الحديث ١٦
«وُجُوبُ سُؤَالِ أَهْلِ الْبَيْتِ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ؛ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمَا»
رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ [ت٢٣٠هـ] فِي «الطَّبَقَاتِ الْكُبْرَى»[١]، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ جَبَلَةَ بِنْتِ الْمُصَفِّحِ، عَنْ أَبِيهَا، قَالَ:
قَالَ لِي عَلِيٌّ: «يَا أَخَا بَنِي عَامِرٍ، سَلْنِي عَمَّا قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَإِنَّا نَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ أَعْلَمُ بِمَا قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ»،
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَالْحَدِيثُ طَوِيلٌ.
الشاهد ١
وَرَوَى يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَسَوِيُّ [ت٢٧٧هـ] فِي «الْمَعْرِفَةِ وَالتَّارِيخِ»[٢]، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَارْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنِي جَبَلَةُ بْنُ الْمُصَفِّحِ، عَنْ أَبِيهِ -هَكَذَا قَالَ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ-، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: «يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، سَلُونَا عَمَّا قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَإِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ أَعْلَمُ بِمَا قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ لَا بَأْسَ بِإِسْنَادِهِ، فَإِنَّ جَبَلَةَ بِنْتَ الْمُصَفِّحِ امْرَأَةٌ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ، ذَكَرَهَا أَبُو نُعَيْمٍ [ت٤٣٠هـ] فِي «مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ»، وَقَالَ: «كَانَتْ قَدْ أَدْرَكَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ»[٣]، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبِرِّ [ت٤٦٣هـ] فِي «الْإِسْتِيعَابِ»[٤]، وَهِيَ ابْنَةُ أَخِي مَالِكِ بْنِ ضَمْرَةَ صَاحِبِ أَبِي ذَرٍّ، وَرَوَى عَنْهَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْعِتْرِيُّ، وَأَبُوهَا الْمُصَفِّحُ الْعَامِرِيُّ شَيْخٌ شَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ النَّهْرَوَانَ، ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانٍ [ت٣٥٤هـ] فِي «الثِّقَاتِ»[٥]، وَلَعَلَّهُ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ سُؤَالِ أَهْلِ الْبَيْتِ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ؛ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمَا، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَّهِ وَأَهْلَ بَيْتِي، إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي، وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ»[٦]، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ قَالَ: «وَلَا تُعَلِّمُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ»[٧]، يَعْنِي أَهْلَ بَيْتِهِ.
الشاهد ٢
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[٨]، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ؛ وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ [ت٢٧٤هـ] فِي «الْمَحَاسِنِ»[٩]، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبِيسِ بْنِ هِشَامٍ النَّاشِرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قَامَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِالنُّبُوَّةِ، وَاصْطَفَاهُ بِالرِّسَالَةِ، فَأَنَالَ فِي النَّاسِ وَأَنَالَ، وَعِنْدَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ مَفَاتِيحُ الْعِلْمِ، وَأَبْوَابُ الْحِكْمَةِ، وَضِيَاءُ الْأَمْرِ، وَفَصْلُ الْخِطَابِ، وَمَنْ يُحِبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ يَنْفَعُهُ إِيمَانُهُ وَيُتَقَبَّلُ مِنْهُ عَمَلُهُ، وَمَنْ لَا يُحِبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ لَا يَنْفَعُهُ إِيمَانُهُ وَلَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُ عَمَلُهُ، وَإِنْ أَدْأَبَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ»، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ قَالَ: «عِنْدَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ أَبْوَابُ الْحُكْمِ، وَضِيَاءُ الْأَمْرِ، نَحْنُ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ، وَمَحَطُّ الرِّسَالَةِ، وَمُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ، وَمَعَادِنُ الْعِلْمِ، وَيَنَابِيعُ الْحُكْمِ، نَحْنُ الشِّعَارُ وَالْأَصْحَابُ، وَالْخَزَنَةُ وَالْأَبْوَابُ، وَلَا تُؤْتَى الْبُيُوتُ إِلَّا مِنْ أَبْوَابِهَا، فَمَنْ أَتَاهَا مِنْ غَيْرِ أَبْوَابِهَا سُمِّيَ سَارِقًا»[١٠].
الشاهد ٣
وَرَوَى الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[١١]، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ الْأَحْمَسِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: «إِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ عِنْدَنَا مَعَاقِلُ الْعِلْمِ، وَآثَارُ النُّبُوَّةِ، وَعِلْمُ الْكِتَابِ، وَفَصْلُ مَا بَيْنَ النَّاسِ».
الشاهد ٤
وَرَوَى الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[١٢]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى؛ وَحَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ، عَنْ جَدِّهِ الْجَارُودِ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، فَقَالَ: «مَا يَنْقِمُ النَّاسُ مِنَّا؟! فَنَحْنُ وَاللَّهِ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ، وَبَيْتُ الرَّحْمَةِ، وَمَوْضِعُ الرِّسَالَةِ، وَمُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ، وَمَعْدِنُ الْعِلْمِ».
الشاهد ٥
وَرَوَى الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[١٣]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلِمْنَا، وَمِنْ حُكْمِهِ أَخَذْنَا، وَمِنْ قَوْلِ الصَّادِقِ سَمِعْنَا، فَإِنْ تَتَّبِعُونَا تَهْتَدُوا».
الشاهد ٦
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١٤]، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ صَبَّاحٍ الْمُزَنِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، قَالَ: لَقِيَ رَجُلٌ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ بِالثَّعْلَبِيَّةِ، وَهُوَ يُرِيدُ كَرْبَلَاءَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مِنْ أَيِّ الْبِلَادِ أَنْتَ؟» قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: «أَمَا وَاللَّهِ يَا أَخَا أَهْلِ الْكُوفَةِ، لَوْ لَقِيتُكَ بِالْمَدِينَةِ لَأَرَيْتُكَ أَثَرَ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ دَارِنَا وَنُزُولِهِ بِالْوَحْيِ عَلَى جَدِّي، يَا أَخَا أَهْلِ الْكُوفَةِ، أَفَمُسْتَقَى النَّاسِ الْعِلْمَ مِنْ عِنْدِنَا، فَعَلِمُوا وَجَهِلْنَا؟! هَذَا مَا لَا يَكُونُ».
الشاهد ٧
وَرَوَى الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[١٥]، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ النَّهْدِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ هُرَاسَةَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمِنَى، فَقَالَ: «مِمَّنِ الرَّجُلُ؟» فَقُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَقَالَ لِي: «يَا أَخَا أَهْلِ الْعِرَاقِ، أَمَا لَوْ كُنْتَ عِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ لَأَرَيْنَاكَ مَوَاطِنَ جَبْرَئِيلَ مِنْ دُوَيْرِنَا، اسْتَقَانَا النَّاسُ الْعِلْمَ، فَتَرَاهُمْ عَلِمُوا وَجَهِلْنَا؟!».
الشاهد ٨
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُكْبَرِيُّ [ت٤١٣هـ] فِي «أَمَالِيهِ»[١٦]، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١٧]، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ؛ وَرَوَى الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[١٨]؛ جَمِيعًا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ صَاحِبُ الدَّيْلَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ يَقُولُ، وَعِنْدَهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ: «عَجَبًا لِلنَّاسِ! يَقُولُونَ أَنَّهُمْ أَخَذُوا عِلْمَهُمْ كُلَّهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَعَمِلُوا بِهِ وَاهْتَدَوْا، وَيَرَوْنَ أَنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ لَمْ يَأْخُذُوا عِلْمَهُ وَلَمْ يَهْتَدُوا بِهِ! وَنَحْنُ أَهْلُ بَيْتِهِ وَذُرِّيَّتُهُ، فِي مَنَازِلِنَا نَزَلَ الْوَحْيُ، وَمِنْ عِنْدِنَا خَرَجَ الْعِلْمُ إِلَيْهِمْ، أَفَيَرَوْنَ أَنَّهُمْ عَلِمُوا وَاهْتَدَوْا، وَجَهِلْنَا نَحْنُ وَضَلَلْنَا؟! إِنَّ هَذَا لَمُحَالٌ».
الشاهد ٩
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١٩]، قَالَ: حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ مُثَنًّى، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، يَسْأَلُهُ عَنْ قَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ، فَلَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ»، قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ عِنْدَهُ عِلْمُ شَيْءٍ إِلَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلْيَذْهَبِ النَّاسُ حَيْثُ شَاؤُوا، فَوَاللَّهِ لَيْسَ الْأَمْرُ إِلَّا مِنْ هَاهُنَا»، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى بَيْتِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ مَدَّ صَوْتَهُ، فَقَالَ: «لِيَذْهَبُوا حَيْثُ شَاؤُوا، أَمَا وَاللَّهِ لَا يَجِدُونَ الْعِلْمَ إِلَّا هَاهُنَا»، فَسَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: «عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ»[٢٠].
الشاهد ١٠
وَرَوَى الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[٢١]، قَالَ: حَدَّثَنِي السِّنْدِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ شَهَادَةِ وَلَدِ الزِّنَا، تَجُوزُ؟ فَقَالَ: «لَا»، قُلْتُ: إِنَّ الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ يَزْعُمُ أَنَّهَا تَجُوزُ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ لَا تَغْفِرْ لَهُ ذَنْبَهُ! مَا قَالَ اللَّهُ لِلْحَكَمِ: ﴿إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾[٢٢]، فَلْيَذْهَبِ الْحَكَمُ يَمِينًا وَشِمَالًا -وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: فَلْيُشَرِّقِ الْحَكَمُ وَلْيُغَرِّبْ[٢٣]- فَوَاللَّهِ لَا يُوجَدُ الْعِلْمُ إِلَّا عِنْدَ أَهْلِ بَيْتٍ نَزَلَ عَلَيْهِمْ جَبْرَئِيلُ».
الشاهد ١١
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[٢٤]، قَالَ: حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ: «شَرِّقَا وَغَرِّبَا، فَلَا تَجِدَانِ عِلْمًا صَحِيحًا إِلَّا شَيْئًا خَرَجَ مِنْ عِنْدِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ».
الشاهد ١٢
وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّجَاشِيُّ [ت٤٥٠هـ] فِي «رِجَالِهِ»[٢٥]، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَذَافِرٍ الصَّيْرَفِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ، وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُ مُكَرِّمًا، فَاخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «يَا بُنَيَّ، قُمْ، فَأَخْرِجْ كِتَابَ عَلِيٍّ»، فَأَخْرَجَ كِتَابًا مَدْرُوجًا عَظِيمًا، وَفَتَحَهُ، وَجَعَلَ يَنْظُرُ حَتَّى أَخْرَجَ الْمَسْأَلَةَ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «هَذَا خَطُّ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِمْلَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ»، وَأَقْبَلَ عَلَى الْحَكَمِ، وَقَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، اذْهَبْ أَنْتَ وَسَلَمَةُ وَأَبُو الْمِقْدَامِ حَيْثُ شِئْتُمْ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَوَاللَّهِ لَا تَجِدُونَ الْعِلْمَ أَوْثَقَ مِنْهُ عِنْدَ قَوْمٍ كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ»، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ قَالَ: «تَمُصُّونَ الثِّمَادَ[٢٦]، وَتَدَعُونَ النَّهَرَ الْعَظِيمَ»![٢٧]
الشاهد ١٣
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[٢٨]، قَالَ: حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ بَدْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَّامٌ أَبُو عَلِيٍّ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ سَلَّامِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَخْزُومِيِّ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ عَابِدُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَابْنُ شُرَيْحٍ فَقِيهُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَعِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَيْمُونٌ الْقَدَّاحُ مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَسَأَلَهُ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فِي كَمْ ثَوْبٍ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، ثَوْبَيْنِ صُحَارِيَّيْنِ، وَثَوْبٍ حِبَرَةٍ، وَكَانَ فِي الْبُرْدِ قِلَّةٌ»، فَكَأَنَّمَا ازْوَرَّ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِنَّ نَخْلَةَ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ إِنَّمَا كَانَتْ عَجْوَةً، وَنَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ، فَمَا نَبَتَ مِنْ أَصْلِهَا كَانَ عَجْوَةً، وَمَا كَانَ مِنْ لُقَاطٍ فَهُوَ لَوْنٌ»، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ لِابْنِ شُرَيْحٍ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هَذَا الْمَثَلُ الَّذِي ضَرَبَهُ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ! فَقَالَ ابْنُ شُرَيْحٍ: هَذَا الْغُلَامُ يُخْبِرُكَ، فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، يَعْنِي مَيْمُونًا، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ مَيْمُونٌ: أَمَا تَعْلَمُ مَا قَالَ لَكَ؟! قَالَ: لَا وَاللَّهِ، قَالَ: إِنَّهُ ضَرَبَ لَكَ مَثَلَ نَفْسِهِ، فَأَخْبَرَكَ أَنَّهُ وَلَدٌ مِنْ وُلْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَعِلْمُ رَسُولِ اللَّهِ عِنْدَهُمْ، فَمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِمْ فَهُوَ صَوَابٌ، وَمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِهِمْ فَهُوَ لُقَاطٌ.
الشاهد ١٤
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ الْعَيَّاشِيُّ [ت٣٢٠هـ] فِي «تَفْسِيرِهِ»[٢٩]، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثٍ: «يَظُنُّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ عُلَمَاءُ أَنَّهُمْ قَدْ أَثْبَتُوا جَمِيعَ الْفِقْهِ وَالدِّينِ مِمَّا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْأُمَّةُ، وَلَيْسَ كُلُّ عِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلِمُوهُ، وَلَا صَارَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَرَفُوهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّيْءَ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْأَحْكَامِ يَرِدُ عَلَيْهِمْ، فَيُسْأَلُونَ عَنْهُ، وَلَا يَكُونُ عِنْدَهُمْ فِيهِ أَثَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَيَسْتَحْيُونَ أَنْ يَنْسِبَهُمُ النَّاسُ إِلَى الْجَهْلِ، وَيَكْرَهُونَ أَنْ يُسْأَلُوا فَلَا يُجِيبُوا، فَيَطْلُبَ النَّاسُ الْعِلْمَ مِنْ مَعْدِنِهِ، فَلِذَلِكَ اسْتَعْمَلُوا الرَّأْيَ وَالْقِيَاسَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَتَرَكُوا الْآثَارَ، وَدَانُوا بِالْبِدَعِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: <كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ>، فَلَوْ أَنَّهُمْ إِذَا سُئِلُوا عَنْ شَيْءٍ مِنْ دِينِ اللَّهِ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ فِيهِ أَثَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، رَدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ، لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَالَّذِي مَنَعَهُمْ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ مِنَّا الْعَدَاوَةُ وَالْحَسَدُ لَنَا»، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: «هَؤُلَاءِ الصَّادُّونَ عَنْ دِينِ اللَّهِ بِلَا هُدًى مِنَ اللَّهِ وَلَا كِتَابٍ مُبِينٍ، إِنَّ هَؤُلَاءِ الْأَخَابِثَ لَوْ جَلَسُوا فِي بُيُوتِهِمْ، فَجَالَ النَّاسُ، فَلَمْ يَجِدُوا أَحَدًا يُخْبِرُهُمْ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَعَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى يَأْتُونَا، فَنُخْبِرَهُمْ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَعَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ»[٣٠].
الشاهد ١٥
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[٣١]، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَعْمَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ، أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ خَطَبَ النَّاسَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ: «أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ الَّتِي خُدِعَتْ، فَانْخَدَعَتْ، وَعَرَفَتْ خَدِيعَةَ مَنْ خَدَعَهَا، فَأَصَرَّتْ عَلَى مَا عَرَفَتْ، وَاتَّبَعَتْ أَهْوَاءَهَا، وَضَرَبَتْ فِي عَشْوَاءِ غَوَايَتِهَا، وَقَدِ اسْتَبَانَ لَهَا الْحَقُّ، فَصَدَّتْ عَنْهُ، وَالطَّرِيقُ الْوَاضِحُ فَتَنَكَّبَتْهُ، أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، لَوِ اقْتَبَسْتُمُ الْعِلْمَ مِنْ مَعْدِنِهِ، وَشَرِبْتُمُ الْمَاءَ بِعُذُوبَتِهِ، وَادَّخَرْتُمُ الْخَيْرَ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَأَخَذْتُمُ الطَّرِيقَ مِنْ وَاضِحِهِ، وَسَلَكْتُمْ مِنَ الْحَقِّ نَهْجَهُ، لَنَهَجَتْ بِكُمُ السُّبُلُ، وَبَدَتْ لَكُمُ الْأَعْلَامُ، وَأَضَاءَ لَكُمُ الْإِسْلَامُ، فَأَكَلْتُمْ رَغَدًا، وَمَا عَالَ فِيكُمْ عَائِلٌ، وَلَا ظُلِمَ مِنْكُمْ مُسْلِمٌ وَلَا مُعَاهَدٌ، وَلَكِنْ سَلَكْتُمْ سَبِيلَ الظَّلَامِ، فَأَظْلَمَتْ عَلَيْكُمْ دُنْيَاكُمْ بِرُحْبِهَا، وَسُدَّتْ عَلَيْكُمْ أَبْوَابُ الْعِلْمِ، فَقُلْتُمْ بِأَهْوَائِكُمْ، وَاخْتَلَفْتُمْ فِي دِينِكُمْ، فَأَفْتَيْتُمْ فِي دِينِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَاتَّبَعْتُمُ الْغُوَاةَ فَأَغْوَتْكُمْ، وَتَرَكْتُمُ الْأَئِمَّةَ فَتَرَكُوكُمْ، فَأَصْبَحْتُمْ تَحْكُمُونَ بِأَهْوَائِكُمْ، رُوَيْدًا، عَمَّا قَلِيلٍ تَحْصُدُونَ جَمِيعَ مَا زَرَعْتُمْ، وَتَجِدُونَ وَخِيمَ مَا اجْتَرَمْتُمْ وَمَا اجْتَلَبْتُمْ، وَيَنْزِلُ بِكُمْ مَا وُعِدْتُمْ، وَمَا نَزَلَ بِالْأُمَمِ قَبْلَكُمْ، وَسَيَسْأَلُكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ أَئِمَّتِكُمْ، مَعَهُمْ تُحْشَرُونَ، وَإِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ غَدًا تَصِيرُونَ».