السبت ١٩ ربيع الآخر ١٤٤٧ هـ الموافق لـ ١١ أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠٢٥ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. جديد الأسئلة والأجوبة: ما هو رأيكم في الخبر الذي رواه الطوسيّ في كتاب «الغيبة» (ص٤٤٧) بإسناده عن الإمام جعفر الصادق أنّه قال: «من يضمن لي موت عبد اللّه أضمن له القائم»، يعني المهديّ، ثم قال: «إذا مات عبد اللّه لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء اللّه». هل هذا الخبر صحيح أم غير صحيح؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «عن حال العراق اليوم» بقلم «منتظر». اضغط هنا لقراءتها. جديد الشبهات والردود: لا شكّ أنّ رايتكم راية الحقّ؛ لأنّها تدعو إلى المهديّ بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولكن قد تأخّر ظهورها إلى زمان سوء. فلما لم تظهر قبل ذلك، ولما تأخّرت حتّى الآن؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢. اضغط هنا لقراءته. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الأقوال: ثلاثة أقوال من جنابه في حكم التأمين. اضغط هنا لقراءتها. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
درس
 
دروس من جنابه في سؤال العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره، وطلب العلم عنده بالدّين
ما صحّ عن أهل البيت في ذلك

الحديث ١٢

وجوب ردّ ما اختُلف فيه إلى الإمام، وذلك أصل من أصول الإيمان.

رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١]، قَالَ: حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ سَدِيرٍ، قَالَ:

قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ -يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنِّي تَرَكْتُ مَوَالِيَكَ مُخْتَلِفِينَ يَتَبَرَّأُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَقَالَ: «وَمَا أَنْتَ وَذَاكَ؟! إِنَّمَا كُلِّفَ النَّاسُ ثَلَاثَةً: مَعْرِفَةَ الْأَئِمَّةِ، وَالتَّسْلِيمَ لَهُمْ فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِمْ، وَالرَّدَّ إِلَيْهِمْ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ؛ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ[٢]، وَقَالَ: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[٣]، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ؛ لِأَنَّهُ ثِقَةٌ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَنَّهُ أَثْنَى عَلَيْهِ[٤]، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ وَصَلَاحِهِ، وَأَرَى أَنَّهُ مِمَّنْ حَمَلَ الْغُلَاةُ فِي حَدِيثِهِ وَزَادُوا عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ اتَّهَمَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ، وَحَالُهُ فِي ذَلِكَ كَحَالِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِيِّ، وَكَانَا قَرِينَيْنِ. ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ؛ فَقَدْ قَالَ حَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحِلِّيُّ [ت‌القرن٩هـ] فِيمَا ذَكَرَ مِنْ «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ» لِسَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيِّ [ت٣٠١هـ]، أَنَّهُ رَوَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ سَدِيرٍ مِثْلَهُ[٥]، وَسَدِيرٌ أَيْضًا مُعْتَمَدٌ عِنْدَ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ ابْنُ حَكِيمِ بْنِ صُهَيْبٍ الصَّيْرَفِيُّ، وَقَدْ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ [ت٢٣٣هـ][٦]، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ [ت٢٤١هـ]: «مَا أَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا»[٧]، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ [ت٢٧٧هـ]: «صَالِحُ الْحَدِيثِ»[٨]، وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيُّ [ت٣٨٢هـ]: «مِنْ رُؤَسَاءِ الشِّيعَةِ بِالْكُوفَةِ»[٩]، وَكَذَّبَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ [ت١٩٨هـ][١٠]، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى عُمَرَ وَهُوَ مُسَجًّى، فَقَالَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمَا فِي صَحِيفَتِهِ مِنْ هَذَا الْمُسَجَّى عَلَيْهِ»، وَكَانَ عِنْدَهُ سَدِيرٌ، فَأَنْكَرَ حَدِيثَهُ عَنْ جَعْفَرٍ، وَقَالَ: «وَاللَّهِ لَمَا فِي صَحِيفَتِهِ خَيْرٌ مِمَّا فِي صَحِيفَةِ عُمَرَ»، يَعْنِي جَعْفَرًا، فَغَضِبَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مِنْ قَوْلِهِ، حَتَّى أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ أَنْفَهُ، فَمَنَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ[١١]، وَلِذَلِكَ أَسَاءَ فِيهِ الْقَوْلَ، وَلَمْ يَقِفْ مِنْهُ عَلَى كَذِبٍ فِي الْحَدِيثِ؛ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَدِيٍّ [ت٣٦٥هـ]، إِذْ قَالَ: «قَدْ ذُكِرَ عَنْهُ إِفْرَاطٌ فِي التَّشَيُّعِ، وَأَمَّا فِي الْحَدِيثِ فَإِنِّي أَرْجُو أَنَّ مِقْدَارَ مَا يَرْوِيهِ لَا بَأْسَ بِهِ»[١٢]، وَلِحَدِيثِهِ هَذَا شَوَاهِدُ:

الشاهد ١

رَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١٣]، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ أَحَدِهِمَا -يَعْنِي جَعْفَرًا وَأَبَاهُ- عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَعْرِفَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْأَئِمَّةَ كُلَّهُمْ وَإِمَامَ زَمَانِهِ، وَيَرُدَّ إِلَيْهِ، وَيُسَلِّمَ لَهُ».

الشاهد ٢

وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١٤]، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ، عَنْ حَسَّانَ الْجَمَّالِ، عَنْ عَمِيرَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرًا- عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «أُمِرَ النَّاسُ بِمَعْرِفَتِنَا، وَالرَّدِّ إِلَيْنَا، وَالتَّسْلِيمِ لَنَا، وَإِنْ صَامُوا وَصَلَّوْا وَشَهِدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَجَعَلُوا فِي أَنْفُسِهِمْ أَنْ لَا يَرُدُّوا إِلَيْنَا، كَانُوا بِذَلِكَ مُشْرِكِينَ».

الشاهد ٣

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ [ت٢٩٠هـ] فِي «بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ»[١٥]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، عَنْ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: قَالَ لِي: «أَتَدْرِي بِمَا أُمِرُوا؟ أُمِرُوا بِمَعْرِفَتِنَا، وَالرَّدِّ إِلَيْنَا، وَالتَّسْلِيمِ لَنَا».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ إِمَامٍ حَيٍّ ظَاهِرٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِيمَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، وَلَوْلَاهُ لَمْ تَجْتَمِعْ كَلِمَتُهُمْ، وَإِنِ اجْتَهَدُوا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَحْتَمِلَانِ وُجُوهًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ؛ فَإِنَّهُمْ يَجْتَهِدُونَ فِيهِمَا، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ ذَلِكَ مِنَ الْإِخْتِلَافِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ، وَقَدْ نَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْ هَذَا، فَقَالَ: ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ[١٦]، وَقَالَ: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ[١٧]، وَهُوَ أَعْدَلُ وَأَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَهُمْ مُسْتَطِيعِينَ لِتَرْكِهِ بِإِمَامٍ حَيٍّ ظَاهِرٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِيمَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، وَهَذَا يَعْنِي أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ لَهُمْ إِيَّاهُ، فَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَعْرِفُوهُ وَيَرُدُّوا إِلَيْهِ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ، وَبِمِثْلِ قَوْلِي هَذَا قَالَ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ:

الشاهد ٤

رَوَى الْكُلَيْنِيُّ [ت٣٢٩هـ] فِي «الْكَافِي»[١٨]، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ -وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ رِجَالِهِ-، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَوَرَدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ صَاحِبُ كَلَامٍ وَفِقْهٍ وَفَرَائِضَ، وَقَدْ جِئْتُ لِمُنَاظَرَةِ أَصْحَابِكَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ كَلَامٍ: «كَلِّمْ هَذَا الْغُلَامَ»، يَعْنِي هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ لِهِشَامٍ: يَا غُلَامُ، سَلْنِي فِي إِمَامَةِ هَذَا! فَغَضِبَ هِشَامٌ حَتَّى ارْتَعَدَ، ثُمَّ قَالَ لِلشَّامِيِّ: يَا هَذَا، أَرَبُّكَ أَنْظَرُ لِخَلْقِهِ أَمْ خَلْقُهُ لِأَنْفُسِهِمْ؟ فَقَالَ الشَّامِيُّ: بَلْ رَبِّي أَنْظَرُ لِخَلْقِهِ، قَالَ: فَفَعَلَ بِنَظَرِهِ لَهُمْ مَا ذَا؟ قَالَ: أَقَامَ لَهُمْ حُجَّةً وَدَلِيلًا، كَيْلَا يَتَشَتَّتُوا أَوْ يَخْتَلِفُوا، يَتَأَلَّفُهُمْ وَيُقِيمُ أَوَدَهُمْ وَيُخْبِرُهُمْ بِفَرْضِ رَبِّهِمْ، قَالَ: فَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ هِشَامٌ: فَبَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، قَالَ هِشَامٌ: فَهَلْ نَفَعَنَا الْيَوْمَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فِي رَفْعِ الْإِخْتِلَافِ عَنَّا؟ قَالَ الشَّامِيُّ: نَعَمْ، قَالَ: فَلِمَ اخْتَلَفْنَا نَحْنُ وَأَنْتَ وَصِرْتَ إِلَيْنَا مِنَ الشَّامِ فِي مُخَالَفَتِنَا إِيَّاكَ؟! قَالَ: فَسَكَتَ الشَّامِيُّ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلشَّامِيِّ: «مَا لَكَ لَا تَتَكَلَّمُ؟!» قَالَ الشَّامِيُّ: إِنْ قُلْتُ لَمْ نَخْتَلِفْ كَذَبْتُ، وَإِنْ قُلْتُ إِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ يَرْفَعَانِ عَنَّا الْإِخْتِلَافَ أَبْطَلْتُ، لِأَنَّهُمَا يَحْتَمِلَانِ الْوُجُوهَ، وَإِنْ قُلْتُ قَدِ اخْتَلَفْنَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَدَّعِي الْحَقَّ فَلَمْ يَنْفَعْنَا إِذَنِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، إِلَّا أَنَّ لِي عَلَيْهِ مِثْلَ هَذِهِ الْحُجَّةَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «سَلْهُ تَجِدْهُ مَلِيًّا»، فَقَالَ الشَّامِيُّ: يَا هَذَا، مَنْ أَنْظَرُ لِلْخَلْقِ؟ أَرَبُّهُمْ أَوْ أَنْفُسُهُمْ؟ فَقَالَ هِشَامٌ: رَبُّهُمْ أَنْظَرُ لَهُمْ مِنْهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ، فَقَالَ الشَّامِيُّ: فَهَلْ أَقَامَ لَهُمْ مَنْ يَجْمَعُ لَهُمْ كَلِمَتَهُمْ وَيُقِيمُ أَوَدَهُمْ وَيُخْبِرُهُمْ بِحَقِّهِمْ مِنْ بَاطِلِهِمْ؟ قَالَ هِشَامٌ: فِي وَقْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَوِ السَّاعَةِ؟ قَالَ الشَّامِيُّ: فِي وَقْتِ رَسُولِ اللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَالسَّاعَةَ مَنْ؟ فَقَالَ هِشَامٌ: هَذَا الْقَاعِدُ الَّذِي تُشَدُّ إِلَيْهِ الرِّحَالُ، وَيُخْبِرُنَا بِأَخْبَارِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وِرَاثَةً عَنْ أَبٍ عَنْ جَدٍّ، قَالَ الشَّامِيُّ: فَكَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ ذَلِكَ؟ قَالَ هِشَامٌ: سَلْهُ عَمَّا بَدَا لَكَ، قَالَ الشَّامِيُّ: قَطَعْتَ عُذْرِي، فَعَلَيَّ السُّؤَالُ، فَأَخْبَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمَا شَاءَ، فَهَدَاهُ اللَّهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُكْبَرِيُّ [ت٤١٣هـ] فِي «الْإِرْشَادِ»، وَقَالَ: «هَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ، لَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ بِالْأَخْبَارِ فِي صِحَّتِهِ»[١٩].

↑[١] . الكافي للكليني، ج١، ص٣٩٠
↑[٢] . النّساء/ ٥٩
↑[٣] . النّساء/ ٦٥
↑[٤] . انظر: رجال الكشي، ج٢، ص٧٩٢؛ الغيبة للطوسي، ص٣٤٨.
↑[٥] . انظر: مختصر بصائر الدرجات لحسن بن سليمان الحلّي، ص٧٤.
↑[٦] . انظر: تاريخ ابن معين (رواية الدوري)، ج٣، ص٥٤٥؛ الكامل لابن عدي، ج٤، ص٥٤٧.
↑[٧] . سؤالات أبي داود لأحمد بن حنبل، ص٣١٥
↑[٨] . الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، ج٤، ص٣٢٣
↑[٩] . تصحيفات المحدثين للعسكري، ج٢، ص٤٧٧
↑[١٠] . انظر: التاريخ الكبير للبخاري، ج٥، ص٣٤٣؛ الضعفاء الكبير للعقيلي، ج٢، ص١٧٩؛ المجروحين لابن حبان، ج١، ص٣٥٤.
↑[١١] . انظر: المعرفة والتاريخ للفسوي، ج٢، ص٧٤٥؛ الضعفاء الكبير للعقيلي، ج٢، ص١٧٩؛ تاريخ دمشق لابن عساكر، ج٤٤، ص٤٥٣.
↑[١٢] . الكامل لابن عدي، ج٤، ص٥٤٧
↑[١٣] . الكافي للكليني، ج١، ص١٨٠
↑[١٤] . الكافي للكليني، ج٢، ص٣٩٨
↑[١٥] . بصائر الدرجات للصفار، ص٥٤٥
↑[١٦] . الشّورى/ ١٣
↑[١٧] . آل عمران/ ١٠٥
↑[١٨] . الكافي للكليني، ج١، ص١٧٢
↑[١٩] . الإرشاد للمفيد، ج٢، ص١٩٣
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساهم في نشر العلم؛ فإنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
إذا كنت تجيد لغة أخرى، قم بترجمة هذا إليها، وأرسل لنا ترجمتك لنشرها على الموقع. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة دروس السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ
الكتاب: تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الثالثة
تاريخ النشر: غرة رجب ١٤٤٥ هـ
مكان النشر: طالقان؛ أفغانستان