الحديث ٩
وجوب ردّ ما تشابه أو تعارض من الأحاديث إلى الإمام
رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١هـ] فِي «الْخِصَالِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ الْيَقْطِينِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ-، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ أَبِيهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَّمَ أَصْحَابَهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَرْبَعَ مِائَةِ بَابٍ مِمَّا يَصْلُحُ لِلْمُسْلِمِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، مِنْهُ أَنَّهُ قَالَ:
«إِذَا سَمِعْتُمْ مِنْ حَدِيثِنَا مَا لَا تَعْرِفُونَ، فَرُدُّوهُ إِلَيْنَا، وَقِفُوا عِنْدَهُ، وَسَلُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْحَقُّ»، أَوْ قَالَ: «وَسَلِّمُوا إِذَا تَبَيَّنَ لَكُمُ الْحَقُّ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى مَقْبُولٌ عِنْدَ أَصْحَابِهِ، وَكَذَلِكَ الْحَسَنُ بْنُ رَاشِدٍ، وَكَانَ هُوَ وَعَلِيُّ بْنُ يَقْطِينٍ يُوَازِرَانِ الْعَبَّاسِيَّ وَيَغْلِبَانِ عَلَى أُمُورِهِ، كَمَا قَالَ الْيَعْقُوبِيُّ [تبعد٢٨٤هـ][٢]، وَكَانَا مِنْ شِيعَةِ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ [ت٣١٠هـ] فِي «تَارِيخِهِ» مَا يَدُلُّ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ[٣]، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَنْفَرِدْ بِرِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ؛ فَقَدْ رَوَى الْخَطِيبُ [ت٤٦٣هـ] وَابْنُ مَاكُولَا [ت٤٧٥هـ] بِإِسْنَادِهِمَا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السِّجِسْتَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ -يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ- عَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَرْبَعَ مِائَةِ كَلِمَةٍ مِمَّا يَصْلُحُ لِلْمَرْءِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ»، وَسَاقَ الْأَبْوَابَ كُلَّهَا فِي السُّنَنِ وَالْآدَابِ مِقْدَارَ جُزْءٍ كَامِلٍ[٤]، وَالظَّاهِرُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ وُجُودِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيَى وَالْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ فِي طَرِيقِ الْأَصَمِّ؛ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ [ت٢٧٤هـ] فِي «الْمَحَاسِنِ»: «رَوَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنِ الْأَصَمِّ، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ مِثْلَهُ»[٥]، وَقَالَ النَّجَاشِيُّ [ت٤٥٠هـ] فِي تَرْجِمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ: «لَهُ كِتَابٌ يُسَمَّى الْأَرْبَعَ مِائَةِ مَسْأَلَةٍ فِي أَبْوَابِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ سُفْيَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْدَانُ الْقَلَانِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا السِّنْدِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْهُ بِهِ»[٦]، وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ حَدِيثُ الْأَرْبَعَمِائَةِ الَّذِي عَلَّمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَصْحَابَهُ[٧]، وَهُوَ كَمَا اسْتَظْهَرَ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْحَدِيثَ قَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ بِوَاسِطَةِ حَرِيزٍ وَالْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ وَالْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ جَمِيعًا، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ ثِقَةٌ جَلِيلٌ عِنْدَهُمْ، وَلِمَا أَخْرَجْتُ مِنْ حَدِيثِهِ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ:
الشاهد ١
رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[٨]، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ -يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا وَرَدَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَدِيثِ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَلَانَتْ لَهُ قُلُوبُكُمْ وَعَرَفْتُمُوهُ فَاقْبَلُوهُ، وَمَا اشْمَأَزَّتْ مِنْهُ قُلُوبُكُمْ وَأَنْكَرْتُمُوهُ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى الْعَالِمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَإِنَّمَا الْهَالِكُ أَنْ يُحَدَّثَ أَحَدُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْهُ لَا يَحْتَمِلُهُ فَيَقُولَ: وَاللَّهِ مَا كَانَ هَذَا، وَاللَّهِ مَا كَانَ هَذَا، وَالْإِنْكَارُ هُوَ الْكُفْرُ».
الشاهد ٢
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْكَشِّيُّ [ت٣٥٠هـ] فِي «رِجَالِهِ»[٩]، قَالَ: حَدَّثَنِي جِبْرِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَارْيَابِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْعُبَيْدِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ الْهَاشِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثٍ: «إِذَا وَرَدَ عَلَيْكَ يَا جَابِرُ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِنَا فَلَانَ لَهُ قَلْبُكَ فَاحْمَدِ اللَّهَ، وَإِنْ أَنْكَرْتَهُ فَرُدَّهُ إِلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، وَلَا تَقُلْ: كَيْفَ جَاءَ هَذَا؟! وَكَيْفَ كَانَ؟! وَكَيْفَ هُوَ؟! فَإِنَّ هَذَا وَاللَّهِ الشِّرْكُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ».
الشاهد ٣
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ [ت٤٦٠هـ] فِي «أَمَالِيهِ»[١٠]، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَنَحْنُ جَمَاعَةٌ بَعْدَمَا قَضَيْنَا نُسُكَنَا، فَوَدَّعْنَاهُ، وَقُلْنَا لَهُ: أَوْصِنَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ فِي حَدِيثٍ: «اكْتُمُوا أَسْرَارَنَا، وَلَا تَحْمِلُوا النَّاسَ عَلَى أَعْنَاقِنَا، وَانْظُرُوا أَمْرَنَا وَمَا جَاءَكُمْ عَنَّا، فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُ لِلْقُرْآنِ مُوَافِقًا فَخُذُوا بِهِ، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوهُ مُوَافِقًا فَرُدُّوهُ، وَإِنِ اشْتَبَهَ الْأَمْرُ عَلَيْكُمْ فِيهِ فَقِفُوا عِنْدَهُ وَرُدُّوهُ إِلَيْنَا حَتَّى نَشْرَحَ لَكُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا شُرِحَ لَنَا».
الشاهد ٤
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١١]، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَيْهِ جَمَاعَةً، فَقُلْنَا: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، إِنَّا نُرِيدُ الْعِرَاقَ، فَأَوْصِنَا، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثٍ: «إِذَا جَاءَكُمْ عَنَّا حَدِيثٌ فَوَجَدْتُمْ عَلَيْهِ شَاهِدًا أَوْ شَاهِدَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَخُذُوا بِهِ، وَإِلَّا فَقِفُوا عِنْدَهُ، ثُمَّ رُدُّوهُ إِلَيْنَا حَتَّى يَسْتَبِينَ لَكُمْ».
الشاهد ٥
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[١٢]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ؛ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ، عَنِ الْبَرْقِيِّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «إِنَّ حَدِيثَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ، لَا يُؤْمِنُ بِهِ إِلَّا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ أَوْ عَبْدٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيَمَانِ، فَمَا عَرَفَتْ قُلُوبُكُمْ فَخُذُوهُ، وَمَا أَنْكَرَتْ قُلُوبُكُمْ فَرُدُّوهُ إِلَيْنَا».
الشاهد ٦
وَرَوَى الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[١٣]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ السَّمْطِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكَ، فَيُخْبِرُنَا عَنْكَ بِالْعَظِيمِ مِنَ الْأَمْرِ، فَيَضِيقُ بِذَلِكَ صُدُورُنَا، حَتَّى نُكَذِّبَهُ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَلَيْسَ عَنِّى يُحَدِّثُكُمْ؟» قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: «فَيَقُولُ لِلَّيْلِ إِنَّهُ نَهَارٌ، وَلِلنَّهَارِ إِنَّهُ لَيْلٌ؟» قُلْتُ لَهُ: لَا، قَالَ: «رُدَّهُ إِلَيْنَا، فَإِنَّكَ إِنْ كَذَّبْتَ فَإِنَّمَا تُكَذِّبُنَا»، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى[١٤]: «مَا جَاءَكُمْ مِنَّا مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَخْلُوقِينَ وَلَمْ تَعْلَمُوهُ وَلَمْ تَفْهَمُوهُ فَلَا تَجْحَدُوهُ وَرُدُّوهُ إِلَيْنَا، وَمَا جَاءَكُمْ عَنَّا مِمَّا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَخْلُوقِينَ فَاجْحَدُوهُ وَلَا تَرُدُّوهُ إِلَيْنَا».
الشاهد ٧
وَرَوَى الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[١٥]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّا نُحَدَّثُ عَنْكَ بِالْحَدِيثِ، فَيَقُولُ بَعْضُنَا: قَوْلُنَا فِيهِ قَوْلُهُمْ، قَالَ: «فَمَا تُرِيدُ؟! أَتُرِيدُ أَنْ تَكُونَ إِمَامًا يُقْتَدَى بِكَ؟! مَنْ رَدَّ الْقَوْلَ إِلَيْنَا فَقَدْ سَلِمَ».
الشاهد ٨
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١٦]، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرَّارٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِذَا جَاءَ حَدِيثٌ عَنْ أَوَّلِكُمْ وَحَدِيثٌ عَنْ آخِرِكُمْ، بِأَيِّهِمَا نَأْخُذُ؟ فَقَالَ: «خُذُوا بِهِ حَتَّى يَبْلُغَكُمْ عَنِ الْحَيِّ، فَإِنْ بَلَغَكُمْ عَنِ الْحَيِّ فَخُذُوا بِقَوْلِهِ»، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّا وَاللَّهِ لَا نُدْخِلُكُمْ إِلَّا فِيمَا يَسَعُكُمْ».
الشاهد ٩
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١هـ] فِي «عُيُونِ أَخْبَارِ الرِّضَا»[١٧]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَا: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمِسْمَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَيْثَمِيُّ، أَنَّهُ سَأَلَ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمًا، وَقَدِ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَدْ كَانُوا يَتَنَازَعُونَ فِي الْحَدِيثَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ كَلَامٍ: «مَا وَرَدَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَبَرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَاعْرِضُوهُمَا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، فَمَا كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَوْجُودًا حَلَالًا أَوْ حَرَامًا فَاتَّبِعُوا مَا وَافَقَ الْكِتَابَ، وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْكِتَابِ فَاعْرِضُوهُ عَلَى سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَمَا كَانَ فِي السُّنَّةِ مَوْجُودًا مَنْهِيًّا عَنْهُ نَهْيَ حَرَامٍ أَوْ مَأْمُورًا بِهِ أَمْرَ إِلْزَامٍ فَاتَّبِعُوا مَا وَافَقَ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ، وَمَا كَانَ فِي السُّنَّةِ نَهْيَ إِعَافَةٍ أَوْ كَرَاهَةٍ، ثُمَّ كَانَ الْخَبَرُ الْآخَرُ خِلَافَهُ، فَذَلِكَ رُخْصَةٌ فِيمَا عَافَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَكَرِهَهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ، فَذَلِكَ الَّذِي يَسَعُ الْأَخْذُ بِهِمَا جَمِيعًا، وَبِأَيِّهِمَا شِئْتَ وَسِعَكَ الْإِخْتِيَارُ مِنْ بَابِ التَّسْلِيمِ وَالْإِتِّبَاعِ وَالرَّدِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَمَا لَمْ تَجِدُوهُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ فَرَدُّوا إِلَيْنَا عِلْمَهُ، فَنَحْنُ أَوْلَى بِذَلِكَ، وَلَا تَقُولُوا فِيهِ بِآرَائِكُمْ، وَعَلَيْكُمْ بِالْكَفِّ وَالتَّثَبُّتِ وَالْوُقُوفِ وَأَنْتُمْ طَالِبُونَ بَاحِثُونَ، حَتَّى يَأْتِيَكُمُ الْبَيَانُ مِنْ عِنْدِنَا».
الشاهد ١٠
وَرَوَى الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[١٨]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: أَقْرَأَنِي دَاوُدُ بْنُ فَرْقَدٍ الْفَارِسِيُّ كِتَابَهُ إِلَى أَبِى الْحَسَنِ الثَّالِثِ -يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ وَجَوَابَهُ بِخَطِّهِ، فَقَالَ: نَسْأَلُكَ عَنِ الْعِلْمِ الْمَنْقُولِ إِلَيْنَا عَنْ آبَائِكَ وَأَجْدَادِكَ، قَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِيهِ، كَيْفَ الْعَمَلُ بِهِ عَلَى اخْتِلَافِهِ، أَوِ الرَّدُّ إِلَيْكَ فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ؟ فَكَتَبَ وَقَرَأْتُهُ: «مَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُ قَوْلُنَا فَالْزَمُوهُ، وَمَا لَمْ تَعْلَمُوا فَرُدُّوهُ إِلَيْنَا».