الأحد ٢٨ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ الموافق لـ ٢١ سبتمبر/ ايلول ٢٠٢٥ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. جديد الأسئلة والأجوبة: ما هو رأيكم في الخبر الذي رواه الطوسيّ في كتاب «الغيبة» (ص٤٤٧) بإسناده عن الإمام جعفر الصادق أنّه قال: «من يضمن لي موت عبد اللّه أضمن له القائم»، يعني المهديّ، ثم قال: «إذا مات عبد اللّه لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء اللّه». هل هذا الخبر صحيح أم غير صحيح؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «عن حال العراق اليوم» بقلم «منتظر». اضغط هنا لقراءتها. جديد الشبهات والردود: لا شكّ أنّ رايتكم راية الحقّ؛ لأنّها تدعو إلى المهديّ بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولكن قد تأخّر ظهورها إلى زمان سوء. فلما لم تظهر قبل ذلك، ولما تأخّرت حتّى الآن؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢. اضغط هنا لقراءته. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الأقوال: ثلاثة أقوال من جنابه في حكم التأمين. اضغط هنا لقراءتها. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
درس
 
دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره
ما صحّ عن النّبيّ في ذلك

الحديث ٣٠

لا جهاد إلّا مع إمام من عند اللّه (١)

رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ [ت٢٤١هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، قَالَ: سَمِعْتُ صَخْرًا يُحَدِّثُ، عَنْ سُبَيْعٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الْفِتَنَ مِنْ بَعْدِهِ وَالدُّعَاةَ فِيهَا، فَقَالَ:

«إِنْ رَأَيْتَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ فَالْزَمْهُ، وَإِنْ نَهَكَ جِسْمَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ، فَإِنْ لَمْ تَرَهُ فَاهْرَبْ فِي الْأَرْضِ، وَلَوْ أَنْ تَمُوتَ وَأَنْتَ عَاضٌّ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ»، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى[٢]، قَالَ: «فَإِنْ تَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتَّبِعَ أَحَدًا مِنْهُمْ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلَّهِ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً تَجِبُ مُلَازَمَتُهُ دُونَ سَائِرِ النَّاسِ، وَقَدْ يَخْتَفِي فَلَا يُرَى لِشِدَّةِ الْخَوْفِ؛ فَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ وَجَبَ اعْتِزَالُ الدُّعَاةِ الَّذِينَ يَدْعُونَ إِلَى غَيْرِهِ كُلِّهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ دُعَاةُ ضَلَالَةٍ، وَلَا يَجُوزُ الْقِتَالُ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَإِنْ سَمَّاهُ جِهَادًا، وَلَا جِهَادَ إِلَّا مَعَ خَلِيفَةِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، وَهُوَ إِمَامٌ مِنْ عِنْدِهِ نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ؛ كَمَا قَالَ: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ[٣]، وَقَالَ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ[٤]، وَقَدْ جَاءَ حَدِيثٌ فِي أَنَّ الْجِهَادَ يَكُونُ مَعَ الْبِرِّ وَالْفَاجِرِ، وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ[٥]، وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ الْمُرَادُ بِالْفَاجِرِ مَنْ فَجَرَ مِنْ أُمَرَاءِ الْخَلِيفَةِ؛ كَمَا كَانَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، إِذْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: «أَسْلَمْنَا»، وَجَعَلُوا يَقُولُونَ: «صَبَأْنَا، صَبَأْنَا»، فَجَعَلَ خَالِدٌ بِهِمْ قَتْلًا وَأَسْرًا، فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صُنْعُهُ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ»[٦]، ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا لِيَسْتَدْرِكَ مَا صَنَعَ، فَوَدَى لَهُمُ الدِّمَاءَ وَمَا أُصِيبَ لَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ، حَتَّى إِنَّهُ لَوَدَى لَهُمْ مِيلَغَةَ الْكَلْبِ[٧]؛ فَلَا بَأْسَ بِالْجِهَادِ مَعَ الْفَاجِرِ إِذَا كَانَ قَدْ بَعَثَهُ الْخَلِيفَةُ، وَأَمَّا أَنْ يُقَاتِلَ الرَّجُلُ مَعَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَوْ أَمِيرِهِ فَلَا، وَكَذَلِكَ مَعَ خَارِجِيٍّ خَرَجَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْخَلِيفَةِ؛ فَإِنَّهُ إِنْ غَلَبَ كَانَ سُلْطَانًا جَائِرًا مِثْلَهُ، وَمَا اقْتِتَالُهُمَا إِلَّا عَلَى الْمُلْكِ.

الشاهد ١

كَمَا رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ [ت٢٣٥هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[٨]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ ثَرْوَانَ بْنِ مِلْحَانَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَمَرَّ عَلَيْنَا عَمَّارٌ، فَقُلْنَا لَهُ: حَدِّثْنَا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتْنَةِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَقْتَتِلُونَ عَلَى الْمُلْكِ، يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ بَعْضًا»، فَقُلْنَا لَهُ: لَوْ حَدَّثَنَا بِهِ غَيْرُكَ كَذَّبْنَاهُ، فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُ سَيَكُونُ».

الشاهد ٢

وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ [ت٢٤١هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[٩]، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِجُنْدُبٍ: إِنِّي قَدْ بَايَعْتُ هَؤُلَاءِ -يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ- وَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ أَخْرُجَ مَعَهُمْ إِلَى الشَّامِ، فَقَالَ: أَمْسِكْ، فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ يَأْبَوْنَ، فَقَالَ: افْتَدِ بِمَالِكَ، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَأْبَوْنَ إِلَّا أَنْ أَضْرِبَ مَعَهُمْ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ جُنْدُبٌ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَجِيءُ الْمَقْتُولُ بِقَاتِلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي؟» قَالَ: شُعْبَةُ: فَأَحْسِبُهُ قَالَ: «فَيَقُولُ: عَلَامَ قَتَلْتَهُ؟ فَيَقُولُ: قَتَلْتُهُ عَلَى مُلْكِ فُلَانٍ»، قَالَ: فَقَالَ جُنْدُبٌ: فَاتَّقِهَا.

الشاهد ٣

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ [ت٤٥٨هـ] فِي «السُّنَنِ الْكُبْرَى»[١٠]، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أَنْبَأَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ هَذَا قَتَلَنِي، فَيَقُولُ اللَّهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟ فَيَقُولُ: لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِفُلَانٍ، فَيَقُولُ: فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لِفُلَانٍ، بُؤْ بِذَنْبِهِ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا قَوْلُ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ، وَقَدْ أَذْعَنَ بِهِ مَنْ كَانَ لَهُ أَدْنَى نَصِيبٍ مِنَ الْعَقْلِ؛ كَمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنِ الْقِتَالِ مَعَ الْحَجَّاجِ أَوْ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: «مَعَ أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ قَاتَلْتَ فَقُتِلْتَ فَفِي لَظًى»[١١]، وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ وَعِنْدَهُ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: «يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَا تَقُولُ فِي الْفِتَنِ مِثْلِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ وَابْنِ الْأَشْعَثِ؟» فَقَالَ: «لَا تَكُنْ مَعَ هَؤُلَاءِ، وَلَا مَعَ هَؤُلَاءِ»، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: «وَلَا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَبَا سَعِيدٍ؟!» فَغَضِبَ وَقَالَ: «نَعَمْ، وَلَا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ»[١٢]، وَرُوِيَ أَنَّ بَعْثًا خَرَجَ عَلَى النَّاسِ زَمَنَ الْحَجَّاجِ، فَخَرَجَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: «إِلَى مَنْ تَدْعُوهُمْ؟! إِلَى الْحَجَّاجِ؟!»[١٣]، وَرُوِيَ أَنَّ طَاوُوسًا كَانَ يَكْرَهُ الْقِتَالَ مَعَ هَؤُلَاءِ -يَعْنِي السُّلْطَانَ الْجَائِرَ-[١٤]، وَكَانَ مَالِكٌ أَيْضًا يَكْرَهُهُ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ[١٥]، وَكَانَ رِجَالٌ مِنَ السَّلَفِ يَقُولُونَ: «إِنْ دَعَاكَ السُّلْطَانُ أَنْ تَقْرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فَلَا تَأْتِهِ»[١٦]، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقِتَالَ مَعَهُ أَكْبَرُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ، وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «لَا أَخْرُجُ إِلَّا مَعَ إِمَامٍ فِيهِ شَرَائِعُ السُّنَنِ كُلُّهَا، إِنْ كَانَتِ السُّنَنُ مِائَةَ شَرِيعَةٍ، وَكَانَ فِيهِ مِنْهَا تِسْعٌ وَتِسْعُونَ شَرِيعَةً، لَمْ أَخْرُجْ مَعَهُ»[١٧]، وَلَا يَخْفَى أَنَّهَا لَا تَجْتَمِعُ إِلَّا فِي خَلِيفَةِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ.

الشاهد ٤

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩ه‍] فِي «الْكَافِي»[١٨]، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عُتْبَةَ الْهَاشِمِيِّ، قَالَ: كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمَكَّةَ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ أُنَاسٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، وَوَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ، وَحَفْصُ بْنُ سَالِمٍ مَوْلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ، وَنَاسٌ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ، وَذَلِكَ حِدْثَانُ قَتْلِ الْوَلِيدِ وَاخْتِلَافِ أَهْلِ الشَّامِ بَيْنَهُمْ، فَتَكَلَّمُوا وَأَكْثَرُوا، وَخَطَبُوا فَأَطَالُوا، فَقَالَ لَهُمْ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّكُمْ قَدْ أَكْثَرْتُمْ عَلَيَّ، فَأَسْنِدُوا أَمْرَكُمْ إِلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ، وَلْيَتَكَلَّمْ بِحُجَجِكُمْ، وَيُوجِزْ، فَأَسْنَدُوا أَمْرَهُمْ إِلَى عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، فَتَكَلَّمَ، فَأَبْلَغَ وَأَطَالَ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ أَنْ قَالَ: قَدْ قَتَلَ أَهْلُ الشَّامِ خَلِيفَتَهُمْ، وَضَرَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، وَشَتَّتَ أَمْرَهُمْ، فَنَظَرْنَا، فَوَجَدْنَا رَجُلًا لَهُ دِينٌ وَعَقْلٌ وَمُرُوَّةٌ وَمَوْضِعٌ وَمَعْدِنٌ لِلْخِلَافَةِ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَجْتَمِعَ عَلَيْهِ فَنُبَايِعَهُ، ثُمَّ نَظْهَرَ مَعَهُ، فَمَنْ كَانَ بَايَعَنَا فَهُوَ مِنَّا وَكُنَّا مِنْهُ، وَمَنِ اعْتَزَلَنَا كَفَفْنَا عَنْهُ، وَمَنْ نَصَبَ لَنَا جَاهَدْنَاهُ وَنَصَبْنَا لَهُ عَلَى بَغْيِهِ وَرَدِّهِ إِلَى الْحَقِّ وَأَهْلِهِ، وَقَدْ أَحْبَبْنَا أَنْ نَعْرِضَ ذَلِكَ عَلَيْكَ، فَتَدْخُلَ مَعَنَا، فَإِنَّهُ لَا غِنَى بِنَا عَنْ مِثْلِكَ لِمَوْضِعِكَ وَكَثْرَةِ شِيعَتِكَ، فَقَالَ لَهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي كَلَامٍ طَوِيلٍ: اتَّقِ اللَّهَ، وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ فَاتَّقُوا اللَّهَ، فَإِنَّ أَبِي حَدَّثَنِي، وَكَانَ خَيْرَ أَهْلِ الْأَرْضِ وَأَعْلَمَهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ ضَرَبَ النَّاسَ بِسَيْفِهِ وَدَعَاهُمْ إِلَى نَفْسِهِ وَفِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ فَهُوَ ضَالٌّ مُتَكَلِّفٌ».

↑[١] . مسند أحمد، ج٣٨، ص٤٢١
↑[٢] . مصنف ابن أبي شيبة، ج٧، ص٤٤٧؛ مسند أحمد، ج٣٨، ص٣١٧؛ سنن ابن ماجه، ج٢، ص١٣١٧؛ سنن أبي داود، ج٤، ص٩٦؛ السنن الكبرى للنسائي، ج٧، ص٢٦٤؛ صحيح ابن حبان، ج٦، ص٣٥؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج٤، ص٣٧٨
↑[٣] . التّوبة/ ٨٦
↑[٤] . البقرة/ ٢٤٦
↑[٥] . لمعرفة ذلك، راجع: جوابنا عن السؤال ٥٦٦.
↑[٦] . انظر: مصنف عبد الرزاق، ج٥، ص٢٢١؛ مسند أحمد، ج١٠، ص٤٤٤؛ المنتخب من مسند عبد بن حميد، ص٢٣٩؛ صحيح البخاري، ج٥، ص١٦٠؛ الديات لابن أبي عاصم، ص٥٠؛ مسند البزار، ج١٢، ص٢٥٣؛ سنن النسائي، ج٨، ص٢٣٦؛ شرح مشكل الآثار للطحاوي، ج٨، ص٢٦٨؛ صحيح ابن حبان، ج٧، ص١١٢؛ دلائل النبوة للبيهقي، ج٥، ص١١٤.
↑[٧] . انظر: مغازي الواقدي، ج٣، ص٨٨٢؛ سيرة ابن هشام، ج٢، ص٤٣٠؛ تاريخ الطبري، ج٣، ص٦٧؛ دلائل النبوة للبيهقي، ج٥، ص١١٤.
↑[٨] . مسند ابن أبي شيبة، ج١، ص٢٩١
↑[٩] . مسند أحمد، ج٢٧، ص١٤٥
↑[١٠] . السنن الكبرى للبيهقي، ج٨، ص٣٣١
↑[١١] . الفتن لنعيم بن حماد، ج١، ص١٦٥؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج٤، ص٥١٧
↑[١٢] . الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٩، ص١٦٥
↑[١٣] . انظر: الأمالي في آثار الصحابة لعبد الرزاق الصنعاني، ص٨٤؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج٦، ص٥٠٩.
↑[١٤] . انظر: مصنف ابن أبي شيبة، ج٦، ص٥٠٩.
↑[١٥] . انظر: المدونة لمالك بن أنس، ج١، ص٤٩٨.
↑[١٦] . انظر: الجامع لمعمر بن راشد، ج١١، ص٣٢٦؛ أخبار الشيوخ وأخلاقهم لأبي بكر المروذي، ص٦٦-٦٨؛ الإبانة الكبرى لابن بطة، ج٢، ص٤٤٤؛ العزلة للخطابي، ص٩٣؛ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصبهاني، ج٦، ص٢٥١.
↑[١٧] . انظر: السنة لأبي بكر بن الخلال، ج١، ص١٣٦.
↑[١٨] . الكافي للكليني، ج٥، ص٢٣
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساهم في نشر العلم؛ فإنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
إذا كنت تجيد لغة أخرى، قم بترجمة هذا إليها، وأرسل لنا ترجمتك لنشرها على الموقع. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة دروس السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ
الكتاب: تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الثالثة
تاريخ النشر: غرة رجب ١٤٤٥ هـ
مكان النشر: طالقان؛ أفغانستان