الإثنين ٢٩ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ الموافق لـ ٢٢ سبتمبر/ ايلول ٢٠٢٥ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. جديد الأسئلة والأجوبة: ما هو رأيكم في الخبر الذي رواه الطوسيّ في كتاب «الغيبة» (ص٤٤٧) بإسناده عن الإمام جعفر الصادق أنّه قال: «من يضمن لي موت عبد اللّه أضمن له القائم»، يعني المهديّ، ثم قال: «إذا مات عبد اللّه لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء اللّه». هل هذا الخبر صحيح أم غير صحيح؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «عن حال العراق اليوم» بقلم «منتظر». اضغط هنا لقراءتها. جديد الشبهات والردود: لا شكّ أنّ رايتكم راية الحقّ؛ لأنّها تدعو إلى المهديّ بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولكن قد تأخّر ظهورها إلى زمان سوء. فلما لم تظهر قبل ذلك، ولما تأخّرت حتّى الآن؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢. اضغط هنا لقراءته. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الأقوال: ثلاثة أقوال من جنابه في حكم التأمين. اضغط هنا لقراءتها. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
درس
 
دروس من جنابه في سؤال العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره، وطلب العلم عنده بالدّين
ما صحّ عن أهل البيت في ذلك

الحديث ٣٥

«سَلْ عَمَّا نَزَلَ بِكَ، فَتَحْتَاجُ إِلَى عِلْمِهِ»

رَوَى يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الْبِرِّ [ت٤٦٣هـ] فِي «جَامِعِ بَيَانِ الْعِلْمِ وَفَضْلِهِ»[١]، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو قَطَنٍ -يَعْنِي عَمْرَو بْنَ الْهَيْثَمِ الزُّبَيْدِيَّ-، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ:

قَالَ عَلِيٌّ: «سَلُوا، وَلَوْ أَنَّ إِنْسَانًا يَسْأَلُ»، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «سَلُونِي، فَإِنَّكُمْ لَا تَسْأَلُونَ مِثْلِي»، فَسَأَلَهُ ابْنُ الْكَوَّاءِ عَنِ الْأُخْتَيْنِ الْمَمْلُوكَتَيْنِ، وَعَنِ ابْنَةِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَ: «إِنَّكَ لَذَهَّابٌ فِي التِّيِهِ، سَلْ عَمَّا يَنْفَعُكَ أَوْ يَعْنِيكَ»، قَالَ: إِنَّمَا نَسْأَلُ عَمَّا لَا نَعْلَمُ، فَقَالَ فِي ابْنَةِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ مِنَ الرَّضَاعَةِ: «أَرَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى بِنْتِ حَمْزَةَ، فَقَالَ: هِيَ ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعِ»، وَقَالَ فِي الْأُخْتَيْنِ الْمَمْلُوكَتَيْنِ: «أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ، وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ، فَلَا آمُرُ، وَلَا أَنْهَى، وَلَا أُحِلُّ، وَلَا أُحَرِّمُ، وَلَا أَفْعَلُهُ أَنَا وَلَا أَهْلُ بَيْتِي».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ عَنْ شُعْبَةَ [ت١٦٠هـ]؛ فَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو قَطَنٍ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَعَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ.

شاهد

وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ [ت٤٣٠هـ] فِي «حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ»[٢]، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَمِسْعَرٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ»، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْكَوَّاءِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا تَقُولُ فِي الْأُخْتَيْنِ الْمَمْلُوكَتَيْنِ يَتَّخِذُهُمَا الرَّجُلُ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: «إِنَّكَ لَذَهَّابٌ فِي التِّيهِ، سَلْ عَمَّا يَعْنِيكَ، وَلَا تَسْأَلْ عَمَّا لَا يَعْنِيكَ»، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْكَوَّاءِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّمَا نَسْأَلُكَ عَمَّا لَا نَعْلَمُ، فَأَمَّا مَا نَعْلَمُ فَلَا نَسْأَلُكَ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: «حَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى -أُرَاهُ قَالَ:- وَأَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ[٣]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ[٤]»، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْكَوَّاءِ: وَمَا تَقُولُ فِي ابْنَةِ الْأَخِ مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَيَتَزَوَّجُهَا الرَّجُلُ؟ قَالَ: «لَا، إِنِّي كُنْتُ أَخْرَجْتُ ابْنَةَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ بَيْنَ مُشْرِكِي مَكَّةَ عَلَى خَوْفٍ شَدِيدٍ وَغَزْوٍ شَدِيدٍ، فَأَتَيْتُ بِهَا الْمَدِينَةَ، فَعَرَضْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ لَهُ حَالَهَا، وَجَمَالَهَا، وَهَيْئَتَهَا، وَحُسْنَ خُلُقِهَا، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي، إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «سَلْ عَمَّا يَعْنِيكَ»، يَعْنِي سَلْ عَمَّا نَزَلَ بِكَ، فَتَحْتَاجُ إِلَى عِلْمِهِ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ عَنْ غَيْرِهِ طَلَبُ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَكَانَ ابْنُ الْكَوَّاءِ يَسْأَلُ عَمَّا لَا يَعْلَمُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا إِلَى عِلْمِهِ، وَهَذَا هُوَ التِّيهُ الَّذِي كَانَ ذَهَّابًا فِيهِ، فَلْيَحْذَرْ قَوْمٌ أَنْ يَذْهَبُوا مَذْهَبَهُ، وَقَوْلُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ الْمَمْلُوكَتَيْنِ مَشْهُورٌ عَنْهُ، وَظَاهِرُهُ التَّوَقُّفُ عِنْدَ الشُّبْهَةِ، وَلَا يُنْكَرُ أَنْ يُبْهِمَ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ قَوْلًا لِيَنْظُرَ كَيْفَ يَعْمَلُونَ، فَقَدْ يُحِبُّ أَنْ يَعْبُدُوهُ بِالْإِحْتِيَاطِ، وَلَيْسَ هَذَا كَمَا بَيَّنَهُ لَهُمْ، فَشَبَّهُوهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ احْتَاطُوا فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَهْلٌ مِنْهُمْ، وَهَذَا عِلْمٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْلٌ آخَرُ، وَهُوَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ بَاتًّا بِغَيْرِ احْتِيَاطٍ؛ كَمَا رَوَى قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عُثْمَانَ عَنِ الْأُخْتَيْنِ الْمَمْلُوكَتَيْنِ، هَلْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: «أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ، وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ، فَلَا آمُرُكَ، وَلَا أَنْهَاكَ، أَمَّا أَنَا فَلَا أُحِبُّ أَنْ أَصْنَعَ ذَلِكَ»، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَلَقِي رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -يَعْنِي عَلِيًّا- فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «لَكِنِّي أَنْهَاكَ، وَلَوْ كَانَ لِي مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ثُمَّ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَجَعَلْتُكَ نَكَالًا»[٥]؛ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبِرِّ [ت٤٦٣هـ]: «كِنَايَةُ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ عَلِيٍّ بِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِصُحْبَتِهِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَاشْتِغَالِ بَنِي أُمَيَّةَ لِلسَّمَاعِ بِذِكْرِهِ، وَلَا سِيَّمَا فِيمَا خَالَفَ فِيهِ عُثْمَانَ»[٦]، وَنَتِيجَةُ الْقَوْلَيْنِ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ وُجُوبُ الْإِجْتِنَابِ لِذَلِكَ؛ كَمَا رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ، وَحَرَّمَتْهُمَا أُخْرَى، وَأَنَا أَنْهَى عَنْهُمَا نَفْسِي وَوُلْدِي»، فَقَالَ: «قَدْ بَيَّنَ إِذْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ نَفْسَهُ وَوُلْدَهُ، يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَنْتَهُوا عَمَّا نَهَى نَفْسَهُ وَوُلْدَهُ»[٧]، وَرُوِيَ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: «سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَمَّا يَرْوِي النَّاسُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ أَشْيَاءَ مِنَ الْفُرُوجِ، لَمْ يَكُنْ يَأْمُرُ بِهَا، وَلَا يَنْهَى عَنْهَا إِلَّا نَفْسَهُ وَوُلْدَهُ، فَقُلْتُ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَحَلَّتْهَا آيَةٌ، وَحَرَّمَتْهَا آيَةٌ أُخْرَى، فَقُلْتُ: هَلْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِحْدَاهُمَا نَسَخَتِ الْأُخْرَى، أَمْ هُمَا مُحْكَمَتَانِ يَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ بِهِمَا؟! فَقَالَ: قَدْ بَيَّنَ لَهُمْ إِذْ نَهَى نَفْسَهُ وَوُلْدَهُ، قُلْتُ: مَا مَنَعَهُ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ لِلنَّاسِ؟ قَالَ: خَشِيَ أَلَّا يُطَاعَ، وَلَوْ أَنَّهُ ثَبَتَتْ قَدَمَاهُ أَقَامَ كِتَابَ اللَّهِ كُلَّهُ وَالْحَقَّ كُلَّهُ»[٨]، وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ قَالَ: «أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ، وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ، فَإِذَا أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ، فَالْحَرَامُ أَوْلَى»[٩]، فَقَالَ بِالتَّحْرِيمِ اسْتِنْبَاطًا، وَلَمْ يُرِدْ بِمَا قَالَ تَوَقُّفًا وَلَا احْتِيَاطًا، وَلِذَلِكَ نَهَى عَنْهُ الرَّجُلَ كَمَا نَهَى عَنْهُ نَفْسَهُ وَوُلْدَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يَقُولُ بِالتَّحْلِيلِ عَلَى كَرَاهَةٍ؛ كَمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْجَصَّاصُ [ت٣٧٠هـ]: «رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ أَنَّهُ خَالَفَ عُثْمَانَ فِي وَطْءِ الْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، فَقَالَ: أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ، وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ، وَالتَّحْرِيمُ أَوْلَى، وَقَالَ عُثْمَانُ: أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ، وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ، وَالتَّحْلِيلُ أَوْلَى، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ الْوَقْفُ فِيهِ، إِلَّا أَنَّ الْمَشْهُورَ عَنْهُ الْإِبَاحَةُ، فَاحْتَجَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعُمُومِ لَفْظِ الْقُرْآنِ، ثُمَّ كَانَ الْعُمُومَانِ عِنْدَهُمَا مُتَعَارِضَيْنِ لِاسْتِغْرَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْآيَتَيْنِ مَا تَحْتَ الْإِسْمِ، ثُمَّ كَانَ مِنْ مَذْهَبِ عَلِيٍّ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ قَاضٍ عَلَيْهِ، وَكَانَ عِنْدَ عُثْمَانَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مَخْصُوصٌ، وَأَنَّ آيَةَ الْإِبَاحَةِ قَاضِيَةٌ عَلَى آيَةِ الْحَظْرِ»[١٠]، وَعَلَى هَذَا فَلَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ مُبْهَمًا عَلَى عَلِيٍّ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى عُثْمَانَ، فَعَارَضَهُ بِمِثْلِ دَلِيلِهِ، وَذَلِكَ أَقْرَبُ عِنْدِي، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ أَنَّكَ تَقُولُ: أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ، وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ، فَقَالَ: «كَذَبُوا»![١١]

↑[١] . جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، ج١، ص٤٦٨
↑[٢] . حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصبهاني، ج٤، ص٣٦٥
↑[٣] . النّساء/ ٢٣
↑[٤] . النّساء/ ٢٤
↑[٥] . موطأ مالك (رواية يحيى)، ج٢، ص٥٣٨؛ مسند الشافعي، ص٢٨٨؛ مصنف عبد الرزاق، ج٧، ص١٨٩؛ تفسير ابن أبي حاتم، ج٣، ص٩١٣؛ سنن الدارقطني، ج٤، ص٩٢٦؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج٧، ص٢٦٥
↑[٦] . الإستذكار لابن عبد البر، ج٥، ص٤٨٧
↑[٧] . دعائم الإسلام لابن حيّون، ج٢، ص٢٣٤
↑[٨] . الكافي للكليني، ج٥، ص٥٥٦؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٧، ص٤٦٣
↑[٩] . أحكام القرآن للجصاص، ج٢، ص١٦٤
↑[١٠] . الفصول في الأصول للجصاص، ج١، ص١٠٤ و١٠٥
↑[١١] . أحكام القرآن للجصاص، ج٢، ص١٦٤
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساهم في نشر العلم؛ فإنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
إذا كنت تجيد لغة أخرى، قم بترجمة هذا إليها، وأرسل لنا ترجمتك لنشرها على الموقع. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة دروس السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ
الكتاب: تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الثالثة
تاريخ النشر: غرة رجب ١٤٤٥ هـ
مكان النشر: طالقان؛ أفغانستان