الحديث ٢
البيعة للّه، فلا يبايَع إلا من أمر اللّه بمبايعته.
رَوَى ابْنُ قَانِعٍ [ت٣٥١هـ] فِي «مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ أَخُو خَطَّابٍ؛ وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ [ت٤٣٠هـ] فِي «مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ»[٢]، قَالَ: حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ الْخُتُلِّيُّ؛ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مَسْعُودٍ أَبُو مَسْعُودٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
«كَانَتْ بَيْعَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَزَلَتْ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ﴾[٣] الْبَيْعَةَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: الْمُنْتَشِرُ بْنُ الْأَجْدَعِ الْهَمْدَانِيُّ مَذْكُورٌ فِي الصَّحَابَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ؛ فَقَدْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَسَمِعَ ابْنُهُ عَائِشَةَ وَابْنَ عُمَرَ[٤]، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ شِعَارَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَيْعَتِهِ: «الْبَيْعَةُ لِلَّهِ»؛ كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ: «وَكَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ: تُبَايِعُونَ مَا أَطَعْتُ اللَّهَ، فَإِذَا عَصَيْتُ اللَّهَ فَلَا طَاعَةَ لِي عَلَيْكُمْ»[٥]، يَعْنِي أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ بَيْعَتِهِ كَشِعَارٍ لَهُ، وَمَعْنَى أَنَّ «الْبَيْعَةَ لِلَّهِ» أَنَّهُ لَا يُبَايَعُ إِلَّا مَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِمُبَايَعَتِهِ، وَزَعَمَ الْحَرُورِيَّةُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُبَايَعُ بَشَرٌ، فَفَارَقُوا عَلِيًّا وَنَادَوْا: «الْبَيْعَةُ لِلَّهِ»[٦]، وَكَانَ ذَلِكَ سَفَهًا مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الَّذِي بَايَعَ مَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِمُبَايَعَتِهِ فَإِنَّمَا بَايَعَ اللَّهَ؛ كَمَا قَالَ لِرَسُولِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ﴾، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِمُبَايَعَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبَايَعَ، وَإِنِ اخْتَارَهُ النَّاسُ بِآرَائِهِمْ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَةَ لِلَّهِ، وَلَيْسَتْ لَهُمْ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِمُبَايَعَةِ الْمَهْدِيِّ كَمَا أَمَرَ بِمُبَايَعَةِ رَسُولِهِ؛ فَمَنْ بَايَعَهُ فَقَدْ بَايَعَ اللَّهَ:
الشاهد ١
كَمَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ [تبعد٤١١ه] فِي «دَلَائِلِ الْإِمَامَةِ»[٧] -وَهُوَ غَيْرُ صَاحِبِ التَّارِيخِ- قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْكُوفِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ الْمَهْدِيِّ، عَنْ أَبَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَرَأَى عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا عَلِيُّ، لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِكَ يُقَالُ لَهُ الْمَهْدِيُّ، يَهْدِي إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَهْتَدِي بِهِ الْعَرَبُ»، ثُمَّ قَالَ: «وَمَكْتُوبٌ عَلَى رَاحَتِهِ[٨]: بَايِعُوهُ، فَإِنَّ الْبَيْعَةَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».
الشاهد ٢
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ [ت٤٦٠هـ] فِي «الْغَيْبَةِ»[٩]، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعُكْبَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بَابَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ حَيِّ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «كَأَنِّي بِالْقَائِمِ -يَعْنِي الْمَهْدِيَّ- يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ السَّبْتِ قَائِمًا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، بَيْنَ يَدَيْهِ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُنَادِي: <الْبَيْعَةُ لِلَّهِ>، فَيَمْلَأُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا».
الشاهد ٣
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُكْبَرِيُّ [ت٤١٣هـ] فِي «الْإِرْشَادِ»[١٠]، بِالْإِسْنَادِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ: «يُنَادَى بِاسْمِ الْقَائِمِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَيَقُومُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، لَكَأَنِّي بِهِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ الْعَاشِرِ مِنَ الْمُحَرَّمِ قَائِمًا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى يُنَادِي: <الْبَيْعَةُ لِلَّهِ>، فَتَصِيرُ إِلَيْهِ شِيعَتُهُ مِنْ أَطْرَافِ الْأَرْضِ تُطْوَى لَهُمْ طَيًّا حَتَّى يُبَايِعُوهُ، فَيَمْلَأُ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا».
الشاهد ٤
وَرَوَى نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ [ت٢٢٨هـ] فِي «الْفِتَنِ»[١١]، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ، قَالَ: «فِي رَايَةِ الْمَهْدِيِّ مَكْتُوبٌ: الْبَيْعَةُ لِلَّهِ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: كَانَ نَوْفٌ الْبِكَالِيُّ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَعَلَّهُ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْهُ، وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَهْدِيَّ يَدْعُو إِلَى بَيْعَةِ اللَّهِ، وَهِيَ بَيْعَةُ مَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِبَيْعَتِهِ، وَنَحْنُ أَيْضًا نَدْعُو إِلَيْهَا، وَنَرَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَيْسَتْ فِي عُنُقِهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ رَمْزٌ لِيَمِينِ اللَّهِ، جَعَلَهُ فِي بَيْتِهِ لِيُبَايِعَهُ النَّاسُ، أَوْ يُجَدِّدُوا لَهُ الْبَيْعَةَ فِي كُلِّ عَامٍ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ بَيْعَتِهِ وَعِظَمِ شَأْنِهَا؛ كَمَا قَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ [تنحو٣٢٠هـ] فِي «نَوَادِرِ الْأُصُولِ»[١٢]: «أَوَّلُ مَا ظَهَرَتِ الْبَيْعَةُ يَوْمَ الْمِيثَاقِ، وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: <الرُّكْنُ يَمِينُ اللَّهِ يُصَافِحُ بِهِ عِبَادَهُ>، لِأَنَّهُمْ يَوْمَ الْمِيثَاقِ بَايَعُوا اللَّهَ، فَصَافَحُوا الْحَجَرَ، فَلَمَّا أَنْزَلَهُ مِنَ الْفِرْدَوْسِ وَضَعَهُ فِي رُكْنِ الْبَيْتِ، وَدَعَى النَّاسَ إِلَيْهَا لِيُجَدِّدُوا بَيْعَتَهُمْ، فَكُلَّمَا تَمَسَّحُوا فَذَلِكَ مِنْهُمْ بَيْعَةٌ مُتَجَدِّدَةٌ»، وَذَكَرَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ [ت١١٠هـ] أَنَّهُ قَالَ: «الرُّكْنُ حَجَرٌ مِنَ الْفِرْدَوْسِ، بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ أَخَذَ الْمِيثَاقَ، فَوَضَعَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِبَادِ لِيُبَايِعُوهُ عَلَى ذَلِكَ الْحَجَرِ، فَيَمْسَحُونَهُ بِأَيْدِهِمْ بَيْعَةً لِلَّهِ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ بِاسْتِلَامِهِ»[١٣]، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعًا:
الشاهد ٥
رَوَى ابْنُ بِشْرَانَ [ت٤٣٠هـ] فِي «أَمَالِيهِ»[١٤]، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «الْحَجَرُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، يُصَافِحُ بِهِ عِبَادَهُ» -يَعْنِي لِلْبَيْعَةِ.
الشاهد ٦
وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ [ت٣١١هـ] فِي «صَحِيحِهِ»[١٥]، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلٍ، سَمِعْتُ عَطَاءً يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَأْتِي الرُّكْنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ، لَهُ لِسَانٌ وَشَفَتَانِ، يَتَكَلَّمُ عَمَّنِ اسْتَلَمَهُ بِالنِّيَّةِ -كَذَا جَاءَ، وَلَعَلَّهُ بِالْبَيْعَةِ-، وَهُوَ يَمِينُ اللَّهِ الَّتِي يُصَافِحُ بِهَا خَلْقَهُ».
الشاهد ٧
وَرَوَى ابْنُ الْفَرَّاءِ [ت٤٥٨هـ] فِي «إِبْطَالِ التَّأْوِيلَاتِ»[١٦]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاضِي عُمَرُ بْنُ سَنْبَكَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ نَصْرِ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَالِمٍ الْعَلَاءُ بْنُ مَسْلَمَةَ الرَّوَاسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ أَبَانَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «الْحَجَرُ فِي الْأَرْضِ يَمِينُ اللَّهُ جَلَّ اسْمُهُ، فَمَنْ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى الْحَجَرِ فَقَدْ بَايَعَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يَعْصِيَهُ».
الشاهد ٨
وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ [تبعد٢٧٢هـ] فِي «أَخْبَارِ مَكَّةَ»[١٧]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْبَصْرِيُّ؛ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١ه] فِي «عِلَلِ الشَّرَائِعِ»[١٨]، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ الْحَافِظُ السَّمَرْقَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ سَعِيدٍ التِّرْمِذِيُّ؛ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ بْنِ سِنَانِ بْنِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ «يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، اسْتِلَامُهُ الْيَوْمَ بَيْعَةٌ لِمَنْ لَمْ يُدْرِكْ بَيْعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ»، هَكَذَا ذَكَرَهُ مَرْفُوعًا، وَقَالَ الْفَاكِهِيُّ[١٩]: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ؛ وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي بَزَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ؛ جَمِيعًا عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الْحَجَرُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، فَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ بَيْعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ، فَقَدْ بَايَعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ»، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «ثُمَّ قَرَأَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾».
الشاهد ٩
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١ه] فِي «عِلَلِ الشَّرَائِعِ»[٢٠]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: مَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا حَجَرُ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، إِلَّا أَنَّا رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّكَ، فَنَحْنُ نُحِبُّكَ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «كَيْفَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟! فَوَاللَّهِ لَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ لِسَانٌ وَشَفَتَانِ، فَيَشْهَدُ لِمَنْ وَافَاهُ، وَهُوَ يَمِينُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، يُبَايِعُ بِهَا خَلْقَهُ»، فَقَالَ عُمَرُ: لَا أَبْقَانَا اللَّهُ فِي بَلَدٍ لَا يَكُونُ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
الشاهد ١٠
وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ [تبعد٢٧٢هـ] فِي «أَخْبَارِ مَكَّةَ»[٢١]، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ: «لَا حَجَّ لِمَنْ لَا يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ، لِأَنَّهُ يَمِينُ اللَّهِ فِي عِبَادِهِ».
الشاهد ١١
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩ه] فِي «الْكَافِي»[٢٢]، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَغَيْرُهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ سِنَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لِأَيِّ عِلَّةٍ وَضَعَ اللَّهُ الْحَجَرَ فِي الرُّكْنِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَلَمْ يُوضَعْ فِي غَيْرِهِ، وَلِأَيِّ عِلَّةٍ تُقَبَّلُ؟ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ حَتَّى قَالَ: «أَمَّا الْقُبْلَةُ وَالْإِسْتِلَامُ فَلِعِلَّةِ الْعَهْدِ، تَجْدِيدًا لِذَلِكَ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، وَتَجْدِيدًا لِلْبَيْعَةِ، لِيُؤَدُّوا إِلَيْهِ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي الْمِيثَاقِ، فَيَأْتُوهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَيُؤَدُّوا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْعَهْدَ وَالْأَمَانَةَ اللَّذَيْنِ أُخِذَا عَلَيْهِمْ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: أَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا، وَمِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ، لِتَشْهَدَ لِي بِالْمُوَافَاةِ؟»
الشاهد ١٢
وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ [ت٢١٠هـ] فِي «مَسَائِلِهِ»[٢٣]، قَالَ: سَأَلْتُهُ -يَعْنِي أَخَاهُ مُوسَى- عَنِ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ، لِمَ يُسْتَلَمُ؟ قَالَ: «لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَخَذَ مَوَاثِيقَ الْعِبَادِ، ثُمَّ دَعَى الْحَجَرَ مِنَ الْجَنَّةِ، فَأَمَرَهُ فَالْتَقَمَ الْمِيثَاقَ، فَالْوَاقِفُونَ يَشْهَدُونَ بِبَيْعَتِهِمْ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالُوا: «تَمَامُ الْحَجِّ لِقَاءُ الْإِمَامِ»[٢٤]؛ لِأَنَّ بَيْعَةَ اللَّهِ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِبَيْعَةِ الَّذِي جَعَلَهُ لِلنَّاسِ إِمَامًا[٢٥].