الأربعاء ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ الموافق لـ ٢٤ أبريل/ نيسان ٢٠٢٤ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الأسئلة والأجوبة: ما حكم التأمين في الإسلام؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٦. اضغط هنا لقراءته. جديد الشبهات والردود: إنّي قرأت كتاب «العودة إلى الإسلام» للمنصور الهاشمي الخراساني، فوجدته أقرب إلى الحقّ بالنسبة لما يذهب إليه الشيعة، ولكنّ المنصور أيضًا مشرك وكافر مثلهم؛ لأنّه قد فسّر آيات القرآن برأيه؛ لأنّك إذا قرأت ما قبل كثير من الآيات التي استدلّ بها على رأيه أو ما بعدها علمت أنّها لا علاقة لها بموضوع البحث؛ منها آية التطهير، فإنّ اللّه قد خاطب فيها نساء النبيّ، ولكنّ المنصور جعلها مقصورة على عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وأثبت بها إمامتهم من عند اللّه! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الكتب: تمّ نشر الطبعة الخامسة من الكتاب القيّم «الكلم الطّيّب؛ مجموعة رسائل السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر مقالة جديدة بعنوان «عمليّة طوفان الأقصى؛ ملحمة فاخرة كما يقال أم إقدام غير معقول؟!» بقلم «حسن ميرزايي». اضغط هنا لقراءتها. جديد الأقوال: قولان من جنابه في بيان وجوب العقيقة عن المولود. اضغط هنا لقراءتهما. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
درس
 
دروس من جنابه في سؤال العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره، وطلب العلم عنده بالدّين
ما صحّ عن النّبيّ في ذلك

الحديث ٣٨

«حُسْنُ سُؤَالِ الْإِمَامِ عَمَّا غَيَّرَ حَالَهُ»، أضحكه أو أبكاه.

رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ [ت٢٤١هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ:

بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ مَعَ أَصْحَابِهِ إِذْ ضَحِكَ، فَقَالَ: «أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ أَضْحَكُ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمِمَّ تَضْحَكُ؟ قَالَ: «عَجِبْتُ لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، إِنْ أَصَابَهُ مَا يُحِبُّ، حَمِدَ اللَّهَ وَكَانَ لَهُ خَيْرٌ، وَإِنْ أَصَابَهُ مَا يَكْرَهُ، صَبَرَ وَكَانَ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ أَمْرُهُ كُلُّهُ لَهُ خَيْرٌ إِلَّا الْمُؤْمِنُ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَضُرُّهُ شَيْءٌ، وَيَنْفَعُهُ كُلُّ شَيْءٍ، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْمَعْنَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: «إِنَّ فِيمَا أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا مُوسَى، إِنِّي مَا خَلَقْتُ خَلْقًا أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ، فَإِنِّي إِنَّمَا أَبْتَلِيهِ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ، وَأُعَافِيهِ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ، وَأَزْوِي عَنْهُ مَا هُوَ شَرٌّ لَهُ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ، وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا يَصْلُحُ عَلَيْهِ عَبْدِي، فَلْيَصْبِرْ عَلَى بَلَائِي، وَلْيَشْكُرْ نَعْمَائِي»[٢]، وَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ أَبِي، يَرْوِي عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا: «مَا عَجِبْتُ مِنْ شَيْءٍ كَعَجَبِي مِنَ الْمُؤْمِنِ، إِنَّهُ إِنْ قُرِّضَ جَسَدُهُ فِي دَارِ الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ كَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ مَلَكَ مَا بَيْنَ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا كَانَ خَيْرًا لَهُ، وَكُلُّ مَا يَصْنَعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ»[٣]، وَأَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ أَضْحَكُ؟» فَيَدُلُّ عَلَى حُسْنِ سُؤَالِ الْإِمَامِ عَمَّا غَيَّرَ حَالَهُ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ:

الشاهد ١

رَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ [ت٣١١هـ] فِي «التَّوْحِيدِ»[٤]، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: أَرْدَفَنِي عَلِيٌّ رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِ خَلْفَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى ظَهْرِ الْكُوفَةِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَاغْفِرْ لِي، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ، فَضَحِكَ، فَقَالَ: أَلَا تَسْأَلُنِي مِمَّ ضَحِكْتُ؟ قَالَ: قُلْتُ: مِمَّ ضَحِكْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ، ثُمَّ خَرَجَ بِي إِلَى حَرَّةِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَاغْفِرْ لِي»، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ، فَضَحِكَ، فَقَالَ: «أَلَا تَسْأَلُنِي مِمَّ ضَحِكْتُ؟» قَالَ: قُلْتُ: مِمَّ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «ضَحِكْتُ مِنْ ضَحِكِ رَبِّي وَتَعَجُّبِهِ مِنْ عَبْدِهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرُهُ».

الشاهد ٢

وَرَوَى ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ [ت٢٨٧هـ] فِي «السُّنَّةِ»[٥]، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي حَدِيثِ آخِرِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «فَيَقُولُ اللَّهُ: يَا ابْنَ آدَمَ، أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا؟ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَتَسْتَهْزِئُ بِي، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟!» قَالَ: فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَقَالَ: أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ ضَحِكْتُ؟ قَالُوا: وَمِمَّ تَضْحَكُ؟ قَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ ضَحِكْتُ؟» قَالُوا: وَمِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مِنْ ضَحِكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْهُ حِينَ يَقُولُ: أَتَسْتَهْزِئُ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، فَيَقُولُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ».

الشاهد ٣

وَرَوَى ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ [ت٢٧٩هـ] فِي «التَّارِيخِ الْكَبِيرِ»[٦]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيْلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَة، عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ، قَالَ: ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اسْتَغْرَبَ، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّا ضَحِكْتُ؟» قَالَ: «إِنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِي يُسَاقُونَ إِلَى الْجَنَّةِ وَهُمْ يَتَقَاعَسُونَ عَنْهَا، مَا يُكَرِّهُهَا إِلَيْهِمْ؟!» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَكُونُ ذَاكَ؟ قَالَ: «قَوْمٌ مِنَ الْأَعَاجِمِ، يَسْبِيهِمُ الْمُهَاجِرُونَ، فَيُدْخِلُونَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ وَهُمْ كَارِهُونَ».

الشاهد ٤

وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ [ت٣٢١هـ] فِي «شَرْحِ مُشْكِلِ الْآثَارِ»[٧]، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْأَسْلَمِيُّ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَأَخَذَ الْكَرْزَنَ، فَحَفَرَ بِهِ، فَصَادَفَ حَجَرًا، فَضَحِكَ، فَسُئِلَ: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مِنْ نَاسٍ يُؤْتَى بِهِمْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ بِالْكُبُولِ، يُسَاقُونَ إِلَى الْجَنَّةِ وَهُمْ كَارِهُونَ».

الشاهد ٥

وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ [ت٢٩٢هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[٨]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، أَنَّهُ دَعَا بِوَضُوءٍ، فَمَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَظَهْرِ قَدَمَيْهِ، ثُمَّ ضَحِكَ، فَقَالَ: أَلَا تَسْأَلُونَ مَا أَضْحَكَنِي؟ فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: ضَحِكْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ دَعَا بِوَضُوءٍ قَرِيبًا مِنْ هَذَا الْمَكَانِ، فَتَوَضَّأَ كَمَا تَوَضَّأْتُ، ثُمَّ ضَحِكَ كَمَا ضَحِكْتُ، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا تَسْأَلُونِي مَا أَضْحَكَنِي؟» قُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَضْحَكَنِي أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ، حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ خَطِيئَةٍ أَصَابَ بِوَجْهِهِ، فَإِذَا غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ كَانَ كَذَلِكَ، فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ كَانَ كَذَلِكَ، فَإِذَا طَهَّرَ قَدَمَيْهِ كَانَ كَذَلِكَ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى حُسْنِ سُؤَالِ الْإِمَامِ عَمَّا أَضْحَكَهُ، وَقَدْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى حُسْنِ سُؤَالِهِ عَمَّا أَحْزَنَهُ وَأَبْكَاهُ:

الشاهد ٦

رَوَى أَبُو يَعْلَى [ت٣٠٧هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[٩]، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عُمَيْرَةَ أَبُو قُتَيْبَةَ الْقَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَيْمُونُ الْكُرْدِيُّ أَبُو نُصَيْرٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ آخِذٌ بِيَدِي، وَنَحْنُ نَمْشِي فِي بَعْضِ سِكَكِ الْمَدِينَةِ، إِذْ أَتَيْنَا عَلَى حَدِيقَةٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِيقَةٍ! قَالَ: «لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا»، ثُمَّ مَرَرْنَا بِأُخْرَى، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِيقَةٍ! قَالَ: «لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا»، حَتَّى مَرَرْنَا بِسَبْعِ حَدَائِقَ، كُلُّ ذَلِكَ أَقُولُ مَا أَحْسَنَهَا، وَيَقُولُ: «لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا»، فَلَمَّا خَلَا لَهُ الطَّرِيقُ اعْتَنَقَنِي، ثُمَّ أَجْهَشَ بَاكِيًا، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: «ضَغَائِنُ فِي صُدُورِ أَقْوَامٍ، لَا يُبْدُونَهَا لَكَ إِلَّا مِنْ بَعْدِي»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِي؟ قَالَ: «فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِكَ».

الشاهد ٧

وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ [ت٢٣٥هـ] فِي «مُصَنَّفِهِ»[١٠]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ مُدْرِكٍ الْجُعْفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَافَرَ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ صَاحِبَ مَطْهَرَتِهِ، حَتَّى حَاذَى نِينَوَى، وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إِلَى صِفِّينَ، فَنَادَى: صَبْرًا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! صَبْرًا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! فَقُلْتُ: مَاذَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟! قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَعَيْنَاهُ تَفِيضَانِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِعَيْنَيْكَ تَفِيضَانِ؟ أَغْضَبَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: «قَامَ مِنْ عِنْدِي جِبْرِيلُ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِشَطِّ الْفُرَاتِ، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ أَنْ فَاضَتَا».

الشاهد ٨

وَرَوَى الْآجُرِيُّ [ت٣٦٠هـ] فِي «الشَّرِيعَةِ»[١١]، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ صَالِحِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَامَ لَمْ يَتْرُكْ أَحَدًا يَدْخُلُ عَلَيْهِ إِلَّا حَسَنًا وَحُسَيْنًا، قَالَتْ: فَنَامَ يَوْمًا فِي بَيْتِي، وَجَلَسْتُ عَلَى الْبَابِ أَمْنَعُ مَنْ يَدْخُلُ، فَجَاءَ حُسَيْنٌ يَسْعَى، فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَذَهَبَ حَتَّى سَقَطَ عَلَى بَطْنِهِ، فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبْكِي، فَالْتَزَمَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَكَ تَبْكِي، وَقَدْ نِمْتَ وَأَنْتَ مَسْرُورٌ؟ فَقَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَانِي بِهَذِهِ التُّرْبَةِ»، قَالَتْ: وَبَسَطَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَفَّهُ، فَإِذَا فِيهَا تُرْبَةٌ حَمْرَاءُ، «فَأَخْبَرَنِي أَنَّ ابْنِي هَذَا يُقْتَلُ فِي هَذِهِ التُّرْبَةِ»، قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَمَا هَذِهِ الْأَرْضُ؟ قَالَ «هَذِهِ كَرْبَلَاءُ»، فَقُلْتُ: أَرْضُ كَرْبٍ وَبَلَاءٍ.

الشاهد ٩

وَرَوَى الْحَاكِمُ [ت٤٠٥هـ] فِي «الْمُسْتَدْرَكِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ»[١٢]، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ دَارِمٍ الْحَافِظُ بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا حَنَانُ بْنُ سَدِيرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، وَعَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا مُسْتَبْشِرًا، يُعْرَفُ السُّرُورُ فِي وَجْهِهِ، فَمَا سَأَلْنَاهُ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرَنَا بِهِ، وَلَا سَكَتْنَا إِلَّا ابْتَدَأَنَا، حَتَّى مَرَّتْ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فِيهِمُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، فَلَمَّا رَآهُمُ الْتَزَمَهُمْ، وَانْهَمَلَتْ عَيْنَاهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئًا نَكْرَهُهُ، فَقَالَ: «إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا، وَإِنَّهُ سَيَلْقَى أَهْلُ بَيْتِي مِنْ بَعْدِي تَطْرِيدًا وَتَشْرِيدًا فِي الْبِلَادِ، حَتَّى تَرْتَفِعَ رَايَاتٌ سُودٌ مِنَ الْمَشْرِقِ، فَيَسْأَلُونَ الْحَقَّ فَلَا يُعْطَوْنَهُ، ثُمَّ يَسْأَلُونَهُ فَلَا يُعْطَوْنَهُ، ثُمَّ يَسْأَلُونَهُ فَلَا يُعْطَوْنَهُ، فَيُقَاتِلُونَ فَيُنْصَرُونَ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ أَوْ مِنْ أَعْقَابِكُمْ، فَلْيَأْتِ إِمَامَ أَهْلَ بَيْتِي وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ، فَإِنَّهَا رَايَاتُ هُدًى، يَدْفَعُونَهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي، فَيَمْلِكُ الْأَرْضَ، فَيَمْلَأُهَا قِسْطًا وَعَدْلًا، كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا».

الشاهد ١٠

وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا [ت٢٨١هـ] فِي «الصَّبْرِ وَالثَّوَابِ عَلَيْهِ»[١٣]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَرْزِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا النَّهَّاسُ بْنُ قَهْمٍ، عَنْ عِصْمَةَ بْنِ أَبِي حُكَيْمَةَ، قَالَ: بَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَبْكَاكَ؟ قَالَ: «ذَكَرْتُ آخِرَ أُمَّتِي وَمَا يَلْقَوْنَ مِنَ الْبَلَاءِ، فَالصَّابِرُ مِنْهُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ».

↑[١] . مسند أحمد، ج٣٩، ص٣٥٠
↑[٢] . المؤمن للحسين بن سعيد، ص١٧؛ الكافي للكليني، ج٢، ص٦١؛ التمحيص للإسكافي، ص٥٥؛ التوحيد لابن بابويه، ص٤٠٥؛ الأمالي للمفيد، ص٩٣؛ الأمالي للطوسي، ص٢٣٨
↑[٣] . الكافي للكليني، ج٥، ص٦٩؛ تحف العقول عن آل الرسول لابن شعبة الحراني، ص٣٥٢
↑[٤] . التوحيد لابن خزيمة، ج٢، ص٥٧٨
↑[٥] . السنة لابن أبي عاصم، ج١، ص٢٤٥
↑[٦] . التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (السفر الثاني)، ج٢، ص٧٦٧
↑[٧] . شرح مشكل الآثار للطحاوي، ج٩، ص١٦٥
↑[٨] . مسند البزار، ج٢، ص٧٤
↑[٩] . مسند أبي يعلى، ج١، ص٤٢٦
↑[١٠] . مصنف ابن أبي شيبة، ج٧، ص٤٧٨
↑[١١] . الشريعة للآجري، ج٥، ص٢١٧٢
↑[١٢] . المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج٤، ص٥١١
↑[١٣] . الصبر والثواب عليه لابن أبي الدنيا، ص٥٩ و٨٤
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساعد في نشر المعرفة. إنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
إذا كنت معتادًا على لغة أخرى، يمكنك ترجمة هذا إليها. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة دروس السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ
الكتاب: تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الثالثة
تاريخ النشر: غرة رجب ١٤٤٥ هـ
مكان النشر: طالقان؛ أفغانستان