الحديث ٢٣
يكون بعد النبيّ محدَّثون.
رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْآجُرِيُّ [ت٣٦٠هـ] فِي «الشَّرِيعَةِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:
«قَدْ يَكُونُ فِي أُمَّتِي مُحَدَّثُونَ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ [ت١٦٨هـ] مِنْ ثِقَاتِ الشِّيعَةِ[٢]؛ قَالَ الْعِجْلِيُّ [ت٢٦١هـ]: «جَائِزُ الْحَدِيثِ، وَكَانَ يَتَشَيَّعُ»، وَقَالَ مَرَّةً: «كُوفِيٌّ صَدُوقٌ»[٣]، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ [ت٢٥٦هـ] وَمُسْلِمٌ [ت٢٦١هـ] وَغَيْرُهُمَا مِنْ طُرُقٍ شَتَّى عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، إِلَّا أَنَّهُمْ رَوَوْا: «قَدْ يَكُونُ فِي الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ»، أَوْ «قَدْ كَانَ فِي الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ»، أَوْ «قَدْ كَانَ يَكُونُ فِي الْأُمَّةِ مُحَدَّثُونَ»[٤]، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ مَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ، وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبِرِّ [ت٤٦٣هـ] فِي «الْإِسْتِذْكَارِ»: «قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُرُقِ حِسَانٍ أَنَّهُ قَالَ: سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي مُحَدَّثُونَ»[٥]، وَالْمُحَدَّثُ مَنْ يُحَدِّثُهُ الْمَلَائِكَةُ مِنْ دُونِ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا كَمَا حَدَّثُوا مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ [ت٤٥٨هـ]: «فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قِيلَ: كَيْفَ يُحَدَّثُ؟ قَالَ: تَتَكَلَّمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى لِسَانِهِ»[٦]، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «إِنْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ فَهُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ»، رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ [ت٢١٩هـ] بِهَذَا اللَّفْظِ[٧]، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَسْنَدَهُ، فَظَنَّ الرُّوَاةُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَحَرَّفُوهُ وَقَالُوا: «إِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي فَهُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ»، رِوَايَةً بِالْمَعْنَى فِي زَعْمِهِمْ، وَالشَّاهِدُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ [ت٣٢٢هـ] فِي «الضُّعَفَاءِ»[٨]، قَالَ: «حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَسَرَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَابِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمْعَانَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: مَا كَانَتْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا وَفِيهَا مُحَدَّثُونَ، قَالَتْ: وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ عُمَرَ مِنْ مُحَدَّثِي هَذِهِ الْأُمَّةِ»، فَنَسَبَتْهُ إِلَى رَأْيِ النَّاسِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مُحَدَّثِي هَذِهِ الْأُمَّةِ هُمُ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ عُمَرُ يَعْرِفُ ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ كَانَ إِذَا أُشْكِلَ عَلَيْهِ أَمْرٌ يُرَاجِعُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَيَأْخُذُ بِقَوْلِهِ، وَيَقُولُ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ مُعْضِلَةٍ لَيْسَ لَهَا أَبُو حَسَنٍ»[٩].
الشاهد ١
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[١٠]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سُوقَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ يَوْمًا، فَقَالَ لِي: «يَا حَكَمُ، هَلْ تَدْرِي مَا كَانَتِ الْآيَةُ الَّتِي كَانَ يَعْرِفُ بِهَا عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَاحِبَ قَتْلِهِ، وَيَعْرِفُ بِهَا الْأُمُورَ الْعِظَامَ الَّتِي كَانَ يُحَدِّثُ بِهَا النَّاسَ؟» قَالَ: قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، فَأَخْبِرْنِي بِهَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ: «هِيَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ﴾[١١] وَلَا مُحَدَّثٍ»، قُلْتُ: فَكَانَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُحَدَّثًا؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَكُلُّ إِمَامٍ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ مُحَدَّثٌ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذِهِ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، كَانَا يَقْرَءَانِ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ وَلَا مُحَدَّثٍ﴾[١٢]، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُحَدَّثَ مُرْسَلٌ أَيْ مَبْعُوثٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِثْلَ الرَّسُولِ وَالنَّبِيِّ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يُبَلِّغُ عَنِ اللَّهِ، فَيَكُونُ مَبْعُوثًا بِإِقَامَةِ مَا بَلَّغَهُ الرَّسُولُ وَالنَّبِيُّ، كَمَا كَانَ طَالُوتُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى الْإِمَامَةِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَعَلَيْهِ فَإِنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «يَكُونُ فِي أُمَّتِي مُحَدَّثُونَ» يَعْنِي: «يَكُونُ فِي أُمَّتِي رِجَالٌ يَجْعَلُهُمُ اللَّهُ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِهِ»، وَهُمْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّهُ قَالَ: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي: كِتَابَ اللَّهِ وَأَهْلَ بَيْتِي»[١٣]، فَجَعَلَ إِمَامَةَ الْهُدَى فِيهِمْ مِنْ بَعْدِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ يُحَدِّثُهُمُ الْمَلَائِكَةُ مُسَدِّدِينَ لِكَيْ لَا يَحْزَنُوا وَلَا يَخَافُوا إِذَا سُئِلُوا عَنْ مُعْضِلَةٍ أَوْ جَاءَهُمْ أَمْرٌ مَرِيجٌ؛ كَمَا ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ﴾[١٤].
الشاهد ٢
وَرَوَى الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[١٥]، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ عِلْمَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ»، وَكَتَمَنَا الْآيَةَ، قَالَ: فَكُنَّا نَجْتَمِعُ فَنَتَدَارَسُ الْقُرْآنَ، فَلَا نَعْرِفُ الْآيَةَ، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِى جَعْفَرٍ -يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ- عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: «عِلْمُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ» وَكَتَمَنَا الْآيَةَ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ وَلَا مُحَدَّثٍ﴾، قُلْتُ: وَكَانَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُحَدَّثًا؟ قَالَ: «نَعَمْ»، فَجِئْتُ إِلَى أَصْحَابِي، فَقُلْتُ: قَدْ أَصَبْتُ الَّذِي كَانَ الْحَكَمُ يَكْتُمُنَا، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «كَانَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُحَدَّثًا»، فَقَالُوا لِي: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، أَلَا سَأَلْتَهُ مَنْ يُحَدِّثُهُ؟! قَالَ: فَبَعْدَ ذَلِكَ إِنِّي أَتَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقُلْتُ: أَلَيْسَ حَدَّثْتَنِي أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مُحَدَّثًا؟ قَالَ: «بَلَى»، قُلْتُ: مَنْ يُحَدِّثُهُ؟ قَالَ: «مَلَكٌ يُحَدِّثُهُ»، قُلْتُ: فَتَقُولُ أَنَّهُ نَبِيٌّ أَوْ رَسُولٌ؟! قَالَ: «لَا، بَلْ مَثَلُهُ مَثَلُ صَاحِبِ سُلَيْمَانَ، وَمَثَلُ صَاحِبِ مُوسَى، وَمَثَلُ ذِي الْقَرْنَيْنِ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدِيثُ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ قَدْ جَاءَ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ [ت٣٢٧هـ] فِي «تَفْسِيرِهِ»[١٦]، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: «إِنَّ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ وَلَا مُحَدَّثٍ﴾، فَنُسِخَتْ <مُحَدَّثٌ>، وَالْمُحَدَّثُونَ: صَاحِبُ يس، وَلُقْمَانُ وَهُوَ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، وَصَاحِبُ مُوسَى» يَعْنِي الْخَضِرَ، وَرُوِيَ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ يَقْرَأُ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ وَلَا مُحَدَّثٍ﴾، فَقُلْتُ لَهُ: وَهَلْ يُحَدِّثُ الْمَلَائِكَةُ إِلَّا الْأَنْبِيَاءَ؟ قَالَ: «مَرْيَمُ لَمْ تَكُنْ نَبِيَّةً، وَكَانَتْ مُحَدَّثَةً، وَأُمُّ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ كَانَتْ مُحَدَّثَةً، وَلَمْ تَكُنْ نَبِيَّةً، وَسَارَةُ امْرَأَةُ إِبْرَاهِيمَ قَدْ عَايَنَتِ الْمَلَائِكَةَ، فَبَشَّرُوهَا بِإِسْحَاقَ، وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ، وَلَمْ تَكُنْ نَبِيَّةً»[١٧].
الشاهد ٣
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١٨]، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَجَّالِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ، قَالَ: أَرْسَلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى زُرَارَةَ أَنْ يُعْلِمَ الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ أَنَّ أَوْصِيَاءَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مُحَدَّثُونَ.
الشاهد ٤
وَرَوَى الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[١٩]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: «إِنَّ الرُّوحَ خَلْقٌ أَعْظَمُ مِنْ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ، كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُسَدِّدُهُ وَيُرْشِدُهُ، وَهُوَ مَعَ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ».
الشاهد ٥
وَرَوَى الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[٢٠]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ حَرِيشٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِنَّ الْأَوْصِيَاءَ مُحَدَّثُونَ، يُحَدِّثُهُمْ رُوحُ الْقُدُسِ وَلَا يَرَوْنَهُ، وَكَانَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَعْرِضُ عَلَى رُوحِ الْقُدُسِ مَا يُسْئَلُ عَنْهُ، فَيُوجِسُ فِي نَفْسِهِ أَنْ قَدْ أَصَبْتُ بِالْجَوَابِ، فَيُخْبِرُ فَيَكُونُ كَمَا قَالَ».
الشاهد ٦
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النُّعْمَانِيُّ [تنحو٣٦٠هـ] فِي «الْغَيْبَةِ»[٢١]، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عُقْدَةَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ شَيْبَانَ مِنْ كِتَابِهِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي اثْنَا عَشَرَ مُحَدَّثًا»، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، وَكَانَ أَخَا عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ مِنَ الرَّضَاعَةِ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مُحَدَّثًا؟! كَالْمُنْكِرِ لِذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهُ: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّ ابْنَ أُمِّكَ كَانَ كَذَلِكَ -يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
الشاهد ٧
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[٢٢]، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ؛ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١هـ] فِي «الْخِصَالِ»[٢٣]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلُوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ؛ جَمِيعًا عَنْ أَبِي طَالِبٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأَبُو بَصِيرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مَنْزِلِهِ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: «نَحْنُ اثْنَا عَشَرَ مُحَدَّثًا»، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَصِيرٍ: تَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟! فَحَلَّفَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، فَحَلَفَ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ: لَكِنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
الشاهد ٨
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[٢٤]، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: قَالَ لِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ: أَتَدْرِي مَا كَانَ سَبَبُ دُخُولِنَا فِي هَذَا الْأَمْرِ وَمَعْرِفَتِنَا بِهِ، وَمَا كَانَ عِنْدَنَا مِنْهُ ذِكْرٌ وَلَا مَعْرِفَةُ شَيْءٍ مِمَّا عِنْدَ النَّاسِ؟ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ -يَعْنِي أَبَا الدَّوَانِيقِ- قَالَ لِأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ: يَا مُحَمَّدُ، ابْغِ لِي رَجُلًا لَهُ عَقْلٌ يُؤَدِّي عَنِّي، فَقَالَ لَهُ أَبِي: قَدْ أَصَبْتُهُ لَكَ، هَذَا فُلَانُ بْنُ مُهَاجِرٍ خَالِي، قَالَ: فَأْتِنِي بِهِ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بِخَالِي، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: يَا ابْنَ مُهَاجِرٍ، خُذْ هَذَا الْمَالَ، وَأْتِ الْمَدِينَةَ، وَأْتِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ وَعِدَّةً مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فِيهِمْ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فَقُلْ لَهُمْ: إِنِّي رَجُلٌ غَرِيبٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَبِهَا شِيعَةٌ مِنْ شِيعَتِكُمْ، وَجَّهُوا إِلَيْكُمْ بِهَذَا الْمَالِ، وَادْفَعْ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى شَرْطِ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا قَبَضُوا الْمَالَ فَقُلْ: إِنِّي رَسُولٌ، وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مَعِي خُطُوطُكُمْ بِقَبْضِكُمْ مَا قَبَضْتُمْ، فَأَخَذَ الْمَالَ وَأَتَى الْمَدِينَةَ، فَرَجَعَ إِلَى أَبِي الدَّوَانِيقِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّوَانِيقِ: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: أَتَيْتُ الْقَوْمَ، وَهَذِهِ خُطُوطُهُمْ بِقَبْضِهِمُ الْمَالَ، خَلَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، فَإِنِّي أَتَيْتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَجَلَسْتُ خَلْفَهُ وَقُلْتُ: حَتَّى يَنْصَرِفَ فَأَذْكُرَ لَهُ مَا ذَكَرْتُ لِأَصْحَابِهِ، فَعَجَّلَ وَانْصَرَفَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا هَذَا، اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَغُرَّ أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُمْ قَرِيبُو الْعَهْدِ بِدَوْلَةِ بَنِي مَرْوَانَ، وَكُلُّهُمْ مُحْتَاجٌ، فَقُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟! أَصْلَحَكَ اللَّهُ! قَالَ: فَأَدْنَى رَأْسَهُ مِنِّي وَأَخْبَرَنِي بِجَمِيعِ مَا جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَكَ، حَتَّى كَأَنَّهُ كَانَ ثَالِثَنَا! قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: يَا ابْنَ مُهَاجِرٍ، اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ إِلَّا وَفِيهِمْ مُحَدَّثٌ، وَإِنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ مُحَدَّثُنَا الْيَوْمَ، وَكَانَتْ هَذِهِ الدَّلَالَةُ سَبَبَ قَوْلِنَا بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ.