الحديث ٢١
لا جهاد إلّا مع إمام من عند اللّه (١)
رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ [ت٢٤١هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، قَالَ: سَمِعْتُ صَخْرًا يُحَدِّثُ، عَنْ سُبَيْعٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الْفِتَنَ مِنْ بَعْدِهِ وَالدُّعَاةَ فِيهَا، فَقَالَ:
«إِنْ رَأَيْتَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ فَالْزَمْهُ، وَإِنْ نَهَكَ جِسْمَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ، فَإِنْ لَمْ تَرَهُ فَاهْرَبْ فِي الْأَرْضِ، وَلَوْ أَنْ تَمُوتَ وَأَنْتَ عَاضٌّ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ»، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى[٢]، قَالَ: «فَإِنْ تَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتَّبِعَ أَحَدًا مِنْهُمْ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلَّهِ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً تَجِبُ مُلَازَمَتُهُ دُونَ سَائِرِ النَّاسِ، وَقَدْ يَخْتَفِي فَلَا يُرَى لِشِدَّةِ الْخَوْفِ؛ فَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ وَجَبَ اعْتِزَالُ الدُّعَاةِ الَّذِينَ يَدْعُونَ إِلَى غَيْرِهِ كُلِّهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ دُعَاةُ ضَلَالَةٍ، وَلَا يَجُوزُ الْقِتَالُ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَإِنْ سَمَّاهُ جِهَادًا، وَلَا جِهَادَ إِلَّا مَعَ خَلِيفَةِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، وَهُوَ إِمَامٌ مِنْ عِنْدِهِ نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ؛ كَمَا قَالَ: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ﴾[٣]، وَقَالَ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾[٤]، وَقَدْ جَاءَ حَدِيثٌ فِي أَنَّ الْجِهَادَ يَكُونُ مَعَ الْبِرِّ وَالْفَاجِرِ، وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ[٥]، وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ الْمُرَادُ بِالْفَاجِرِ مَنْ فَجَرَ مِنْ أُمَرَاءِ الْخَلِيفَةِ؛ كَمَا كَانَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، إِذْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: «أَسْلَمْنَا»، وَجَعَلُوا يَقُولُونَ: «صَبَأْنَا، صَبَأْنَا»، فَجَعَلَ خَالِدٌ بِهِمْ قَتْلًا وَأَسْرًا، فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صُنْعُهُ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ»[٦]، ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا لِيَسْتَدْرِكَ مَا صَنَعَ، فَوَدَى لَهُمُ الدِّمَاءَ وَمَا أُصِيبَ لَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ، حَتَّى إِنَّهُ لَوَدَى لَهُمْ مِيلَغَةَ الْكَلْبِ[٧]؛ فَلَا بَأْسَ بِالْجِهَادِ مَعَ الْفَاجِرِ إِذَا كَانَ قَدْ بَعَثَهُ الْخَلِيفَةُ، وَأَمَّا أَنْ يُقَاتِلَ الرَّجُلُ مَعَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَوْ أَمِيرِهِ فَلَا، وَكَذَلِكَ مَعَ خَارِجِيٍّ خَرَجَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْخَلِيفَةِ؛ فَإِنَّهُ إِنْ غَلَبَ كَانَ سُلْطَانًا جَائِرًا مِثْلَهُ، وَمَا اقْتِتَالُهُمَا إِلَّا عَلَى الْمُلْكِ.
الشاهد ١
كَمَا رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ [ت٢٣٥هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[٨]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ ثَرْوَانَ بْنِ مِلْحَانَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَمَرَّ عَلَيْنَا عَمَّارٌ، فَقُلْنَا لَهُ: حَدِّثْنَا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتْنَةِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَقْتَتِلُونَ عَلَى الْمُلْكِ، يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ بَعْضًا»، فَقُلْنَا لَهُ: لَوْ حَدَّثَنَا بِهِ غَيْرُكَ كَذَّبْنَاهُ، فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُ سَيَكُونُ».
الشاهد ٢
وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ [ت٢٤١هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[٩]، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِجُنْدُبٍ: إِنِّي قَدْ بَايَعْتُ هَؤُلَاءِ -يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ- وَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ أَخْرُجَ مَعَهُمْ إِلَى الشَّامِ، فَقَالَ: أَمْسِكْ، فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ يَأْبَوْنَ، فَقَالَ: افْتَدِ بِمَالِكَ، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَأْبَوْنَ إِلَّا أَنْ أَضْرِبَ مَعَهُمْ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ جُنْدُبٌ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَجِيءُ الْمَقْتُولُ بِقَاتِلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي؟» قَالَ: شُعْبَةُ: فَأَحْسِبُهُ قَالَ: «فَيَقُولُ: عَلَامَ قَتَلْتَهُ؟ فَيَقُولُ: قَتَلْتُهُ عَلَى مُلْكِ فُلَانٍ»، قَالَ: فَقَالَ جُنْدُبٌ: فَاتَّقِهَا.
الشاهد ٣
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ [ت٤٥٨هـ] فِي «السُّنَنِ الْكُبْرَى»[١٠]، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أَنْبَأَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ هَذَا قَتَلَنِي، فَيَقُولُ اللَّهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟ فَيَقُولُ: لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِفُلَانٍ، فَيَقُولُ: فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لِفُلَانٍ، بُؤْ بِذَنْبِهِ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا قَوْلُ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ، وَقَدْ أَذْعَنَ بِهِ مَنْ كَانَ لَهُ أَدْنَى نَصِيبٍ مِنَ الْعَقْلِ؛ كَمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنِ الْقِتَالِ مَعَ الْحَجَّاجِ أَوْ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: «مَعَ أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ قَاتَلْتَ فَقُتِلْتَ فَفِي لَظًى»[١١]، وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ وَعِنْدَهُ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: «يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَا تَقُولُ فِي الْفِتَنِ مِثْلِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ وَابْنِ الْأَشْعَثِ؟» فَقَالَ: «لَا تَكُنْ مَعَ هَؤُلَاءِ، وَلَا مَعَ هَؤُلَاءِ»، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: «وَلَا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَبَا سَعِيدٍ؟!» فَغَضِبَ وَقَالَ: «نَعَمْ، وَلَا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ»[١٢]، وَرُوِيَ أَنَّ بَعْثًا خَرَجَ عَلَى النَّاسِ زَمَنَ الْحَجَّاجِ، فَخَرَجَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: «إِلَى مَنْ تَدْعُوهُمْ؟! إِلَى الْحَجَّاجِ؟!»[١٣]، وَرُوِيَ أَنَّ طَاوُوسًا كَانَ يَكْرَهُ الْقِتَالَ مَعَ هَؤُلَاءِ -يَعْنِي السُّلْطَانَ الْجَائِرَ-[١٤]، وَكَانَ مَالِكٌ أَيْضًا يَكْرَهُهُ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ[١٥]، وَكَانَ رِجَالٌ مِنَ السَّلَفِ يَقُولُونَ: «إِنْ دَعَاكَ السُّلْطَانُ أَنْ تَقْرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فَلَا تَأْتِهِ»[١٦]، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقِتَالَ مَعَهُ أَكْبَرُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ، وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «لَا أَخْرُجُ إِلَّا مَعَ إِمَامٍ فِيهِ شَرَائِعُ السُّنَنِ كُلُّهَا، إِنْ كَانَتِ السُّنَنُ مِائَةَ شَرِيعَةٍ، وَكَانَ فِيهِ مِنْهَا تِسْعٌ وَتِسْعُونَ شَرِيعَةً، لَمْ أَخْرُجْ مَعَهُ»[١٧]، وَلَا يَخْفَى أَنَّهَا لَا تَجْتَمِعُ إِلَّا فِي خَلِيفَةِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ.
الشاهد ٤
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩ه] فِي «الْكَافِي»[١٨]، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عُتْبَةَ الْهَاشِمِيِّ، قَالَ: كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمَكَّةَ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ أُنَاسٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، وَوَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ، وَحَفْصُ بْنُ سَالِمٍ مَوْلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ، وَنَاسٌ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ، وَذَلِكَ حِدْثَانُ قَتْلِ الْوَلِيدِ وَاخْتِلَافِ أَهْلِ الشَّامِ بَيْنَهُمْ، فَتَكَلَّمُوا وَأَكْثَرُوا، وَخَطَبُوا فَأَطَالُوا، فَقَالَ لَهُمْ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّكُمْ قَدْ أَكْثَرْتُمْ عَلَيَّ، فَأَسْنِدُوا أَمْرَكُمْ إِلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ، وَلْيَتَكَلَّمْ بِحُجَجِكُمْ، وَيُوجِزْ، فَأَسْنَدُوا أَمْرَهُمْ إِلَى عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، فَتَكَلَّمَ، فَأَبْلَغَ وَأَطَالَ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ أَنْ قَالَ: قَدْ قَتَلَ أَهْلُ الشَّامِ خَلِيفَتَهُمْ، وَضَرَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، وَشَتَّتَ أَمْرَهُمْ، فَنَظَرْنَا، فَوَجَدْنَا رَجُلًا لَهُ دِينٌ وَعَقْلٌ وَمُرُوَّةٌ وَمَوْضِعٌ وَمَعْدِنٌ لِلْخِلَافَةِ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَجْتَمِعَ عَلَيْهِ فَنُبَايِعَهُ، ثُمَّ نَظْهَرَ مَعَهُ، فَمَنْ كَانَ بَايَعَنَا فَهُوَ مِنَّا وَكُنَّا مِنْهُ، وَمَنِ اعْتَزَلَنَا كَفَفْنَا عَنْهُ، وَمَنْ نَصَبَ لَنَا جَاهَدْنَاهُ وَنَصَبْنَا لَهُ عَلَى بَغْيِهِ وَرَدِّهِ إِلَى الْحَقِّ وَأَهْلِهِ، وَقَدْ أَحْبَبْنَا أَنْ نَعْرِضَ ذَلِكَ عَلَيْكَ، فَتَدْخُلَ مَعَنَا، فَإِنَّهُ لَا غِنَى بِنَا عَنْ مِثْلِكَ لِمَوْضِعِكَ وَكَثْرَةِ شِيعَتِكَ، فَقَالَ لَهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي كَلَامٍ طَوِيلٍ: اتَّقِ اللَّهَ، وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ فَاتَّقُوا اللَّهَ، فَإِنَّ أَبِي حَدَّثَنِي، وَكَانَ خَيْرَ أَهْلِ الْأَرْضِ وَأَعْلَمَهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ ضَرَبَ النَّاسَ بِسَيْفِهِ وَدَعَاهُمْ إِلَى نَفْسِهِ وَفِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ فَهُوَ ضَالٌّ مُتَكَلِّفٌ».