الحديث ٣٩
لا يموت عالم إلّا ترك من بعده من يعلم مثل علمه، وهو وصيّه.
رَوَى عَلِيُّ بْنُ بَابَوَيْهِ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْإِمَامَةِ وَالتَّبْصِرَةِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْبَرْقِيِّ، وَالْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، جَمِيعًا عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ:
قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، بَلَغَنَا شَكْوَاكَ، فَأَشْفَقْنَا، فَلَوْ أَعْلَمْتَنَا مَنْ بَعْدَكَ، فَقَالَ: «إِنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ عَالِمًا، وَالْعِلْمُ يُتَوَارَثُ، وَلَا يَهْلِكُ عَالِمٌ إِلَّا بَقِيَ مِنْ بَعْدِهِ مَنْ يَعْلَمُ مِثْلَ عِلْمِهِ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ»، قُلْتُ: أَفَيَسَعُ النَّاسَ إِذَا مَاتَ الْعَالِمُ أَنْ لَا يَعْرِفُوا الَّذِي بَعْدَهُ؟ فَقَالَ: «أَمَّا أَهْلُ الْبَلْدَةِ فَلَا، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ مِنَ الْبُلْدَانِ فَقَدْرَ مَسِيرِهِمْ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾[٢]»، قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «هُوَ بِمَنْزِلَةِ: ﴿مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾[٣]»، قَالَ: قُلْتُ: فَإِذَا قَدِمُوا، بِأَيِّ شَيْءٍ يَعْرِفُونَ صَاحِبَهُمْ؟ قَالَ: «يُعْطَى السَّكِينَةَ وَالْوَقَارَ وَالْهَيْبَةَ».
الشاهد ١
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[٤]، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْلِ الْعَامَّةِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»، فَقَالَ: «الْحَقُّ وَاللَّهِ»، قُلْتُ: فَإِنَّ إِمَامًا هَلَكَ وَرَجُلٌ بِخُرَاسَانَ لَا يَعْلَمُ مَنْ وَصِيُّهُ، لَمْ يَسَعْهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «لَا يَسَعُهُ، إِنَّ الْإِمَامَ إِذَا هَلَكَ وَقَعَتْ حُجَّةُ وَصِيِّهِ عَلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ، وَحَقُّ النَّفْرِ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِحَضْرَتِهِ إِذَا بَلَغَهُمْ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾»، قُلْتُ: فَنَفَرَ قَوْمٌ، فَهَلَكَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ فَيَعْلَمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾»، قُلْتُ: فَبَلَغَ الْبَلَدَ بَعْضُهُمْ، فَوَجَدَكَ مُغْلَقًا عَلَيْكَ بَابُكَ، وَمُرْخًى عَلَيْكَ سِتْرُكَ، لَا تَدْعُوهُمْ إِلَى نَفْسِكَ، وَلَا يَكُونُ مَنْ يَدُلُّهُمْ عَلَيْكَ، فَبِمَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «بِكِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ»، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ حَتَّى قَالَ: «يُعْرَفُ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ بِثَلَاثِ خِصَالٍ لَا تَكُونُ فِي غَيْرِهِ: هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِالَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ وَصِيُّهُ، وَعِنْدَهُ سِلَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَوَصِيَّتُهُ، وَذَلِكَ عِنْدِي لَا أُنَازَعُ فِيهِ»، قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ مَسْتُورٌ مَخَافَةَ السُّلْطَانِ؟ قَالَ: «لَا يَكُونُ فِي سِتْرٍ إِلَّا وَلَهُ حُجَّةٌ ظَاهِرَةٌ، إِنَّ أَبِي اسْتَوْدَعَنِي مَا هُنَاكَ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: ادْعُ لِي شُهُودًا، فَدَعَوْتُ أَرْبَعَةً مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: اكْتُبْ: هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ يَعْقُوبُ بَنِيهِ: ﴿يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[٥]، وَأَوْصَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى ابْنِهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّنَهُ فِي بُرْدِهِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ الْجُمَعَ، وَأَنْ يُعَمِّمَهُ بِعِمَامَتِهِ، وَأَنْ يُرَبِّعَ قَبْرَهُ وَيَرْفَعَهُ أَرْبَعَ أَصَابِعَ، ثُمَّ يُخَلِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ: اطْوُوهُ، ثُمَّ قَالَ لِلشُّهُودِ: انْصَرِفُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ، فَقُلْتُ بَعْدَ مَا انْصَرَفُوا: مَا كَانَ فِي هَذَا يَا أَبَتِ أَنْ تُشْهِدَ عَلَيْهِ! فَقَالَ: إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ تُغْلَبَ، وَأَنْ يُقَالَ إِنَّهُ لَمْ يُوصِ، فَأَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ لَكَ حُجَّةٌ، فَهُوَ الَّذِي إِذَا قَدِمَ الرَّجُلُ الْبَلَدَ قَالَ: مَنْ وَصِيُّ فُلَانٍ؟ قِيلَ: فُلَانٌ»، قُلْتُ: فَإِنْ أَشْرَكَ فِي الْوَصِيَّةِ؟ قَالَ: «تَسْأَلُونَهُ، فَإِنَّهُ سَيُبَيِّنُ لَكُمْ».
الشاهد ٢
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ الْعَيَّاشِيُّ [ت٣٢٠هـ] فِي «تَفْسِيرِهِ»[٦]، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: بَلَغَنَا وَفَاةُ الْإِمَامِ، قَالَ: «عَلَيْكُمُ النَّفْرُ»، قُلْتُ: جَمِيعًا؟ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا﴾ الْآيَةَ»، قُلْتُ: نَفَرْنَا، فَمَاتَ بَعْضُنَا فِي الطَّرِيقِ، قَالَ: «فَقَالَ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾»، قُلْتُ: فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَوَجَدْنَا صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ مُغْلَقًا عَلَيْهِ بَابُهُ مُرْخًى عَلَيْهِ سِتْرُهُ، قَالَ: «إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِأَمْرٍ بَيِّنٍ، هُوَ الَّذِي إِذَا دَخَلْتَ الْمَدِينَةَ قُلْتَ: إِلَى مَنْ أَوْصَى فُلَانٌ؟ قَالُوا: إِلَى فُلَانٍ».
الشاهد ٣
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ [ت٣٠٤هـ] فِي «قُرْبِ الْإِسْنَادِ»[٧]، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوْسَى الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ فِي حَدِيثِ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِمَامَ الْفَرْضُ عَلَيْهِ وَالْوَاجِبُ مِنَ اللَّهِ إِذَا خَافَ الْفَوْتَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَحْتَجَّ فِي الْإِمَامِ مِنْ بَعْدِهِ بِحُجَّةٍ مَعْرُوفَةٍ مُبَيَّنَةٍ؟ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ﴾[٨]».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لَهُ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ مِنَ اللَّهِ أَوْ خَلِيفَتِهِ فِي الْأَرْضِ، وَهِيَ الْبَيِّنَةُ، وَمَنِ ادَّعَى الْإِمَامَةَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ؛ كَهَؤُلَاءِ الدَّجَّالِينَ الَّذِينَ يَدَّعُونَهَا وَلَيْسَ لَهُمْ آيَةٌ بَاهِرَةٌ وَلَا وَصِيَّةٌ ظَاهِرَةٌ، وَلَا يَحْتَجُّ اللَّهُ عَلَى النَّاسِ بِشَيْءٍ مَسْتُورٍ أَوْ مَظْنُونٍ، وَلَا يَجْعَلُهُمْ فِي شُبْهَةٍ مِنْ دِينِهِمْ، ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[٩].
الشاهد ٤
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النُّعْمَانِيُّ [تنحو٣٦٠هـ] فِي «الْغَيْبَةِ»[١٠]، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ مُنَخِّلِ بْنِ جَمِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ: «إِنَّ أَمْرَكُمْ لَيْسَ بِهِ خَفَاءٌ، أَلَا إِنَّهَا آيَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَيْسَتْ مِنَ النَّاسِ، أَلَا إِنَّهَا أَضْوَءُ مِنَ الشَّمْسِ، لَا تَخْفَى عَلَى بِرٍّ وَلَا فَاجِرٍ، أَتَعْرِفُونَ الصُّبْحَ؟ فَإِنَّهَا كَالصُّبْحِ، لَيْسَ بِهِ خَفَاءٌ».
الشاهد ٥
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١هـ] فِي «كَمَالِ الدِّينِ وَتَمَامِ النِّعْمَةِ»[١١]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَا: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، جَمِيعًا قَالُوا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ الْأَشْعَرِيُّ، جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسَاوِرِ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ: «لَتَرْفَعَنَّ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لَا يُدْرَى أَيٌّ مِنْ أَيٍّ»، قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَبَكَيْتُ، فَقَالَ لِي: «مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟» قُلْتُ: وَكَيْفَ لَا أَبْكِي؟! وَأَنْتَ تَقُولُ: اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لَا يُدْرَى أَيٌّ مِنْ أَيٍّ! فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟! قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى شَمْسٍ دَاخِلَةٍ فِي الصُّفَّةِ، فَقَالَ: «يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، تَرَى هَذِهِ الشَّمْسَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «وَاللَّهِ لَأَمَرُنَا أَبْيَنُ مِنْ هَذِهِ الشَّمْسِ».