الأحد ٢٨ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ الموافق لـ ٢١ سبتمبر/ ايلول ٢٠٢٥ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. جديد الأسئلة والأجوبة: ما هو رأيكم في الخبر الذي رواه الطوسيّ في كتاب «الغيبة» (ص٤٤٧) بإسناده عن الإمام جعفر الصادق أنّه قال: «من يضمن لي موت عبد اللّه أضمن له القائم»، يعني المهديّ، ثم قال: «إذا مات عبد اللّه لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء اللّه». هل هذا الخبر صحيح أم غير صحيح؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «عن حال العراق اليوم» بقلم «منتظر». اضغط هنا لقراءتها. جديد الشبهات والردود: لا شكّ أنّ رايتكم راية الحقّ؛ لأنّها تدعو إلى المهديّ بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولكن قد تأخّر ظهورها إلى زمان سوء. فلما لم تظهر قبل ذلك، ولما تأخّرت حتّى الآن؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢. اضغط هنا لقراءته. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الأقوال: ثلاثة أقوال من جنابه في حكم التأمين. اضغط هنا لقراءتها. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
درس
 
دروس من جنابه في سؤال العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره، وطلب العلم عنده بالدّين
ما صحّ عن أهل البيت في ذلك

الحديث ٢٧

حسن سؤال الإمام عن الفتن إلّا ما نهى

رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١هـ] فِي «كَمَالِ الدِّينِ وَتَمَامِ النِّعْمَةِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْجَلُودِيُّ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَرْقَمَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ، قَالَ:

خَطَبَنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، ثُمَّ قَالَ: «سَلُونِي أَيُّهَا النَّاسُ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي»، ثَلَاثًا، فَقَامَ إِلَيْهِ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوْحَانَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَتَى يَخْرُجُ الدَّجَّالُ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «اقْعُدْ، فَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ كَلَامَكَ، وَعَلِمَ مَا أَرَدْتَ، وَاللَّهِ مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهُ بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنْ لِذَلِكَ عَلَامَاتٌ وَهَيَئَاتٌ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا كَحَذْوِ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِهَا»، قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «احْفَظْ، فَإِنَّ عَلَامَةَ ذَلِكَ إِذَا أَمَاتَ النَّاسُ الصَّلَاةَ، وَأَضَاعُوا الْأَمَانَةَ، وَاسْتَحَلُّوا الْكِذْبَ، وَأَكَلُوا الرِّبَا، وَأَخَذُوا الرُّشَا، وَشَيَّدُوا الْبُنْيَانَ، وَبَاعُوا الدِّينَ بِالدُّنْيَا، وَاسْتَعْمَلُوا السُّفَهَاءَ، وَشَاوَرُوا النِّسَاءَ، وَقَطَعُوا الْأَرْحَامَ، وَاتَّبَعُوا الْأَهْوَاءَ، وَاسْتَخَفُّوا بِالدِّمَاءِ، وَكَانَ الْحِلْمُ ضَعْفًا، وَالظُّلْمُ فَخْرًا، وَكَانَتِ الْأُمَرَاءُ فَجَرَةً، وَالْوُزَرَاءُ ظَلَمَةً، وَالْعُرَفَاءُ خَوَنَةً[٢]، وَالْقُرَّاءُ فَسَقَةً، وَظَهَرَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ، وَاسْتَعْلَنَ الْفُجُورُ، وَكَثُرَ الطَّلَاقُ، وَقَوْلُ الْبُهْتَانِ، وَحُلِّيَتِ الْمَصَاحِفُ، وَزُخْرِفَتِ الْمَسَاجِدُ، وَطُوِّلَتِ الْمَنَارَاتُ، وَأُكْرِمَتِ الْأَشْرَارُ، وَازْدَحَمَتِ الصُّفُوفُ، وَاخْتَلَفَتِ الْقُلُوبُ، وَنُقِضَتِ الْعُهُودُ، وَاقْتَرَبَ الْمَوْعُودُ، وَشَارَكَ النِّسَاءُ أَزْوَاجَهُنَّ فِي التِّجَارَةِ حِرْصًا عَلَى الدُّنْيَا، وَعَلَتْ أَصْوَاتُ الْفُسَّاقِ، وَاسْتُمِعَ مِنْهُمْ، وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ، وَاتُّقِيَ الْفَاجِرُ مَخَافَةَ شَرِّهِ، وَصُدِّقَ الْكَاذِبُ، وَائْتُمِنَ الْخَائِنُ، وَاتُّخِذَتِ الْقِيَانُ وَالْمَعَازِفُ[٣]، وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا، وَرَكِبَ ذَوَاتُ الْفُرُوجِ السُّرُوجَ، وَتَشَبَّهَ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ، وَالرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ، وَشَهِدَ الشَّاهِدُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْتَشْهَدَ، وَشَهِدَ الْآخَرُ قَضَاءً لِذِمَامٍ بِغَيْرِ حَقٍّ عَرَفَهُ[٤]، وَتُفُقِّهَ لِغَيْرِ الدِّينِ، وَآثَرُوا عَمَلَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ، وَلَبِسُوا جُلُودَ الضَّأْنِ عَلَى قُلُوبِ الذِّئَابِ، وَقُلُوبُهُمْ أَنْتَنُ مِنَ الْجِيَفِ وَأَمَرُّ مِنَ الصَّبِرِ[٥]، فَعِنْدَ ذَلِكَ الْوَحَاءَ الْوَحَاءَ[٦]، ثُمَّ الْعَجَلَ الْعَجَلَ، خَيْرُ الْمَسَاكِنِ يَوْمَئِذٍ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَتَمَنَّى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ مِنْ سُكَّانِهِ»، فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنِ الدَّجَّالُ؟ فَقَالَ: «أَلَا إِنَّ الدَّجَّالَ صَائِدُ بْنُ صَيَّادٍ، فَالشَّقِيُّ مَنْ صَدَّقَهُ، وَالسَّعِيدُ مَنْ كَذَّبَهُ، يَخْرُجُ مِنْ بَلْدَةٍ يُقَالُ لَهَا إِصْفَهَانُ، مِنْ قَرْيَةٍ تُعْرَفُ بِالْيَهُودِيَّةِ، عَيْنُهُ الْيُمْنَى مَمْسُوحَةٌ، وَالْعَيْنُ الْأُخْرَى فِي جَبْهَتِهِ، تُضِيءُ كَأَنَّهَا كَوْكَبُ الصُّبْحِ، فِيهَا عَلَقَةٌ كَأَنَّهَا مَمْزُوجَةٌ بِالدَّمِ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ: كَافِرٌ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ كَاتِبٍ وَأُمِّيٍّ، يَخُوضُ الْبِحَارَ، وَتَسِيرُ مَعَهُ الشَّمْسُ، بَيْنَ يَدَيْهِ جَبَلٌ مِنْ دُخَانٍ، وَخَلْفَهُ جَبَلٌ أَبْيَضُ يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ طَعَامٌ، يَخْرُجُ حِينَ يَخْرُجُ فِي قَحْطٍ شَدِيدٍ، تَحْتَهُ حِمَارٌ أَقْمَرُ[٧]، خُطْوَةُ حِمَارِهِ مِيلٌ، تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ مَنْهَلًا مَنْهَلًا، لَا يَمُرُّ بِمَاءٍ إِلَّا غَارَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ، يَسْمَعُ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، يَقُولُ: إِلَيَّ أَوْلِيَائِي، أَنَا الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَقَدَّرَ فَهَدَى، أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى، وَكَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، إِنَّهُ أَعْوَرُ، يَطْعَمُ الطَّعَامَ، وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَلَا يَطْعَمُ، وَلَا يَمْشِي، وَلَا يَزُولُ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا، أَلَا وَإِنَّ أَكْثَرَ أَتْبَاعِهِ يَوْمَئِذٍ أَوْلَادُ الزِّنَا، وَأَصْحَابُ الطَّيَالِسَةِ الْخُضْرِ[٨]، يَقْتُلُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالشَّامِ عَلَى عَقَبَةٍ تُعْرَفُ بِعَقَبَةِ أُفَيْقٍ، لِثَلَاثِ سَاعَاتٍ مَضَتْ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ -وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: مِنَ النَّهَارِ- عَلَى يَدِ مَنْ يُصَلِّي الْمَسِيحُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ خَلْفَهُ -يَعْنِي الْمَهْدِيَّ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: عَلَى يَدِ الْمَسِيحِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ-»، قُلْنَا: وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: «خُرُوجُ دَابَّةٍ مِنَ الْأَرْضِ مِنْ عِنْدِ الصَّفَا، مَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ وَعَصَى مُوسَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، يَضَعُ الْخَاتَمَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ مُؤْمِنٍ، فَيَنْطَبِعُ فِيهِ: هَذَا مُؤْمِنٌ حَقًّا، وَيَضَعُهُ عَلَى وَجْهِ كُلِّ كَافِرٍ، فَيَنْكَتِبُ: هَذَا كَافِرٌ حَقًّا، حَتَّى أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُنَادِي: الْوَيْلُ لَكَ يَا كَافِرُ، وَأَنَّ الْكَافِرَ يُنَادِي: طُوبَى لَكَ يَا مُؤْمِنُ، وَدَدْتُ أَنِّي الْيَوْمَ كُنْتُ مِثْلَكَ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا، ثُمَّ تَرْفَعُ الدَّابَّةُ رَأْسَهَا، فَيَرَاهَا مَنْ بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ، أَلَا إِنَّ بَعْدَ ذَلِكَ الطَّامَّةَ الْكُبْرَى، وَذَلِكَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ تُرْفَعُ التَّوْبَةُ، فَلَا تَوْبَةَ تُقْبَلُ، وَلَا عَمَلَ يُرْفَعُ، وَ﴿لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا[٩]»، ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا تَسْأَلُونِي عَمَّا يَكُونُ بَعْدَ هَذَا، فَإِنَّهُ عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيَّ حَبِيبِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا أُخْبِرَ بِهِ غَيْرَ عِتْرَتِي -وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: أَنْ لَا أُخْبِرَكُمْ بِهِ-».

الشاهد ١

وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ [ت٤٤٤هـ] فِي «السُّنَنِ الْوَارِدَةِ فِي الْفِتَنِ»[١٠]، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْمُكْتِبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الطُّوسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ الْأَشْعَثِ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي»، قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ -فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ.

الشاهد ٢

وَرَوَى ابْنُ الْمُنَادِي [ت٣٣٦هـ] فِي «الْمَلَاحِمِ»[١١]، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ حُبَابِ بْنِ مَخْلَدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو هِشَامٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ الرَّافِعِيُّ؛ ثُمَّ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَدَقَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ الطَّرِيقِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى نَبِيِّهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَعَاشِرَ النَّاسِ، سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي»، يَقُولُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ -فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ.

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: فِي الْمَطْبُوعِ سُقْطٌ؛ فَإِنَّ عُمَارَةَ بْنَ الْقَعْقَاعِ لَمْ يُدْرِكْ عَلِيًّا، وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى نُسْخَةٍ خَطِّيَّةٍ لِلْكِتَابِ، فَرَأَيْتُ السُّقْطَ فِيهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي نُسْخَةِ الْمُتَّقِيِّ الْهِنْدِيِّ [ت٩٧٥هـ]، فَإِنَّهُ قَالَ: «فِيهِ حَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ خَالِدٍ»[١٢]، وَالسَّرِيُّ بْنُ خَالِدٍ يَرْوِي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ «خَيْرَ الْمَسَاكِنِ يَوْمَئِذٍ بَيْتُ الْمَقْدِسِ» فَغَيْرُ ثَابِتٍ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُنَادِي: «عَبَادَانَ»[١٣]، وَهُوَ أَغْرَبُ وَأَنْكَرُ. نَعَمْ، يُقَالُ: يَأْتِي يَوْمٌ يَكُونُ خَيْرَ الْمَسَاكِنِ فِيهِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ[١٤]، فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَهُوَ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَهْدِيِّ؛ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَبْلَ ظُهُورِهِ مَجَالُ الْيَهُودِ، وَالدَّجَّالُ مِنْهُمْ، وَخَيْرُ الْمَسَاكِنِ بَعْدَ ظُهُورِ الْمَهْدِيِّ الْكُوفَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الدَّجَّالَ ابْنُ صَيَّادٍ، وَإِنْ كَانَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَظُنُّ ذَلِكَ، بَلْ يَسْتَيْقِنُ؛ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ: «لَأَنْ أَحْلِفَ عَشْرًا أَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ وَاحِدَةً أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ»[١٥]، وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ[١٦]، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: «رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ الدَّجَّالُ»[١٧]، وَذَلِكَ لِمَا سَمِعُوا فِيهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ الدَّجَّالُ، وَلَكِنْ قَالَ أَنَّهُ دَجَّالٌ مِنَ الدَّجَّالِينَ حِينَ سَمِعَ مِنْهُ بَعْضَ الدَّجْلِ؛ فَقَدْ قَالَ لَهُ: «أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟»، فَقَالَ هُوَ: «أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟» فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا يَأْتِيكَ؟» فَقَالَ: «يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ»، فَقَالَ: «خُلِطَ لَكَ الْأَمْرُ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَرَى؟» فَقَالَ: «أَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ»، فَقَالَ: «تَرَى عَرْشَ إِبْلِيسَ عَلَى الْبَحْرِ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا»، وَكَانَ قَدْ خَبَأَ لَهُ: ﴿يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ[١٨]، فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: «هُوَ الدُّخُّ؟!»[١٩] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ»[٢٠]، وَهُنَالِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ دَجَّالٌ، فَظَنَّ بَعْضُ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ الدَّجَّالُ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَابَ وَأَسْلَمَ، وَلَكِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ الْإِسْمُ الْأَوَّلُ؛ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «حَجَجْنَا، وَكَانَ مَعَنَا ابْنُ صَيَّادٍ، وَكَانَ لَا يُسَايِرُهُ أَحَدٌ، وَلَا يُرَافِقُهُ، وَلَا يُؤَاكِلُهُ، وَلَا يُشَارِبُهُ، وَيُسَمُّونَهُ الدَّجَّالَ، فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ نَازِلٌ فِي مَنْزِلٍ لِي، إِذْ رَآنِي ابْنُ صَيَّادٍ جَالِسًا، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ! مَا صَبَّ هَذَا عَلَيَّ؟! فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا يَصْنَعُ بِي النَّاسُ؟! لَا يُسَايِرُنِي أَحَدٌ، وَلَا يُرَافِقُنِي أَحَدٌ، وَلَا يُشَارِبُنِي أَحَدٌ، وَلَا يُؤَاكِلُنِي أَحَدٌ، وَيَدْعُونِي الدَّجَّالَ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنْتَ يَا أَبَا سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الدَّجَّالَ يَهُودِيٌّ، وَأَنَا مُسْلِمٌ، وَقَالَ: إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَا صَحِيحٌ، وَقَالَ: إِنَّهُ لَا يَأْتِي مَكَّةَ، وَلَا الْمَدِينَةَ، وَأَنَا وُلِدْتُ بِالْمَدِينَةِ، وَقَدْ حَجَجْتُ، وَقَالَ: إِنَّهُ لَا يُولَدُ لَهُ، وَقَدْ وُلِدَ لِي، فَوَاللَّهِ لَقَدْ هَمَمْتُ مِمَّا يَصْنَعُ بِي هَؤُلَاءِ النَّاسُ، أَنْ آخُذَ حَبْلًا، فَأَجْعَلَهُ فِي عُنُقِي، فَأَخْتَنِقَ، فَأَسْتَرِيحَ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّاسِ»، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «كَأَنِّي رَقَقْتُ لَهُ»[٢١]، فَلَمْ يَزَلْ مَكْرُوهًا مَهْجُورًا حَتَّى مَاتَ؛ كَمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا بِالْأَهْوَازِ، فَقِيلَ: مَاتَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَأَخْرَجَ بَنُوهُ بِنَعْشٍ لَا يُدْرَى مَا فِيهِ»[٢٢]، وَكَانَ مِنْ بَنِيهِ عُمَارَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيَّادٍ، وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ النَّاسِ، رَوَى عَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَمَّا الْبَلْدَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا الدَّجَّالُ فَغَيْرُ مَعْلُومَةٍ، لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ بَعْضِ بِلَادِ إِيرَانَ لَمْ أَسْتَعْجِبْ، فَإِنَّ فِيهَا كُلَّ جَهْلٍ وَضَلَالٍ وَعَدَاوَةٍ لِلَّهِ وَعِبَادِهِ الْمُخْلَصِينَ.

↑[١] . كمال الدين وتمام النعمة لابن بابويه، ص٥٢٥
↑[٢] . العرفاء جمع العريف، وهو القيّم بأمر القوم.
↑[٣] . يعني المغنّيات وآلات الغناء.
↑[٤] . الذّمام: الحقّ والحرمة
↑[٥] . الصَّبِر: عصارة شجر مُرّ
↑[٦] . أي البِدَارَ البِدَارَ، يقال في الإستعجال.
↑[٧] . أي شديد البياض
↑[٨] . الطيالسة جمع الطيلسان، وهو كساء أخضر، يرتديه بعض المنسوبين إلى العلم.
↑[٩] . الأنعام/ ١٥٨
↑[١٠] . السنن الواردة في الفتن للداني، ج٤، ص٨٣٨، ج٦، ص١١٩٦
↑[١١] . ملاحم ابن المنادي، ج١، ص٥٦
↑[١٢] . انظر: كنز العمّال للمتقي الهندي، ج١٤، ص٦١٢.
↑[١٣] . معرّب «آبادان»
↑[١٤] . انظر: مشيخة ابن طهمان، ص١١٨؛ فضائل بيت المقدس للواسطي، ص١٨٠؛ فضائل بيت المقدس لابن الجوزي، ص٧٢.
↑[١٥] . مصنف ابن أبي شيبة، ج٧، ص٤٩٢؛ مسند أحمد، ج٣٥، ص٢٤٦؛ تاريخ المدينة لابن شبة، ج٢، ص٤٠١؛ مسند البزار، ج٩، ص٣٩٥؛ شرح مشكل الآثار للطحاوي، ج٧، ص٢٨٨؛ المعجم الأوسط للطبراني، ج٨، ص٢٤٢
↑[١٦] . انظر: مسند أبي يعلى، ج٩، ص١٣٢؛ شرح مشكل الآثار للطحاوي، ج٧، ص٣٨٧؛ المسند للشاشي، ج٢، ص١٧٥؛ المعجم الكبير للطبراني، ج١٠، ص١٠٩.
↑[١٧] . صحيح البخاري، ج٩، ص١٠٩؛ صحيح مسلم، ج٨، ص١٩٢؛ سنن أبي داود، ج٤، ص١٢١؛ مستخرج أبي عوانة، ج٢٢، ص١٦٧؛ شرح مشكل الآثار للطحاوي، ج٧، ص٣٨٥
↑[١٨] . الدّخان/ ١٠
↑[١٩] . يعني الدّخان.
↑[٢٠] . انظر: الجامع لمعمر بن راشد، ج١١، ص٣٨٩؛ الفتن لابن حماد، ج٢، ص٥٤٨؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج٧، ص٤٩٥؛ مسند أحمد، ج١٠، ص٤٢٨، ج١٨، ص٣٠٠؛ صحيح البخاري، ج٢، ص٩٣؛ صحيح مسلم، ج٨، ص١٨٩؛ تاريخ المدينة لابن شبة، ج٢، ص٤٠٤؛ سنن أبي داود، ج٤، ص١٢٠؛ سنن الترمذي، ج٤، ص٥١٩؛ مسند الحارث، ج٢، ص٧٨٢؛ مسند أبي يعلى، ج٩، ص١٠٤.
↑[٢١] . انظر: مسند أحمد، ج١٧، ص٤٨٢، ج١٨، ص٢٧٣؛ صحيح مسلم، ج٨، ص١٩٠؛ الفتن لحنبل بن إسحاق، ص١٤٧؛ الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم، ج٤، ص٢٦٨؛ شرح مشكل الآثار للطحاوي، ج٧، ص٣٩١؛ السنن الواردة في الفتن للداني، ج٦، ص١١٩٥.
↑[٢٢] . الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٦، ص٥٦٦
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساهم في نشر العلم؛ فإنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
إذا كنت تجيد لغة أخرى، قم بترجمة هذا إليها، وأرسل لنا ترجمتك لنشرها على الموقع. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة دروس السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ
الكتاب: تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الثالثة
تاريخ النشر: غرة رجب ١٤٤٥ هـ
مكان النشر: طالقان؛ أفغانستان