الحديث ٣٣
«قَوْلُ الرَّجُلِ: <لَوْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَسَأَلْتُهُ> مِنْ قَوْلِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ»
رَوَى عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ [تبعد٢١٩هـ] فِي «حَدِيثِهِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ:
قُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ: لَوْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَسَأَلْتُهُ، قَالَ: وَعَمَّا كُنْتَ تَسْأَلُهُ؟ قُلْتُ: كُنْتُ أَسْأَلُهُ هَلْ رَأَى رَبَّهُ؟ قَالَ: فَإِنِّي قَدْ سَأَلْتُهُ، قَالَ: «قَدْ رَأَيْتُ نُورًا، أَنَّى أَرَاهُ؟!»
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ مِنْ أَهْلِ النَّصْبِ، وَلَكِنَّهُ ثِقَةٌ عِنْدَهُمْ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَذَا الْحَدِيثِ:
الشاهد ١
رَوَى أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ [ت٢٩٢هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[٢]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُفَضَّلِ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: هَلْ رَأَيْتَ رَبِّكَ؟ فَقَالَ: «نُورٌ، أَنَّى أَرَاهُ؟!»
الشاهد ٢
وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ [ت٣١١هـ] فِي «التَّوْحِيدِ»[٣]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكِ بْنِ الرِّشْكِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: «رَآهُ بِقَلْبِهِ، وَلَمْ يَرَهُ بِعَيْنِهِ» يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
الشاهد ٣
وَرَوَى الطَّبَرِيُّ [ت٣١٠هـ] فِي «تَفْسِيرِهِ»[٤]، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قُلْنَا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: «لَمْ أَرَهُ بِعَيْنِي، وَرَأَيْتُهُ بِفُؤَادِي».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «أَنَّى أَرَاهُ؟!» يَعْنِي أَنَّى يَكُونُ لِي أَنْ أَرَاهُ؟! وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ إِمْكَانِ رُؤْيَةِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ مَنْ يُحَرِّفُهُ، فَيَقُولُ: «يَعْنِي عَلَى طَرِيقِ الْإِيجَابِ»[٥]، وَ﴿مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾[٦]، وَقَوْلُ الرَّجُلِ: «لَوْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَسَأَلْتُهُ» مِنْ قَوْلِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ، وَلَوْ عَلِمُوا أَنَّ فِيهِمْ مَنْ يُخْبِرُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَأَلُوهُ لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ، وَهُوَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِدُ الْمَهْدِيُّ.