الأحد ٢٨ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ الموافق لـ ٢١ سبتمبر/ ايلول ٢٠٢٥ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. جديد الأسئلة والأجوبة: ما هو رأيكم في الخبر الذي رواه الطوسيّ في كتاب «الغيبة» (ص٤٤٧) بإسناده عن الإمام جعفر الصادق أنّه قال: «من يضمن لي موت عبد اللّه أضمن له القائم»، يعني المهديّ، ثم قال: «إذا مات عبد اللّه لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء اللّه». هل هذا الخبر صحيح أم غير صحيح؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «عن حال العراق اليوم» بقلم «منتظر». اضغط هنا لقراءتها. جديد الشبهات والردود: لا شكّ أنّ رايتكم راية الحقّ؛ لأنّها تدعو إلى المهديّ بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولكن قد تأخّر ظهورها إلى زمان سوء. فلما لم تظهر قبل ذلك، ولما تأخّرت حتّى الآن؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢. اضغط هنا لقراءته. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الأقوال: ثلاثة أقوال من جنابه في حكم التأمين. اضغط هنا لقراءتها. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
درس
 
دروس من جنابه في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.
ما صحّ عن النّبيّ في ذلك

الحديث ١٧

إنّ اللّه يبعث الخليفة ويعصمه من أن يضلّ.

رَوَى الْبُخَارِيُّ [ت٢٥٦هـ] فِي «صَحِيحِهِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْبَغُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:

«مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ، وَلَا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ، -وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا وَلَا خَلِيفَةً[٢]- إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، فَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ تَعَالَى».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ يَرْوِيهِ أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ النَّبِيَّ وَيَبْعَثُ الْخَلِيفَةَ وَيَعْصِمُهُمَا مِنْ أَنْ يَضِلَّا، فَهُمَا مَعْصُومَانِ مَبْعُوثَانِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، أَحَدُهُمَا لِتَبْلِيغِ أَحْكَامِهِ وَالْآخَرُ لِتَطْبِيقِهَا، وَإِنِّي لَأَتَعَجَّبُ مِنْ قَوْمٍ يَرْوُونَ مِثْلَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَلَا يَتَدَبَّرُونَهَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لُطْفًا مِنَ اللَّهِ؛ فَإِنَّهُمْ لَوْ فَقِهُوهَا لَمْ يَرْوُوهَا، فَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ حِفْظًا لِلسُّنَنِ، وَقَدْ صَدَقَ رَسُولُهُ إِذْ قَالَ: «رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ وَلَا فِقْهَ لَهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ»[٣]!

الشاهد ١

وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ [ت٢١٣هـ] فِي «سِيرَتِهِ»[٤]، قَالَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَتَى بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ بَيْحَرَةُ بْنُ فِرَاسٍ: وَاللَّهِ لَوْ أَنِّي أَخَذْتُ هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ، لَأَكَلْتُ بِهِ الْعَرَبَ! ثُمَّ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ نَحْنُ تَابَعْنَاكَ عَلَى أَمْرِكَ، ثُمَّ أَظْهَرَكَ اللَّهُ عَلَى مَنْ خَالَفَكَ، أَيَكُونُ لَنَا الْأَمْرُ مِنْ بَعْدِكَ؟ قَالَ: «الْأَمْرُ إِلَى اللَّهِ يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ»، فَقَالَ لَهُ: أَفَتُهْدَفُ نُحُورُنَا لِلْعَرَبِ دُونَكَ، فَإِذَا أَظْهَرَكَ اللَّهُ كَانَ الْأَمْرُ لِغَيْرِنَا؟! لَا حَاجَةَ لَنَا بِأَمْرِكَ! فَأَبَوْا عَلَيْهِ.

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: انْظُرُوا إِلَى قَوْلِهِ: «الْأَمْرُ إِلَى اللَّهِ يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ»، أَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَرِيحٍ فِي أَنَّ الْخِلَافَةَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ دُونِهِ أَنْ يَجْعَلَ خَلِيفَةً؟ بَلَى، وَلَكِنَّ الْقَوْمَ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا، وَقَوْلُ اللَّهِ أَكْبَرُ صَرَاحَةً إِذْ قَالَ: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ[٥]، وَقَالَ: ﴿وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ[٦]، وَقَالَ: ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا[٧]، وَقَالَ: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ[٨]، وَلَكِنْ جَعَلَ عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ، إِذْ نَبَذُوا كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْلِهِ، لَيَقُولُونَ أَنَّ الْمُلْكَ بِيَدِ اللَّهِ، وَلَيْسَ لِلنَّاسِ فِيهِ اخْتِيَارٌ، ثُمَّ يُصَحِّحُونَ الْخِلَافَةَ بِاخْتِيَارٍ مِنَ النَّاسِ! كَمَثَلِ الَّذِينَ ﴿قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا[٩]، أَوْ ﴿قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ[١٠]! هَذَا ابْنُ جَرِيرٍ [ت٣١٠هـ] يَقُولُ فِي تَفْسِيرِهِ: «يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ الْمُلْكَ لِلَّهِ وَبِيَدِهِ، دُونَ غَيْرِهِ، يُؤْتِي ذَلِكَ مَنْ يَشَاءُ، فَيَضَعُهُ عِنْدَهُ، وَيَخُصُّهُ بِهِ، وَيَمْنَحُهُ مَنْ أَحَبَّ مِنْ خَلْقِهِ، فَلَا تَتَخَيَّرُوا عَلَى اللَّهِ»[١١]، وَيَرْوِي عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ [ت١١٠هـ] أَنَّهُ قَالَ: «الْمُلْكُ بِيَدِ اللَّهِ، يَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ، لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَخْتَارُوا فِيهِ»[١٢]، وَيُرْوَى مِثْلُهُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ [ت١١٠هـ][١٣]، وَغَيْرِهِ[١٤]، وَهُمْ مِنَ الَّذِينَ يُصَحِّحُونَ الْخِلَافَةَ بِاخْتِيَارِ وَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ[١٥]، فَيُنَاقِضُونَ أَنْفُسَهُمْ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، وَإِذَا شَعَرَ بِذَلِكَ أَحَدُهُمْ إِذَا لَهُ مَكْرٌ فِي آيَاتِ اللَّهِ؛ كَالَّذِي قَالَ مُتَأَوِّلًا: «الْمُلْكُ النُّبُوَّةُ»[١٦]، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ الْمُلْكَ غَيْرُ النُّبُوَّةِ، لِقَوْلِ اللَّهِ: ﴿قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا[١٧]، وَقَوْلِهِ: ﴿جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا[١٨]، وَلَكِنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُنَاقِضَ نَفْسَهُ، فَلَجَأَ إِلَى التَّأْوِيلِ لِيُخَادِعَهَا، وَمَا كَانَتْ مُخَادَعَتُهَا بِخَيْرٍ مِنْ مُنَاقَضَتِهَا، لَوْ كَانَ يَعْلَمُ!

الشاهد ٢

وَرَوَى مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ [ت١٥٣هـ] فِي «الْجَامِعِ»[١٩]، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: جَاءَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أُسْلِمُ يَا مُحَمَّدُ وَأَكُونُ الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِكَ؟ قَالَ: «لَا»، قَالَ: فَيَكُونُ لِيَ الْوَبَرُ وَلَكَ الْمَدَرُ؟ قَالَ: «لَا»، قَالَ: فَمَا تُعْطِينِي؟ قَالَ: «أُعْطِيكَ أَعِنَّةَ الْخَيْلِ تُقَاتِلُ عَلَيْهَا، فَإِنَّكَ امْرُؤٌ فَارِسٌ»، قَالَ: أَوَلَيْسَتْ أَعِنَّةُ الْخَيْلِ بِيَدِي؟! وَاللَّهِ لَأَمْلَأَنَّ عَلَيْكَ بَنِي عَامِرٍ خَيْلًا وَرِجَالًا! ثُمَّ وَلَّى، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ أَهْلِكْ عَامِرًا»، فَقَالَ لَهُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ حِينَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَكُونُ الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِكَ: زَحْزِحْ قَدَمَيْكَ لَا أُنْفِذَ الرُّمْحَ حُضْنَيْكَ، فَوَاللَّهِ لَوْ سَأَلْتَنَا سَيَابَةً مَا أُعْطِيتَهَا، يَعْنِي بِالسَّيَابَةِ بُسْرَةً خَضْرَاءَ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا.

الشاهد ٣

وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ [ت٤٣٠هـ] فِي «دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ»[٢٠]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِنْجَابٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ يُقَالُ لَهُ يُوسُفُ، عَنْ أَشْيَاخِ قَوْمِهِ، أَنَّهُمْ حَدَّثُوهُ قَالُوا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي مَنَامِهِ أَنَّهُ يَنْصُرُهُ أَهْلُ مَدَرٍ وَنَخْلٍ، فَأَتَى كِنْدَةَ، فَقَالَ: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ فِي مَنَامِي أَنَّهُ يَنْصُرُنِي أَهْلُ مَدَرٍ وَنَخْلٍ، فَأَنْتُمْ أَهْلُ مَدَرٍ وَنَخْلٍ، فَهَلْ لَكُمْ فِي ذَلِكَ؟» قَالُوا: نَعَمْ، إِنْ جَعَلْتَ لَنَا الْوِلَايَةَ بَعْدَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَسْتُ فَاعِلَهُ»، وَأَدْبَرُوا عَنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «وُجُوهُ مُلُوكٍ، وَأَعْقَابُ غَدَرَةٍ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ أَنْ يَتَّخِذَ خَلِيفَةً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، فَكَيْفَ يَكُونُ لِغَيْرِهِ؟! ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[٢١]، وَمَا كَانَ النَّبِيُّ يُوَلِّي أَحَدًا طَلَبَ وِلَايَةً.

الشاهد ٤

كَمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ [ت٢٥٦هـ] فِي «صَحِيحِهِ»[٢٢]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ؛ وَرَوَى مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ [ت٢٦١هـ] فِي «صَحِيحِهِ»[٢٣]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَرَجُلَانِ مِنْ بَنِي عَمِّي، فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمِّرْنَا عَلَى بَعْضِ مَا وَلَّاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَ الْآخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا وَاللَّهِ لَا نُوَلِّي عَلَى هَذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سَأَلَهُ، وَلَا أَحَدًا حَرَصَ عَلَيْهِ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا مِنْ أَصَحِّ الْأَحَادِيثِ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ خِلَافَةِ مَنْ تَغَلَّبَ أَوْ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ مِمَّنْ لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِبَيْعَتِهِ؛ لِأَنَّهُ سَأَلَهَا وَحَرَصَ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ خِلَافَةِ مَنْ حَضَرَ السَّقِيفَةَ مِنَ الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّهُمْ حَضَرُوهَا طَالِبِينَ لِلْإِمَارَةِ، وَلَوْ كَانَ النَّبِيُّ حَيًّا لَمَنَعَهُمْ مِنْهَا جَمِيعًا، لِقَوْلِهِ: «إِنَّا وَاللَّهِ لَا نُوَلِّي عَلَى هَذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سَأَلَهُ، وَلَا أَحَدًا حَرَصَ عَلَيْهِ»، وَهَذَا بَعْضُ مَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ لِتُحَاجُّوهُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّهِمْ، فَخُذُوهُ، وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْغَافِلِينَ.

↑[١] . صحيح البخاري، ج٩، ص٧٧
↑[٢] . الأدب المفرد للبخاري، ص٩٩؛ مسند أبي أمية الطرسوسي، ص٦٣؛ سنن الترمذي، ج٤، ص٥٨٥؛ السنن الكبرى للنسائي، ج٦، ص٢١٢؛ مكارم الأخلاق للخرائطي، ص١٦٥؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج٤، ص١٤٥؛ شعب الإيمان للبيهقي، ج٤، ص١٤٥
↑[٣] . مسند أبي داود الطيالسي، ج١، ص٥٠٥؛ مسند الشافعي، ص٢٤٠؛ مسند أحمد، ج٢٧، ص٣٠١ و٣١٨، ج٣٥، ص٤٦٧؛ مسند الدارمي، ج١، ص٣٠١ و٣٠٢؛ سنن ابن ماجه، ج١، ص٨٤، ٨٥ و٨٦، ج٢، ص١٠١٥؛ سنن أبي داود، ج٣، ص٣٢٢؛ سنن الترمذي، ج٥، ص٣٤؛ السنن الكبرى للنسائي، ج٥، ص٣٦٣؛ مسند أبي يعلى، ج١٣، ص٤٠٨؛ صحيح ابن حبان، ج١، ص٥٥١؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج١، ص١٦٢، ١٦٣ و١٦٤
↑[٤] . سيرة ابن هشام، ج١، ص٤٢٤
↑[٥] . آل عمران/ ٢٦
↑[٦] . البقرة/ ٢٤٧
↑[٧] . النّساء/ ٥٣
↑[٨] . القصص/ ٦٨
↑[٩] . البقرة/ ٩٣
↑[١٠] . الأنفال/ ٢١
↑[١١] . تفسير الطبري، ج٤، ص٤٥٦
↑[١٢] . تفسير الطبري، ج٤، ص٤٥٦
↑[١٣] . انظر: تاريخ دمشق لابن عساكر، ج٢٤، ص٤٣٩.
↑[١٤] . انظر: تفسير الطبري، ج٥، ص٣٠٤.
↑[١٥] . أراد بواحد من الناس الحاكم السابق، وأراد بغير واحد منهم أهل الحلّ والعقد.
↑[١٦] . انظر: جزء فيه تفسير القرآن برواية أبي جعفر الترمذي، ص٧٣؛ تفسير الطبري، ج٥، ص٣٠٤؛ تفسير ابن المنذر، ج١، ص١٥٩؛ تفسير ابن أبي حاتم، ج٢، ص٦٢٤.
↑[١٧] . البقرة/ ٢٤٦
↑[١٨] . المائدة/ ٢٠
↑[١٩] . الجامع لمعمر بن راشد، ج١١، ص٥١
↑[٢٠] . دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني، ص٢٩١
↑[٢١] . القصص/ ٦٨
↑[٢٢] . صحيح البخاري، ج٩، ص٦٤
↑[٢٣] . صحيح مسلم، ج٦، ص٦
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساهم في نشر العلم؛ فإنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
يمكنك أيضًا قراءة هذا باللغات التالية:
إذا كنت تجيد لغة أخرى، قم بترجمة هذا إليها، وأرسل لنا ترجمتك لنشرها على الموقع. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة دروس السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ
الكتاب: تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الثالثة
تاريخ النشر: غرة رجب ١٤٤٥ هـ
مكان النشر: طالقان؛ أفغانستان