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَلَوِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاجِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَسَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْغَزَالُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ كَثِيرٍ السَّرَّاجُ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ بِمَكَّةَ أَوْ بِمِنًى: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا أَكْثَرَ الْحَاجَّ! قَالَ: «مَا أَقَلَّ الْحَاجَّ! مَا يُغْفَرُ إِلَّا لَكَ وَلِأَصْحَابِكَ، وَلَا يُتَقَبَّلُ إِلَّا مِنْكَ وَمِنْ أَصْحَابِكَ».
الشاهد ١٦
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْكَشِّيُّ [ت٣٥٠هـ] فِي «رِجَالِهِ»[٢٥]، قَالَ: حَدَّثَنِي حَمْدُوَيْهِ بْنُ نَصِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيْثَمِيِّ، عَنْ أَبِي الْعُرَنْدَسِ الْكِنْدِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ: كُنَّا بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَاعِدٌ، فَقِيلَ لَهُ: مَا أَكْثَرَ الْحَاجَّ! فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَا أَقَلَّ الْحَاجَّ!»، فَمَرَّ عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ، فَقَالَ: «هَذَا مِنَ الْحَاجِّ»، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ.
الشاهد ١٧
وَرَوَى الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[٢٦]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْبَرَاءِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَمَّا صِرْنَا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ صَعِدَ عَلَى جَبَلٍ، فَأَشْرَفَ، فَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ: «مَا أَكْثَرَ الضَّجِيجَ، وَأَقَلَّ الْحَجِيجِ!» فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ الرَّقِّيُّ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، هَلْ يَسْتَجِيبُ اللَّهُ دُعَاءَ هَذَا الْجَمْعِ الَّذِي أَرَى؟ قَالَ: «وَيْحَكَ يَا أَبَا سُلَيْمَانَ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ لَبَيِّنٌ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾[٢٧]، وَالْمُتَّقُونَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ الْإِمَامَ، وَيَأْتُونَهُ فِي الْحَجِّ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ، لِيُجَدِّدُوا لَهُ الْبَيْعَةَ، وَيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ [ت٢١١هـ] فِي «الْمُصَنَّفِ»[٢٨]، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ: مَا أَكْثَرَ الْحَاجَّ! فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا أَقَلَّهُمْ! ثُمَّ رَأَى رَجُلًا رَثَّ الْهَيْئَةِ عَلَى بَعِيرٍ خِطَامُهُ حَبْلٌ، فَقَالَ: لَعَلَّ هَذَا»، وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ -رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ-، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «سَمِعْتُ شُرَيْحًا يَقُولُ: الْحَاجُّ قَلِيلٌ، وَالرُّكْبَانُ كَثِيرَةٌ»، وَهُوَ كَمَا جَاءَ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ.