الآية ٣٤
«بَعَثَ رَسُولًا مِنْهُمْ وَيَبْعَثُ آخَرِينَ مِنْهُمْ لَيْسُوا رُسُلًا، وَلَكِنَّهُمْ خُلَفَاءُ الرَّسُولِ»
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾[١]
ملاحظات
١ . أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾، إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾، فَقَالَ: بَعَثَ رَسُولًا مِنْهُمْ وَيَبْعَثُ آخَرِينَ مِنْهُمْ لَيْسُوا رُسُلًا، وَلَكِنَّهُمْ خُلَفَاءُ الرَّسُولِ، فَيُزَكُّونَهُمْ وَيُعَلِّمُونَهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾؟ قُلْتُ: وَأَيُّ دَلَالَةٍ فِي هَذَا؟ قَالَ: هُوَ الْخِلَافَةُ يُؤْتِيهَا مَنْ يَشَاءُ، وَلَا يُؤْتِيهَا مَنْ يَشَاؤُونَ.
٢ . أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْقَاسِمِ الطِّهْرَانِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾، فَقَالَ: هُمْ خُلَفَاءُ الرَّسُولِ وَاحِدًا تِلْوَ الْآخَرِ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، وَهُمْ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ كَانَ مِنْهُمُ الرَّسُولُ، قُلْتُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ أَنَّهُ بَعَثَ رَسُولًا فِي الْأُمِّيِّينَ وَآخَرِينَ، أَوْ بَعَثَ رَسُولًا يُزِكِّي الْأُمِّيِّينَ وَآخَرِينَ، قَالَ: إِنَّمَا قَالَ: ﴿آخَرِينَ مِنْهُمْ﴾، وَلَمْ يَقُلْ: آخَرِينَ، قُلْتُ: وَهَلْ يَبْعَثُ اللَّهُ أَحَدًا إِلَّا رَسُولًا؟! قَالَ: نَعَمْ، كَمَا بَعَثَ طَالُوتَ مَلِكًا، وَلَمْ يَبْعَثْهُ رَسُولًا.
٣ . أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّبْزَوَارِيُّ، قَالَ: قَالَ لَنَا الْمَنْصُورُ: لَا تُحَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا لَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذِّبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟! إِنَّ مِنَ الْقُرْآنِ آيَاتٍ لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهَا إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، فَكُفُّوا عَنْ هَؤُلَاءِ السَّفْلَةِ، وَلَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَمْرِكُمْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَمْ يَزَالُوا فِي ضَلَالٍ وَاخْتِلَافٍ فِي الدِّينِ وَتَبْدِيلٍ لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَإِظْهَارِ الْبِدَعِ وَإِبْطَالِ السُّنَنِ وَاتِّبَاعِ الْجَبَابِرَةِ مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِهِمْ هَذَا، فَذَرُوهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ!