الأحد ٢٨ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ الموافق لـ ٢١ سبتمبر/ ايلول ٢٠٢٥ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. جديد الأسئلة والأجوبة: ما هو رأيكم في الخبر الذي رواه الطوسيّ في كتاب «الغيبة» (ص٤٤٧) بإسناده عن الإمام جعفر الصادق أنّه قال: «من يضمن لي موت عبد اللّه أضمن له القائم»، يعني المهديّ، ثم قال: «إذا مات عبد اللّه لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء اللّه». هل هذا الخبر صحيح أم غير صحيح؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «عن حال العراق اليوم» بقلم «منتظر». اضغط هنا لقراءتها. جديد الشبهات والردود: لا شكّ أنّ رايتكم راية الحقّ؛ لأنّها تدعو إلى المهديّ بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولكن قد تأخّر ظهورها إلى زمان سوء. فلما لم تظهر قبل ذلك، ولما تأخّرت حتّى الآن؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢. اضغط هنا لقراءته. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الأقوال: ثلاثة أقوال من جنابه في حكم التأمين. اضغط هنا لقراءتها. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
درس
 
دروس من جنابه في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.
ما صحّ عن النّبيّ في ذلك

الحديث ١٨

«يَكُونُ بَعْدَ النَّبِيِّ خَلِيفَتَانِ»

رَوَى أَبُو يَعْلَى [ت٣٠٧هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ زَنْجَوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:

«سَيَكُونُ بَعْدِي خُلَفَاءُ يَعْمَلُونَ بِمَا يَعْلَمُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ، وَسَيَكُونُ بَعْدِي خُلَفَاءُ يَعْمَلُونَ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ وَيَفْعَلُونَ بِمَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ بَرِئَ، وَمَنْ أَمْسَكَ يَدَهُ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ أَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ النَّبِيِّ خَلِيفَتَانِ: خَلِيفَةٌ يَعْمَلُ بِعِلْمٍ وَيَفْعَلُ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ، فَهُوَ خَلِيفَةُ اللَّهِ؛ كَمَا قَالَ: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ[٢]، وَخَلِيفَةٌ يَعْمَلُ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَفْعَلُ بِغَيْرِ أَمْرٍ مِنَ اللَّهِ، فَهُوَ خَلِيفَةُ النَّارِ؛ كَمَا قَالَ: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ[٣]؛ فَيَتَمَايَزُ الْخَلِيفَتَانِ فِي الْعِلْمِ وَالْأَمْرِ، هَذَا يَعْلَمُ الدِّينَ وَيُقِيمُهُ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَهَذَا لَا يَعْلَمُ الدِّينَ وَلَا يُقِيمُهُ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا يَظُنُّ وَيَتَكَلَّفُ؛ فَمَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ بِلِسَانِهِ بَرِئَ، وَمَنْ أَمْسَكَ يَدَهُ عَنْ إِعَانَتِهِ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ بِهِ وَتَابَعَهُ كَانَ مِنَ الْهَالِكِينَ.

الشاهد ١

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[٤]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ؛ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ [ت‌نحو٣٢٩هـ] فِي «تَفْسِيرِهِ»[٥]، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى؛ جَمِيعًا عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «الْأَئِمَّةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِمَامَانِ: إِمَامُ عَدْلٍ وَإِمَامُ جَوْرٍ، قَالَ اللَّهُ: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا، لَا بِأَمْرِ النَّاسِ، يُقَدِّمُونَ أَمْرَ اللَّهِ قَبْلَ أَمْرِهِمْ وَحُكْمَ اللَّهِ قَبْلَ حُكْمِهِمْ، قَالَ: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ، يُقَدِّمُونَ أَمْرَهُمْ قَبْلَ أَمْرِ اللَّهِ وَحُكْمَهُمْ قَبْلَ حُكْمِ اللَّهِ، وَيَأْخُذُونَ بِأَهْوَائِهِمْ خِلَافًا لِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ فَرَّقَ بَيْنَ الْإِمَامَيْنِ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَهْدِي بِأَمْرِهِ، وَالْآخَرَ يَهْدِي بِغَيْرِ أَمْرِهِ؛ فَكُلُّ إِمَامٍ يَهْدِي بِأَمْرِ اللَّهِ فَهُوَ إِمَامُ عَدْلٍ يَجِبُ طَاعَتُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَإِنْ كَرِهَهُ النَّاسُ، وَكُلُّ إِمَامٍ يَهْدِي بِغَيْرِ أَمْرِ اللَّهِ فَهُوَ إِمَامُ جَوْرٍ يَحْرُمُ طَاعَتُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَإِنْ رَضِيَهُ النَّاسُ، وَإِنَّمَا يَهْدِي بِأَمْرِ اللَّهِ مَنْ أَمَرَهُ اللَّهُ بِأَنْ يَهْدِيَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ إِلَّا وَقَدْ رَآهُ لِذَلِكَ أَهْلًا؛ كَمَا قَالَ: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ[٦]، وَأَمَّا مَنْ تَكَلَّفَ ذَلِكَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ إِمَامُ جَوْرٍ وَإِنْ أَرَادَ عَدْلًا؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ، وَمَنَعَ أَهْلَهُ مِنَ الدُّخُولِ فِيهِ، وَكَفَى بِذَلِكَ جَوْرًا، وَلِذَلِكَ رَأَى أَهْلُ الْبَيْتِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ إِمَامًا جَائِرًا وَإِنْ كَانَ مَرْضِيًّا فِي سِيرَتِهِ؛ كَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ التَّمِيمِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمَسْجِدِ، فَمَرَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ شِرَاكُهُمَا فِضَّةٌ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، وَهُوَ شَابٌّ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَطَاءٍ، تَرَى هَذَا الْمُتْرَفَ؟ إِنَّهُ لَا يَمُوتُ حَتَّى يَلِيَ النَّاسَ»، قُلْتُ: هَذَا الْفَاسِقُ؟! قَالَ: «نَعَمْ، وَلَا يَلْبَثُ فِيهِمْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى يَمُوتَ، فَإِذَا مَاتَ لَعَنَهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ أَهْلُ الْأَرْضِ»[٧]، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِدَايَةِ النَّاسِ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، فَجَارَ فِي أَسَاسِ عَمَلِهِ، وَلَا يُقْبَلُ عَمَلٌ أَسَاسُهُ جَوْرٌ؛ كَمَنْ تَصَدَّقَ بِمَالٍ اغْتَصَبَهُ، وَ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ[٨].

الشاهد ٢

وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَزَّازُ [ت‌بعد٤٠٠هـ] فِي «كِفَايَةِ الْأَثَرِ»[٩]، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ الْأَنْبَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ السَّهْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُتْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ؛ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ [ت٤٦٠هـ] فِي «أَمَالِيهِ»[١٠]، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْأَشْعَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ حَبِيبٍ السِّجِسْتَانِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ؛ جَمِيعًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «لَأُعَذِّبَنَّ كُلَّ رَعِيَّةٍ دَانَتْ بِوِلَايَةِ إِمَامٍ جَائِرٍ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَتِ الرَّعِيَّةُ فِي أَعْمَالِهَا بَرَّةً تَقِيَّةً، وَلَأَعْفُوَنَّ عَنْ كُلِّ رَعِيَّةٍ دَانَتْ بِوِلَايَةِ إِمَامٍ عَادِلٍ مِنَ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَتِ الرَّعِيَّةُ فِي أَعْمَالِهَا ظَالِمَةً مُسِيئَةً».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا [ت٢٨١هـ]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ السَّمْتِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْكَلْبِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ تَهْلِكَ الرَّعِيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ ظَالِمَةً مُسِيئَةً إِذَا كَانَتِ الْوُلَاةُ هَادِيَةً مَهْدِيَّةً، وَلَكِنْ تَهْلِكُ الرَّعِيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ هَادِيَةً مَهْدِيَّةً إِذَا كَانَتِ الْوُلَاةُ ظَالِمَةً مُسِيئَةً»[١١]، وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّعِيَّةَ إِذَا انْقَادَتْ لِوِلَايَةِ إِمَامٍ جَائِرٍ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ فَقَدِ اتَّخَذَتْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا، فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهَا.

الشاهد ٣

كَمَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١٢]، قَالَ: حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَبْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ-: «لَا دِينَ لِمَنْ دَانَ بِوَلَايَةِ إِمَامٍ جَائِرٍ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ، وَلَا عَتْبَ عَلَى مَنْ دَانَ بِوَلَايَةِ إِمَامٍ عَادِلٍ مِنَ اللَّهِ»، قُلْتُ: لَا دِينَ لِأُولَئِكَ، وَلَا عَتْبَ عَلَى هَؤُلَاءِ؟! قَالَ: «نَعَمْ، لَا دِينَ لِأُولَئِكَ، وَلَا عَتْبَ عَلَى هَؤُلَاءِ»، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا تَسْمَعُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ[١٣]، يَعْنِي مِنْ ظُلُمَاتِ الذُّنُوبِ إِلَى نُورِ التَّوْبَةِ وَالْمَغْفِرَةِ لِوَلَايَتِهِمْ كُلَّ إِمَامٍ عَادِلٍ مِنَ اللَّهِ، وَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ[١٤]، إِنَّمَا عَنَى بِهَذَا أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى نُورِ الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا أَنْ تَوَلَّوْا كُلَّ إِمَامٍ جَائِرٍ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ خَرَجُوا بِوَلَايَتِهِمْ إِيَّاهُ مِنْ نُورِ الْإِسْلَامِ إِلَى ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ، فَأَوْجَبَ اللَّهُ لَهُمُ النَّارَ مَعَ الْكُفَّارِ، فَـ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[١٥]».

الشاهد ٤

وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١٦]، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ -يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ[١٧]، قَالَ: «هُمْ وَاللَّهِ أَوْلِيَاءُ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، اتَّخَذُوهُمْ أَئِمَّةً دُونَ الْإِمَامِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لِلنَّاسِ إِمَامًا، فَلِذَلِكَ قَالَ: ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ۝ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ ۝ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ۗ كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ۖ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ[١٨]»، ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «هُمْ وَاللَّهِ -يَا جَابِرُ- أَئِمَّةُ الظُّلْمِ وَأَشْيَاعُهُمْ».

الشاهد ٥

وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١٩]، قَالَ: حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَأَلْتُهُ -يَعْنِي مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ۗ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ[٢٠]، فَقَالَ: «هَلْ رَأَيْتَ أَحَدًا زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَحَارِمِ؟» فَقُلْتُ: لَا، قَالَ: «فَمَا هَذِهِ الْفَاحِشَةُ الَّتِي يَدَّعُونَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُمْ بِهَا؟» قُلْتُ: اللَّهُ أَعْلَمُ وَوَلِيُّهُ، قَالَ: «إِنَّ هَذَا فِي أَئِمَّةِ الْجَوْرِ، ادَّعَوْا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُمْ بِالْإِئْتِمَامِ بِقَوْمٍ لَمْ يَأْمُرْهُمُ اللَّهُ بِالْإِئْتِمَامِ بِهِمْ، فَرَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ قَدْ قَالُوا عَلَيْهِ الْكَذِبَ، وَسَمَّى ذَلِكَ مِنْهُمْ فَاحِشَةً».

الشاهد ٦

وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ بَابَوَيْهِ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْإِمَامَةِ وَالتَّبْصِرَةِ»[٢١]، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «مَنْ أَشْرَكَ مَعَ إِمَامٍ إِمَامَتُهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مَنْ لَيْسَتْ إِمَامَتُهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَانَ مُشْرِكًا بِاللَّهِ».

↑[١] . مسند أبي يعلى، ج١٠، ص٣٠٨
↑[٢] . الأنبياء/ ٧٣
↑[٣] . القصص/ ٤١
↑[٤] . بصائر الدرجات للصفار، ص٥٢
↑[٥] . تفسير عليّ بن إبراهيم القميّ، ج٢، ص١٧٠
↑[٦] . الأنعام/ ١٢٤
↑[٧] . بصائر الدرجات للصفار، ص١٩٠
↑[٨] . المائدة/ ٢٧
↑[٩] . كفاية الأثر للخزاز، ص١٥٦
↑[١٠] . الأمالي للطوسي، ص٦٣٤
↑[١١] . العقوبات لابن أبي الدنيا، ص٥١
↑[١٢] . الكافي للكليني، ج١، ص٣٧٥
↑[١٣] . البقرة/ ٢٥٧
↑[١٤] . البقرة/ ٢٥٧
↑[١٥] . البقرة/ ٢٥٧
↑[١٦] . الكافي للكليني، ج١، ص٣٧٤
↑[١٧] . البقرة/ ١٦٥
↑[١٨] . البقرة/ ١٦٥-١٦٧
↑[١٩] . الكافي للكليني، ج١، ص٣٧٣
↑[٢٠] . الأعراف/ ٢٨
↑[٢١] . الإمامة والتبصرة لعلي بن بابويه، ص٩١
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساهم في نشر العلم؛ فإنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
إذا كنت تجيد لغة أخرى، قم بترجمة هذا إليها، وأرسل لنا ترجمتك لنشرها على الموقع. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة دروس السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ
الكتاب: تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الثالثة
تاريخ النشر: غرة رجب ١٤٤٥ هـ
مكان النشر: طالقان؛ أفغانستان