الخميس ١٧ رمضان ١٤٤٥ هـ الموافق لـ ٢٨ مارس/ آذار ٢٠٢٤ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الأسئلة والأجوبة: اختلف المسلمون في تعيين ليلة القدر، فأيّ ليلة هي عند السيّد المنصور حفظه اللّه تعالى؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢١. اضغط هنا لقراءته. جديد الشبهات والردود: إنّي قرأت كتاب «العودة إلى الإسلام» للمنصور الهاشمي الخراساني، فوجدته أقرب إلى الحقّ بالنسبة لما يذهب إليه الشيعة، ولكنّ المنصور أيضًا مشرك وكافر مثلهم؛ لأنّه قد فسّر آيات القرآن برأيه؛ لأنّك إذا قرأت ما قبل كثير من الآيات التي استدلّ بها على رأيه أو ما بعدها علمت أنّها لا علاقة لها بموضوع البحث؛ منها آية التطهير، فإنّ اللّه قد خاطب فيها نساء النبيّ، ولكنّ المنصور جعلها مقصورة على عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وأثبت بها إمامتهم من عند اللّه! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الكتب: تمّ نشر الطبعة الخامسة من الكتاب القيّم «الكلم الطّيّب؛ مجموعة رسائل السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر مقالة جديدة بعنوان «عمليّة طوفان الأقصى؛ ملحمة فاخرة كما يقال أم إقدام غير معقول؟!» بقلم «حسن ميرزايي». اضغط هنا لقراءتها. جديد الأقوال: قولان من جنابه في بيان وجوب العقيقة عن المولود. اضغط هنا لقراءتهما. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
درس
 
دروس من جنابه في سؤال العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره، وطلب العلم عنده بالدّين
ما صحّ عن النّبيّ في ذلك

الحديث ٢١

سائلٌ عمل قليلًا وأُجر كثيرًا

رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ [ت٢٩٤هـ] فِي «تَعْظِيمِ قَدْرِ الصَّلَاةِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ، عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، قَالَ:

خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَوَاحِلِنَا، وَهِيَ آكِلَةٌ النَّوَى مِنَ الْمَدِينَةِ، فَرُفِعَ لَهُ شَخْصٌ، فَقَالَ: «هَذَا رَجُلٌ لَا عَهْدَ لَهُ بِالطَّعَامِ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، وَإِيَّايَ يُرِيدُ»، فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَأَسْرَعْنَا حَتَّى اسْتَقْبَلَهُ، فَإِذَا فَتًى شَابٌّ قَدِ انْسَلَقَتْ شَفَتَاهُ مِنْ أَكْلِ لِحَاءِ الشَّجَرِ[٢]، فَسَأَلَهُ: «مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟» فَحَدَّثَهُ، قَالَ: وَأَنَا أُرِيدُ يَثْرِبَ، وَأُرِيدُ مُحَمَّدًا لِأُبَايِعَهُ، قَالَ: «فَأَنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ»، قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْ لِي الْإِسْلَامَ، قَالَ: «تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَتُقِرُّ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ»، قَالَ: أَقْرَرْتُ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ جَرِيرٌ: وَازْدَحَمْنَا عَلَيْهِ حِينَ أَنْشَأَ يَصِفُ الْإِسْلَامَ نَنْظُرُ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَنْتَهِي صِفَتُهُ، وَكُنَّا نَهَابُهُ أَنْ نَسْأَلَهُ، وَجَعَلْنَا إِذَا زَحَمْنَا بَكْرَهُ رَغَى، وَنَحَرَ عَلَى أُكْلِهِ نَوًى، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَانْصَرَفْنَا مَعَهُ، فَوَقَعُ يَدُ بَكْرِهِ فِي أَخَافِيقِ الْجُرْذَانِ[٣]، فَانْثَنَتْ عُنُقُهُ فَمَاتَ، فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «عَلَيَّ الرَّجُلَ»، فَانْحَطَّ عَمَّارٌ وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، فَوَجَدَاهُ قَدِ انْثَنَتْ عُنُقُهُ فَمَاتَ، قَالُوا: قَدْ مَاتَ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ عَنْهُ وَقَالَ: «احْمِلُوهُ إِلَى الْمَاءِ»، فَأَمَرَنَا فَغَسَّلْنَاهُ، وَكَفَّنَّاهُ، وَحَنَّطْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: «احْفِرُوا لَهُ، وَأَلْحِدُوا لَهُ، وَلَا تَشُقُّوا، فَإِنَّ اللَّحْدَ لَنَا، وَالشَّقُّ لِأَهْلِ الْكِتَابِ»، وَجَلَسَ عَلَى قَبْرِهِ لَا يُحَدِّثُنَا بِشَيْءٍ، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثَ هَذَا الرَّجُلِ؟ هَذَا مِمَّنْ عَمِلَ قَلِيلًا وَأُجِرَ كَثِيرًا، هَذَا مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ[٤]، إِنِّي أَعْرَضْتُ عَنْهُ آنِفًا وَمَلَكَانِ يَدُسَّانِ فِي شِدْقِهِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ»، يُعَرِّفُنَا أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ جَائِعًا.

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، وَهُوَ مِمَّنْ ضَعَّفُوهُ لِتَشَيُّعِهِ؛ كَمَا قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: «فِيهِ ذَاكَ الدَّاءُ»[٥] يَعْنِي التَّشَيُّعَ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: «هُوَ رَدِيءُ الْمَذْهَبِ، غَالٍ فِي التَّشَيُّعِ، يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ، عَلَى أَنَّ الثِّقَاتَ قَدْ رَوَوْا عَنْهُ، وَيُكْتَبُ حَدِيثُهُ عَلَى ضَعْفِهِ»[٦]، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: «تَكَلَّمَ فِيهِ شُعْبَةُ، وَلَكِنْ نَحْنُ نَرْوِي عَنْهُ»[٧]، وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَهُ زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ إِلَى الْأَعْمَشِ يَدْعُوهُ إِلَى نُصْرَتِهِ، فَقَالَ لَهُ الْأَعْمَشُ: «اقْرَأْهُ مِنِّيَ السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ الْأَعْمَشُ: لَسْتُ أَثِقُ لَكَ -جُعِلْتُ فِدَاكَ- بِالنَّاسِ، وَلَوْ أَنَّا وَجَدْنَا لَكَ ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ أَثِقُ بِهِمْ لَغَيَّرْنَا لَكَ جَوَانِبَهَا»[٨]، وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَذَا الْحَدِيثِ، بَلْ تَابَعَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ:

الشاهد ١

رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ [ت١٥١هـ] فِي «السِّيَرِ وَالْمَغَازِي»[٩]، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَيَّةَ الْكَلْبِيِّ -يَعْنِي أَبَا جَنَابٍ-، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِبِلٍ آكِلَةِ نَوَاءٍ، فَلَمَّا بَلَغْنَا إِلَى الصَّحْرَاءِ، طَلَعَ رَاكِبٌ يُوضِعُ نَحْوَنَا[١٠]، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ يُرِيدُ هَذَا»، فَلَمَّا دَنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟» قَالَ: مِنْ مَالِي وَوَلَدِي وَعَشِيرَتِي، فَقَالَ: «أَيْنَ تُرِيدُ؟» قَالَ: أَرَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: «قَدْ أَصَبْتَ»، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي الْإِسْلَامَ، فَلَمَّا رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ حَفَفْنَا بِبَعِيرِهِ، فَقَالَ لَهُ: «تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ»، قَالَ: أَقْرَرْتُ، قَالَ: «وَتُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةَ»، قَالَ: أَقْرَرْتُ، قَالَ: «وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ»، قَالَ: أَقْرَرْتُ، قَالَ: «وَتَحُجُّ الْبَيْتَ»، قَالَ: أَقْرَرْتُ، قَالَ: «وَتَصُومُ رَمَضَانَ»، قَالَ: أَقْرَرْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا الْإِسْلَامُ»، فَسَارَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَوَقَعَتْ رِجْلُ بَعِيرِهِ فِي شَبَكَةِ جُرْذَانٍ، فَعَثَرَ، فَوَقَعَ الرَّجُلُ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَخَاكُمْ»، فَوَثَبَ إِلَيْهِ حُذَيْفَةُ وَعَمَّارٌ، فَأَسْنَدَاهُ، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ مَضَى الرَّجُلُ! فَأَعْرَضَ عَنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «أَلَمْ تَرَوْنِي حِينَ أَعْرَضْتُ؟ فَإِنِّي رَأَيْتُ مَلَكَيْنِ يَحْشُوَانِ فِي فِيهِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَعَرَفْتُ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ جَائِعًا»، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «عَمِلَ قَلِيلًا وَأُجِرَ كَثِيرًا، هَذَا وَاللَّهِ مِنَ ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ، احْمِلُوا أَخَاكُمْ»، فَاحْتَمَلْنَاهُ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا بِهِ إِلَى الْمَاءِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «اغْسِلُوهُ، وَكَفِّنُوهُ، وَحَنِّطُوهُ»، فَفَعَلْنَا، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، فَقَالَ: «أَلْحِدُوا لَهُ، فَإِنَّ اللَّحْدَ لَنَا، وَالشَّقَ لِغَيْرِنَا».

الشاهد ٢

وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ [ت٢٤١هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[١١]، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ، فَدَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُ الْإِسْلَامَ وَهُوَ فِي مَسِيرِهِ، فَدَخَلَ خُفُّ بَعِيرِهِ فِي جُحْرِ يَرْبُوعٍ[١٢]، فَوَقَصَهُ بَعِيرُهُ، فَمَاتَ، فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «عَمِلَ قَلِيلًا، وَأُجِرَ كَثِيرًا» -قَالَهَا حَمَّادٌ ثَلَاثًا- «اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا».

الشاهد ٣

وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ [ت٣٦٠هـ] فِي «الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ»[١٣]، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سَلْمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا».

الشاهد ٤

وَرَوَى الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ [ت٤٦٣هـ] فِي «تَارِيخِ بَغْدَادَ»[١٤]، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَشَّارٍ النِّيسَابُورِيُّ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمُوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ الْأَنْطَاكِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِبِلٍ أَكَلَتْ نَوَاءً، فَبَيْنَا نَحْنُ بِمَسِيرِنَا إِذَا نَحْنُ بِرَاكِبٍ مُقْبِلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَخَالُ الرَّجُلَ يُرِيدُكُمْ»، قَالَ: فَوَقَفَ وَوَقَفْنَا، فَإِذَا بِأَعْرَابِيٍّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ[١٥]، قَالَ: فَقُلْنَا: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: أَقْبَلْتُ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي أُرِيدُ مُحَمَّدًا، قَالَ: فَقُلْنَا: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْرِضْ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ، قَالَ: «تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ»، قَالَ: أَقْرَرْتُ، قَالَ: «وَتُؤْمِنُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالْبَعْثِ وَالْحِسَابِ»، قَالَ: أَقْرَرْتُ، قَالَ: فَجَعَلَ لَا يَعْرِضُ شَيْئًا مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ إِلَّا قَالَ: أَقْرَرْتُ، قَالَ: فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ وَقَعَتْ يَدُ بَعِيرِهِ فِي سُكَّةٍ[١٦]، فَإِذَا الْبَعِيرُ لِجَنْبِهِ، وَإِذَا الرَّجُلُ لِرَأْسِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَدْرِكُوا صَاحِبَكُمْ»، قَالَ: فَابْتَدَرْنَاهُ، فَسَبَقَ إِلَيْهِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، فَإِذَا الرَّجُلُ قَدْ مَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «اغْسِلُوا صَاحِبَكُمْ»، قَالَ: فَغَسَّلْنَاهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مُعْرِضٌ عَنْهُ، وَكَفَّنَّاهُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَدَفَنَّاهُ، فَلَمَّا فَرَغْنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا الَّذِي تَعِبَ قَلِيلًا، وَنَعِمَ طَوِيلًا، هَذَا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ»، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ أَعْرَضْتَ عَنْهُ وَنَحْنُ نُغَسِّلُهُ، قَالَ: «إِنِّي أَحْسَبُ أَنَّ صَاحِبَكُمْ مَاتَ جَائِعًا، إِنِّي رَأَيْتُ زَوْجَتَيْهِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَهُمَا يَدُسَّانِ فِي فِيهِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ».

الشاهد ٥

وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتَمٍ [ت٣٢٧هـ] فِي «تَفْسِيرِهِ»[١٧]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا مِهْرَانُ بْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ سُرَاةً، إِذْ عَرَضَ لَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ خَرَجْتُ مِنْ بِلَادِي وَتِلَادِي[١٨] وَمَالِي لِأَهْتَدِيَ بِهُدَاكَ وَآخُذَ مِنْ قَوْلِكَ، فَمَا بَلَغْتُكَ حَتَّى مَا لِي طَعَامٌ إِلَّا مِنْ خَضِرِ الْأَرْضِ، فَاعْرِضْ عَلَيَّ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَبِلَ، فَازْدَحَمْنَا حَوْلَهُ، فَدَخَلَ خُفُّ بَكْرِهِ فِي بَيْتِ جُرْذَانٍ، فَتَرَدَّى الْأَعْرَابِيُّ، فَانْكَسَرَتْ عُنُقُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، لَقَدْ خَرَجَ مِنْ بِلَادِهِ وَتِلَادِهِ وَمَالِهِ، يَهْتَدِي بِهُدَايَ، وَيَأْخُذُ مِنْ قَوْلِي، فَمَا بَلَغَنِي حَتَّى مَا لَهُ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ خَضِرِ الْأَرْضِ، أَسَمِعْتُمْ بِالَّذِي عَمِلَ قَلِيلًا وَجُزِيَ كَثِيرًا؟ هَذَا مِنْهُمْ، أَسَمِعْتُمْ بِـ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ؟ فَإِنَّ هَذَا مِنْهُمْ».

الشاهد ٦

وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ [ت١٩٧هـ] فِي «الْجَامِعِ»[١٩]، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَا هُوَ يَسِيرُ إِذْ أَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ، فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ الْقَوْمُ: أَلَا تُعْجِبُكُمْ قِلَّةُ حَيَاءِ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ؟! حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ! فَوَقَصَهُ بَعِيرُهُ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «انْزِلُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ فَغَيِّبُوهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ أُصِيبَ وَإِنَّ أَفْوَاهَكُمْ لَتَنْطُفُ مِنْ دَمِهِ»، يَعْنِي بِغِيبَتِهِ.

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لِشَوَاهِدِهِ، فَانْظُرُوا إِلَى هَذَا الْأَعْرَابِيِّ، كَيْفَ جَاءَ مِنْ مَكَانٍ سَحِيقٍ عَلَى جُوعٍ وَقِلَّةِ زَادٍ لِيَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدِّينِ، فَهَدَاهُ اللَّهُ وَعَجَّلَ لَهُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ انْظُرُوا إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُعْجَبِينَ بِصُحْبَتِهِمْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، كَيْفَ ازْدَرُوهُ وَاغْتَابُوهُ، وَقَدْ عَجَزُوا أَنْ يَكُونُوا مِثْلَهُ، فَحَفُّوا بِهِ لِيَأْكُلُوا مَا يَسْقُطُ مِنَ الْخِوَانِ الَّذِي قَدَّمَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، يَعْنِي مَا عَلَّمَهُ مِنَ الدِّينِ؛ كَمَا قَالَ جَرِيرٌ: «ازْدَحَمْنَا عَلَيْهِ حِينَ أَنْشَأَ يَصِفُ الْإِسْلَامَ نَنْظُرُ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَنْتَهِي صِفَتُهُ، وَكُنَّا نَهَابُهُ أَنْ نَسْأَلَهُ».

↑[١] . تعظيم قدر الصلاة للمروزي، ج١، ص٤١٢
↑[٢] . لحاء الشجر قشره.
↑[٣] . جمع «الْجُرَذِ»، وهو فأر الصحراء.
↑[٤] . الأنعام/ ٨٢
↑[٥] . أحوال الرجال للجوزجاني، ص٥١
↑[٦] . الكامل لابن عدي، ج٦، ص٢٨٦
↑[٧] . العلل الكبير للترمذي، ص٣٩١
↑[٨] . مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصبهاني، ص١٠٠
↑[٩] . سيرة ابن إسحاق، ص٢٩١
↑[١٠] . أوضع الراكب أي حمل مركبه على السّير السريع.
↑[١١] . مسند أحمد، ج٣١، ص٤٩٦
↑[١٢] . حيوان بحجم الفأرة، ذنبه وأذناه ورجلاه أطول منها.
↑[١٣] . المعجم الكبير للطبراني، ج٢، ص٣١٧
↑[١٤] . تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، ج٣، ص٥٩٠
↑[١٥] . القعود هو الجمل البَكر إلى أَن يصير في السّادسة.
↑[١٦] . السُّك جحر العقرب.
↑[١٧] . تفسير ابن أبي حاتم، ج٤، ص١٣٣٤
↑[١٨] . التلاد هو المال الأصليّ القديم.
↑[١٩] . الجامع لابن وهب، ص٦٥٣
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساعد في نشر المعرفة. إنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
إذا كنت معتادًا على لغة أخرى، يمكنك ترجمة هذا إليها. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة دروس السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ
الكتاب: تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الثالثة
تاريخ النشر: غرة رجب ١٤٤٥ هـ
مكان النشر: طالقان؛ أفغانستان