الحديث ٧
إنّ الأمّة لا تخلو من قائم بأمر اللّه.
رَوَى الْبُخَارِيُّ [ت٢٥٦هـ] فِي «صَحِيحِهِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، مَا يَضُرُّهُمْ مَنْ كَذَّبَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ، رَوَاهُ عَنْهُ عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ، وَيَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ، وَشُعَيْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَيُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَمُسْلِمُ بْنُ هُرْمُزَ، وَنُمَيْرُ بْنُ أَوْسٍ، وَثَابِتُ بْنُ سَعْدٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيُّ، وَلَا نَعْتَدُّ بِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ إِلَّا إِذَا تُوبِعَ، وَإِنْ قِيلَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُتَّهَمُ فِي الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ[٢]، وَعِنْدِي فِي سَمَاعِهِ لِهَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَيْبٌ؛ فَإِنَّهُ رَوَاهُ مَرَّةً عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ:
الشاهد ١
رَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ [ت٢٠٤هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[٣]، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الشَّامِ، حَدَّثَنِي الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَالَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ رِوَايَتِهِ لِلْحَدِيثِ: «إِنِّي أَرَاكُمُوهُمْ يَا أَهْلَ الشَّامِ»، وَلَمْ يَكُنْ كَمَا رَأَى، فَصَدَقَ فِي الرِّوَايَةِ وَكَذَبَ فِي التَّأْوِيلِ، وَقَالَ شُعْبَةُ أَنَّهُ عَنَى بِالْأَنْصَارِيِّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ[٤]، وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ عَنَى النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ؛ فَإِنَّهُ كَانَ أَنْصَارِيًّا، وَلَمْ يَكُنْ مَعَ مُعَاوِيَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ غَيْرَهُ، وَهُوَ مِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثِ:
الشاهد ٢
رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتَمٍ [ت٣٢٧هـ] فِي «تَفْسِيرِهِ»[٥]، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ، قَالَا: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْحِمْصِيُّ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: قَالَ النُّعْمَانُ عَلَى الْمِنْبَرِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ لَا يُبَالُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ»، قَالَ النُّعْمَانُ: فَمَنْ قَالَ إِنِّي أَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ، فَإِنَّ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾[٦].
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ أَيْضًا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَكَعْبُ بْنُ مُرَّةٍ الْبَهْزِيُّ.