الحديث ٥١
«إِنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ خَلِيفَةِ اللَّهِ سَاعَةً وَلِلنَّاسِ فِيهَا مُهْلَةٌ»
رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١هـ] فِي «كَمَالِ الدِّينِ وَتَمَامِ النِّعْمَةِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْزِيَارَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْبَجَلِيِّ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ زُرَارَةِ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثٍ لَهُ فِي الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ:
«وَلَوْلَا مَنْ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ، لَنَفَضَتِ الْأَرْضُ مَا فِيهَا وَأَلْقَتْ مَا عَلَيْهَا، إِنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو سَاعَةً مِنَ الْحُجَّةِ».
شاهد
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١هـ] فِي «كَمَالِ الدِّينِ وَتَمَامِ النِّعْمَةِ»[٢]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَامِرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «مَا زَالَتِ الْأَرْضُ إِلَّا وَلِلَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِيهَا، حُجَّةٌ يُعَرِّفُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ، وَيَدْعُو إِلَى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا يَنْقَطِعُ الْحُجَّةُ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِذَا رُفِعَتِ الْحُجَّةُ أُغْلِقَ بَابُ التَّوْبَةِ، وَلَنْ يَنْفَعَ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُرْفَعَ الْحُجَّةُ، أُولَئِكَ شِرَارُ خَلْقِ اللَّهِ، وَهُمُ الَّذِينَ تَقُومُ عَلَيْهِمُ الْقِيَامَةُ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَيْسَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ تَعَارُضٌ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ خَلِيفَةِ اللَّهِ سَاعَةً وَلِلنَّاسِ فِيهَا مُهْلَةٌ، وَإِذَا رُفِعَ خَلِيفَةُ اللَّهِ طَلَعَتْ طَلَائِعُ الْقِيَامَةِ، فَبُدِّلَتِ الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ وَأَتَى تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ۗ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ﴾[٣]. نَعَمْ، يُعَارِضُهُ مَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ «الْحُجَّةَ قَبْلَ الْخَلْقِ وَمَعَ الْخَلْقِ وَبَعْدَ الْخَلْقِ» وَأَنَّهُ «لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا اثْنَانِ لَكَانَ أَحَدُهُمَا الْإِمَامَ» وَأَنَّ «آخِرَ مَنْ يَمُوتُ الْإِمَامُ» وَأَنَّهُ «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ»، وَلَكِنْ يَعْضُدُهُ مَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ» وَأَنَّهُ «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ: اللَّهُ اللَّهُ» وَأَنَّهُ «تَجِيءُ رِيحٌ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ طَيِّبَةٌ، فَتُقْبَضُ فِيهَا رُوحُ كُلِّ مُؤْمِنٍ»، وَتَعَارُضُ الْأَحَادِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ قَدِيمٌ مَشْهُورٌ وَسَوْفَ أَتَكَلَّمُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.