الخميس ١٨ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ الموافق لـ ١١ سبتمبر/ ايلول ٢٠٢٥ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. جديد الأسئلة والأجوبة: ما هو رأيكم في الخبر الذي رواه الطوسيّ في كتاب «الغيبة» (ص٤٤٧) بإسناده عن الإمام جعفر الصادق أنّه قال: «من يضمن لي موت عبد اللّه أضمن له القائم»، يعني المهديّ، ثم قال: «إذا مات عبد اللّه لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء اللّه». هل هذا الخبر صحيح أم غير صحيح؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «عن حال العراق اليوم» بقلم «منتظر». اضغط هنا لقراءتها. جديد الشبهات والردود: لا شكّ أنّ رايتكم راية الحقّ؛ لأنّها تدعو إلى المهديّ بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولكن قد تأخّر ظهورها إلى زمان سوء. فلما لم تظهر قبل ذلك، ولما تأخّرت حتّى الآن؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢. اضغط هنا لقراءته. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الأقوال: ثلاثة أقوال من جنابه في حكم التأمين. اضغط هنا لقراءتها. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
درس
 
دروس من جنابه في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.
ما صحّ عن النّبيّ في ذلك

الحديث ٤

إنّ الأمّة لا تخلو من كائن على الحقّ.

رَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ [ت٢٠٤هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الرَّبِيعِ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: لَقِينَا عُمَرَ، فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو حَدَّثَنَا بِكَذَا وَكَذَا، فَقَالَ عُمَرُ: «عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُ»، قَالَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ نُودِيَ بِالصَّلَاةِ جَامِعَةٌ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَخَطَبَهُمْ عُمَرُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

«لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَعَلَّ هَذَا كَانَ الْحَدِيثَ، حَتَّى ظَهَرَ أَهْلُ الشَّامِ فَزَادُوا عَلَيْهِ: «ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ»، أَوْ «ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ»، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ لَكَانَ مَعْنَاهُ ظُهُورَهُمْ بِالْحُجَّةِ[٢]، وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَقَدْ حَذَفَهُ أَبُو دَاوُدَ اخْتِصَارًا، وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ:

الشاهد ١

رَوَى الْبَيْهَقِيُّ [ت٤٥٨هـ] فِي «الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ»[٣]، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الرَّبِيعِ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ مِنَ الْبَصْرَةِ فِي رِجَالٍ نُسَّاكٍ، فَقَدِمْنَا مَكَّةَ، فَلَقِينَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، فَقَالَ: «يُوشِكُ بَنُو قَنْطُورَاءَ بْنِ كَرْكَرَ أَنْ يَسُوقُوا أَهْلَ خُرَاسَانَ وَأَهْلَ سَجِسْتَانَ سَوْقًا عَنِيفًا، ثُمَّ يَرْبِطُوا خُيُولَهُمْ بِنَخْلِ شَطِّ دِجْلَةَ»، ثُمَّ قَالَ: «كَمْ بُعْدُ الْأُبُلَّةِ مِنَ الْبَصْرَةِ؟» قُلْنَا: أَرْبَعُ فَرَاسِخَ، قَالَ: «فَيَجِيئُونَ فَيَنْزِلُونَ بِهَا، ثُمَّ يَبْعَثُونَ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ: إِمَّا أَنْ تُخْلُوا لَنَا أَرْضَكُمْ، وَإِمَّا أَنْ نَسِيرَ إِلَيْكُمْ، فَيَتَفَرَّقُونَ عَلَى ثَلَاثِ فِرَقٍ: فَأَمَّا فِرْقَةٌ فَيَلْحَقُونَ بِالْبَادِيَةِ، وَأَمَّا فِرْقَةٌ فَيَلْحَقُونَ بِالْكُوفَةِ، وَأَمَّا فِرْقَةٌ فَيَلْحَقُونَ بِهِمْ»، قَالَ: «ثُمَّ يَمْكُثُونَ سَنَةً، فَيَبْعَثُونَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ: إِمَّا أَنْ تُخْلُوا لَنَا أَرْضَكُمْ، وَإِمَّا أَنْ نَسِيرَ إِلَيْكُمْ»، قَالَ: «فَيَتَفَرَّقُونَ عَلَى ثَلَاثِ فِرَقٍ: فَتَلْحَقُ فِرْقَةٌ بِالشَّامِ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِالْبَادِيَةِ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِهِمْ». قَالَ: فَقَدِمْنَا عَلَى عُمَرَ، فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا سَمِعْنَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ: «عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُ»، ثُمَّ نُودِيَ فِي النَّاسِ إِنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ، قَالَ: فَخَطَبَ عُمَرُ النَّاسَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ»، قَالَ: قُلْنَا: هَذَا خِلَافُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: فَلَقِينَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا قَالَ عُمَرُ، فَقَالَ: «نَعَمْ، إِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ جَاءَ مَا حَدَّثْتُكُمْ بِهِ»، قَالَ: فَقُلْنَا: مَا نَرَاكَ إِلَّا قَدْ صَدَقْتَ.

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَتَادَةُ مُدَلِّسٌ وَقَدْ عَنْعَنَ، لَكِنَّهُ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حَمَّادٍ، قَالَ: «قَالَ ابْنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ مِنْ نُسَّاكِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ»[٤]، كَذَلِكَ سَمَّاهُ، وَتَابَعَهُ حُسَيْنُ بْنُ ذَكْوَانَ الْمُعَلِّمُ، قَالَ: «حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيُّ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ الْعَنَزِيَّ حَدَّثَهُ»[٥]، كَذَلِكَ سَمَّاهُ، وَسُلَيْمَانُ هَذَا لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، وَلَكِنْ يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ الْبُخَارِيِّ وَأَبِي حَاتَمٍ أَنَّهُ كَانَ مَعْرُوفًا، فَقَدْ قَالَا: «يُقَالُ: سُلَيْمَانُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَحُجَيْرُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَحُرَيْثُ بْنُ الرَّبِيعِ إِخْوَةٌ»[٦]، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: «هُمْ إِخْوَةٌ أَرْبَعَةٌ: حُجَيْرٌ وَحُرَيْثٌ وَيَعْقُوبُ وَسُلَيْمَانُ بَنُو الرَّبِيعِ»[٧]، وَذَكَرَهُ فِي الثِّقَاتِ[٨]، وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ، بَلْ تَابَعَهُ أَبُو الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ:

الشاهد ٢

رَوَى الطَّبَرِيُّ [ت٣١٠هـ] فِي «تَهْذِيبِ الْآثَارِ»[٩]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَقَتَادَةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ قَتَادَةَ السَّدُوسِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَزُرْعَةُ بْنُ ضَمْرَةَ مَعَ الْأَشْعَرِيِّ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَلَقِينَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، فَجَلَسْتُ عَنْ يَمِينِهِ وَجَلَسَ زُرْعَةُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: «يُوشِكُ أَلَّا يَبْقَى فِي أَرْضِ الْعَجَمِ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا قَتِيلٌ أَوْ أَسِيرٌ يُحْكَمُ فِي دَمِهِ»، فَقَالَ لَهُ زُرْعَةُ بْنُ ضَمْرَةَ: «أَيَظْهَرُ الْمُشْرِكُونَ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ؟!» قَالَ: «مَنْ أَنْتَ؟» قَالَ: «أَنَا مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ»، قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَتَدَافَعَ مَنَاكِبُ نِسَاءِ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَلَى ذِي الْخَلَصَةِ، وَثَنٍ كَانَ يُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ». فَذَكَرْنَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَوْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثَلَاثَ مِرَارٍ: «عَبْدُ اللَّهِ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُ»، قَالَ: فَخَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَقَالَ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ مَنْصُورَةً حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ». قَالَ: فَذَكَرْنَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَوْلَ عُمَرَ، فَقَالَ: «صَدَقَ نَبِيُّ اللَّهِ، إِذَا جَاءَ ذَاكَ كَانَ الَّذِي قُلْتُ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يُحَدِّثُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ «أَمْرِ اللَّهِ» فِي الْحَدِيثِ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ الرَّبِيعِ الْعَدَوِيِّ أَنَّهُ أَيْضًا كَانَ مَعَ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ وَزُرْعَةِ بْنِ ضَمْرَةَ وَالْأَشْعَرِيِّ حِينَ لَقَوْا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، فَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْأَسْوَدِ لِنِسْيَانٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، إِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَشْعَرِيُّ تَصْحِيفًا لِاسْمِهِ، كَمَا قَالَ سُلَيْمَانُ: «خَرَجْتُ مِنَ الْبَصْرَةِ فِي رِجَالٍ نُسَّاكٍ»، وَكَانَ أَبُو الْأَسْوَدِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ.

الشاهد ٣

وَرَوَى الطَّبَرِيُّ [ت٣١٠هـ] فِي «تَهْذِيبِ الْآثَارِ»[١٠]، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو شُرَحْبِيلَ الْحِمْصِيُّ عِيسَى بْنُ خَالِدِ بْنِ أَخِي أَبِي الْيَمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، قَالَ: انْطَلَقْنَا أَنَا وَزُرْعَةُ بْنُ ضَمْرَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ حَاجِّينَ، فَجَلَسْنَا إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يَبْقَى فِي أَرْضِ الْعَجَمِ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا أَسِيرٌ أَوْ قَتِيلٌ يَحْكُمُونَ فِي دَمِهِ، حَتَّى تَلْحَقَ الْعَرَبُ بِمَنَابِتِ الشِّيحِ»، قُلْنَا: أَوَ يَظْهَرُ أَهْلُ الْبَاطِلِ عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ؟! قَالَ: «فَمَنْ أَنْتُمْ؟» فَقُلْنَا: مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، فَقَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَدَافَعَ مَنَاكِبُ نِسَاءِ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ حَوْلَ ذِي الْخَلَصَةِ، وَثَنٍ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ». فَأَتَيْنَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقُلْنَا: حَدَّثَنَا ابْنُكُ عَبْدُ اللَّهِ بِكَذَا، فَقَالَ: «هُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُ»، ثُمَّ نَادَى إِنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: «إِنِّي لَمْ أَدْعُكُمْ لِرَهْبَةٍ وَلَا لِرَغْبَةٍ، إِلَّا حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورَةً عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهَا مَنْ خَذَلَهَا، حَتَّى يَأْتِيهَا أَمْرُ اللَّهِ». قُلْنَا: هَذَا وَاللَّهِ خِلَافُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَأَتَيْنَا ابْنَ عُمَرَ، فَقُلْنَا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافٍ لِمَا ذَكَرْتَ، قَالَ: «صَدَقَ، إِذَا أَتَى أَمْرُ اللَّهِ كَانَ الَّذِي حَدَّثْتُكُمْ»، فَقَالَ زُرْعَةُ: مَا أَرَاكَ إِلَّا صَادِقًا.

ثُمَّ قَالَ الطَّبَرِيُّ[١١]: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ عَامِرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ.

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَعَلَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عَيَّاشٍ خَلَطَ فِي الْحَدِيثِ، فَذَكَرَ «عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ» مَكَانَ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو»، كَمَا ذَكَرَ «عَبْدَ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ» مَكَانَ «الْأَشْعَرِيِّ»؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَخْلِطُ فِي حَدِيثِ غَيْرِ أَهْلِ الشَّامِ، وَلَعَلَّ الْخَلْطَ مِنْ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّ فِي «الْمُنْتَخَبِ مِنْ عِلَلِ الْخَلَّالِ»: «أَخْبَرَنِي عِصْمَةُ، حَدَّثَنَا حَنْبَلٌ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ وَنَافِعِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَزُرْعَةُ بْنُ ضَمْرَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ حَاجِّينَ، فَجَلَسْنَا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو»[١٢]، وَقَدْ يُظَنُّ أَنَّ قَتَادَةَ اضْطَرَبَ فِي الْإِسْنَادِ، فَرَوَى مَرَّةً عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، وَمَرَّةً عَنِ ابْنِهِ، وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّهُ تَصْحِيفٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ قَالَ: «حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ»، وَلَمْ يَقُلْ: «حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ»، وَلَمْ يُعْرَفْ لِأَبِي الْأَسْوَدِ ابْنٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُرَيْدَةَ، كَمَا رَوَى الْحَدِيثَ عَنْهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الرَّبِيعِ، وَقَدْ تَفَطَّنَ لِذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِذْ قَالَ: «إِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، كَذَا رَوَاهُ قَتَادَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، أَخْطَأَ فِيهِ إِسْمَاعِيلُ»[١٣]، وَظَنِّي أَنَّ قَتَادَةَ دَلَّسَهُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ مَشْهُورًا بِالتَّدْلِيسِ، فَأَظُنُّ أَنَّهُ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، فَأَسْقَطَ اسْمَهُ فِي مَجْلِسٍ وَأَبْهَمَهُ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ، وَعَلَى هَذَا فَالْحَدِيثُ رَوَاهُ قَتَادَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الرَّبِيعِ وَأَبِي الْأَسْوَدِ جَمِيعًا.

↑[١] . مسند أبي داود الطيالسي، ج١، ص٤٢
↑[٢] . راجع: الدرس ٥٨، الملاحظة الثالثة.
↑[٣] . البعث والنشور للبيهقي، ص٨١
↑[٤] . الفتن لابن حماد، ج٢، ص٦٧٧
↑[٥] . المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج٤، ص٥٧٧
↑[٦] . التاريخ الكبير للبخاري، ج٤، ص١٢؛ الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، ج٤، ص١١٧
↑[٧] . الثقات لابن حبان، ج٤، ص١٨٧
↑[٨] . الثقات لابن حبان، ج٤، ص٣٠٩
↑[٩] . تهذيب الآثار للطبري (مسند عمر)، ج٢، ص٨١٤
↑[١٠] . تهذيب الآثار للطبري (مسند عمر)، ج٢، ص٨١٧
↑[١١] . تهذيب الآثار للطبري (مسند عمر)، ج٢، ص٨١٨
↑[١٢] . المنتخب من علل الخلال لابن قدامة، ج١، ص٢٩٤
↑[١٣] . المنتخب من علل الخلال لابن قدامة، ج١، ص٢٩٤
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساهم في نشر العلم؛ فإنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
يمكنك أيضًا قراءة هذا باللغات التالية:
إذا كنت تجيد لغة أخرى، قم بترجمة هذا إليها، وأرسل لنا ترجمتك لنشرها على الموقع. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة دروس السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ
الكتاب: تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الثالثة
تاريخ النشر: غرة رجب ١٤٤٥ هـ
مكان النشر: طالقان؛ أفغانستان