السبت ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ الموافق لـ ٢٧ أبريل/ نيسان ٢٠٢٤ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الأسئلة والأجوبة: يقال أنّ النصوص تصرف عن ظاهرها أحيانًا لأمور اقتضت ذلك. كيف نفرّق بين الصرف السائغ وبين ما يكون صرف باطل يحرّف المعنى ويبدّله؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٦. اضغط هنا لقراءته. جديد الشبهات والردود: إنّي قرأت كتاب «العودة إلى الإسلام» للمنصور الهاشمي الخراساني، فوجدته أقرب إلى الحقّ بالنسبة لما يذهب إليه الشيعة، ولكنّ المنصور أيضًا مشرك وكافر مثلهم؛ لأنّه قد فسّر آيات القرآن برأيه؛ لأنّك إذا قرأت ما قبل كثير من الآيات التي استدلّ بها على رأيه أو ما بعدها علمت أنّها لا علاقة لها بموضوع البحث؛ منها آية التطهير، فإنّ اللّه قد خاطب فيها نساء النبيّ، ولكنّ المنصور جعلها مقصورة على عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وأثبت بها إمامتهم من عند اللّه! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الكتب: تمّ نشر الطبعة الخامسة من الكتاب القيّم «الكلم الطّيّب؛ مجموعة رسائل السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر مقالة جديدة بعنوان «عمليّة طوفان الأقصى؛ ملحمة فاخرة كما يقال أم إقدام غير معقول؟!» بقلم «حسن ميرزايي». اضغط هنا لقراءتها. جديد الأقوال: قولان من جنابه في بيان وجوب العقيقة عن المولود. اضغط هنا لقراءتهما. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
درس
 
دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره
ما صحّ عن النّبيّ في ذلك

الحديث ١٢

مبايعة الإمام على الموت إذا خيف عليه

رَوَى الْبُخَارِيُّ [ت٢٥٦هـ]، وَمُسْلِمٌ [ت٢٦١هـ] فِي «صَحِيحَيْهِمَا»[١]، قَالَا: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ:

«قُلْتُ لِسَلَمَةَ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ بَايَعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ؟ قَالَ: عَلَى الْمَوْتِ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، فَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَصَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ، وَحَدِيثُ مُبَايَعَتِهِمْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَوْتِ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ، وَكَانَ ذَلِكَ حِينَ بَلَغَهُمْ أَنَّ مَنْ أَرْسَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ لِيُخْبِرَهُمْ عَنْ قَصْدِهِ قَدْ قُتِلَ؛ كَمَا رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ [ت١٥١هـ]، قَالَ: «حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ: لَا نَبْرَحُ حَتَّى نُنَاجِزَ الْقَوْمَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَكَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ: بَايَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَوْتِ»[٢]، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّاسَ إِذَا خَافُوا عَلَى الْإِمَامِ مِنْ عَدُوٍّ بَايَعُوهُ عَلَى الْمَوْتِ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ يَصْبِرُونَ مَعَهُ حَتَّى يَغْلِبُوا أَوْ يَمُوتُوا.

الشاهد ١

كَمَا رَوَى الْوَاقِدِيُّ [ت٢٠٧هـ] فِي «الْمَغَازِي»[٣]، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَمَّتِهِ، عَنْ أُمِّهَا، عَنِ الْمِقْدَادِ، قَالَ: «ثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي عِصَابَةٍ صَبَرُوا مَعَهُ حِينَ انْهَزَمَ النَّاسُ، وَبَايَعَهُ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ عَلَى الْمَوْتِ، ثَلَاثَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَخَمْسَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: عَلِيٌّ، وَالزُّبَيْرُ، وَطَلْحَةُ، وَأَبُو دُجَانَةَ، وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ، وَحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَعَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ، وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ».

الشاهد ٢

وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ [ت٢٠٤هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[٤]، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ مَاهَكَ، يُحَدِّثُ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: «بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا أَخِرَّ إِلَّا وَأَنَا قَائِمٌ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ [ت٢٢٤هـ] فِي «غَرِيبِ الْحَدِيثِ»[٥]: «قَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَمَا لَهُ عِنْدِي وَجْهٌ إِلَّا أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: <لَا أَخِرَّ>، أَيْ لَا أَمُوتَ؛ لِأَنَّهُ إِذَا مَاتَ فَقَدْ خَرَّ وَسَقَطَ، وَقَوْلُهُ: <إِلَّا قَائِمًا> يَعْنِي إِلَّا ثَابِتًا»، وَهَذَا قَوْلُ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ [ت١٧٠هـ] فِي «الْعَيْنِ»[٦]، وَقَالَ آخَرُونَ: «كَانَتْ مُبَايَعَتُهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَوْتِ، وَهِيَ أَشْرَفُ الْبَيْعَاتِ»، حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ [ت٣٢١هـ] فِي «شَرْحِ مُشْكِلِ الْآثَارِ»[٧]، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ [ت٢٤١هـ]: «مَعْنَاهُ أَنْ لَا يَرْكَعَ وَلَا يَسْجُدَ إِلَّا قَائِمًا، أَيْ إِيمَاءً مِنْ غَيْرِ خُرُورٍ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَسْتَعْظِمُونَ الْخُرُورَ»[٨]، وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِيُقِرَّهُمْ عَلَى الْجَاهِلِيَّةِ؛ كَمَا رُوِيَ أَنَّ جُعْفِيًّا كَانُوا يُحَرِّمُونَ الْقَلْبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَوَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ مِنْهُمْ، فَأَسْلَمَا، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «بَلَغَنِي أَنَّكُمْ لَا تَأْكُلُونَ الْقَلْبَ»، قَالَا: «نَعَمْ»، قَالَ: «فَإِنَّهُ لَا يَكْمُلُ إِسْلَامُكُمْ إِلَّا بِأَكْلِهِ»، وَدَعَا لَهُمَا بِقَلْبٍ، فَشُوِيَ، ثُمَّ نَاوَلَهُ أَحَدَهُمَا، فَلَمَّا أَخَذَهُ أَرْعَدَتْ يَدُهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «كُلْهُ»، فَأَكَلَهُ، وَقَالَ: «عَلَى أَنِّي أَكَلْتُ الْقَلْبَ كَرْهًا ... وَتَرْعَدُ حِينَ مَسَّتْهُ بَنَانِي»، ثُمَّ ذَهَبَا وَقَالَا: «وَاللَّهِ إِنَّ رَجُلًا أَطْعَمَنَا الْقَلْبَ لَأَهْلٌ أَلَّا يُتَّبَعَ»، فَارْتَدَّا، فَلَعَنَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ لَعَنَهُمْ[٩]، وَلِذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ لَمْ يُبَايِعْهُ عَلَى أَنْ لَا يَخِرَّ فِي الصَّلَاةِ، وَلَكِنْ بَايَعَهُ عَلَى الْمَوْتِ، كَمَا بَايَعَهُ النَّاسُ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَايَعَ عَلَيْهِ غَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَعْصُومًا غَيْرَ مَوْهُومٍ مِنْهُ زَوَالُ الْحَالِ الَّتِي بِهَا ثَبَتَتْ بَيْعَتُهُ، وَغَيْرُهُ لَيْسَ كَذَلِكَ[١٠]، وَبِهَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ:

الشاهد ٣

كَمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ [ت٢٥٦هـ] فِي «صَحِيحِهِ»[١١]، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ؛ وَرَوَى مُسْلِمٌ [ت٢٦١هـ] فِي «صَحِيحِهِ»[١٢]، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ؛ قَالَا: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْحَرَّةِ، وَالنَّاسُ يُبَايِعُونَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «عَلَى مَا يُبَايِعُ ابْنَ حَنْظَلَةَ النَّاسُ؟» قِيلَ لَهُ: «عَلَى الْمَوْتِ»، قَالَ: «لَا أُبَايِعُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ»، وَكَانَ شَهِدَ مَعَهُ الْحُدَيْبِيَةَ.

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْحَقُّ جَوَازُ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ لِلنَّاسِ إِمَامًا؛ لِأَنَّهُ مِمَّنْ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرًا، وَلَيْسَ بِمَوْهُومٍ مِنْهُمْ زَوَالُ الْحَالِ الَّتِي بِهَا ثَبَتَتْ بَيْعَتُهُمْ:

الشاهد ٤

كَمَا رَوَى مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ [ت١٥٣هـ] فِي «الْجَامِعِ»[١٣]، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الثَّقَفِيُّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: «يَأْتِي سِبَاخَ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَهَا، فَتَنْتَفِضُ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا نَفْضَةً أَوْ نَفْضَتَيْنِ، وَهِيَ الزَّلْزَلَةُ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ مِنْهَا كُلُّ مُنَافِقٍ وَمُنَافِقَةٍ، ثُمَّ يُوَلِّي الدَّجَّالُ قِبَلَ الشَّامِ، حَتَّى يَأْتِيَ بَعْضَ جِبَالِ الشَّامِ فَيُحَاصِرَهُمْ، وَبَقِيَّةُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُعْتَصِمُونَ بِذِرْوَةِ جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ الشَّامِ، فَيُحَاصِرُهُمُ الدَّجَّالُ نَازِلًا بِأَصْلِهِ، حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيْهِمُ الْبَلَاءُ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: <يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى مَتَى أَنْتُمْ هَكَذَا وَعَدُوُّ اللَّهِ نَازِلٌ بِأَرْضِكُمْ هَكَذَا؟! هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا بَيْنَ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ، بَيْنَ أَنْ يَسْتَشْهِدَكُمُ اللَّهُ أَوْ يُظْهِرَكُمْ؟!>، فَيُبَايِعُونَ عَلَى الْمَوْتِ بَيْعَةً يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهَا الصِّدْقُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ تَأْخُذُهُمْ ظُلْمَةٌ لَا يُبْصِرُ امْرُؤٌ فِيهَا كَفَّهُ»، قَالَ: «فَيَنْزِلُ ابْنُ مَرْيَمَ، فَيَحْسِرُ عَنْ أَبْصَارِهِمْ، وَبَيْنَ أَظْهُرِهِمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ لَأْمَتُهُ، يَقُولُونَ: <مَنْ أَنْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟> فَيَقُولُ: <أَنَا عَبْدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ، وَرُوحُهُ، وَكَلِمَتُهُ، عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ>، وَيَذُوبُ الدَّجَّالُ حِينَ يَرَى ابْنَ مَرْيَمَ كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ، حَتَّى يَأْتِيَهُ أَوْ يُدْرِكَهُ عِيسَى، فَيَقْتُلَهُ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ مُبَايَعَةِ النَّاسِ لِإِمَامِهِمْ عَلَى الْمَوْتِ بَعْدَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ، وَإِمَامُهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الْمَهْدِيُّ، بَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُبَايَعَتَهُمْ لَهُ عَلَى الْمَوْتِ تُمَهِّدُ لِنُزُولِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهَا الصِّدْقُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.

الشاهد ٥

وَرَوَى نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ [ت٢٢٨هـ] فِي «الْفِتَنِ»[١٤]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَابُورَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَسُوَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، جَمِيعًا عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خَبَرِ الْمَلَاحِمِ الْمُتَّصِلَةِ بِخُرُوجِ الدَّجَّالِ: «يَبْعَثُ الْخَلِيفَةُ يَوْمَئِذٍ الْخُيُولَ بِالْعَدَدِ وَالْعُدَّةِ وَمَا لَا يُحْصَى، فَيَقُومُ فِيهِمْ خَطِيبًا فَيَقُولُ: <كَيْفَ تَرَوْنَ؟ أَشِيرُوا عَلَيَّ بِرَأْيِكُمْ، فَإِنِّي أَرَى أَمْرًا عَظِيمًا، وَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنْجِزٌ وَعْدَهُ، وَمُظْهِرٌ دِينَنَا عَلَى كُلِّ دِينٍ، وَلَكِنَّ هَذَا بَلَاءٌ عَظِيمٌ، فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مِنَ الرَّأْيِ أَنْ أَخْرُجَ وَمَنْ مَعِي إِلَى مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَأَبْعَثَ إِلَى الْيَمَنِ وَالْعَرَبِ حَيْثُ كَانُوا وَإِلَى الْأَعَارِيبِ، فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرٌ مَنْ نَصَرَهُ>»، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «فَيَخْرُجُونَ حَتَّى يَنْزِلُوا مَدِينَتِي هَذِهِ، وَاسْمُهَا طَيْبَةُ، وَهِيَ مَسَاكِنُ الْمُسْلِمِينَ، فَيَنْزِلُونَ، ثُمَّ يَكْتُبُونَ إِلَى مَنْ كَانَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْعَرَبِ، حَيْثُ بَلَغَ كِتَابُهُمْ، فَيُجِيبُونَهُمْ، حَتَّى تَضِيقَ بِهِمُ الْمَدِينَةُ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ مُجْتَمِعِينَ مُجَرِّدِينَ، قَدْ بَايَعُوا إِمَامَهُمْ عَلَى الْمَوْتِ، فَيَفْتَحُ اللَّهُ لَهُمْ».

الشاهد ٦

وَرَوَى الْحَاكِمُ [ت٤٠٥هـ] فِي «الْمُسْتَدْرَكِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ»[١٥]، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَايِنِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَيْشِيُّ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، عَنْ حَبَّانَ بْنِ عَلِيٍّ الْعَنَزِيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا يَوْمَ صِفِّينَ وَهُوَ يَقُولُ: «مَنْ يُبَايِعُنِي عَلَى الْمَوْتِ؟» فَبَايَعَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ، فَقَالَ: «أَيْنَ التَّمَامُ الَّذِي وُعِدْتُ؟» فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ أَطْمَارُ صُوفٍ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، فَبَايَعَهُ عَلَى الْمَوْتِ، فَقِيلَ: هَذَا أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ، فَمَا زَالَ يُحَارِبُ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى قُتِلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا، وَقَدْ صَحَّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «لَمْ نُبَايِعْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَوْتِ، وَلَكِنْ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَلَّا نَفِرَّ»[١٦]، وَهَذَا غَرِيبٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُبَايَعَةَ عَلَى الْمَوْتِ لَا مَعْنَى لَهَا إِلَّا الْمُبَايَعَةُ عَلَى أَنْ يَفِرُّوا، وَمَنْ لَمْ يَفِرَّ عِنْدَمَا أُحِيطَ بِهِ مَاتَ!

↑[١] . صحيح البخاري، ج٥، ص١٢٥؛ صحيح مسلم، ج٦، ص٢٧
↑[٢] . سيرة ابن هشام، ج٢، ص٣١٥؛ تفسير الطبري، ج٢١، ص٢٧٣
↑[٣] . مغازي الواقدي، ج١، ص٢٤٠
↑[٤] . مسند أبي داود الطيالسي، ج٢، ص٦٩٨
↑[٥] . غريب الحديث لأبي عبيد، ج٤، ص٩٢
↑[٦] . انظر: العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، ج٥، ص٢٣٢.
↑[٧] . شرح مشكل الآثار للطحاوي، ج١، ص١٩٧
↑[٨] . انظر: الجامع لعلوم أحمد، ج٥، ص٥٢٠؛ أحكام أهل الملل والردة من الجامع للخلال، ص٤٩.
↑[٩] . انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد، ج١، ص٢٨٠.
↑[١٠] . انظر: شرح مشكل الآثار للطحاوي، ج١، ص١٩٧.
↑[١١] . صحيح البخاري، ج٥، ص١٢٥
↑[١٢] . صحيح مسلم، ج٦، ص٢٧
↑[١٣] . الجامع لمعمر بن راشد، ج١١، ص٣٩٧
↑[١٤] . الفتن لنعيم بن حماد، ج١، ص٤٢٤
↑[١٥] . المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج٣، ص٤٥٥
↑[١٦] . السير لأبي إسحاق الفزاري، ص١٩٧؛ مسند الحميدي، ج٢، ص٣٤٦؛ الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٤، ص٣٨٦؛ مسند أحمد، ج٢٣، ص٣٠٨؛ مسند الدارمي، ج٣، ص١٥٩٧؛ صحيح مسلم، ج٦، ص٢٥؛ سنن الترمذي، ج٤، ص١٤٩؛ أمالي الباغندي، ص٧٧؛ سنن النسائي، ج٧، ص١٤٠
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساعد في نشر المعرفة. إنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
إذا كنت معتادًا على لغة أخرى، يمكنك ترجمة هذا إليها. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة دروس السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ
الكتاب: تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الثالثة
تاريخ النشر: غرة رجب ١٤٤٥ هـ
مكان النشر: طالقان؛ أفغانستان