الآية ٤٣
«لَا يَزَالُ فِي أَهْلِ الْبَيْتِ رَجُلٌ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُ تَطْهِيرًا»
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾[١]
ملاحظات
١ . أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾، فَقَالَ: لَا يَزَالُ فِي أَهْلِ الْبَيْتِ رَجُلٌ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُ تَطْهِيرًا، قُلْتُ: إِنَّمَا قَالَ: يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَلَمْ يَقُلْ: قَدْ فَعَلَ، قَالَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾[٢]، قُلْتُ: فَمَا الرِّجْسُ؟ قَالَ: مَا حَرَّمَ اللَّهُ، أَلَيْسَ ﴿يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾[٣]؟!
٢ . أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ عُبَيْدٍ الْخُجَنْدِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْمَنْصُورِ: إِنَّهُمْ يَسْتَبْعِدُونَ أَنْ يَكُونَ فِي أَهْلِ الْبَيْتِ أَحَدٌ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُ تَطْهِيرًا، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا يَسْتَبْعِدُونَ مِنْ ذَلِكَ؟! أَلَيْسَ ذَلِكَ مَا يُرِيدُ اللَّهُ؟! قُلْتُ: يَقُولُونَ: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ، وَلَا يَفْعَلُ! قَالَ: إِنَّ اللَّهَ ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾[٤]، وَلَا يُرِيدُ مَا لَا يَكُونُ، قُلْتُ: لَعَلَّهُ لَا يَكُونُ لِتَقْصِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ! قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ لَا يُقَصِّرُونَ كَافَّةً، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يَخِيبُ.
٣ . أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾، فَقُلْتُ: أَيُرِيدُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّكْوِينِ، أَمْ عَلَى سَبِيلِ التَّشْرِيعِ؟ فَقَالَ: هُمَا وَاللَّهِ سَوَاءٌ، إِنْ كَانَ يُرِيدُ عَلَى سَبِيلِ التَّكْوِينِ فَـ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾[٥]، وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ عَلَى سَبِيلِ التَّشْرِيعِ فَإِنَّهُ مُطَاعٌ، وَ«لَا رَأْيَ لِمَنْ لَا يُطَاعُ»[٦].
٤ . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَرَوِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، فَقَالَ: مَنْ وُلِدَ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَوْ نَشَأَ فِيهِ، قُلْتُ: فَلَيْسَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: لِمَاذَا؟ قَالَ: لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الضَّيْفِ، تَدْخُلُ الْبَيْتَ وَتَخْرُجُ مِنْهُ، وَقَدْ بَلَغَكَ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ، وَكَانَتْ وَاللَّهِ صَادِقَةً مَرْضِيَّةً[٧]، قُلْتُ: فَمَا بَالُ أَوْلَادِ أَوْلَادِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إِنَّهُمْ يُلْحَقُونَ بِآبَائِهِمْ إِذَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ، وَلِلْآبَاءِ فَضْلُهُمْ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾[٨]، قُلْتُ: فَتَقُولُ أَنَّ أَوْلَادَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَوْلَادَ أَوْلَادِهِ كُلَّهُمْ مُطَهَّرُونَ مِنَ الرِّجْسِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؟! قَالَ: لَا وَاللَّهِ، كَيْفَ أَقُولُ هَذَا؟! وَقَدْ أَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ، وَلَكِنِّي أَقُولُ: إِنَّهُمْ لَا يَخْلُونَ مِنْ رَجُلٍ قَدْ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُ تَطْهِيرًا، قُلْتُ: لِمَاذَا؟ قَالَ: لِأَنَّهُ قَالَ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِمْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِهِمْ جَمِيعًا، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ لَأَخْلَفَ قَوْلَهُ، قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّمَا يُرِيدُهُ عَلَى سَبِيلِ التَّشْرِيعِ، وَلَا يُرِيدُهُ عَلَى سَبِيلِ التَّقْدِيرِ، قَالَ: هُمَا وَاللَّهِ سَوَاءٌ، إِنَّهُ لَا يَأْمُرُهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا وَيُطِيعُهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَا يَخْلُو الْقَوْمُ مِنْ مُطِيعٍ.